صفات الزوجة الناشز وكيفية التعامل معها

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (واللاتي تخافون نشوزهنَّ فعظوهنَّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلاً إنَّ الله كان علياً كبيراً) [سورة: النساء، الآية: 34]. ما صفات المرأة الناشز؟ وكيف يجب التعامل معها؟ هذا هو مدار حديثنا أعزاءنا القرَّاء في هذا المقال؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



صفات الزوجة الناشز:

من صفات الزوجة الناشز نذكر لكم الآتي:

  1. تمتنع الزوجة الناشز عن الزفاف إلى بيت زوجها، أو قد لا تسمح لزوجها بالدخول إليها، على الرغم من تقديمه مهرها المُعجَّل.
  2. لا تُمكِّن الزوجة الناشز زوجها من نفسها، بالرغم من أنَّ ذلك حقٌ شرعي للزوج بموجب عقد الزواج الذي بينهما، حيث يُشرَّع ويحق للزوج الاستمتاع بزوجته متى أراد ذلك، ما لم يكن هناك عذر شرعي، أو مخالفة شرعية. ومن الجدير بالذكر، أنَّ الفقهاء كانت لهم عدة آراء في نشوز الزوجة هنا:
    • الرأي الأول: قال العلماء من الحنابلة، والمالكية، والشافعية، والظاهرية: إنَّ عدم تمكين الزوجة لزوجها، وتلبيته متى أراد ذلك، يُعدُّ نشوزاً وتسقط نفقة الزوجة عن الزوج. ودليلهم على ذلك، حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ إنَّه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تُصبح)، والمقصود بالفراش هنا "الجماع".
    • الرأي الثاني: يميز الحنفية بين عدم تمكين المرأة لزوجها إن كان في بيتها، أو في بيته، فإذا كان الامتناع في بيتها، فإنَّ ذلك يُعدُّ نشوزاً، وإن كان الامتناع في بيته، فلا يُعدُّ نشوزاً ولا تسقط نفقتها عنه.
  3. تسافر المرأة الناشز لوحدها من دون إذن زوجها، والدليل على عدم جواز ذلك، حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؛ إذ إنَّه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر، تُسافر مسيرة يومٍ وليلةٍ إلا مع ذي محرمٍ عليها). ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّه توجد حالتان من سفر المرأة من دون إذن زوجها:
    • في حال كان السفر لأداء فريضة الحج: إنَّ سفر المرأة لأداء فريضة الحج من دون إذن زوجها، كان فيه اختلاف بين علماء المسلمين، وبيان خلافهم هذا كان كالآتي:
      1. عند الحنفية والشافعية: تُعدُّ المرأة ناشزة.
      2. عند الحنابلة والمالكية، وأبي يوسف من الحنفية: لا تُعدُّ المرأة ناشزاً، ولا تسقط نفقتها.
    • في حال كان السفر لأداء حاجةٍ ما: في حال سافرت الزوجة من دون إذن زوجها لقضاء حاجةٍ ما لها أو لغيرها، تُعدُّ ناشزةً إذا كان مهرها مقدماً من قبل الزوج.
  4. تمتنع المرأة الناشز من السفر مع زوجها. وهنا يمكن أن نميِّز حالتين:
    • إذا كان امتناع الزوجة بحق: إذا امتنعت الزوجة عن السفر مع زوجها بحق، فلا تُعدُّ ناشزة، ومثال ذلك: إذا لم يتحقق الأمان عليها في طريق السفر، أو في حال عدم أداء الزوج لمهرها، أو في حال كانت غير قادرة على السفر لأسبابٍ صحية.
    • إذا كان امتناع الزوجة عن السفر بغير حق: إذا كان الزوج قد أدى ما عليه من مهر، ويؤمن عليها معه، ورغم ذلك امتنعت عن السفر بصحبته؛ عندها تكون ناشزةً.
  5. تخرج الزوجة الناشز من البيت من دون إذن زوجها؛ حيث إنّه لا يجوز ذلك حتى وإن كان خروجها لزيارة مريض، أو إلى منزل أهلها أو أهله، أو إلى العمل. ولكن هنا يمكن أن نميز حالتين:
    • إذا خرجت من دون وجود أي عذرٍ شرعي، عندها تُعدُّ ناشزةً وتسقط نفقتها عن زوجها.
    • إذا خرجت بوجود عذرٍ شرعي، عندها لا تُعدُّ ناشزةً، ولا تسقط نفقتها عن زوجها. ومن الأمثلة على ذلك:
      • في حال مرض أحد والديها بغياب زوجها، ولم تستطع إخباره بذلك.
      • في حال احترق المنزل، أو انهدم، أو دخل إليه لصوص.
      • في حال هددها زوجها بالضرب.
      • في حال كان خروجها طلباً للعلم، والتفقه في الدين، أو طلباً للاستفتاء.
      • في حال كان خروجها إلى القاضي، لطلبٍ حقٍ من حقوقها الشرعية، كالنفقة مثلاً.
      • في حال أجبرت على الخروج من المنزل، لأنَّ المنزل لم يكن ملكاً لزوجها.
  6. في حال كان هناك دينٌ على الزوجة، ولم تقم بتسديده على الرغم من قدرتها على ذلك، وحُبست نتيجة لهذا الأمر؛ عندها تُعدُّ ناشزةً، وتسقط نفقتها. ولكن في حال حبست ظلماً فلا تُعدُّ ناشزةً، ولا تسقط نفقتها عن زوجها.
  7. تمتنع المرأة الناشز من الانتقال مع زوجها إلى مسكنٍ جديد. ويمكن أن نميِّز حالتين:
    • في حال امتنعت عن الانتقال مع زوجها إلى منزلٍ شرعي من دون وجود أي عذر، تُعدُّ ناشزةً وتسقط نفقتها عنه.
    • في حال امتنعت عن الانتقال مع زوجها إلى منزلٍ غير شرعي، فلا تُعدُّ بذلك ناشزةً ولا تسقط نفقتها.

شاهد بالفديو: 5 أشياء لايحبها الرجل في المرأة

كيفية التعامل مع الزوجة الناشز:

1. الوعظ:

يجب على الزوج وعظ زوجته بالكلام الحسن، وتذكيرها بما جاء في القرآن الكريم من آياتٍ تبيِّن الرحمة والألفة والمودة بين الزوجين، وحُسن عشرة الزوج والإحسان إليه، وتذكيرها بالعقاب الذي ستناله في الآخرة بسبب نشوزها، وامتناعها عن طاعة زوجها، فضلاً عن ذِكر الأحاديث النبوية الشريفة التي تبيَّن ذلك. ومن هذه الأحاديث نذكر لكم الآتي:

  1. عن زيد بن أرقم، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق زوجها، حتى لو سألها نفسها على قَتَبٍ لأعطته).
  2. عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها، استمتعت بها وفيها عوجٌ).  

ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّه في حال ارتدعت الزوجة بالوعظ والكلام الطيب الحسن، لا يحق للزوج اتباع الطرائق الأخرى التي تأتي بعد الوعظ.

2. الهجر في المضجع:

في حال لم ترتدع الزوجة بعد الوعظ، عندها يمكن للزوج أن يهجرها في المضجع، واختلف الفقهاء في مدة الهجر على عدة أقوال، وهي كالآتي:

  1. المالكية: إنَّ مدة الهجر في المضجع من شهر إلى أربعة أشهر.
  2. الحنابلة: إنَّ هجر الزوج زوجته الناشز في الكلام يجب ألَّا يتجاوز 3 أيام، بينما مدة هجره لها في المضجع تكون ما شاء ذلك.
  3. الحنفية: إنَّ الرجل يحق له أن يهجر زوجته في المضجع حتى ترجع إلى طاعته، ولم يحددوا مدةً معيَّنة.
  4. الشافعية: إنَّ الرجل لا يحق له أن يهجر زوجته في الكلام أكثر من 3 أيام، والدليل على ذلك الحديث الشريف؛ إذ إنَّه عن عبد الله بن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيامٍ).

3. الضرب غير المُبرح:

في حال لم تستجب الزوجة الناشز للوعظ، ولا للهجر في المضجع، فيكون عندها آخر طرائق التعامل معها هو الضرب. ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّه لا يجوز للزوج ضرب زوجته ضرباً مبرحاً، حتى لو كان على يقينٍ بأنَّ ذلك سيردعها، فإن فعل ذلك، يحق لها أن تطلب القصاص منه، حيث قال الدردير عن ذلك: (لا يجوز الضرب المبرح ولو عَلِم أنَّها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه والقصاص).

ثم إنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان يعيب على أبي جهم ضربه لنسائه؛ حيثُ إنَّ ذلك مخالف للشريعة الإسلامية، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب خادماً قطُّ، ولا ضرب امرأةً له قطُّ، ولا ضرب بيده شيئاً قطُّ، إلا أن يُجاهد في سبيل الله، ولا نِيلَ منه شيءٌ قطُّ فينتقمه من صاحبه، إلا أن يكون لله، فإن كان لله انتقم له، ولا عُرِض له أمران إلا أخذ بالَّذي هو أيسر حتَّى يكون إثماً، فإذا كان إثماً كان أبعد الناس منه).

إقرأ أيضاً: المرأة في الإسلام: حقوقها، مكانتها، ودورها في المجتمع

ما شروط ضرب الزوجة الناشز؟

توجد مجموعة من الشروط والضوابط لضرب الزوجة الناشز. وهذه الضوابط كالآتي:

  1. ألَّا يزيد ضرب الزوج لها على 10 ضربات.
  2. ألَّا يكون الضرب مبرحاً، فلا يجوز أن يكسر لها عظماً، أو يشوه لها لحماً.
  3. لا يجوز له ضربها على الوجه أو في المقاتِل.
  4. أن يكون على يقين بأنَّ ضربه لها سيردعها ويصلح حالها.
  5. أن يترك ضربها إن ارتدعت وأطاعته.

ما وسائل ضرب الزوجة؟

  1. قال المالكية والحنابلة وبعض الشافعية: لا يجوز ضرب الزوجة الناشز بالعصا أو بالسوط، وإنَّما يقتصر ضربها بالسواك أو بالمنديل، فالغرض من الضرب هو التأديب فحسب.
  2. قال الشافعية والحنابلة: إنَّه من الأولى ألَّا يضرب الزوج زوجته، وأن يعفو عنها.

وبذلك أعزاءنا القرَّاء، نكون قد تحدثنا عن صفات الزوجة الناشز، وكيفية التعامل معها.

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة