سرطان عنق الرحم... تجنّبيه باللقاح والكشف المبكر

بما أنّ الوقاية خير من العلاج، إليكِ كلّ ما يجب معرفته عن سرطان عنق الرحم، هذا المرض الذي يمكن أن يطال جميع النساء دون استثناء.



قد يصيب هذا المرض النساء كافة بغض النظر عن عمرهنّ. وهو يطال ما يقارب 3 آلاف امرأة سنوياً في فرنسا. يُشخَّص هذا المرض بشكل كبير حين تقارب المرأة سنّ الأربعين. في هذا العمر، تكون غالبية النساء ناشطات، في مجال العمل أو في إعالة عائلاتهنّ.

 

أسبابه:

على عكس أنواع السرطان الأخرى، ينجم سرطان عنق الرحم عن عائلة من الفيروسات، فيروس الورم الحليمي البشري، وهو نوع منتشر جداً وقابل للانتقال، منذ مرحلة المراهقة بفعل العلاقات الجنسيّة أو الاحتكاك الحميم. تتعرّض 70% من النساء تقريباً لهذا الفيروس خلال حياتهنّ. يتخلّص الجسم تلقائياً من هذه الفيروسات، في معظم الحالات، لكنها قد تسبّب أحياناً خللاً يسبق نشوء أمراض سرطانية في منطقة الأعضاء التناسليّة، وقد تتطور إلى سرطان عنق الرحم بعد سنوات.

 

كيف تتفادينه؟

يُعتبَر سرطان عنق الرحم من أنواع السرطان النادرة التي يمكن تفاديها بأساليب الوقاية: اللقاح والكشف المبكر للمرض. يساعد التلقيح في الوقاية من 70% من حالات سرطان عنق الرحم لأنها موجّهة ضدّ أكثر الفيروسات شيوعاً والمسبّبة لهذا السرطان. لكن يحتلّ الكشف عن المرض من خلال فحص مسحة عنق الرحم أهمية قصوى: هذا الفحص هو الطريقة الوحيدة للكشف عن أيّ خلل مرتبط بسرطان عنق الرحم. إنه فحص نسائي بسيط وغير مؤلم، ومن المهمّ الخصوع له دوريّاً.

 

فحص مبكر

يتيح فحص مسحة عنق الرحم الكشف المباشر عن وجود فيروس الورم الحليمي البشري. يبحث هذا الفحص عن وجود محتمل لخلايا غير طبيعية قابلة للتطوّر إلى سرطان، بعد الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري. لحسن الحظ، إذا كانت نتيجة فحص المسحة غير سليمة، فهذا لا يعني بالضرورة الإصابة بسرطان عنق الرحم، لكن من المهمّ أخذ هذه النتيجة بالاعتبار لتفادي تحوّلها إلى سرطان. لذلك، عليكِ التقيّد برأي طبيبك الذي سيطلب، بحسب نتيجة الفحص، مراقبة حالتك واختبارات إضافيّة أو علاجاً أحياناً.
مع أنّ أكبر عدد من أنواع سرطان عنق الرحم يُشخَّص في سنّ الأربعين تقريباً، يرتبط هذا المرض أيضاً بعدد كبير من النساء اللواتي يفوق سنّهنّ الخمسين. لذلك توصي السلطات الصحيّة بفحص المسحة منذ سن الـ25 وحتى الـ65 لمعالجة الحالة، إذا دعت الحاجة، قبل أن تتحوّل هذه الخلايا غير الطبيعية إلى سرطان.

 

لقاحات

لحماية الفتيات الشابّات من التعرض لخطر الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، تنصح السلطات الصحية جميع المراهقات في سنّ الرابعة عشرة بأخذ اللقاحات اللازمة، قبل التعرض لخطر الإصابة بهذا الفيروس. كذلك يوصى بتلقيح النساء الشابات، بين سن 15 و23 عاماً، تحديداً اللواتي لم يمارسن علاقة جنسيّة سابقاً، أو في مرحلة لاحقة خلال السنة التي يتزوّجن فيها. ثمة اليوم نوعان من اللقاحات ضد سرطان عنق الرحم، لكن يُفضّل الخضوع لأحدهما دون الآخر. استشيري طبيبك.

 

وسيلتان مكمّلتان

التلقيح والكشف المبكر عن المرض بواسطة فحص المسحة وسيلتان مكمّلتان للوقاية من المرض ولحماية ابنتكِ. قد يمنع التلقيح ما يقارب 70% من حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم، أي أنه لا يشكّل وسيلة حماية مطلقة. لذلك، على ابنتك الخضوع لفحص المسحة، حتى لو أخذت اللقاح.

 

تقنيّة متطوّرة

لا تنقل اللقاحات ضد سرطان عنق الرحم الفيروس أو المرض. تلك اللقاحات، وهي ثمرة التكنولوجيا الحديثة، من أكثر التقنيات تطوراً. لا يُحقن الفيروس نفسه في الجسم، بل جزيئات مركّبة شبيهة به (جزيئات فيروسيّة كاذبة). تمثّل هذه الجزيئات "أصدافاً فارغة" لا تحتوي على مواد جينيّة (أي الحمض النووي)، على عكس الفيروسات الحيّة. بالتالي لا تستطيع إتلاف الخلايا أو التكاثر. كذلك تتيح تنشيط دفاعات الجسم، من دون خطر نقل الفيروس أو المرض.

طريقة حقن هذه اللقاحات لا تختلف عن اللقاحات الأخرى. فهي تُحقَن بين عضلات الذراع. لفاعليّة أكبر، من الضروريّ احترام جدول التلقيح الذي يحدّده الطبيب.

 

دراسات

ككلّ الأدوية، تخضع اللقاحات قبل طرحها في السوق لدراسات عياديّة كثيرة على أشخاص معنيّين بالمرض. هدف هذه الدراسات إثبات مدى فاعليّة هذه اللقاحات وقدرتها على التحمّل، تمهيداً للحصول على تصريح لطرحها في السوق من السلطات الصحية الخاصة. نتيجة لذلك، أصبح التلقيح ضد سرطان عنق الرحم اليوم مُباحاً في أكثر من  بلد.

 

موقع الأسرة السعيدة