طوِّر استراتيجيتك: جِد طريقك نحو النجاح

"كيف ستكسب في المرحلة القادمة؟"، إنَّه السؤال الرئيس الذي يقف خلف تطوير الاستراتيجية. فلكي تكسب ضمن أيِّ مجالٍ مهم فأنت تحتاج إلى خطة، وهذا ما تعلمه الفرق الرياضية المحترفة. وتنطبق هذه الفكرة أيضاً على منظمتك، وقسمك، وفريقك – وحتى عليك بصفتك الفردية. فأن تكون ناجحاً يعني أن تعرف كيف تستخدم موهبتك ومواردك لتحقيق أقصى استفادة. ولكنَّ "الكسب" من دون وجود خطة جاهزة أمرٌ في غاية الصعوبة. لذلك ستقدم لك هذه المقالة منهجاً حصيفاً ومنظَّماً من أجل تطوير الاستراتيجية.



مناهج الاستراتيجية:

تختلف الأهداف في الشركات الربحية، التي يُعَدُّ تحقيق الربح والمنافسة بالنسبة لها أمرَين مهمَّين، عن الأهداف في الشركات غير الربحية أو في الأقسام الحكومية، ويختلف كذلك نطاق الأهداف الموضوعة لقسمٍ أو فريق عن نطاق الأهداف الموضوع للمنظمة كلها. فعلى سبيل المثال واعتماداً على نطاق الأهداف الموضوعة والظروف المحيطة بك قد ترغب في تطوير استراتيجيات من أجل:

  • زيادة الربح.
  • الحصول على حصةٍ أكبر في السوق.
  • زيادة التأييد وتعزيز رضا الزبائن.
  • إتمام أي مشروع في إطار الميزانية الموضوعة له.

لكي تحدد استراتيجيتك يجب عليك أن تفهم العوامل البيئية الداخلية والخارجية التي تؤثر فيك فهماً كاملاً. فمن خلال هذا الفهم يمكنك تحديد الميزات الأبرز التي تتمتع بها واستخدامها لتحقيق النجاح. ومن ثمَّ تستطيع اتخاذ خيارات مدروسة وتنفيذ استراتيجيتك بشكلٍ فعال. ولكن قبل الوصول إلى الاستراتيجية ثمَّة عمليةٌ مؤلفة من ثلاث مراحل:

  • تحليل الظروف التي تعمل ضمنها.
  • تحديد الخيارات الاستراتيجية.
  • تقويم أفضل الخيارات وانتقائها.

سنلقي نظرةً على هذه العملية ونراجع بعض الأدوات المفيدة التي يمكنها أن تساعدك على تطوير استراتيجيتك:

المرحلة الأولى: تحليل الظروف التي تعمل ضمنها والبيئة التي تعمل فيها

ستتحقّق في هذه المرحلة الأولى من أنَّك تفهم نفسك وبيئتك فهماً كاملاً. فاتّبع الخطوات الآتية:

  • حلّل منظمتك:

تحقق أولاً من مواردك، والتزاماتك (ديونك)، وإمكاناتك، ونقاط قوتك، ونقاط ضعفك. يُعَدُّ أداةً رائعة لاكتشاف ما تجيد القيام به واكتشاف المواضع التي تعاني نقاط ضعفٍ فيها شريطة أن تستخدمه استخداماً دقيقاً. حيث يصبح تحقيق أهدافك أسهل للغاية عندما تستخدم استراتيجيتُك نقاط قوتك من دون التعرض لنقاط ضعفك. وابحث أيضاً عن فهذه الكفاءات تسلط الضوء على نقاط القوة التي تتفرد بالتميز بها وتساعدك على التفكير في الكيفية التي يمكنك من خلالها التميز عن منافسيك.

  • حلّل بيئتك:

أنت الآن في حاجةٍ إلى تفحص البيئة الحالية التي تعمل فيها للتنبؤ بالاتجاه الذي تسير نحوه الأمور. هل ثمة فرصٌ مثيرة يتوجب عليك العمل على اقتناصها؟ وما السيناريوهات المستقبلية المحتملة في عملك، وكيف ستؤثر هذه السيناريوهات في العمل الذي تقوم به؟ .

في أثناء التجهيز لوضع استراتيجيتك تأكد من أنَّك تعمل بطريقةٍ تتوافق والتغيرات في البيئة التي تعمل ضمنها بدلاً من العمل ضد تلك التغيرات. فهذه التغييرات هي غالباً عوامل خارجية تكون خارج نطاق سيطرتك، لذا إذا كنت تسعى إلى وضع استراتيجية تتطلب تغييراً في أحد هذه العناصر فإنَّ في انتظارك معركةً طويلة، ومرهقةً، وغير مُجدِية.

نصيحة:

يمكن أن تساعدك على تحليل العوامل الداخلية والخارجية. فهذه الأداة تقوم بدمج كل ما توصلت إليه في تحليل "سووت" ومن ثمَّ تطبقه لتطوير استراتيجية تعزز نقاط القوة وتزيد الفرص أو تقلص من تأثير نقاط الضعف والتهديدات.

  • حلّل زبائنك وأصحاب المصلحة الخاصين بك:

تحدد استراتيجيتك الطريقة التي ستحقق الربح من خلالها، والربح يتحدد عادةً من خلال مدى رضا زبائنك عنك. لذا يجب على الشركات الربحية أن تحافظ على سعادة زبائنها وأصحاب المصلحة الخاصين بها. حتى الحكومات، والمنظمات غير الربحية، والفِرَق التي يوكل إليها تنفيذ المشاريع لديها جميعاً أصحاب مصلحةٍ ويجب عليها إرضاؤهم. إنَّ وضع الاستراتيجية يجب أن يراعي هذه الاحتياجات. فحدِّد عملاءك وأصحاب المصلحة الخاصين بك، واعرف ما الذي يريده عملاؤك؟ ومن هم أصحاب المصلحة الأساسيين في نجاحك؟

  • حلّل منافسيك:

في الشركات الربحية التقليدية يجب عليك أن تفهم الطريقة التي يتم من خلالها موازنة منتجاتك بمنتجات منافسيك، وما الكفاءات التي يتمتّع بها منافسوك. وما مدى سهولة الدخول إلى سوقك أو صعوبته؟ وما البدائل المتاحة للزبائن؟

حتى المنظمات غير الربحية، والفِرَق التابعة للأقسام، والمشاريع، لها منافسون أيضاً. فالمشاريع والفرق ضمن القسم تتنافس على المال وعلى غيره من الموارد الأخرى. ومن ثمَّ فإنَّه يجب عليك إثبات أنَّه في إمكانك إضافة القيمة، وتلبية الأهداف، والمساهمة في نجاح المنظمة.

اقرأ أيضاً: مقولات رائعة تساعدك على تخطي أصعب ظروف الحياة

المرحلة الثانية: تحديد الخيارات الاستراتيجية

لقد طورت في المرحلة الأولى فهماً للكيفية التي تتواءم من خلالها منظمتك وفريقك ضمن سياق البيئات الداخلية والخارجية، أمَّا الآن فقد حان الوقت للتفكير في مختلف الأشياء التي يمكنك القيام بها لوضع ميزةٍ واضحة، وتلبية أهدافك. إليك بعض الأنشطة الجوهرية التي يمكن أن تساعدك على اتخاذ هذا القرار:

  • إثارة الخيارات من خلال العصف الذهني:

استخدم أدواتٍ إبداعية مثل العصف الذهني لاكتشاف المشاريع التي يمكنك القيام بها لتطوير الميزة التنافسية. وجه عملية العصف الذهني التي تقوم بها من خلال ربطها ببيان رسالة المنظمة، ولكن بالنظر إلى الدور الذي تضطلع به في المنظمة، فكر إلى أي مدى يجب عليك أن تبقى مقيداً بهذا البيان.

اقرأ أيضاً: النجاح في التفكير: العصف الذهني: فوائدهُ، استخداماته، وأهم شروط نجاحه

  • ابحث عن الفرص والتهديدات:

لقد حدد تحليل "سووت" الخاص بك بعض الفرص الرئيسة المتاحة أمامك والتهديدات التي تواجهك. باستخدام هذا التحليل بوصفه نقطةً للانطلاق، فكر من خلال طريقة العصف الذهني في طرائق إضافية لاستغلال الفرص المتاحة أمامك والتخفيف من أثر التهديدات التي تواجهك بل وربما تحويلها إلى فرص.

  • حُل المشاكل:

إنَّ اتباع نهجٍ يهدف إلى حل المشاكل يمكن أن يساعد في هذه المرحلة أيضاً. فإذا كانت مشكلتك أنَّك لا تحقق أهدافك فاسأل نفسك كيف يمكن لك أن تضمن القيام بهذه المهمة. (إذا كان جميع من يعمل في مجال العمل الذي تعمل فيه يجد أنَّه من الصعب التعامل مع مشكلةٍ محددة فقد تحصل أنت على ميزةٍ تنافسية من خلال التعامل مع هذه المشكلة). فإذا كنت ترغب في زيادة معدلات رضا الزبائن على سبيل المثال في مجالٍ معروفٍ بسوء العلاقة مع زبائنه فإنَّ نقطة الانطلاق التي لديك هي "انخفاض الرضا". فكر في سبب كون الوضع على ما هو عليه وضع خياراتٍ استراتيجية يمكن أن تزيد الرضا.

المرحلة الثالثة: تقويم خيارات استراتيجية واختيارها

المرحلة الأخيرة هي لتقويم الخيارات الاستراتيجية بشكلٍ مفصَّل وانتقاء الخيارات التي ترغب في السعي إلى تحقيقها.

  • تقويم الخيارات:

بعد أن وصلت إلى هذه المرحلة تكون قد حددت على الأرجح عدداً من المشاريع الجيدة التي يمكنك القيام بها، ويجب عليك الآن تقويم هذه المشاريع لانتقاء أفضل الخيارات الاستراتيجية. ففكّر في كل خيارٍ حدّدته، ولكن لا تصدر حكماً نهائيَّاً حتى تنتهي من عملية التقويم. فابدأ بتقويم كل خيار من الخيارات في ضوء العوامل المرتبطة بسياق العمل والتي حددتها في المرحلة الأولى. ما الذي يظهره ذلك لك فيما يخص كل خيار من الخيارات؟

يُعَدُّ تحليل مصفوفة القرارات (Decision Matrix Analysis) ذا فائدةٍ خاصة في جمع معايير اتخاذ القرار المالية وغير المالية. فهو يساعدك على إعطاء ثقل للمعايير الفردية في اتخاذ القرار، ومراعاة العوامل الذاتية غير الملموسة – مثل ملاءمة الفريق واحتمال الحصول على دعمه – بالإضافة إلى العوامل الموضوعية الملموسة مثل التكلفة والعائد على الاستثمار.

  • اختيار الطريقة الأفضل من أجل المضي قُدُماً:

بعد أن انتهيت من عملية التقويم فإنَّه يتوجب عليك الآن انتقاء الخيار الأفضل أو الخيارات الاستراتيجية الفضلى ولكن تأكد من أنَّك لم تنتقِ العديد من الخيارات لأنَّ ذلك سيبدد الموارد التي لديك بشكلٍ كبير. وتأكد من مدى تناسق أفكارك مع وطورها عند الضرورة. فمن السهل أن تنسى هذه العناصر الرئيسة في أثناء التخطيط الاستراتيجي لذلك تأكد من أنَّ ما ترغب في "كسبه" هو أحد الأشياء التي تساهم في تحقيق الهدف العام للمنظمة.

تنفيذ الاستراتيجية:

من غير المفيد تطوير استراتيجيةٍ ما إذا لم تطبِّق هذه الاستراتيجية بشكلٍ ناجح وعند هذه النقطة يتعثر العديد من الأشخاص. لذا عليك إيجاد طرائق من أجل جسر الهوة بين تطوير الاستراتيجية وتطبيقها، ومعرفة التقنيات التي ستحتاج إلى استخدامها لتطبيق الاستراتيجية بشكلٍ ناجح.

النقاط الرئيسة:

تبيِّن لك الاستراتيجية الطريقة التي ستحقق من خلالها النجاح بغض النظر عن طبيعته. وسواءً كنت تطور استراتيجيةً على المستوى الشخصي، أم على مستوى الفريق، أم على مستوى المنظمة فإنَّ للعملية أهميةً كأهمية النتائج. لذا حدد القدرات التي تتفرد بالتمتع بها، وافهم كيفية استخدام هذه القدرات لصالحك، وكيف تَحُدُّ من تأثير التهديدات التي تعترضك. وستساعدك العملية والأدوات المحددة أعلاه على تحديد مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات المحتملة لتحقيق النجاح بحيث تستطيع في النهاية اختيار الاستراتيجية المناسبة لك.

طبّق هذا في حياتك:

جرب أن تطور الاستراتيجية من خلال التفكير في الظروف الشخصية الخاصة بك. أكمل الأسئلة التحليلية أدناه للتفكير في طريقتك للمضي قُدُماً. إليك بعض الأسئلة الرئيسة التي يجب عليك النظر فيها:

  • ما نقاط قوتك، ونقاط ضعفك، والفرص المتاحة لك، والتهديدات التي تعترضك، وما "كفاءاتك الأساسية"؟
  • ما الأشياء التي لديك القدرة على تحقيقها في حال توافرت لديك الرغبة في ذلك؟
  • ما التوجهات التي تحكم "الصورة الكبرى" في بيئتك؟
  • كيف يكون في إمكانك مراقبة هذه العوامل الخارجية أو التكيف وإيَّاها؟
  • من الأشخاص المهمون لنجاحك (أصحاب المصلحة الخاصُّون بك)؟
  • ما الخيارات المتاحة لك؟
  • وأيُّها التي ستكون في الحسبان؟

المصدر




مقالات مرتبطة