ضيق الفقرات.. مضاعفات خطرة

كثير من الناس يهملون الأعراض الصحية التي تطرأ على أجسامهم مما يجعل علاج المشكلة أصعب لاحقا، لذلك يجب استشارة الطبيب بسرعة عند الإحساس بالخدر أو التنميل أو الضعف في الساق أو العنق أو الذراع، لأن هذه الأعراض قد تدل على حدوث ضيق في القناة الشوكية.



حدوث أي ضيق في قناة العمود الفقري (القناة الشوكية)، سواء في منطقة أو عدة مناطق، يترتب عليه ضغط على النخاع الشوكي المار من خلالها وعلى جذور الأعصاب المتفرعة منها. وبيّن الدكتور هشام الخياط استشاري جراحة الجهاز العصبي ان السبب الرئيس في معظم الأحيان يترتب عن التغييرات المصاحبة للتقدم في العمر وشيخوخة العظام (أو استهلاك الجهاز الحركي). وغالبا ما يحدث الضيق في منطقة الفقرات العنقية أو القطنية (أسفل الظهر) لتظهر أعراض مميزة بحسب المنطقة المتضررة.

 

عن الأعراض التي تدل على وجود ضيق في قناة العمود الفقري يقول د. الخياط:

- من أهم الأعراض:

- الألم والخدر والتنميل في الأطراف والظهر والعنق والكتف والذراع.

- انخفاض الإحساس وضعف الأطراف.

- صعوبة الاتزان أو فقدانه.

- صعوبة التحكم بعمل المثانة وفتحة الشرج (التحكم بالتبول والإخراج).

- قد يتركز الألم في الردفين والساقين، بحيث لا يمكن التفرقة بين ألم الضيق الشوكي وألم ضعف الدورة الدموية.

ويجب استشارة الطبيب بسرعة عند الإحساس بالخدر أو التنميل أو الضعف في الساق أو العنق أو الذراع. ومن أكثر دلالات ضيق القناة شيوعا هو الشعور بالتنميل والخدر في الرجل عند الوقوف أو المشي لفترة طويلة، بينما يختفي أو يتحسن الوضع عند الجلوس أو ميل الجذع الى الامام.

السبب

يحدث الضيق نتيجة لعدة عوامل تؤثر على بنية مكونات العمود الفقري، خاصة تلك المترتبة عن الاستهلاك والاحتكاك بما يسبب ظهور بروزات عظمية وانخفاض سماكة الديسك. ويقول د. الخياط موضحا:

- ترافق تقدم العمر عمليات سلبية التأثير على العمود الفقري، مثل:

- هشاشة العظام: يترتب عن انخفاض كثافة العظام زيادة في انحناء العمود الفقري وكسور ميكروسكوبية في الفقرات. ومع عدم العلاج قد تتهشم الفقرات مما يعرض النخاع الشوكي للضرر.

- خشونة العظام: مع مرور الوقت، تتدهور بنية مفاصل الفقرات من جراء تكرار الاحتكاك، خاصة عند البدناء. وفي محاولة لتقويم الضرر، يقوم الجسم بترميم منطقة الاحتكاك ببناء أنسجة عظمية جديدة، ما يسبب ظهور بروزات عظمية على حواف الفقرات تضغط على الأنسجة المجاورة لها.

 

- تدهور حالة الديسك: يتكون الديسك الفاصل بين فقرات العمود الفقري من مادة هلامية (غنية بالسائل) تساعده على امتصاص الصدمات وإضفاء ليونة على الظهر. ويرافق تقدم العمر، فقدان الديسك للماء (الجفاف) مما يسبب انخفاضا في سماكته وبروزه من الجوانب. كما تفقد المادة الليفية المحيطة بالمادة الهلامية قوتها فتبدأ بالتمزق (تمزقات ميكروسكوبية) مما يسبب زيادة في بروز الديسك، وبالتالي الضغط على الأعصاب المجاورة.

- زيادة سمك الأوتار: تساهم الأوتار والأربطة القوية في الحافظ على ثبات الفقرات في أماكنها مع إعطائها مجالا حركيا، بيد ان تقدم العمر يسبب زيادة في سمك هذه الأوتار وفقدانها التدريجي لليونتها. ويرافق هذا التغيير حدوث بروز في الديسك وانخفاض المسافة بين الفقرات، وبالتالي حدوث ضيق في القناة الشوكية وانضغاط جذور الأعصاب.

أسباب أخرى

ومن الأسباب الأخرى لحدوث الضيق:

- مرض باجت Paget's: وفيه يقوم الجسم ببناء الخلايا العظمية بمعدل أسرع من الطبيعي، مما يسبب بناء عظام ضعيفة يرتفع احتمال تعرضها للكسر، كما أنها غير طبيعية الشكل أو كبيرة الحجم. وإن حدث ذلك في فقرات الظهر، فيرافقه صغر حجم (قطر) قناة النخاع الشوكي.

- أمراض خلقية وراثية: قد ينتج هذا المرض من خلل جيني يسبب بطء نمو العظام منذ الطفولة، ليترتب عليه قصر القامة (القزم). وعادة ما يكون لدى هؤلاء المرضى ضيق في قناة النخاع الشوكي.

- الأورام: قد تنمو الأورام (سواء حميدة أو خبيثة) داخل النخاع أو أغشيته أو الفقرات العظمية ليترتب عن نموها وزيادة حجمها اخذ مساحة من القناة. ويمكن لهذا التضخم ان يسبب انضغاطا خطر للنخاع وجذور الأعصاب.

- الحوادث: كحوادث السيارات وأي نوع من الحوادث القوية المسببة لحدوث كسر أو خلع أو تحرك احد أو عدد من فقرات الظهر. ويمكن للعظام المتفتتة أو المتحركة ان تسبب الضرر للقناة أو للنخاع ذاته. كما ان تورّم وتهيّج الأنسجة المجاورة للعمود الفقري نتيجة للحوادث أو العمليات الجراحية قد يسبب التوتر والضغط على النخاع وأعصابه.

عوامل الخطر

من عوامل الخطر التي تشير إلى امكانية حدوث الاصابة:

- تقدم العمر، خاصة بعد الخمسين عاما.

- الوراثة: عيوب خلقية تسبب صغر حجم القناة منذ الولادة.

- سوء أسلوب الحياة وما يترتب عن ذلك من الإصابة بالسمنة وضعف في عضلات الظهر وتعجيل الإصابة بهشاشة العظام والخشونة.

المضاعفات

تختلف المضاعفات بحسب منطقة الضيق، سواء في الفقرات العنقية أو أسفل الظهر. لكن يعتبر انضغاط جذور الأعصاب المنبثقة من أسفل الظهر حالة خطرة يمكن ان تسبب الشلل الدائم للجزء السفلي من الجسم. ولذا يعد كحالة طارئة تستوجب إجراء عملية جراحية فورية لإزالة الضغط من المنطقة.

الفحوص التشخيصية

ولتشخيص الحالة تستخدم الفحوص التالية:

- الأشعة التصويرية العادية.

- الرنين المغناطيسي الذي يمكن من خلاله معرفة أسباب الضيق، كوجود النتوءات العظمية، أو تآكل الفقرات، أو بروز الديسك.

- تصوير قناة النخاع الشوكي بالصبغة يوفر المعلومات السابقة ذاتها.

العلاج

وعن العلاج يقول د. الخياط:

هناك أساليب مختلفة للعلاج، منها:

- العقاقير: يستعان في البداية بالعقاقير المسكنة للألم. وان لم يشعر المريض بتحسن، ينصح باستخدام أنواع أخرى تهدف إلى علاج ضرر الأعصاب وتخفيف الألم مثل مضادات الاكتئاب، ومضادات الصرع، وعقاقير تحتوي على مادة الكودين. وفي بعض الحالات يقترح الاستعانة بالعقاقير الهرمونية.

- تعديل أسلوب الحياة، من خلال الحرص على اتّباع حركات القوام السليم وممارسة الرياضة (يفضل السباحة) وفقدان الوزن الزائد.

- العلاج الطبيعي: الخضوع لكورس من العلاج الطبيعي. وتسهم ممارسة تمارين العلاج الطبيعي في بناء قوة دعامات الظهر وزيادة ثباته.

- التدخل المحدود من خلال حقن المنطقة المتضررة بمشتقات الستيرويد حتى تعالج تهيج الأنسجة والالتهابات وتورم الأعصاب، مما يسبب تقليل تضخم الأعصاب وانضغاطها.

- توجد عدة أنواع من التدخلات الجراحية المحدودة، التي يستمر الطب الحديث في تطويرها. ويعتمد تحديد الأفضلية هنا على حسب الحالة.

- العمليات الجراحية التي تهدف إلى تخفيف الضغط الواقع على الأعصاب الشوكية بإزالة مسبب الضغط كالأجزاء الناتئة.

وتقترح الجراحة في الحالات التالية:

- ان لم تنجح التدخلات العلاجية المحدودة في تحسين الحالة والأعراض.

- الحالة التي تسبب الإعاقة أو صعوبة في ممارسة نظام الحياة.

- ان كان المصاب شابا بصحة جيدة (يتوقع ان تسوء الحالة مع تقدم العمر).

 

إجابات يجب عليك معرفتها قبل لقاء الطبيب

ان شك الطبيب في إصابتك بضيق في قناة النخاع الشوكي فسيحولك إلى أخصائي الجهاز العصبي حتى يقيّم شدة الحالة ويقرر حاجتك الى الجراحة أو العلاج المحدود. وأشار د. الخياط إلى أهمية إعداد المريض لإجابات دقيقة عن الأسئلة المهمة التالية:

- متى بدأت تلحظ الأعراض أو المشكلة؟

- ما نوعية الأعراض؟ وكم تستغرق من الوقت حتى تزول (ان زالت)؟

- هل تتدهور الحالة مع مرور الوقت أو هي ثابتة؟

- هل تشعر بألم؟ في أي منطقة؟ ما الذي يسبب الزيادة في حدة الألم أو تحسنه؟

- هل تشعر بضعف في الاطراف أو خدر أو تنميل؟

- هل لديك صعوبة في التحكم بالإخراج أو التبول؟

 

من يحتاج الى التدخل الجراحي السريع؟

- حالات الانزلاق الغضروفي أو الفقري الشديدة مع انضغاط الاعصاب أو الحبل الشوكي.

- حالات كسور و أورام العمود الفقري التي لا يمكن علاجها بالتدخل البسيط.

- حدوث التبول أو التبرز اللاإرادي وضعف يتطور سريعا في الاطراف.

 

هشاشة العظام.. مرض يمكن تفاديه أو تأخيره

هشاشة أو نخر العظام مرض شائع يصيب الرجال والنساء الذين تقدم بهم العمر، ويحدث عند انخفاض كثافة العظام ما يجعلها سهلة الكسر عند اقل توتر أو ضغط. وبيّن د. الخياط ان لهشاشة العظام مضاعفات خطرة، فهي سبب لتكرار الوقوع والإصابات التي ترافقه. فحوالي ثلث النساء وسدس الرجال ممن يعيشون إلى سن 90 سنة سيصابون بكسر في الحوض نتيجة للوقوع، بما يسبب تقليل كفاءة حياة الشخص والإعاقة وتهديد حياته أيضا.

أنواعه

يمكن تقسيم الحالات إلى نوعين : ما بعد الطمث (postmenopausal) أو الصامت المكتسب (senile osteoporosis). ويصيب النوع الأول النساء بعد سن 55 إلى 75 سنة. وتشيع فيه حدوث كسور الفقرات الظهرية والرسغ. أما النوع الآخر، فيصيب النساء والرجال بين سن 70 إلى 80 سنة بالمستوى نفسه، وتشيع فيه كسور الفقرات الظهرية والحوض والعظام الطويلة (كالساقين والأذرع).

الأعراض

وأضاف د. الخياط:

- هو مرض صامت، عادة لا تظهر على المصاب أعراض إلى ان تحصل له المضاعفات الخطرة مثل الكسور وضيق القناة الشوكية وانضغاط الأعصاب. ومن الأعراض المتقدمة للمرض، ظهور التحدب (انحناء الظهر الى الامام) على الأشخاص المصابين بالهشاشة، ونقصان الطول وانخفاض في المدى الحركي للظهر. وتشتد حدة آلام الظهر إذا ما سبب انزلاقا غضروفيا أو فقريا يضغط على جذور الأعصاب.

ويمكن اكتشاف هشاشة العظام بالخضوع الدوري لفحص كثافة العظام (التصويري) الذي يطلب عادة بعد الخمسين عاما، ويمكن تشخيص الحالة وإثباتها بعد حدوث الكسور.

إرشادات وقائية

يمكن الوقاية من الإصابة من خلال اتّباع عدة إرشادات من أهمها:

- تشجيع تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم ومكملاته العقاقيرية، فيما عدا الحالات التي لها تاريخ إصابة بالحصوات الكلسية أو الزيادة في نسبه الكالسيوم في الدم.

- تشير الأبحاث الحديثة إلى دور الهرمونات الأنثوية في صحة العظام، خاصة للنساء بعد انقطاع الطمث، لذا يجب مناقشتهن حول بدائل الاستروجين.

- التزود بفيتامين د، حيث أكدت الأبحاث على ضرورته للحفاظ على صحة الجسم عموما، والوقاية من عدة أمراض. وله دور مهم في بناء العظام، لذا ينصح بتناول 700 وحدة منه يوميا. - هنالك أنواع من العقاقير والأغذية التي تسبب زيادة معدل خسارة الكالسيوم من العظام، مثل تلك المحتوية على الكاربونات والكافيين والسكر والبروتين والكحول والصوديوم، لذا يجب تقنين أو تحديد كمية تناولها. ولو كانت الحالة تسمح، فيفضل تفادي تناول الأدوية التي تحتوي على الستيرويد والألمنيوم.

- يسهم التوقف عن التدخين في تحسين معدل فقدان الكثافة بشكل ملحوظ، نتيجة لما يسببه التدخين من فقدان العظام للمعادن.

- ممارسة رياضة لتحفيز صحة العظام، ويتضمن الروتين حمل أثقال خفيفة أو المشي لمدة 45 إلى 60 دقيقة، خمس إلى ثلاث مرات يوميا (لكن لا بد من استشارة الطبيب أولا).

أدوية هشاشة العظام

أكثر أنواع أدوية هشاشة العظام شيوعا:

- كالسيتونين، وهو عقار يحتوي على هرمون يحفز بناء العظام وزيادة كثافتها.

- بيوفوفونات، مثل الديدرونيل وفوساماكس، التي تزيد من كثافة العظام، خاصة في فقرات الظهر. ويجب تناولها مع مكملات الكالسيوم وفيتامين د.