زوجة تخالف رأي زوجها!

هل يحق للزوجة أن تخالف رأي زوجها؟

قال لي متعجباً: لقد سمعتك تتحدث عن الحوار الزوجي الناجح وأن يعطي الزوج زوجته حرية التعبير عن رأيها ولو كان الرأي مخالفاً ثم يتشاوران في المسألة معاً.



قلت: نعم.. لقد تحدثت عن ذلك فهل لديك أي تعليق؟

  قال: إني أستغرب هذا الكلام لأننا لم نترب منذ صغرنا على إعطاء المرأة حرية التعبير عن رأيها.

قلت: ولكن رسولنا الكريم أعطاها هذا الحق، فما رأيك؟

قال: وكيف ذلك؟

قلت: أولاً قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي يرويها البخاري مشهورة جداً عندما عبرت زوجته عن رأيها وراجعته فغضب منها فقالت له: ما تريد أن تراجع وابنتك تراجع رسول الله حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر إلى حفصة فأكدت له ما قالته زوجته ثم ذهب إلى أم سلمة فأكدت له ذلك.

وقصة أخرى حدثت مع السيدة عائشة رضي الله عنها عندما استأذن رجل على رسول الله وقال ( بئس أخو العشير) ثم جلس معه وضحك فلما انصرف قالت له: كيف ضحكت معه فرد عليها رسول الله إن شر الناس من اتقاه الناس لشره ونلاحظ هنا أن رسول الله لم يقل لها لا تتدخلي فيما لا يعنيك ولم يعترض عليها عندما أبدت رأيها وعبرت عنه.

  وقصة ثالثة مشهورة عندما عبرت إحدى النساء عن رأيها وقالت للنبي معترضة بأنه يخصص حديثه للرجال ولم يخصص للنساء فخصص لهن النبي يوماً ولم يعترض على رأيها عندما أبدته.

  وقصة رابعة مشهورة جداً عندما اشتكت المرأة من زوجها فأنزل الله ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما) وهي لم تعبر عن رأيها فقط وإنما كانت تجادل النبي في الرأي وترادده إلى أن استجاب لها.

فهل تكفيك هذه القصص؟

قال : لقد مرت علي كل هذه القصص ولكن لم أكن أفكر في هذه الزاوية التي تطرحها وإنما كنت أسمع القصص على أنها مواقف من السيرة النبوية.

  قلت: ولهذا فإني أقول لك إن ما ذكرته من عدم إعطاء المرأة حقها في التعبير وإبداء الرأي هو من بعض العادات السلبية في مجتمعاتنا وهي تخالف الشريعة الإسلامية.

قال: لقد تغيرت نظرتي في هذا الموضوع.

قلت: بل ما رأيك بأن الشريعة الإسلامية أعطت للمرأة حقاً أكبر من حرية التعبير وهو فرضية التعبير أي أن للمرأة حقاً وعليها واجب أن تقول رأيها عندما ترى المخالفة الشرعية.

 

قال: وكيف ذلك؟

قلت: هل تعرف قصة أسماء بنت أبي بكر مع الحجاج طاغية بني أمية، فحين أقدم على قتل عبدالله بن الزبير أرسل إلى أمه أسماء ليذلها ويشمت بها فأبت أن تأتيه فهددها بأن تأتيه وقال لتأتيني أو لأبعث من يسحبك بقرونك، فأبت وقالت: والله لا أتيك حتى تبعث من يسحبني بقروني فانطلق إليها يتبختر فدخل عليها وقال: كيف رأيت ما صنعت بعدو الله ( يقصد ابنها عبدالله).

قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك.

وأن رسول الله أخبرنا أن في ثقيف كذاباً ومبيراً فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا أخالك إلا إياه، فقام عنها ولم يراجعها.

قال: يكفي هذا لقد اقتنعت بكلامك.

  قلت: ولكن لا يعني أن تقل المرأة أدبها عند التعبير عن رأيها وإنما تعبر بما يتناسب والحال التي هي فيه.

  وأود أن أفرق بين التعبير عن الرأي وإن كان في ذلك مخالفة لرأي الزوج وبين السمع والطاعة في المعروف، فلا يعني التعبير عن الرأي عدم الطاعة للزوج وإنما هو تقريب للرأيين من أجل حياة سعيدة.