طفلك يقلد.. أم ماذا؟

 

لا يخاف، لا يفر، بل يواجه كل ما يصطدم به، يقلد الجميع خصوصاً تصرفاتكما وحركاتكما، يلعب، يدور، يركض، يجلس، يتحدث مع الكبار، ولا يغيب عنه شيء، إنه حقاً غريب، هل يمكن لي أن أشبهه "بقرد صغير"؟ أم ما ألاحظه مجرد أمور يفتعلها للوصول إلى ما يرغب فيه.


 

الاعتماد على النفس..حب الاستطلاع والعلم
بعد عمر السنتين، يصبح التقليد عند طفلكما مقصوداً، والسبب في ذلك أنه يتلذذ بهذا الأمر، وهذا دليل على تركيز انتباهه على ما يدور حوله، واستيعابه للأصوات والمرئيات، فيقلد ضحكتكما أو مشيتكما، أو طريقة كلامكما.
بالنسبة إليه فإن هذا التقرب عبارة عن لعب يمارسه من خلال تجاربه الأولى الصغيرة، فلا تحدي من نشاطه وحيويته، ولا تتبرمي به، لأن ذل سيحد من اطراد نمو ذكائه. فالتقليد يساعده على بناء شخصيته وتنميتها كما يجعله مستقلاً ويقوم بالأفعال بنفسه.
 كتنظيف أسنانه أو تغيير ملابسه... فانتبهي لتصرفاتك أمامه وما تفعلينه، كيف تغسلين الخضار أو كيف تحضرين المائدة، فهو يسعى لتقليدك، انك عبارة عن مرجع لكل حركاته، فكوني المثل الحسن له.
الحاجة إلى إثبات نفسه
يقلدون من دون التفكير في النتائج، كل الأطفال في بداياتهم، يبعثرون الأشياء، يكسرونها، أو يرمون اللعب، من دون أن ينزعجون لما يفعلون أو يتأثرون، بل يكونون سعداء من تصرفاته.
والفتيات الصغار يقلدن تصرفات أمهاتن، ويتعاملن مع أصدقائهن كأنهن نساء كبيرات، ومعظم ألعابهن تكون شبيهة بأدوات أمهاتهن، مثلاً..أدوات التجميل، والأحذية ذات الكعب العالي، ويسرحن شعورهن مثلهن تماماً، إلى جانب أمور أخرى تقوم بها الأم فتلفت انتباه صغيرتها.
تقليد ولدك لأبيه، وابنتك لك، يساعدهما في بناء شخصيتهما، وإدراك دور كل منهما في الحياة، والتعرف على جنسهما، وهذا التصرف يكون له هدف كامن وهو الوصول إلى قلبيكما والتشبه بكما.
ولا ننسى "عقدة أوديب" وهو تعلق الولد بأمه والبنت بأبيها، ومحاولتهما الأولى تكون من أجل إغواء أبويهما ليحصلا على نفس مرتبة الحب التي يكنها الوالد للأم والعكس صحيح.
الاندماج في عالم الكبار
راقبي ولدك جيداً عندما يقوم بفعل معين، أو يبدأ باللعب، فإذا رأى هندياً عبر التلفاز يرقص يسعى لتقليده، أو يترقب خطواته بتأن، ويتبنى طباعه ويتصرف مثله، رغبة منه في لفت الأنظار إليه، أو اتخاذ مكانة معينة بين الآخرين، وليكون مستقلاً في أفعاله.
والمحاكاة تساعد الولد في تكوين نموذج مثالي، خاص به يساعده على صقل طباعه مما يوفر له القدرة على الإنسجام مع الآخرين، وخصوصاً أثناء احتكاكه بالعالم الخارجي أو دخوله إلى المدرسة.
بعض مظاهر التقليد للفت النظر
يفاجئك طفلك بجلوسه على الكنبة، حاملاً بين يديه صحيفة، وواضعاً نظارات أبيه على عينيه، وكأنه يقرأ بتمعن، وعندما يراك يكمل تصرف بشكل طبيعي وبجدية، وهنا ينتظر منك أن تكوني سعيدة لما فعله، وأن تظهري فرحك، وربما يسعى لتشاركيه قراءة الصحيفة وتظهري اهتمامك به، وهذا شكل من أشكال الحب والمشاركة والانفتاح، فعززي فيه الثقة بنفسه.
مهما كان عمل ولدك يبدو"سخيفاً" أو مضحكاً، فلا تستهزئي به، وى تمنعيه من تقليدكما، والقيام بما تفعلان، بل شجعيه، مثلاً، إذا كان والده يغسل سيارته وأراد أن يقلده بغسل عربته الصغيرة، وفري له الصابون والماء والاسفنجة، ولا تمنعي مشاركته، فالمشاركة تكون شخصيته وتنمي حس التعاون فيه والتعود على الإعتماد على نفسه مستقبلاً.

المصدر: بوابة المرأة