عفوا زوجي ..انها أمي

عفوًا زوجي: إنها أمي

مروة حمزة

من المتعارف عليه أن الأساس المنطقي للعلاقة بين الزوج وزوجته، هو أن الزوجة تتبع زوجها وتسير برفقته في درب الحياة؛ لأنه رفيق عمرها، وشريك حياتها الذي اختارها وفضَّلَهَا زوجةً له؛ ليكمل معها مشوار الحياة الطويل، ولكن هناك زوجات لا يستطعن الانفصال النفسي عن أمهاتهن ، لاسيما في بداية الحياة الزوجية، وما زلن يتعلَّقْنَ بالأمِّ إلى الحد الذي قد يُفْشِلُ حياتهن الزوجية؛ لأن هذا يُسَبِّبُ الكثير من المشاكل مع الزوج، بسبب اعتماد الزوجة، ولجوئها إلى الأم في كل قرار، واستشارتها في كل حركة وسَكَنَة وفعل، وهذا بالطبع قد يغضب الكثير من الأزواج، مما يجعل الحياة مرة، تغص بالمشاكل؛ لأن الزوج يشعر بأن زوجته تفضل والدتها عليه، وتقول له دائمًا، بلسان الحال أو المقال: أمي أولًا!



وفي هذا التحقيق نحاول أن نركز على تبعية الزوجة لأمها، والأسباب النفسية التي تجعل الابنة لا تستطيع الانفصال عن والدتها، حتى بعد الزواج والارتباط برجل.

أزواج وزوجات !

تقول سارة 32 عامًا: لا أُنْكِر أنني في بداية زواجي، وكان عمري 22 عامًا، أي منذ عشر سنوات، كنت ألجأ لأمي في كل شيء، بدايةً  من نوع الطعام الذي أعده لزوجي، إلى القرارات التي تخص بيتي، مثل اختيار مدارس أولادي، والنادي الذي نتردد عليه، والملابس التي نرتديها، وكل قراراتنا الجوهرية الأخرى !

ولما رأيت أن هذا الأمر أصبح يُنَغِّصُ عليَّ حياتي، حتى وقعنا في مشادَّةٍ كبيرة كانت ستُنْهِي حياتي الزوجية، لولا تدخل أحد الوسطاء في حل الخلاف، قررت من يومها الانفصال عن والدتي، والاكتفاء ببرها وحفظ حقوقها وزيارتها، دون إدخالها بتعاليمها في حياتي، حتى لا تفسد مَرَّةً أخرى!

أما نبيلة 25 عامًا، فتقول : تزوجتُ منذ سنةٍ، وأشعر أن زوجي لا يغضب من تدخل والدتي في حياتنا؛ لأن والدته أيضاً تتدخل في حياتنا!

ولكني أخاف أن أقع في مشاكِلَ فيما بعد، بسبب هذا التدخل من جانب والدتي ووالدته، ولا أعرف: هل أفصل حياتي عنهما، أم أترك الوضع هكذا، حتى يحدث مشكلة، وبعدها أنفصل بحياتي وبزوجي؟!

ومن جانبه قال محمد راغب- 34 سنة: تزوجت منذ ثلاث سنوات، وحماتي دائمة التدخل في حياتي بشكل كبير منذ فترة الخطوبة ، وتزوجت معتقدًا أن الموضوع سينتهي بعد الزواج، إلا أن زوجتي تُصِرُّ على أخذ رأي والدتها في كل كبيرة وصغيرة، وهذا الوضع لم أستطع تحمله، حتى تكاثرت خلافاتنا.

أما محمود- 26 عامًا ، فقال: أنا متزوج منذ أربعة أشهر، وقد حدثت مشكلة بيني وبين عائلة زوجتي، بسبب تدخل أم زوجتي في بيتي، بل إنها تأمرني بأشياء تخص حياتي، ولا أقبلها على الإطلاق!

عفوًا.. إنها أمي!

"كثيرٌ من الزوجات يَرْفَعْنَ شعار : "أمي أولًا، وقبل زوجي"! مما يثير غضب الأزواج، ويجعلهم يكرهون أمهات زوجاتهم، بسبب محاولة الزوجة اقحام أمها في كل قرار يخص أسرتها".

هكذا بدأت د.ناهد شكري المتخصصة في البحوث الاجتماعية في المركز القومي للبحوث، والتي أكّدت أن تبعية الزوجة لوالدتها في كل الأمور، سواء كانت صغيرة أو كبيرة في حياتها الأسرية، تؤدي ولا بد إلى مشاكل كبيرة بينها وبين زوجها.

وتضيف د.ناهد : والواقع يثبت أن الزوجة في بدء حياتها الزوجية تكون على ارتباط كبير بوالدتها، ولو لم "تفطم" الزوجة نفسها من هذه العلاقة، فلن يكون لها كيان مستقر ومختلف عن حياتها قبل الزواج، وستكون عرضةً للوقوع في الكثير من المشاكل والنكد، خاصةً لو كان زوجها يحب الاستقلالية بحياته عن أسرة زوجته، وأن يكون وزوجته كيانًا واحدًا له وجوده المنفصل عن عائلة زوجته.

وأنصح الزوجة الصغيرة أن تجعل زوجها هو الأساس في حياتها بعد الزواج، وأن يتخذا القرار معًا، دون إجبارها لِزَوْجِها على الالتزام بما قررتْ والدتها، وأن تُشْعِرَهُ دائمًا بأنه الأهم في حياتها.

وفي هذا الشأن قالت د.سعاد صالح : إن الزوج يحب أن يعرف مكانته وأهميته عند زوجته ، وهو أول حَقٍّ للزوج على زوجته ، فلابد أن تشعره الزوجة بأهميته عندها وأن تكون في طاعته؛ لأن مكانة الزوج في الإسلام تفوق كُلَّ تصور.

وأضافت د.سعاد صالح : ومن الطاعة للزوج أن لا تطيع أحدًا في معصيته، ولو كانت والدتها أو والدها؛ لأننا نسمع الكثير من المشاكل في البيوت، والتي كان السبب فيها أن بعض الزوجات يُطِعْنَ أمهاتهن في معصية أزواجهن، ويؤذين أزواجهن بناءً على توصيات الأمهات، وهذا لا يجوز أبدًا؛ لأنه أمر يفسد العلاقة الزوجية، ويخرب البيوت.

وبالوالدين إحسانًا

حَقُّ الزوج مُقَدَّمٌ على حق الأم، هذا ما قاله الشيخ "خالد الجندي"، وأضاف : ولا يجوز للزوجة طاعةُ الأم في معصية الزوج، فإن حقَّ الزوج مُقَدَّمٌ على حق الأم، وعلى الزوجة الصالحة أن تكون ذكيةً في التعامل مع زوجها وأمها، دون حدوث مشاكل بين الاثنين، فعليها أن تحفظ حقوق الاثنين، وأن تحافظ على زوجها ووالدتها، وأن تضع زوجها أساسا للطاعة، بحيث لا تجعل كلام والدتها مُقَدَّمًا على كلام زوجها.

فعلى الزوجة العاقلة أن تزور والدتها، وتتصل بها، وتحفظ لها حقوقها كأم، دون أن تُدْخِلَها في حياتها للدرجة التي تجعل زوجها ينفر منها، والله يقول: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، ليس معناها أنْ تأخذ بقرارات والدتها في شئون حياتها، ولكن معناه أنْ تَبَرَّ والديها، وتحنو عليهما، لاسيما الأم؛ لما قاله صلى الله عليه وسلم عندما سُئِلَ: (مَنْ أَحَقُّ الناس بِحُسْنِ صحابتي؟ قال: أمك.-ثلاثًا- ثم قال : أبوك ).

فلا ضير على الزوجة أن تكون نافعة لوالديها، تحنو عليهما، وتودُّهُمَا، بما لا يؤذي زوجها ولا بيتها؛ لأن طاعة زوجها واجبةٌ، وقراراته لابد أن تكون نافذةً في بيته وعلى زوجته .

وأضاف الشيخ "خالد الجندي": ومن ناحيةٍ أخرى، يمكن للزوجة التوفيق بين بِرِّ الأم وطاعة الزوج، ولكنْ مما يُؤْسِفُ أن الكثير من الزوجات يَقُمْن بالصلاة والصيام، ولكنهن يُهْمِلْنَ طاعة الزوج، رغم أن الله تعالى أَمَرَها بطاعة زوجها، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم : "أَيُّمَا امرأةٍ ماتَتْ وزَوْجُهَا عنها راضٍ دخلتِ الجنة" ، وقال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عنه أبو هريرة: "إذا صَلَّتِ المرأة خَمْسَهَا، وصامتْ شَهْرَهَا، وحصَّنَتْ فَرْجَهَا، وأطاعتْ زَوْجَهَا، قيل لها: ادخُلِي الجنةَ من أيِّ أبواب الجنةِ شِئْتِ ".

 

نوافذ