دور التلفاز في تدريب عقل منتج

عندما يكون لديك أطفال، فإنَّه من الصعب عدم ملاحظة العلاقة بين مخرجاتهم؛ أي السلوك، وما إلى ذلك، ومدخلاتهم؛ أي ما يشاهدونه على شاشة التلفاز.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش المهني "مارك شاد" (Mark Shaed)، ويخبرنا فيه عن تجربته في استعمال التلفاز لتدريب العقل.

نحن لا نشاهد التلفاز كثيراً في عائلتنا. وعندما نشاهد شيئاً ما، نحاول عموماً استعمال البرامج التعليمية. لقد وجدت أنَّ الأطفال مهتمون جداً بهذه الأنواع من البرامج ويشاركون ويطرحون الأسئلة عمَّا يقال ويظهر على الشاشة.

ومع ذلك، فهم لا يتفاعلون ويهتمون إلا عندما لا يشاهدون أي برامج "ترفيهية". إذا كانوا قد شاهدوا برامج كرتونية مؤخراً، فإنَّهم غالباً ليسوا مهتمين بالمحتوى التعليمي.

نظريَّتي هي أنَّه عندما يشاهدون المحتوى التعليمي فقط، فإنَّ أدمغتهم تتكيف لتتوقع التعلم عندما يجلسون أمام التلفاز. وعندما يشاهدون بضع ساعات من البرامج المسلية، تقرر أدمغتهم التوقف عن التعلُّم، وتشاهد التلفاز وحسب. لا يحافظ المحتوى التعليمي على انتباههم دون المشاركة النشطة لعمليات التفكير الخاصة بهم وتساؤلاتهم.

كما يمكنك أن تتخيل، عند إدراكنا لما كان يجري قررنا الحد من كمية البرامج الترفيهية التي نعرضها لهم؛ ذلك للحصول على أقصى استفادة من المحتوى التعليمي الذي نريدهم أن يتعلموا منه.

لكنَّ هذا المقال ليس عن الأطفال الذين يشاهدون التلفاز. جعلتني التجربة أتساءل عما إذا كان عقل البالغين ربما يعمل بالطريقة نفسها. إذا تابعتُ بانتظام البرامج التلفزيونية الترفيهية، فهل سيجعلني ذلك أقل قدرة على التعلم من التجارب الأخرى؟

عندما كنت أعمل على درجة البكالوريوس في الموسيقى، وجدت أنَّه من الصعب جداً حفظ الموسيقى إذا كنت قد شاهدت التلفاز أو الأفلام لفترة طويلة؛ نتيجةً لذلك، توقفت عن الذهاب لمشاهدة الأفلام مع الأصدقاء خلال الفترات التي احتجت فيها إلى الكثير من الحفظ.

أنا لا أقول إنَّه لا يجب عليك مشاهدة التلفاز أبداً، ولكن ربما يكون من المفيد التفكير في كيفية تأثير عادات مشاهدة التلفاز في قدرتك على التفكير بوضوح. وإليك فيما يأتي بعض الأشياء التي عليك وضعها في الحسبان:

1. طريقة انشغال العقل بمشاهدة التلفاز:

هناك كثيرٌ من الطرائق المختلفة لـ "مشاهدة التلفاز". بعض الناس يحبون تشغيل التلفاز من أجل الشعور ببعض "الضوضاء الخلفية"، وبعضهم الآخر يحب التمركز أمام التلفاز والتنقل عبر القنوات بحثاً عن شيء مثير للاهتمام. وما يزال آخرون يحبون مشاهدة برنامج ما ومن ثم مناقشة فكرته، والآثار الأخلاقية، وما إلى ذلك.

من الواضح أنَّ هناك اختلافات كبيرة بين هذه الطرائق المختلفة للمشاهدة. شخصياً، أجد أنَّ الأساليب الأقل تفاعلاً في مشاهدة التلفاز ضارة، على الأقل بالنسبة إليَّ. واستعمال التلفاز لمجرد الشعور بالضوضاء لا يبدو شيئاً مفيداً جداً، ولكن ربما يكون كذلك لأنَّني أعرف أنَّني لا أجيد تعدُّد المهام.

إقرأ أيضاً: التعاطف كما نراه في التلفاز

2. مقدار الوقت الذي تقضيه أمام التلفاز:

من المحتمل أن يكون لمقدار الوقت الذي ترغب في استثماره في مشاهدة التلفاز تأثير في مقدار تركيز عقلك. كم هو الوقت الذي يبدو أكثر من اللازم؟ ربما لا توجد أي قواعد ثابتة ومحددة، ولكن يجب عليك حقاً البحث عن علامات تدل على أنَّ عقلك قد توقف للتو.

إذا كنت تقضي كثيراً من الوقت في مشاهدة التلفاز بحيث يمكنك مشاهدة فيلم ولا تتذكر الحبكة الأساسية بعد 9 إلى 12 شهراً، فمن المحتمل أن يكون هذا علامة على أنَّ عقلك ليس في حالة تركيز.

الأمر ليس سيئاً لهذه الدرجة فلا يوجد فائدة محددة لتذكُّر حبكات الأفلام، فالهدف ليس محاولة تذكُّر قصة الفيلم، ولكن فقط لمعرفة ما إذا كنت تُعلِّم عقلك التركيز أم عدم التركيز. إذا كان عقلك لا يركز، فربما يجب أن تكون حريصاً للتأكد من أنَّك لا تطوِّر عادات تفكير يمكن أن يكون لها آثار سلبية خارج نشاطاتك الترفيهية.

3. التلفاز والنوم:

شيء آخر يجب الانتباه له عندما يتعلق الأمر بتأثير التلفاز في نومك. كثير من الناس يشاهدون التلفاز في الليل قبل النوم. تتعب أجسادنا عندما يحل الظلام. يمكن أن يؤدي قضاء بضع ساعات في التحديق في الأضواء الساطعة من التلفاز إلى العبث بقدرتك على النوم في الوقت المناسب، كما أنَّ قلة النوم هي أحد أكثر الأسباب شيوعاً التي تؤثر سلباً في الأداء المعرفي.

لا يُعَدُّ التلفاز بالضرورة شيئاً جيداً أو سيئاً؛ ولكنَّ كيفية استعماله يمكن أن يكون لها تأثير كبير في قدرتنا على التفكير والتركيز والتعلم والأداء. يجدر بنا التفكير فيما إذا كنا سعداء بعادات الترفيه التي اكتسبناها أو ما إذا كان التعديل ضرورياً من أجل توجيه قدراتنا العقلية في اتجاه سنكون فيه أكثر سعادة بعد 5 سنوات في المستقبل.

المصدر




مقالات مرتبطة