شفاعة صيام رمضان دليل حب الله لعباده وتجلّي لرحمته

كيف يشفع لنا صيام رمضان؟ وكيف تُغفر به الذنوب الكبيرة والصغيرة؟ وكيف نستثمر كل دقيقة من أيامه المعدودات؟



يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ" هنا تشعر أنّ ذنوباً صغيرة تكفّرها الصلوات الخمس لكن هناك ذنوباً أشد لا تكفرها إلّا صلوات الجمعة، وهناك مصائب تحتاج إلى رمضان ليكفرها وهذا الحديث يشمل الصغائر والكبائر.

1. ما معنى شفاعة الصيام والقرآن للمؤمن يوم القيامة؟

قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أيْ ربِّ إنِّي منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفعْنِي فيهِ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعْنِي فيهِ، فيُشَفَّعَانِ"، وأنت مثقل بالذنوب، فتجد الصيام والقرآن يشفعان لك، تخيّل أن فرض الله الذي أديته هو الذي يشفع لك!

إقرأ أيضاً: أفضل طريقة لختم القرآن الكريم في رمضان

2. كيف تسلسل الشياطين في رمضان ثم تحدث المعاصي؟

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ" هل "فتحت" و"غلقت" كلمات مجازية؟ أم أنّها تفتح وتغلق فعلاً؟ العلماء يقولون أنّ الجنة تفتح فعلاً، والنار تغلق أبوابها، وسلسلت الشياطين. فانظر كيف يحبنا الله سبحانه.

كيف إذن تقع المعاصي، بعدما تسلسل الشياطين؟! هناك تكون نفسك سيئة، فنفسك هنا هي التي أغوتك وليس الشيطان، لأنّ الشيطان مسلسل، ورمضان سوف يشهد عليك يوم القيامة.

الغريب أنّ في رمضان أشخاصاً أشد عصياناً ممّا كانوا قبله، هؤلاء أنفسهم أسوأ من شياطينهم، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ".

إقرأ أيضاً: وساوس الشيطان وطرقه للدخول إلى قلب الإنسان

3. إذاً لماذا لا نصوم حتى نُعتق؟

يقول صلّى الله عليه وسلّم "قال لي جبريلُ: رغِمَ أنفُ عبدٍ أدرك أبوَيه أو أحدَهما لم يُدخِلْه الجنةَ، قلتُ: آمين ثم قال: رَغِمَ أنفُ عبدٍ دخل عليه رمضانُ لم يُغفَرْ له، فقلتُ: آمين ثم قال: رَغِمَ أنفُ امريءٍ ذُكِرتُ عندَه فلم يُصَلِّ عليك، فقلتُ: آمين" فالذي يمر عليه رمضان ولا يغفر له، يستحق أن يمرمغ أنفه في التراب.

وحديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول في الحديث القدسي: "قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ".

فهلموا إلى الصيام والقيام والأعمال الحسنة في هذا الشهر الفضيل.

والله أعلم.

 

المصدر: مقال للأستاذ / عمرو خالد لجريدة الأهرام العربي بتاريخ 18/11/ 2003




مقالات مرتبطة