ربّة منزل... و لكن

هل أنتِ ربّة منزل تتصارع يومياً بين رغبتها في تربية أبنائها بنفسها وبين البحث عن عمل يحقّق طموحها؟ كنتُ مثلك تماماً!



ليس من السهل أبداً أن تُقرّري لكنّ القرار بقدر ما هو مصيري يجب أن يكون حاسماً و نابعاً عن رغبة حقيقية، في الواقع و حسب تجربتي الشخصية يجب أن تختاري كليهما وإن كانت المعادلة صعبة نوعاً ما، ومن المؤسف أنّي اكتشفت ذلك مؤخراً بعد سنوات من التخبّط و من اللّف و الدوران في مكان واحد.

كنتُ في البداية أفضّل البقاء إلى جانب ابنتي لأنّها تحتاجني في سنواتها الأولى بشدة ولأنّ الأمومة قضية بحد ذاتها لذا آثرت مصلحة ابنتي على نفسي وعلى اهتماماتي وأحلامي وأعطيتها وقتي كله! و كنت مخطئة!!

مرّت الأيام والسنوات، مرّت أربع سنوات كاملة ﻷكتشف أنني لست سعيدة وأنّ لنفسي عليّ حق! أحسستُ بالسلبية، بالفراغ وبالجمود، وانتبهت متأخرة أنّي أهملتُ ذاتي وأنّ ذلك الكم من الإحباط و التشاؤم كنت أنا نفسي السبب فيه، لن ألوم أحداً و لن أُبرّر بظرف لأني كنت كل تلك المدة أستسلم للغرق ولا أقاوم، فقدت الرغبة والحماسة و كل ما يمكنه أن يسحبني إلى الأعلى، ابنتي كانت تكبر أمامي و أنا أراقب نموها بفرح وأنا كنت أكبر دون أن انتبه إلى ذلك، ويوماً بعد يوم كنت أشعر بالضياع أكثر، كنتُ أنظر لنفسي في المرآة فلا أتعرف إليها! لم أفكر أبداً في أن أتخلى عن رعاية طفلتي لأحد غيري ولا أن أتملص من مسؤوليتي كأم و في الوقت نفسه لم أعد أطيق حياتي بأحلام عقيمة.

الأمر يمكن أن يتشابه إن كان مفروضاً عليكِ أن تكوني ربّة بيت كأن تكوني عاطلة عن العمل ولم يجدي بحثك عنه نفعاً أو كأن يُسّلط عليك من قبل رجل يفضل زوجة لا تعمل.

وفي الحالات كلها النتيجة ذاتها، أنتِ في المنزل ومسؤولياتك تُكبّلك أكثر فأكثر، كنت مثلك تماماً إلى أن قلتُ يوماً: إن لم تجدي ما تريدين فأريدي ما يوجد، فلأستمتع قرب ابنتي بكل لحظة حرمت منها أمٌّ عاملة. ثمّ فلأقرأ! نعم تذكّرت أنّي طلّقت القراءة ما إن تزوجت، صرت ألتهم الكتب التهاماً وساعدني ذلك كثيراً، في الأوقات التي يتعذر علي أن أجلس لأقرأ كنت أشغل كتباً مسموعة وكنت استمتع بذلك خاصة أثناء القيام بأي عمل يدوي بل و كان ذلك يبعث في الكثير من النشاط، باختصار أصبحت أهتم بنفسي وعادت عضلات دماغي إلى العمل شيئاً فشيئاً و بدأت أخصّص وقتاً في يومي لي وحدي أنمّي فيه مهاراتي، أمارس هواياتي، وأبحث عن أي شيء يمكنني فعله من مكاني هذا.

منذ ذلك اليوم تحسّنت نفسيتي كثيراً، ورسمت خطة تجعلني مستعدة يوم أقرر أنّ الوقت مناسب للعمل خارج البيت، وتجعلني سعيدة إن وجدت أنّه من الأنسب المحافظة على صفتي كربة بيت.. المهم في الحالتين أنني اليوم مدوّنة و أن لي مشروعا أعمل عليه.




مقالات مرتبطة