صداقة المراهقين.. بين المـد والجـزر

لايخفى على أحد ان مرحلة المراهقة ه يمرحلة حساسة تتميز بطغيان العواطف والإحاسيس والمشاعر الروحية, مرحلة ينسلخ فيها المراهقون والمراهقات عن مرحلة الطفولة ويتدرجون نحو الرشد والنضج على مختلف الأصعدة, واحد سمات هذه المرحلة هو نزعة المراهقين والمراهقات الى تشكيل صداقات لها ميزاتها.



لكنها صداقات لها تأثير بالغ على شخصية المراهقين كما أن تأثيراتها قد تستمر مدى الحياة وربما تحل بالكامل محل الاسرة والآباء حيث ان جل وقت المراهقين يكون في المدرسة مع أصدقائهم وبعد المدرسة ربما يلتقون معهم عند الهاتف أو في أماكن أخرى.

واهم مزايات صداقات هذه المرحلة لكلا الجنسين:

1- اصرار المراهق والمراهقة على اختيار أصدقائهم بانفسهم حسبما يضعون هم من مقاييس وعلامات وقد لايسمحون للاهل بالتدخل في اختيارهم لاصدقائهم لانهم يرون انهم لم يعودوا صغاراً وهم في حالة استقلال ذاتي.. ولهذا فهم يبحثون عن الاصدقاء الذين يتفقون معهم في آرائهم ويتجاوبون معها ولو كانت خاطئة.. ولان هذه المرحلة تتسم بثورة العواطف وابعاد العقل وعدم وجود الوعي التام بالقيم أو العادات أو التقاليد, فغالباً ماتكون الاختيارات غير سليمة لكنها تحظى بتقديس المراهق نفسه.

2- واحدة من مزايا الصداقات في مرحلة المراهقة انها تكون غير ثابتة وتكون متحركة بين المد والجزر ولهذا لاتدوم طويلاً وسرعان ماتتصدع لاسباب غير منطقية أو غير مقبولة..ومن البديهي ان التأسيس العاطفي الخاطىء يمهد لانكسار عاطفي مؤلم ولهذا يصاب المراهق والمراهقة بحالة من الاحباط الشديد والانكسار النفسي المؤلم عند تصدع العلاقة وقد تبقى الاثار مدى الحياة فيصبح الفرد انطوائياً انعزالياً ويرى ان هذا هو الحل الوحيد لتجنب انكسار الصدقات.

3- صداقات المراهقة هي في الأصل مستودع اسرار, فهؤلاء المراهقون ينقلون لاصدقائهم كل اسرارهم حتى فيما يتعلق بشؤون الاسرة او علاقاتهم العاطفية التي غير ذلك وهم ينظرون أيضاً الى هذا المستودع على أنه مكتب لحل مشكلاتهم فينتظرون الحلول من اناس يشابهونهم في العمر والمرحلة, أي حلول ناقصة أو مبتورة..

وهذه الحلول قد تؤدي الى نتائج اكثر سلبية على المراهقين انفسهم.

ولما كانت هذه الصداقات هي محل تعبئة لاسرار المراهقين يشعر هؤلاء بالتهديد حينما تتهشم هذه العلائق خوفا من نشر اسرارهم التي يخفونها عن الآخرين وقد يخضعون لابتزاز هؤلاء الذين كانوا بالإمس القريب اصدقاء لهم وتبدأ عملية المزايدة التي هي غالباً ماتكون مزايدة يمتص فيها الآخرون اموال المراهق ويجعلونه تحت التهديد المستمر.

4- الحالة الانفعالية لهذه الصداقات طاغية وغارقة في العواطف وفي ابداء مشاعر العواطف والحب تجاه الآخر وهناك تعصب للصديق ورغبة في الاستئثار به والقضاء معه وقتاً طويلاً, وهو ينظر الى صديقه على انه ما ابدى الصديق تعاطفاً مع آخر فهو يتصور ان حياته بلا هذا الصديق قد تعني الموت, وهذه ايضاً قد يستغلها البعض فيطلبون من المراهقين ان يقوموا بعمل ما ارضاء لهم, مثلا القيام بالتدخين رغم علم المراهق والمراهقة ان الاهل لا يقبلون بهذا وانه خطأ, لكنهم يقومون بالتدخين حفاظاً على الصداقة.

تزداد الحالة سوء إذا كان المراهق يشعر بعقدة الحقارة ويجد في صديقه منجا له من العقدة أو قد يكون ضعيف الشخصية فيقع في طاعة عمياء ولكنها خطيرة.

وقد تكون الصدافة مع من هم أكبر سناً كالأستاذ والمعلمة حيث يبحث المراهقون من خلال هذه الشخصيات عن الإشباع العاطفي الذي يشعرون انهم محرومون منه داخل الاسرة.

5- في مرحلة المراهقة هناك حالة من التقليد للآخر, تزداد هذه الحالة عند الاناث لكنها مؤثرة, فيحاول المراهقون تقليد الآخرين في الزي, والحركة, والتصرفات وربما في العقيدة ايضاً اذا كانت العقيدة الاصلية غير مستحكمة وترى البنات يعجبن بالفتاة الانيقة التي تحاكي الموضة ويحاولن تقليدها بينما الذكور يقلدون اصدقائهم في اظهار السيطرة والقدرة وتقليد الملابس والحركات.

وقد تبقى السلوكيات المتعلمة خلال هذه المرحلة مدى الحياة ويصبح من الصعوبة تغييرها.

 

المصدر: شباب عنت