عـلِّـم ابنك لعبة عين الكذبة

نعم. فإنهما يشتركان في استغراق الوقت الطويل فيهما، وكذلك يعملان على نفس المستوى الخيالي والذهني، فالطفل يشاهد البرامج الخيالية حتى يظن أنه في عالم غير العالم الذي نعيش فيه، وكذلك متناول المخدرات يصيبه العتة والانفصال عن الواقع، وأثناء مشاهدة أبنائنا للتلفاز فإنهم لا يستطيعون أن يفكروا أو يتحركوا، وكذلك متعاطي المخدرات. فكيف نتعامل مع التلفاز حتى نحصن ابناءنا من التمادي في الكذب والخيال؟ إن الإدمان على التلفاز قد يعتبر إدماناً لأمور أخرى، وقد أعجبني ما فعله المحلل الثقافي Os Guinness مع ابنه ليقيه من سحر التلفاز، وليعطي مساحة أكبر لعقله في التفكير على الرغم من صغر سنه، فابتكر له لعبة «عيّن الكذبة»، وكان ابنه في سن الخامسة، فأراد من ابنه أن يتعلم كيف يميز بين الحق والزيف في الإعلانات التلفزيونية وذلك بأن يقول الأب لابنه عندما يرى مشهداً أو إعلاناً عبارة: «عيّن الكذبة»، فيحاول الابن اكتشاف المشهد غير المعقول ويشعر بتزييف الحقيقة، ويكون في نفس الوقت قد فهم بأسلوب بارع التلاعب الموجود في المشهد.



يقول الأب الذي سن هذه التجربة بعدما أصبح ابنه في الحادية عشرة، بأن ابنه تحرر من وهم الشاشة وخيالها كما أنه أصبح يفضل كثيراً قراءة الروايات والقصص، أو عمل أشياء أخرى عن الجلوس أمام التلفاز، إن هذا يعتبر انتصاراً حققه الأب في عالمنا اليوم، الذي أصبحت فيه لعبة الأطفال الأمريكية «باربي» الشقراء تأتي على شكل ثلاثين جنسية مختلفة، مثل النمساوية والمغربية، هذا ما أكده الدكتور محمد الرميحي في مقاله «لا عزاء للثقافة العربية» بمجلة المجلة، وأضاف بأن «شارع سمسم» البرنامج الأمريكي المخصص للأطفال يشاهد اليوم بأكثر من تسع لغات عالمية من بينها الصينية، لقد أخذ التلفزيون الملون ثلاثين سنة للوصول إلى ثلاثة عشر مليون مستخدم، أما شبكة الانترنت فقد أخذت من الزمن خمس سنوات للوصول إلى ذلك الرقم.

لاشك في أن مثل هذه الثورة بحاجة إلى وعي وإدراك متميز من الوالدين تجاه أبنائهم وابتكار ألعاب تربوية كلعبة «عيّن الكذبة» في سن يكون الكذب فيه عند الأبناء من سن السابعة إلى العاشرة أمراً طبيعياً، وهذا ما أكدته أ. ثناء عزالدين المدرس المساعد سابقاً بجامعة هارفارد وقد نشرت في ذلك بحثاً بمجلة صحتك - العدد العاشر.

فحماية أبنائنا تحتاج منا إلى ذكاء يتناسب مع الذكاء الإعلامي في الأسواق ويتناسب مع الذكاء الترفيهي الذي يمارسه أبناؤنا.

بقلم: د. جاسم المطوع

 

 

موقع الأسرة السعيدة