دمرت ابني بيدي

نسمع آهات كثيرة من الأسر ذات العائل الواحد (كالأسر المطلقة، أو دخول الزوج السجن، أو عند وفاة أحد الزوجين)، فيبقى في البيت عمود واحد إما أم أو أب، وفي غالبية الأحيان تبقى الأم منفردة تتحمل المسؤوليات الجسام على عاتقها، وتبرر لنفسها عند انحراف أبنائها، أو عند التقصير في تربيتهم بأن الأبناء محرومون من الأبوة الحقيقية والوالدية المتكاملة، وقد تكون وجهة نظرها صحيحة، ولكن الواقع يشهد قصصاً ومواقف رأيتها بعيني لنساء يعلن أسرهن وأبناءهن بعيداً عن ظل الأبوة، ومع ذلك ترى في أبنائهن تميزاً وإبداعاً واستقراراًَ نفسياً وصحياً.



إن النجاح لا يكون في الأبناء إلا إذا كانت الأم ناجحة، ولهذا فلو تأمل معي القارئ درجات تفضيل الله للخلق، فقد فضل الله المسلمين على الكافرين، وفضل المؤمنين على المسلمين، وفضل الصالحين من المؤمنين، كما فضل الشهداء من المؤمنين على غيرهم، وفضل الصديقين من الشهداء، وفضل الأنبياء على الصديقين، ثم فضل الرسل على الأنبياء، ثم فضل أولو العزم وهم (محمد، وإبراهيم ونوح وعيسى وموسى - عليهم السلام -) عن بقية الرسل، ولو لاحظنا البيئة التربوية لثلاث من أفضل الناس على مستوى العالم والخلق، لرأينا أنهم ربتهم أمهات من غير آباء، مثل (نبينا محمد، وعيسى وموسى - عليهما السلام)، وهم من أولو العزم من الرسل، ولعل في ذلك تسلية ودعم معنوي للأسر المطلقة والمترملة ولكل أسرة من عائل واحد ليجتهدوا في التربية حتى يحققوا النجاح التربوي، أما أن يساهم الوالدان في تدمير ابنهما ويسعيان لذلك، كما حصل لأحد أبناء الأسر المطلقة، حيث عمل جاسوساً بين أبيه وأمه بعد طلاقهما، فيذهب لأبيه فيقول له: كلما أعطيتني معلومات عن أمك أعطيك مبلغاً من المال، وكذلك تقول له أمه، فكان يحصل شهرياً من والده ووالدته المطلقين على أكثر من ثلاثمائة دينار شهرياً، فكيف سيكون مستقبل هذا الابن الذي اشتغل جاسوساً بين والديه، ولسان حال كل واحد منها يقول: «أنا أدمر ابني بيدي من أجل مصلحتي»، فلا تستخدموا أبناءكم دروعاً بشرية والجزاء من جنس العمل.

 

بقلم: د. جاسم المطوع

 

 

موقع الأسرة السعيدة