عش حياتك الخاصة

 

إنك تعرف مسبقاً أن ذلك ضرورة لا اختيار. إن تكريس حياتك للآخرين ما هو إلا هراء لا جدوى منه. لابد أن يكون منظورك لهذا الأمر واضحاً. إن الذي يفيدون الآخرين من حياتهم، إنما يتبعون أحلامهم الخاصة، إن الأم "تريزا" لا تفعل ما تفعله لأنها تشعر بأن ذلك واجب مفروض عليها، ولكن لأنها تريد أن تفعله.



 

إن عطاءها قد اكتسب صفة التميز لأنه نابع من قلبها, وليس لكي تسعد شخصاً آخر. وكذلك الحال مع "موتسارت" و "أينشتاين" و"فان جوخ". فهناك فارق شاسع بين "ما يجب" و "ما أريد". عش حياتك وأنت فاعل لما ترغب في عمله. إنك إذا فعلت ما تشعر أنه واجب عليك عمله، فإن التزامك هذا ينبغي أن يكون أمام ذاتك.

إن قولك أشياء على هذا النحو: "لا بد أن أحقق حلمي" أو "إنني بحاجة لأن أكون صادقاً مع نفسي" أو "لا بد أن أنهي مهمتي في الحياة" قد يبدو معقولاً في هذه الحالة . إن اتباع الرغبات الداخلية يجعلك سعيداً لنفسك وبنفسك ، حيث تستمر في النمو وتصبح أفضل ما يجب أن تكون عليه.

عندما تجد نفسك ملزماً بفعل شيء أو ملزماً بأن تصبح شيئاً لا علاقة له بحلمك فقط لكي تسعد الآخرين، فإنك بذلك تهدر وقتك، وإذا أهدرت وقتك فقد أهدرت حياتك، ومن ثم ينتهي بك الحال بالشعور بالاستياء من أولئك الذين تشعر بالالتزام نحوهم، وتحاول إسعادهم في نفس الوقت. ليس هناك تقدير على الإطلاق يمكنه أن يعادل قدر تضحياتك من أجل الآخرين حينما تكون تضحيتك بنفسك. وبعد فترة وجيزة، تجد أن الذين تضحي من أجلهم يبدأون في ترقب ما سوف تفعله دائماً من أجلهم، سواء كانوا أبويك، أم شريك حياتك، أم أطفالك.

وعندما تعمل من أجل الآخرين، فإنهم لا يتعلمون قيمة أن يعملوا من أجل أنفسهم، وبذلك تحرمهم من تقديرهم لذاتهم. تغير، فقد تكتشف حينئذ أن الآخرين يشعرون تجاهك بالاستياء، وأنهم يمنعون عنك حبهم. ويضغطون عليك كي تستسلم وتكف عما تفعله. ربما سوف يعتقدون أنك غير عادل، ولكن كيف تكون عادلاً مع نفسك بينما لا تعلم في صالحها؟ إن حياتك ينبغي أن تحقق لك احتياجاتك ورغباتك، وتسمح لك بأن تترك بصمتك المميزة عليها وتتبع اتجاهك الذي حددته لنفسك. عليك أن تعرف منحتك التي وهبت إياها وتهبها للآخرين. هذا هو عملك. هذا هو مصيرك.

إنك تستطيع أن تحقق ذلك بأن تكون صادقاً مع نفسك. بالطبع إنك عندما تعيش حياتك ، سيظل لديك التزامات من شأنها ألا تبدو داعمة لأحلامك التي ترغب في تحقيقها مثل أعمال المنزل، والذهاب لأداء بعض المهام، ودفع الضرائب، ولكن (على الأقل) سوف تقوم بواجباتك أنت لا واجبات الآخرين.

ربما سيتوجب عليك العمل من أجل الاحتفاظ بوظيفتك كي تستطيع أن توفر احتياجات معيشتك. إن الأمر يتعلق بتحمل المسئولية، ولكن الرضا عن مسألة أن تعيش حياتك سوف يدعمك ويمدك بالطاقة اللازمة للنجاح. إن كل ما سبق لا يعني إلا تكون لطيفاً مع الآخرين. إنما يعني ضرورة أن تفعل شيئاً بجانب أن تكون لطيفاً مع الآخرين.

إن حياتي هي المنحة وموهبتي هي الأداة ولحظتي هي الآن.

 

موقع الأسرة السعيدة