صوتك انعكاس لشخصيتك!

صوتك انعكاس لشخصيتك!



يبدو الإنسان، الواثق من نفسه، سعيداً وقادراً على التأثير في الآخرين، ويتميز بأنه يتمتع بالهدوء، وغير مضطرب أو منفعل بأي صورة من الصور.ويشعر المعتد بنفسه بأن لديه مهارات، وأنه قادر على الفوز باستمرار لأنه يملك الكفاءة العالية.

قد يتساءل الإنسان أحياناً عن الأسباب التي تجعله غير قادر على التأثير في الآخرين بالطريقة التي يتمناها والتي يرغب في أن تكون.

كل ما عليك فعله هو أن تسألي نفسك أو صديقة مخلصة سؤالاً واحداً وهو: هل أبدو في خطاب الآخرين على ما يرام؟

والحقيقة أننا نبذل قصارى جهدنا كي يبدو مظهرنا جميلاً وجسمنا متناسقاً وملامحنا جذابة، ولكن هل فكرنا ولو لمرة أن نهذب كلامنا ونرى كيف تخرج تلك الكلمات من أفواهنا؟

دعونا نراقب كيف يكون وقع الكلمات الفارغة والتي يصدر عنها الحكمة على الشخص المستمع أمامنا. وقد يكون لشكل الإنسان والثياب التي يرتديها أهمية باعتبارهما الإطار الذي يبين أن الإنسان أنيق ويعتني بمظهره الخارجي. ولكن التحدث بإرباك وبطريقة ممجوجة أو لفظ غير محبب قد يؤدي إلى هدم كل ذلك الشكل الجميل والثياب الأنيقة.

ونظراً لأن الكلمات والصوت الذي يصدر عنا، يترجمان واقع شخصيتنا، ولذلك ليس عجباً أن الكثيرين يجهدون في تحسين ألفاظهم وتلميع لغتهم سعياً وراء الحكمة في الكلام واللغة السليمة لبناء شخصية متوازنة في المظهر وحسن اللغة، ولا أدل على ذلك سوى الأميرة الراحلة ديانا التي لم تكتف بمظهرها الأنيق وملامحها الجميلة، بل كان نطقها وحوارها لا يقلان جمالية عن شكلها العام.

ويذكر أن عالم صوتيات كان يعمل جاهدا لتحسين أداء البارونة مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة أثناء أحاديثها الرسمية الكثيرة التي كانت تدلي بها، حتى أن بعض أحاديثها استخدم كمرجع جوهري لصدق وصحة النطق باللغة الإنجليزية.

تعلمت تاتشر،على يد مدرب الصوتيات، أسلوب ترقيق الصوت عندما يبلغ درجة من الحدة والقوة وجعل الصوت الخارج من حبالها الصوتية أكثر عمقا. ويمكن التأكد من أهمية التدريب في ملاحظتنا صوت المطربة الأميركية مادونا، حيث يمكن للمراقب الحصيف أن يميز ما بين صوتها في السابق وصوتها الحالي والتغير الذي طرأ على لهجتها الأميركية بعد أن تلقت دروساً على نطق اللغة الإنجليزية حتى تصبح طبقاتها الصوتية قريبة من طبقات الطبقة الراقية الإنجليزية.

وتوضح معالجة الكلام الخبيرة في فن الحديث ديبورا أوليفي مالم نتدرب على استخدام الألفاظ، كما يفعل نجوم السينما، فإننا لن ندرك تأثير أصواتنا على الآخرين الذين يستمعون إلينا. ولا شك أننا نعلم كم هو مزعج صوت ذلك الشخص الذي يتحدث بطبقة صوتية عالية أو يهمس همساً أو ينطلق بسرعة فائقة نعجز أمامها عن اللحاق به فلا نفهم ما يقول. وتنصح ديبورا قائلة استخدمي لسانك وأسنانك وشفتيك لإخراج كل كلمة مباشرة.

فالتحدث بسرعة كبيرة أو ببطء شديد يجعل الشخص أو الأشخاص الذين يصغون إليك غير مبالين أو قد يشعرون بضيق لأنهم يملون أو لا ينتبهون إلى ما تقولينه.

رسخي مستوى يمكنك أن تجعلي الآخرين يصغون إليك باهتمام، ولكن بطريقة لا تسبب الضيق لحبالك الصوتية.

قد تصابين بصدمة كبيرة عندما تسمعين صوتك المسجل على الشريط لأول مرة. وهناك كثيرون يشعرون بالفزع عندما يصغون لأصواتهم لأول مرة على آلة التسجيل لأن أصواتهم ستبدو مختلفة بشكل كبير عن تلك التي يستمعون إليها مباشرة بآذانهم.

 

رغبة التغيير

تتفق خبيرة الصوتيات المحترفة مادلين كانون المديرة التنفيذية لشركة تدريب الاتصال والصوت التنفيذية، التي من بين زبائنها مديرون وسياسيون، مع هذا الرأي فتقول «لم يسبق لي أن سمعت أي شخص يقول إنه أعجب بصوته .

فهناك أناس يأتون إلينا لأنهم لا يحبون أصواتهم ويرغبون في أن نساعدهم بشأن السرعة وارتفاع طبقاته أثناء الحديث. وترتفع أصواتهم وتنخفض دون انتظام محدد، وتتوتر أصواتهم وقد تتراوح بين الحدة والانخفاض عند نهاية كل جملة ويمكن أن يؤثر ذلك على ثقة الإنسان بنفسه».

وتقول كريستينا ستيوارت، وهي مدربة رئيسية في مجال مهارات التخاطب ومؤلفة كتاب «تحدث إلى نفسك» :«إن تعديل الحبال الصوتية باللجوء إلى بعض التدريبات الصوتية لن يؤدي إلى تعزيز الثقة الشخصية، لأن صيغة هذا النوع من التدريب محدودة. لكن بعض التدريبات الصوتية يمكن أن تؤثر عميقاً على الآخرين ورؤيتهم لنا.

وينبغي البدء بطريقة تنفس مجدية وفاعلة، إذ لا يمكن أن تكون لديك الثقة إلا إذا تنفست تنفسا صحيحاً. فعندما نشعر بالتوتر أو بالعصبية نميل إلى أخذ أنفاس قصيرة وضحلة وهو ما يؤدي إلى إضعاف الصوت وجعله يبدو خفيفا». وتقترح كانون ضرورة ممارسة تدريبات التنفس التالية لتعزيز التحكم بالتنفس:

ضعي يديك بداية على عظام القفص الصدري وخذي نفساً عميقاً وارفعي صوتك أثناء القيام بذلك. وينبغي أن تكوني قادرة على الوصول إلى العدد 30 على الأقل. كما أن امتلاء الرئتين بالهواء يساعد على إنهاء الجمل الطويلة وتخفيف العبء عن الحنجرة. وعندما تبدئين هذا العد فليكن هدفك مضاعفة التحكم بنفسك للوصول إلى عدد أكبر في كل محاولة.

 

تعزيز الثقة

عندما نصاب بالغضب أو العصبية أو الإرباك نميل إلى الإسراع في كلامنا فتصبح كلماتنا مرتبكة ومشوشة مما يجعل المصغي غير قادر على استيعابنا بوضوح.

ويلاحظ أن عدم وجود مسافات بين الكلمات والجمل يعني أن الكثير مما نحاول نقله للمستمع يضيع. وتعتقد الخبيرة ستيوارت أنك إذا أردت التحدث فاجعلي حديثك «ينطلق بنصف السرعة التي تعتقدين أنها صحيحة وسيجد المصغي فرصة أفضل لفهمك.

وستكون كلماتك أكثر وضوحا وستشعر بأنك أكثر قدرة على التحكم». ولكي تشعر بثقة أكبر وبالاسترخاء تدرب على التنفس بعمق من خلال الأنف وتلمس تمدد الحجاب الحاجز. واحبسي أنفاسك بالعد حتى الرقم خمسة وأطلقي الكلمات من فمك.

 

سر الجاذبية

كانت النجمة السينمائية الراحلة مارلين مونرو تعتقد أن الأصوات الخفيضة هي الأكثر إغراء. وأثبت أحد الأبحاث أن تلك الأصوات أكثر صدقية. ومن هنا اجعلي صوتك أكثر رخامة ونعومة إذا كنت تودين لفت الأنظار.

حاولي تكرار كلمة «جونج» مراراً وتكراراً. وفي كل مرة تردد كلمة «جونج» انحني بهدوء إلى الأمام من عند الوسط واسمحي بصوتك بالهبوط تدريجياً إلى أن تخف حدته أكثر في كل مرة.

ولكن تجنبي انخفاض صوتك إلى أدنى مستوى له. وواصلي التحدث عندما يوشك الهواء في رئتيك على النفاد، لأن ذلك يحول دون شد العضلات المتخصصة في عملية التنفس ويؤدي إلى إرهاقها. ويمكن أن يصبح صوتك متهدجاً بدلاً من أن يكون جذاباً.

اجعلي صوتك طبيعياً وهادئاً عند الشعور بتوتر في حنجرتك، بسبب العصبية على سبيل المثال، جربي التثاؤب لجعل العضلات تسترخي. ارفعي شفتيك إلى مسافة بعيدة عن أسنانك، وافتحي فمك بأقصى ما يمكن حتى تبرز عضلات الرقبة. وابدئي الآن بالتثاؤب ولا شك سيبدو وجهك كله، عنقك وحنجرتك وملامح أخرى، مسترخيا وسيختفي الشد والتصلب.

كما أن الوضعية لها أهمية فرفع الكتفين أو الانحناء إلى الأمام يمكن أن يؤثر على الصوت، ولعل الوضعية المثالية تكمن عندما يكون العمود الفقري مستقيماً وجسمك متوازناً مع جعل القدمين بعيدتين قليلا والركبتين مرنتين وليستا متوترتين. اجعلي كتفيك مرنين وتجنبي رفع ذقنك إلى الأعلى كثيراً أو المبالغة في خفضه، بل دعي ذقنك مرنة ومسترخية إلى أقصى حد. يمكن تطبيق ذلك من خلال تدريبات اليوغا التي تصحح وضعية الجسم السيئة وتعيد له القدرة على التحكم الجيد بالتنفس.

 

الصوت الرخيم

ليس هناك أسوأ من الشخص الذي يتحدث بصوت خال من أي نغمة أو إيقاع، وقد يبدو مملا وغير أهل للإصغاء. ويمكنك التدرب من خلال قراءة كتاب بصوت مرتفع بنغمات صوتية مختلفة وسترين كم سيكون لذلك وقع عليك أنت أولاً.

خذي نفساً عميقاً لبدء التحدث وأفرغي صدرك أثناء مواصلة الحديث. ومن ثم استنشقي الهواء بقوة ثانية بالنسبة للجملة التالية، وهلم جرا..».

وسيلة للإقناع

تنبه كريستينا ستيوارت إلى أن أكثر الوسائل قيمة هي تعلم قوة التوقف الاستراتيجي حتى يكون لصوتك تأثير ووقع على المستمع.

تقول ستيوارت «أضفي نغمة لصوتك عن طريق خفضه واستخدمي وقفات فيها تأكيد على بعض المقاطع أو الكلمات.

وتعلمي كيف تفكرين بصمت ويمكنك أيضاً إضافة القليل من البهارات والنغمات الدرامية الحلوة على صوتك وتجنبي الإيقاعات الرتيبة في صوتك. وما عليك سوى التنويع في قوة الصوت بين مرتفع ومنخفض وهادئ. وفي حال كان لديك ملاحظة مهمة يمكنك خفض صوتك إلى المستوى الذي يمكنك من التأكيد على الفكرة وارفعي صوتك عندما تريدين أن تثيري اهتمام الشخص الذي أمامك.

المصدر:مكتوب