زوجي بخيل... ماذا أفعل؟!

كل فتاة تتمنى أن ترتبط بزوج تتوافق صفاته بصفاتها، وطباعه بطباعها؛ كي يبنوا سوياً بيتاً سعيداً وعشاً هادئاً، تكسوه السكينة وترفرف عليه السعادة، ورويداً رويداً يتحقق الحلم، ولكن لا تجد المرأة في زوجها كل ما تريد ..فمع الحياة الزوجية تتكشف صفات وتظهر العيوب، والمرأة الذكية هي التي تتغلب على عيوب زوجها تباعاً، وتسعى لإصلاحه، وتمد جسور المودة والمحبة مع زوجها؛ فالحياة أخذ وعطاء، ولابد من التغاضي عن أشياء كثيرة حتى تسير القافلة وترسو إلى بر الأمان، ولكن بعض الزوجات ..



يدخلن في مشاكل عارمة بسبب بخل الأزواج، ويؤكدن أنه لا يمكن قبول الرجل البخيل حتى إن إحداهن تقول: أستطيع أن أقبل كل صفات الرجل وأهضمها إلا واحدة وهي صفة البخل .. وحول هذه المشكلة التي تؤرق كثيراً من الزوجات وتهدد العديد من الأسر نطرحها على علماء الإسلام والاجتماع لبحث أسبابها وطرق علاجها.

 

البخل في العواطف

في البداية تقول الدكتورة أمينة كاظم -أستاذة علم النفس والاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس-: إن البخل ليس في الأمور المادية فقط بل يكون بخيلاً أيضاً في العواطف والمشاعر الإنسانية مع الآخرين؛ فالبخل عنده عامل عام، فالشخصية بوجه عام ليست معطاء، ولكنْ هناك فرق بين البخل والحرص؛ فالحرص ممكن أن يُقبل، فأحياناً تكون المرأة مسرفة، ويرى الزوج أن زوجته ليست لديها المقدرة على إدارة البيت فيتعامل معها بنوع من التوازن والحرص، ويحاول أن يوفق أوضاعه وإمكانياته حتى يتمشى مع أحواله، أو يكون الزوج من متوسطي الحال فترى الزوجة نتيجة لتبذيرها وإسرافها أن ذلك بخل مع أنه في الحقيقة حرص مقبول.

أما البخل فهو أن يكون الزوج يملك ويستطيع، ولكن لا يصرف على بيته إلا القليل، ولا يريد مساعدة الآخرين سواء مساعدة مادية أو معنوية.

وعلى الزوجة في هذه الحالة أن تتعايش مع واقعها وتسعى لإصلاح زوجها وتعويده على العطاء.

 

هل البخل مكتسب أم وراثة؟

تجيب الدكتورة أمينة على هذا السؤال قائلة: أنا -في رأيي- صفة البخل مكتسبة، وقد تبدو أنها موروثة، ولكن الأرجح اكتسابها من الأهل والبيئة؛ فهناك أسر تملك المال، ولكن عندما تتصرف فيه تشعر أنها اقتطعت جزءاً من حياتها؛ فأسلوب النشأة عامل أساسي في إكساب هذه الصفة.

وأحياناً يتصف الأهل بالبخل، ويكون رد الفعل عند الأولاد مغايراً لما تربوا عليه، فيصرف الأولاد ببذخ وبلا معنى، ويقول الله في كتابه الكريم : {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} [الاسراء:29].

" بعيد من الله ..بعيد من الجنة"

 

وسألنا الدكتور عبد المنعم البري عن رأي الإسلام في الزوج البخيل وكيف تتعامل معه الزوجة فقال فضيلته: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن البخيل الشحيح بعيد عن الله، بعيد عن الجنة، قريب من النار والمؤمن الكريم قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد عن النار، فالله كريم يحب كل كريم".

وقد يجتمع البخل والإيمان ..سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- "أيكون المؤمن بخيلاً قال: نعم، أيكون المؤمن جباناً قال: نعم، قالوا: يا رسول، الله أيكون المؤمن كذّاباً؟ قال: لا".

فالبخل ابتلاء من الله، ولا تصبر عليه إلا مؤمنة سعيدة الدارين، وقال تعالى: (ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ..)

فزوجها طاغية .. ومع ذلك رضيت والتزمت جانب الرضا، وقالت: (...رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ...)[التحريم: من الآية11] فاختارت الجار قبل الدار ..فالمرأة الصابرة المحتسبة عند الله -عز وجل- تلحق بامرأة فرعون ..ومن طريف ما يُعلم عن العرب أن البخل عند المرأة ميزة، وعند الرجل معرة فقالوا في المرأة: الجبن، الكبر، البخل ..فالجبن ميزة عند المرأة حتى لا تقدم على المغامرات، فالبخل عيب كبير في الرجل؛ إذ هو ضد المروءة والشهامة، وهما من أبرز الصفات المطلوب أن يتحلى بها الرجال.

 

هل للبخل علاج؟!

ليس في شريعة الإسلام داء إلا وله دواء وعلاج؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" أخرجه البخاري وغيره؛ فالبخل كغيره من الأمراض والأخلاق الذميمة له علاج بشرط:

- أن يعترف صاحب المرض بمرضه وألاّ يكابر أو يحاول تفسير الأمور حسب هواه، فمن صفات المؤمنين (عباد الرحمن) التوسط في الإنفاق، وذلك هو المقياس أو المعيار الذي يُحكم به على المرء في عملية الإنفاق، فيقول الله تعالى في سورة الفرقان:{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67].

- أن يعرف أن جمع المال ليس هدفاً لذاته، وأن البخل به شر محض يجني البخيل عاقبته. قال تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...}[آل عمران: من الآية180]

- أن يعلم أن بخله على أهله هو الإثم بعينه، قال صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " [مسلم] ، وقال صلى الله عليه وسلم : "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً" [متفق عليه] .

  وقال صلى الله عليه وسلم : "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (أي عتق رقبة) ، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك".

- أن تعلم زوجة البخيل أن الله –تعالى- جعل لها مخرجاً من بخل زوجها بالمعروف، وهي أن تأخذ ما يكفيها بالحق دون زيادة أو إسراف؛ فقد جاء في الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – أن هنداً قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" .

- أن تحفز أبناءها على الكسب من عمل أيديهم ـ في فترة الإجازات الصيفية ـ فربما يساعد ذلك في التغلب على مشكلة بخل الزوج.

- أن يحاول أهل الزوجة تعويض ابنتهم عن بخل زوجها بتوفير جزء من المال يعينها على الحياة تفادياً للصدام مع الزوج، وهذا موجود في بعض العائلات، ويُعدّ جزءاً من حل هذه المشكلة.