شيء واحد يرفض الأشخاص التعساء القيام به لأنفسهم

قد تكون الحياة صعبة في بعض الأحيان، ومن المستحيل أن نعيش حياة جيدة دون قليل من المعاناة، وتوجد بعض المراحل التي تؤلم القلب في حياتنا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن شيء ينسى الأشخاص التعساء القيام به لأنفسهم.

بالنسبة إلينا أنا وزوجتي فقد مر علينا مرحلة مؤلمة جداً على مدار 15 شهر عندما كنَّا في أواخر العشرينيات من العمر، لقد كانت فترة من الخسارات الشديدة؛ فقد بدأت عندما فقدنا وظائفنا في ظل تراجع الاقتصاد، لقد كان وقتاً مخيفاً وغامضاً مالياً بالنسبة إلى عائلتنا، وكانت "التعاسة" هي أبسط كلمة لوصف ما شعرنا به.

في حين كنَّا نتعلَّم معاملة واقعنا الجديد تعرضنا لخسارة مدمرة؛ وهي موت صديقنا نتيجة سكتة قلبية مفاجئة، لقد كان ألم فقدانه في حياتنا شديداً، وعندما بدأنا في الوقوف على أقدامنا توفي شقيق زوجتي فجأة وعلى نحو غير متوقع أيضاً.

مع كثير من الخسارات المتتابعة سريعاً مرت أيام كان فيها النهوض من السرير أكبر إنجاز بالنسبة إلينا؛ فهذه هي طبيعة المعاناة، ولكن مع تحول الأيام إلى أسابيع وشهور وسنوات نتعلم المضي قدماً، ونتعلم أنَّنا صامدون، ونملك تقديراً أكبر لما لدينا وللناس الأعزاء علينا.

الدروس التي نتعلمها من اللحظات العصيبة:

في حين أجلس هنا الآن، وبعد سنوات من ذلك أستطيع أن أقول بصراحة إنَّني تعلمت أنا وزوجتي دروساً رائعة من ذلك الوقت المؤلم في حياتنا؛ فقد تعلمنا كيفية التصرف في الأوقات الصعبة، وفي أثناء الألم وخيبة الأمل، وقبل كل شيء تعلمنا أهمية حب الذات والرعاية الذاتية؛ أي السحر الذي يجعل الابتسام ممكناً مرة أخرى.

الحقيقة هي أنَّ كل الأشخاص يمرون بظروف تعيسة في بعض الأحيان، ولكن يوجد فرق كبير بين تجربة فترات من التعاسة وعيش حياة تعيسة، وهذا ما يفعله الأشخاص التعساء تعاسة مزمنة، وعلى الرَّغم من وجود بعض الاستثناءات - كالاكتئاب السريري، وما إلى ذلك - فإنَّ الغالبية العظمى من تعاسة هؤلاء الأشخاص تنبع من إهمالهم لذاتهم.

على مدار العقد الماضي ساعدت أنا وزوجتي الآلاف من الأشخاص التعساء على إعادة رسم البسمة على وجوههم، وفي أثناء ذلك تعلمنا كثيراً عن السلوكات السلبية التي عادةً ما تعوقهم، ورأينا أنَّ الإهمال الذاتي دائماً ما يكون على رأس هذه القائمة، حتَّى ولو كنت شخصاً سعيداً عموماً فإنَّ إهمال نفسك عادةٌ يمكن أن تتسلل إليك بسهولة.

الأمر الأساسي هو أن تمنح نفسك الاهتمام الإضافي الذي تحتاج إليه وتستحقه؛ إذ إنَّ مقاومة مشاعرك وعواطفك وتجاهلها لن تفيدك؛ بل إنَّها تؤدي إلى التوتر والمرض والارتباك والعلاقات الفاشلة ونوبات الغضب ونوبات من الاكتئاب العميق، وسيعرف أيُّ شخص قد عانى أيَّاً ممَّا سبق ذكره أنَّ هذه الحالات الذهنية غير صحية، وعندما تكون معتاداً إهمال الذات فإنَّ معاييرك المعيشية ستنخفض، وسيكون من المستحيل الهروب من ذلك؛ لذا اسأل نفسك الآن: "هل أحبُّ نفسي بما يكفي لعدم خفض معاييري لأسباب خاطئة؟".

إقرأ أيضاً: الاكتئاب هو أكثر من الحالة المزاجية السيئة: إنه تغيير في الوعي

اعثر على القوة لتقول "نعم":

يتعلق الأمر بالعيش بشرف وبفعل الشيء الصحيح من أجلك أنت بصرف النظر عن أيِّ شيء آخر؛ ففي النهاية سمعتك هي ما يعرفه الآخرون عنك، وشرفك هو ما تعرفه عن نفسك.

عليك أن تعترف بأنَّك قضيت كثيراً من حياتك في محاولة تقليص نفسك إلى حدٍّ ما وأنت تحاول أن تصبح أصغر، وأهدأ، وأقل حساسية، وعناداً، وتطلُّباً؛ لأنَّك شعرت بالكسر، ولم ترغب في أن تبالغ كثيراً أو أن تبعد الناس عنك؛ بل كنت تريد أن تنسجم مع الآخرين وأن يحبك الناس، وأردت أن تترك انطباعاً جيداً، وأن تكون مرغوباً حتى تشعر بالشفاء.

هكذا طوال سنوات ضحيتَ بنفسك من أجل إسعاد الآخرين، وقد عانيت لسنوات؛ لكنَّك تعبت من المعاناة، وتوقفت عن تقليص نفسك، أليس كذلك؟ جيد.

إقرأ أيضاً: 13 عادة غريبة يمارسها الأشخاص التعساء

تغيير الشخصية ليس الحل، تصرَّف على سجيتك:

لا يجب أن تغير هويتك لتصبح جديراً بالاهتمام بالنسبة إلى شخص آخر؛ فأنت جدير بالاهتمام ليس لأنَّ الآخرين يظنون ذلك؛ بل لأنَّك على سجيتك؛ فأنت هام، وأفكارك ومشاعرك وصوتك كلها أمور هامة، وبموافقة أو إذن أيِّ شخص أو دونه يجب أن تكون على طبيعتك وأن تعيش حقيقتك حتى ولو لم يُعجَب بك الناس، وحتَّى ولو أشعرهم ذلك بعدم الراحة، وحتى ولو اختاروا الابتعاد عنك.

من الممكن أنَّك قد تدمرت بسبب الشدائد؛ لكنَّك لم تنكسر؛ لذلك لا تدع الآخرين يقنعونك بخلاف ذلك، وعالج نفسك بنفسك، واختر أن تشغل مساحة كبيرة في حياتك، وأن تمنح نفسك الإذن لتلبية احتياجاتك الخاصة وأن تحترم مشاعرك وعواطفك، وأن تجعل حب الذات والرعاية الذاتية على رأس أولوياتك، واختر نفسك.

شاهد بالفديو: 6 أمور تسرق منك السعادة إياك والقيام بها

في الختام:

تكمن القوة الحقيقية في القلب والروح لا في العضلات، ويرتبط الأمر بالإيمان والثقة في هويتك والاستعداد للتصرف وفقاً لذلك بصرف النظر عن المِحَن والأحكام التي واجهتها؛ لذا قرر في هذه اللحظة ألَّا تتوسل إلى أيِّ شخص مرة أخرى لمنحك الحب والاحترام والاهتمام الذي يجب أن تمنحه لنفسك.

اليوم انظر إلى نفسك في المرآة وقل: "أنا أحبك، ومن الآن فصاعداً سأثبت ذلك"؛ فعندما تمارس حب الذات والرعاية الذاتية فإنَّك تمنح نفسك الفرصة لتكون سعيداً، وعندما تكون سعيداً ستصبح صديقاً أفضل، وفرداً أفضل من أفراد الأسرة، وستصبح نسخة أفضل من نفسك أيضاً.




مقالات مرتبطة