رسالة ورؤية الشركة: تعريفها، وخصائصها، ومعايير بنائها

"ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟"؛ لطالما تصدَّر هذا السؤال قائمة كل الاجتماعات التي تحتوي على أطفال صغار، ليَتلقَّف الأطفال ذلك السؤال بالكثير من الانتباه والحذر مستحضرين ذلك الكم الكبير من الأفكار الغنية والمشاعر الصادقة والرغبات الصارخة، مبتدعين أجوبة متنوعة وجميلة، فيجيب أحدهم "رائد فضاء" ويجيب الآخر "طبيباً جراحاً" في حين يجيب الثالث "طيَّاراً".



في حين أنَّنا نسأل هذا السؤال بطريقة عشوائية واعتباطية وبداعي المرح والمتعة ليس أكثر؛ إلَّا أنَّه في الحقيقة سؤال في غاية الحساسية والدقة، فهو يرسم الرؤية التي يجب على كل شخص تحديدها في حياته؛ فإن كنتَ ممَّن يمضون في الحياة بلا رؤية واضحة للحالة التي تكون عليها بعد خمس أو عشر سنوات من الآن؛ فهذا يعني أنَّك تعيش على هامش الحياة.

ولكي تستطيع بناء رؤيتك بطريقة فعالة؛ فلا بدَّ من تحديد رسالتك ودورك على كوكب الأرض، فكيف لك أن تحدد ما ستكون عليه في المستقبل إن لم تكن على دراية بماهية الغاية الأساسية لك في الحياة، وبمكمن شغفك الحقيقي وبالقيمة التي تدافع عنها في الحياة.

ينعكس تحديدك لِرسالتك ورؤيتك في الحياة على كل مناحي حياتك، فمن دونهما لن تستطع إنشاء مشروعك الخاص وبناء شركتك المستقلة على سبيل المثال.

كيف تبني رسالة ورؤية منظمتك؟ هذا ما سنعرفه من خلال هذا المقال.

ما هي رسالة المنظمة؟

تجيب رسالة المنظمة ببساطة عن السؤال التالي "مَن نحن وماذا نريد أن نكون؟"، وتنبع أهمية رسالة المنظمة من كونها تحدد الغاية الأساسية لوجود المنظمة والقيم التي ترتكز عليها.

ولكي تسعى إلى تحديد رسالتك على الصعيد الشخصي؛ عليك الجلوس مع نفسك والنقاش الحر معها، وتحديد الأشياء التي تشعر بمنتهى الشغف والحب في أثناء قيامك بها، والتي تستطيع القيام بها بدون مقابل مادي.

على سبيل المثال، قد تجد أنَّك تعيش حالة من الألق والسعادة الغامرة في أثناء تقديمك ورشات تدريبية تفاعلية مع الناس تهدف إلى الرفع من جودة حياتهم، فعندها قد تتبلور لديك رسالتك في جملة "التأثير في الناس ومساعدتهم على الارتقاء بمستوى حياتهم على الصعيد النفسي والعقلي".

خصائص الرسالة:

يجب أن يتوفر في رسالة منظمتك المعايير التالية:

  1. أن تكون واضحة وسهلة الفهم من قِبل الجميع.
  2. أن تكون مختصرة وقصيرة ويسهل تذكُّرها (لا تتجاوز 20 كلمة).
  3. أن تقدِّم وصفاً للمؤسسة من حيث أهدافها، وقيمها، ومنتجاتها، ونقاط قوَّتها، وجمهورها؛ والمقصود هنا بقيم المؤسسة ليس الأخلاق وإنَّما المعايير التي تلتزم المؤسسة بتحقيقها، وتختلف من مؤسسة إلى أخرى، مثل: الجودة العالية، والسعر المقبول، والتسليم السريع، والتميز في الأداء، والدقة، والمتعة، وما إلى ذلك.
  4. أن تركز على محور استراتيجي محدد.
  5. أن تعبر عن تميز المؤسسة، وتعطي الإحساس بالفخر.
  6. أن تكون محددة ومن دون تفاصيل كثيرة.
  7. أن تحاكي فلسفة ومعتقدات وقيم المؤسسة.
  8. أن تشتمل على معايير قابلة للتحقيق من مدة الخطة.

ومن الأمثلة على رسائل منظمات مختلفة ما يلي:

رسالة أكاديمية الإبداع الأميركية: "أفضل تعليم في الشرق الأوسط في بيئة أخلاقية وإبداعية".

وهنا نلاحظ أنَّها رسالة مختصرة، مشتملة على قيم المؤسسة (الأخلاق والإبداع)، ومعبرة عن تميز المؤسسة ونقاط قوَّتها (أفضل)، ومحددة لمنتجات المؤسسة (التعليم)، ومنوهِّة إلى الشريحة المستهدفة (الشرق الأوسط).

رسالة مطاعم ماكدونالد: "تسعى إلى إشباع شهية العالم بتقديم طعام جيد، مقدَّم تقديماً حسناً وبسعر مقبول".

ونلاحظ هنا أنَّها رسالة مختصرة، ولكن أعطت كلمة "تسعى" ضعفاً للرسالة، إذ إنَّ غيابها أفضل من وجودها، كما نجد أنَّها قد حددت قيم المؤسسة، مثل: السعر المقبول، والطعام الجيد، والتقديم الحسن، وحددت العالم ليكون جمهورها.

إقرأ أيضاً: كيف تكتب بيان رسالة قويّ لشركتك؟

رؤية المنظمة:

وهي صورة ذهنية لوضع المنظمة في نقطة ما في المستقبل، وتأتي الرؤية من وضوح رسالتك في الحياة، فعلى سبيل المثال إن كنت ممَّن يعشقون الكتابة، وترى نفسك أنَّك ستكون "أفضل كاتب في الوطن العربي" بعد عشر سنوات من الآن، فعندها تكون قد حددت رؤيتك وطريقك في الحياة؛ ستنبثق من خلال هذه الرؤية جميع أهدافك وخططك.

معايير بناء رؤية المنظمة:

يجب على كامل أعضاء المنظمة المشاركة في صياغة رؤية المنظمة، بحيث يشعر كل منهم بالالتزام والولاء لتلك الرؤية، تجيب الرؤية عمَّا يلي:

بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، كيف سيكون وضعنا في الأمور التالية:

  1. كم عدد الموظفين؟ حيث يجب أن يحدد القائمون على المنظمة طريقة الإنتاج المتَّبعة خلال مدة الخطة، فإن كان هناك خطة من أجل مضاعفة الاعتماد على التكنولوجيا؛ فهذا يعني تخفيض عدد الموظفين كثيراً خلال السنوات القادمة.
  2. كم عدد فروع الشركة؟ حيث يجب أن تحدد الرؤية شكل التوسع الحاصل في المنظمة بعد عدد سنوات معين.
  3. ما هو ترتيب المنظمة بين المنافسين؟ حيث يجب أن تحدد الرؤية المرتبة التي ستغدو عليها المنظمة بعد سنوات معينة، كأن تحدد المركز الأول في الشرق الأوسط مثلاً، أو المركز الثاني أو الثالث.
  4. ما هي أهم الخدمات التي تقدِّمها الشركة؟ وهنا على الرؤية تحديد القطاعات التي تختص فيها، كأن تقسم كل منتج في قطاع ما، بحيث تعدُّ كل منتج أو خدمة عملاً قائماً بذاته.
  5. ما هو حجم الإيرادات المتوقَّع بلوغها؟
  6. ما هي نسبة الأرباح المتوقَّعة بالنسبة إلى الإيرادات؟
  7. ما هي نوعية التكنولوجيا المستخدَمة؟

وبعد أن تُوزَّع هذه الأسئلة على كل أعضاء المؤسسة، لكي يجيبوا عنها كلَّاً على حدة؛ يُقام اجتماع من أجل مناقشة هذه الأفكار، وفيه تُتَجاوَز الإجابات المتشابهة، ويُعطى الوقت للإجابات المختلفة من أجل الحوار والتصويت عليها، ويجوز تلخيص الرؤية في جملة مختصرة بحيث تضم إجابات الأسئلة الأكثر أهمية.

إقرأ أيضاً: الرسالة والرؤيا

في الختام:

لكي تبني عملك الخاص؛ عليك بداية أن تبني رسالتك ورؤيتك الشخصية، والتي سَتتبلور على هيئة منظمة أو شركة.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة