عقلك صاحب قرارك

حكم ملكٌ من الملوك على شخصين بالإعدام لجنايةٍ ارتكباها، وحدَّد موعد تنفيذ الحكم بعد شهرٍ من تاريخ إصداره، وقد كان أحدهما مستسلماً خانعاً ويائساً، حيث التصق بإحدى زوايا السجن باكياً ومنتظراً يوم الإعدام؛ أمَّا الآخر فكان ذكياً لماحاً، وطفق يفكِّر في طريقةٍ تنجِّيه من الموت، أو على الأقل تبقيه حياً مدّةً أطول.



جلس الأخير في إحدى الليالي متأملاً في السلطان ومزاجه، وما يحبُّ ويكره، فتذكَّر مدى عشقه لحصانٍ عنده، حيث كان يُمضي جلَّ أوقاته رفقةَ هذا الحصان، فخطرت له فكرةٌ خطيرة، وصرخ منادياً السجَّان، طالباً مقابلة الملك لأمرٍ خطير، وقد وافق الملك على مقابلته، وسأله عن هذا الأمر الجَّلَل، فقال له السجين أنَّه باستطاعته أن يعلِّم حصانه الطيران خلال عامٍ واحد، وذلك بشرط تأجيل إعدامه لمدّة سنةٍ واحدة. وافق الملك على ذلك، حيث تخيَّل نفسه ممتطياً الحصان الطائر الوحيد في العالم.

سمع السجين الآخر بالخبر، فقال له وهو في قمة الدهشة: أنت تعلم أنَّ الخيول لا تطير، فكيف تتجرأ على طرح مثل تلك الفكرة المجنونة؟ قال له السجين الذكي: أعلم ذلك، ولكنَّني منحت نفسي أربع فرصٍ محتملةٍ لنيل الحرية:

  • أولها: أن يموت الملك خلال هذه السنة.
  • وثانيها: لربَّما أموت أنا، وتبقى ميتة الفراش أعزَّ من الإعدام.
  • والثالثة: أن يموت الحصان.
  • والرابعة: أن أقدر على تعليم الحصان كيفية الطيران.

إن واجهتك أيُّ مشكلةٍ كانت، فلا تيأس ولا تقنط وترضخ لحلٍّ وحيد، بل أَعمِل عقلك واشحذ ذهنك وأوجد عشرات الحلول؛ فلعلَّ في أحدها يكمن النجاح والتفوق؛ جرِّب فقط، ولن تخسر شيئاً.

عزيزي القارئ، طريقة تفكيرك هي التي تساعدك في اتخاذ قراراتك في الحياة، فلك مطلق الحرية في التفكير في المشاكل التي تواجهك، وفي كيفية استخدام عقلك لإيجاد حلولٍ ومخارج مناسبة، سواءً أكانت حلولاً جاهزةً لمواجهة أيِّ مشاكل تعيق طريقك لتحقيق أهدافك، أم لا. فهل يكون عقلك حائراً في تحديد القرار الصائب؟ وهل تحتاج إلى وقتٍ لتقدر على حسم قرارك؟

إقرأ أيضاً: كيف تفكر خارج الصندوق بنجاح

محطَّاتٌ وقرارات:

المحطة الأولى، الحاضر -‏ جائحة فيروس كورونا (COVID 19):

هناك عدة قراراتٍ جرى اتخاذها من قبل عِدّة عقولٍ حسب طريقة التفكير، ولو تطرَّقنا إلى بعضها على سبيل المثال، لوجدنا أنَّ بعضنا قد عجَّلَ الظنَّ بأنَّ الجلوس في المنزل يُعدُّ سجناً، ممَّا أثَّر سلباً في معنوياته، وعلى طريقة تعامله مع أسرته في المنزل، وكذلك مع المحيطين به؛ بينما قرَّر آخرون تبرير أيِّ أفعالٍ تصدر منهم تحت مسمَّى أنَّ الوضع قد أثَّر فيهم، وأنَّهم لا يستطيعون التحكُّم بذواتهم من شدة الضغوطات.

وفي الجهة المقابلة، نرى عقولاً قد أصدرت أروع الأحكام والقرارات، منها: قرارٌ بأن يسخِّروا قدراتهم للعمل، استشعاراً منهم لواجبهم في خدمة وطنهم، وسيشهد التاريخ لهم بذلك.

إقرأ أيضاً: 10 مهارات يمكنك إتقانها في الحجر الصحي

المحطة الثانية، المستقبل:

هناك قراراتٌ اتُخِذت وغيَّرت مسارات أناسٍ في حياتهم، ومنهم: الموظَّف الذي يعمل بجدٍ واجتهاد، والذي قرَّر أن يُكمِل دراساته ليصل إلى حياةٍ أفضل، وفِكْرٍ ورُقيٍّ أعلى؛ وقرَّر آخَرٌ العَمَلَ على مستقبلٍ باهر، وبما أنَّ الطريق طويلٌ ومليءٌ بالعقبات، طَفِقَ يشحذ عقله ويجعله جاهزاً للتصدي لأيِّ مشاكل تواجهه، وذلك بغية الوصول إلى هدفه المنشود.

فهل تراك عزيزي القارئ تصنِّف نفسك ضمن العقول المستعدة لمواجهة أيِّ مشاكل؟ وهل أنت ضمن أولئك الشخصيات وأصحاب القرارات القوية الصحيحة، والذين يشقون الطريق أمامهم، في حال لم يكن لديهم طريقٌ ممهدٌ يسيرون فيه؟ وهل هنالك ما يؤثِّر في قراراتك؟ أم أنَّك من النوع الذي يتخذ قراره الداخلي دون التأثُّر بالعوامل المحيطة؟

وكم من قرارٍ اتخذته وندمت عليه، أو أُجبِرتَ على اتخاذه؟ وكم من قرارٍ اتخذته مضحياً بنفسك من أجل غيرك، وهل يا ترى كانوا جديرين بهذه التضحية؟

المستقبل جميلٌ بكلِّ معانيه، والنظر إليه من نافذة التفاؤل أفضل وأروع؛ فتذكَّر قصَّتنا التي ذكرناها في البداية، لتعلم أنَّ هناك دائماً حلولٌ لكلِّ شيء، شريطة التفكير بصورةٍ سليمةٍ وبعيدةٍ كلَّ البعد عن التشويش والتأثُّر بالعوامل الخارجية؛ لذا، اجعل عقلك يتخذ أروع القرارات التي تجعل من حياتك أفضل دوماً.

ركِّز معي:

بيدك قلمك السحري الذي يخطُّ قراراتك حسبما تراه، وهذه القرارات التي تأخذها هي ما يبني أو يهدم حياتك.




مقالات مرتبطة