سندريلا تبحث عن فارسها والذئب ما زال متربصاً بليلى

الكاتب: بيسان البني

 
الابتسامة الذكية والساخرة... هي رد الفعل الأول الذي ارتسم على وجوه كثير من الأطفال لدى سماعهم كلمات مثل « كتاب» أو «قراءة» أو «مطالعة».
 


«هل تقصدين كتاب القراءة الذي نتعلمه في المدرسة؟»، يجيب يزن (13 عاماً) ضاحكاً ويضيف: «نعم نقرأ فيه قصصاً عن تنقية الماء وعن الشهادة من أجل الوطن، لقد جعلني هذا الكتاب أكتشف أنني حقاً لا أحب القراءة، أنا لا أقرأ غير كتبي المدرسية ولا أشتري غيرها».

 
وتؤكد الناشطة في مجال الإعلام الموجه للطفل هالة أتاسي أنّ تعلّم الطفل متعة القراءة منذ صغره أمر أساس ومهم من أجل تنمية الذوق والفكر لدى الجيل الجديد. وتضيف: «يحتاج هذا الأمر إلى تعاون بين الأهل والمدرسة أيضاً. إذ انه ليس كافياً أن نعلّم الطفل نظرياً أهمية القراءة ودور الكتاب في بناء الثقافة، بل المطلوب أن نخصّص الوقت الكافي له ونكون مثالاً حياً، ليس فقط في المدارس. والكثير من المنازل اليوم لا يحوي مكتبة، كيف يمكن تحفيز الطفل إذا لم يشاهد أحداً يقرأ في البيت؟».
 
وتعتقد أتاسي أن الكتاب قادر على الصمود حتى أمام أحدث وسائل الترفيه الحديثة كالكومبيوتر والإنترنت، وأنه إذا ما أُنشئ الطفل على ايجاد متعته في كتاب، فلن ينفك عنه عندما يكبر. وتؤكد أنّه «على رغم انتشار الانترنت وغيرها من وسائل الترفيه الحديثة بكثرة في العالم الغربي، لا نزال نسمع بكتب تشتهر وتحطم أرقاماً قياسية في المبيعات».
 
 
تلمع في عيون الأطفال الصغار حيرة أمام سؤال مثل: «ما هي قصتك المفضلة؟». يعودون إلى مجموعة القصص العالمية القديمة التي اشتهرت بلون غلافها الأخضر والتي كانت لأجيال تزين معظم البيوت، قصص مثل «سندريلا» و «ليلى والذئب» و «بياض الثلج». بعض الأطفال لا يزال يحلم بعيش أحداثها وبعضهم الآخر، وعلى رغم انتقاداته اللاذعة لها، لا يزال يجد فيها ظرافة.
 
«الطفل قارئ ذكي للغاية وقد تصله الرسالة قبل الكبار أحياناً»، توضح أتاسي وتتابع: «المشكلة هي أن الأدب لا يزال يعامل الطفل بسذاجة وبمباشرة منفرة، نعم أدب الأطفال العربي هو دون المستوى المطلوب، يستهتر غالباً بعقول القراء الصغار ولا يتعامل معهم بالجدية الكافية، وهاجسه الوحيد الهدف التربوي وليس متعة السرد. بالتالي، تنتفي منه العناصر الفنية المفروض توافرها في القصة مقابل إيصال الإرشادات والمواعظ. أعتقد بأنّ طريقة نقل الرسالة للطفل هي الأهم وهي للأسف ما لا يراعيه معظم كتاب أدب الأطفال في سورية والعالم العربي».
 
وفي الواقع، يضطر بعض الأهل المثابرين على غرس متعة المطالعة في نفوس أولادهم إلى التعامل مع جديد الأدب الأجنبي أو المترجم. «للأسف أكثر الكتب التي يستمتع بها ابني اليوم ليست عربية»، يقول أحد الآباء ويضيف: «يجب الاعتراف بأن الأدب الغربي قطع أشواطاً في ما يتعلق بقصص الطفل. حتّى أنا أنجذبُ الى كتاب أحضرته لابني».
 
وتشير هالة أتاسي الى أنّ الحوار مع الأطفال هو أحد الحلول المقترحة لتقريب كتّاب أدب الأطفال وبخاصة الكتاب الشباب منهم إلى العالم الحقيقي للطفل.
 
يعيش الأطفال اليوم كل الأحداث الساخنة من حولهم ويتفاعلون معها، يفتح لهم التلفزيون والكومبيوتر والانترنت ألف نافذة ونافذة، والتحدي هو كيف يعيدهم الكتاب إلى أحضانه؟