شجع دماغك على توليد خلايا جديدة!

حينما كنت في الثامنة والعشرين من عمري، اشتريت مزرعة صغيرة في الريف. ومع أنني كنت موظفاً أعمل في إحدى الشركات التجارية ولم أكن أعرف شيئاً عن الزراعة، فقد بدأت أتعلمعنها تدريجياً، وأتقنت زراعة بعض المحاصيل وتربية الدواجن وقيادة الجرار..وكنت أشعر بسعادة غامرة وانا أمارس تعلم هذه الأمور التي طبقتها في مزرعتي المتواضعة.



وبعد عقدين من الزمن اشتريت مزرعة أكبر، وبدأت أربي المواشي وأزرع أشجار الزيتون..ومع أن أصدقائي وأقاربي استغربوا نشاطاتي هذه، فقد كنت شديد الولع بالعمل في المزرعة، وبما تقدمه لي من بهجة غيرت طريقة تفكيري ونظرتي إلى العالم.

وفي العام الماضي قررت أن أقضي وأسرتي عطلة عيد الفطر في بلد أجنبي، وهو أمر لم أفعله قبل ذلك. ومع أنني أقدمت على هذه الأعمال كلها لأسباب مختلفة، إلا أنها تشترك جميعاً في أمر واحد، إنها تشبع دوافع الدماغ الغريزية-تماماً كالجوع والعطش-لتعلم خبرات جديدة..

وقد أظهرت الدراسات على الحيوان أن الدماغ يقدم مكافأة حين حصوله على نشاط جديد، بإطلاقه مادة كيميائية تحرض الشعور باللذة تدعى "الدوبامين". وتعزيز التعليم ضروري لأنه يساعد الدماغ على النمو والازدهار..وبناء على ذلك فقد ثبت أن من يثابر على البحث عن خبرات جديدة مدى حياته، سيحافظ على استمرار نمو دماغه، مولداً خلايا جديدة(عصبونات) ومعززاً الاتصالات بينها مهما كان عمره.

ويملك العلم اليوم برهاناً مرئياً على هذه العملية يعود فضل الحصول عليه إلى تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي(MRI) التي يمكن فيها رؤية مراكز التعلم في الدماغ البشري تومض وتشهد ولادة مسالك عصبية جديدة حينما يتعرض الإنسان لخبرات حياتية جديدة..ومن الممكن رؤية إشارات هذا النشاط عند الكبار كما في الصغار..ومع أن الإنسان أثناء تقدمه في العمر قد يظهر تباطؤاً في تلقي المعلومات الجديدة، إلا أن مقدرته على التعلم تبقى ثابتة إلى حد كبير. ومن المثير حقاً القول بعدم ضروة أن تكون الخبرات الجديدة مذهلة ومغيرة للحياة كي تتمتع بهذه التأثيرات؛ فالأمور الحياتية اليومية البسيطة التي تحمل صفة "الجدية"-كتعلم استخدام الآلة الكاتبة مثلاً- قادرة على أن تفيد الدماغ وتوسع آفاقه بنفس الدرجة.

وفيما يلي قائمة ببعض الطرق البسيطة لتغيير نمط العادات المنوالية(الروتينية) التي قد تسبب شيخوخة الدماغ قبل أوانها.وحينما يفهم أحدنا طريقة حدوث هذه الأمور، فسيكون بوسعه إيجاد سبل بسيطة أخرى تضفي "الجدية" والطرافة والبهجة على الحياة، وكما هو الأمر في الرياضة الجسمية، فكلما ازداد مقدار ما يستطيع المرء أداءه من فعاليات جديدة كلما ازدادت الفائدة منه. ولهذا فالوسيلة السهلة إلى تحقيق نمو الدماغ هي إجراء تعديلات طفيفة على أمورنا الحياتية الروتينية، ومنها:

تنظيف الأسنان بالفرشاة مع استخدام اليد الأخرى التي لا تستعمل في هذا العمل عادة، وينطبق الأمر ذاته على تمشيط الشعر.

المشي أو الركض حول الحديقة بالاتجاه المخالف للاتجاه الذي جرت العادة على اتخاذه.

استغلال حب الألعاب المسلية المفضلة. فإذا كانت الكلمات المتقاطعة هي اللعبة المفضلة،أمكن الاستعاضة عنها بالـ"سو-دو-كو"(وهي اللعبة التي درجة مجلة "طبيبك" على وضعها في آخر كل عدد).

تبديل نوعيات الطعام المعتادة وإدخال لمسات التجديد عليها وعلى أوانيها وزينتها.

إعادة ترتيب أثاث المنزل، الأمر الذي يحث الدماغ على التفكير على نحو جديد.

وضع خطة لزيارة أمكنة جديدة في عطل نهاية الأسبوع حتى وإن كانت في محافظة قريبة من مكان السكن.

فإذا استطعت فعل بعض هذه الأشياء في يوم واحد، فستشعر بدهشة كبرى حيال ما ستدخله من المعارف الجديدة من غنى في تفاصيل حياتك، وما ستؤدي إليه من نشلط في دماغك. 

 

المصدر: بوابة المرأة