دليل المبتدئين للتعرُّف على استراتيجية المحتوى

يبدو أنَّ الجميع في هذه الأيام مغرمٌ بالتسويق بالمحتوى من الصناعات التقليدية وحتى أصغر الشركات الناشئة وأكثرها ديناميكيةً، إذ يقول المسوِّقون، على اختلافهم، أنَّهم يخططون للاستثمار في المحتوى تخطيطاً أكبر.

بيد أنَّ التسويق بالمحتوى لا يزال يسبب الإرباك للعديد من الأشخاص. فعلى الرغم من أنَّ فهم منطقه الأساسي يُعَدُّ أمراً سهلاً إلَّا أنَّ تنظيم الجهود للحصول من خلاله على نتائج ملموسة في عملك يُعَدُّ أمراً مختلفاً تماماً.

وإذا كنت واحداً من أولئك الذين يبحثون عن استكشاف تأثير التسويق بالمحتوى في عملهم ولكنَّهم لا يعرفون من أين يبدؤون فإنَّ دليلنا هذا سيكون مفيداً بالنسبة لك، إذ إنَّنا سنتطرَّق إلى كل ما تحتاج إليه للبدء خطوةً خطوة.

فأول وأهم شيءٍ يجب عليك أن تفهمه هو السبب الذي يجعلك ترغب في الاستثمار في المحتوى.



تحديد أسباب استخدام التسويق بالمحتوى على مستوى العمل:

يعتقد العديد من الأشخاص أنَّ كل ما نحتاج إليه للقيام بهذا النوع من التسويق هو إنتاج المحتوى، ولكن قبل أن تُفكّر حتى بكتابة تدوينتك الأولى يجب عليك أن تكون الأسباب التي تجعلك تتعامل في عملك مع التسويق بالمحتوى في غاية الوضوح، فتحديد هذه الأسباب هو ما يُميّز التسويق بالمحتوى عن التدوين.

ما سبب استخدام المحتوى؟

لماذا تُنشئ المحتوى في المقام الأول، وما الذي تأمل تحقيقه من خلاله؟ يبدأ العديد من أصحاب الشركات مُعتقِدين أنَّ جهودهم التي يبذلونها في إنتاج المحتوى ستؤدي مباشرةً إلى عمليات بيع، ثمَّ يصابون بخيبة أمل عندما لا يحدث هذا على نطاقٍ واسع.

يُعَدُّ بناء الثقة عنصراً أساسياً في التسويق بالمحتوى، فتعامل معه بوصفه استراتيجيةً طويلة المدى تبني سمعتك العامة وتؤسس رابطاً يَقْوَى مع مرور الأيام بينك وبين جمهورك.

ما عرضك الفريد (ميّزتك التنافسية)؟

ما الشيء الذي تقدِّمه شركتك ولا يستطيع أي أحدٍ من منافسيك التطلُّع إلى تقليده؟ قد يكون هذا الشيء امتلاك منتجٍ مميّز أو موظَّفين على درايةٍ واسعة بعملك ولديهم الرغبة دوماً في الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد مساعدة العملاء لديك.

يُعَدُّ بناء استراتيجية المحتوى حول الميزة التنافسية مفيداً لعملك لأنَّ جمهورك من خلال ذلك سيربط مع مرور الوقت عملك مع تلك الميزة.

فانظر كيف ربطت علاماتٌ تجارية كـ (Buffer) و(HelpScout) ما ترغب في أن تشتهر به (التفوق في خدمة الزبائن) مع المحتوى الذي ينتجونه، والمواضيع التي يكتبون عنها، وحتى الصوت والنغمة التي يعرضونها عبر قنوات التواصل الخاصة بهم.


اقرأ أيضاً:
5 طرق لتتجنَّب كتابة محتوى لن يقرؤه أحد

 

ما الأهداف التي تريد بلوغها من خلال التسويق بالمحتوى؟

أخيراً في هذه المرحلة فكّر في أهداف العمل المحددة التي ترغب في تحقيقها من خلال التسويق بالمحتوى. وإليك بعض الأهداف التي يسعى بعض الأشخاص عادةً إلى بلوغها من خلال التسويق بالمحتوى:

  • التوعية بالشركة والمنتج.
  • بناء السمعة.
  • توليد عملاء محتملين ليتم التعامل معهم من قِبَل قسم المبيعات.
  • المساعدة على رعاية العملاء المحتملين خلال دورة المبيعات.
  • تعريف العملاء المحتملين أو الحاليين بكيفية استعمال المنتج/الخدمة لزيادة مستويات التبني أو الاحتفاظ.
  • القيام بعمليات بيع جديدة.

يجب على استراتيجية المحتوى الخاصة بك أن تركز الاهتمام عادةً على واحدٍ أو اثنين من هذه الأهداف. وإذا ما تجاوزت ذلك فإنَّك تجعل جهودك عُرضةٍ إلى الافتقار إلى التركيز.

يُعَدُّ تحديد كيفية قياس التقدُّم أمراً مهماً للغاية في هذه المرحلة. فبعد أن توصَّلت إلى أهدافك ذات المستوى الرفيع خصّص بعض الوقت لتنفيذ هذه الأهداف من خلال السعي إلى تحقيق مجموعة من مؤشِّرات الأداء الرئيسة (KPI).


اقرأ أيضاً:
نموذج سمعة العلامة التجارية لـ "كيلر": بناء علامة تجارية قوية

 

ولترى كيف تبدو هذه الخطوة بشكلٍ عملي إليك هذا المثال:

تهدف معظم استراتيجيات التسويق بالمحتوى إلى توليد العملاء المحتملين للشركات التي تُطبَّق هذه الاستراتيجيات فيها. وفي السنوات القليلة الماضية وجد الأشخاص أنَّ الطريقة الأكثر فعالية للقيام بذلك هي من خلال جمع عناوين البريد الإلكتروني، لذا فإنَّنا شهدنا انفجاراً فيما يُسمَّى بـ "تقنيات حصاد البريد الإلكتروني" على شبكة الإنترنت (متى كانت آخر مرة زرت فيها موقعاً إلكترونيَّاً ولم يُطلَب منك فيها بريدك الإلكتروني؟).

إذا كانت استراتيجية المحتوى الخاصة بك تندرج تحت الصنف نفسه فإنَّ حجم قائمة البريد الإلكتروني تُعَدُّ إحدى مؤشِّرات الأداء التي من الجيّد السعي إلى تحقيقها.

الآن وقد انتهيت من المراحل الأولى لاستراتيجية التسويق بالمحتوى أنت جاهز للتعمُّق وتحديد التفاصيل التقنية لهذه الاستراتيجية.

استراتيجية التسويق بالمحتوى:

1- تحديد الجمهور المُستهدَف:

يجب على كلِّ استراتيجيةٍ للمحتوى أن تبدأ بالجمهور. إذ إنَّ كلَّ محتوىً بعينه تُنشؤه بوصفه جزءاً من هذه الاستراتيجية سيكون موجَّهاً نحو جمهورٍ مُحدَّد، وإذا لم تعرف من هذا الجمهور فإنَّ جهودك ستخفق لأنَّها لن تكون جهوداً موجَّهة.

قد يكون جمهور المحتوى الخاص بك مختلفاً عن قاعدة زبائنك الحاليين (لا سيّما إذا ما كنت ترغب في استهداف قطَّاعٍ سوقيٍّ جديد من خلال المحتوى الخاص بك)، ولكنَّ زبائنك الحاليين يُعدُّون نقطة انطلاقٍ جيدة.

2- أنشئ "شخصياتٍ" (personas) تسويقية:

تُعَدّ الشخصيات التسويقية أدواتٍ رائعةً بالنسبة إلى المسوِّقين، فاستخدم هذه "الشخصيات" لإنشاء نسخة نمطية من الزبائن أو القُرَّاء الذين تحلم بالحصول عليهم وتذكَّرهم عندما تنشئ محتواك.

تُعَدُّ الـ (personas) رائعةً لأنَّها تخدم غرَضَيْن:

  • تحافظ على انسجام المنظمة بأكملها – فمن خلال رؤية الـ (personas) سيعرف كل عضو من أعضاء الفريق إلى من يتحدثون – وهو ما سيساعدك على الحفاظ على رسالة ونغمة متناسقتَيْن في جميع تفاعلاتك مع هذا الزبون المُحدَّد.
  • تساعدك على إضفاء الطابع البشري على صوتك – فعندما يكون لديك صورة واضحة للشخص الذي تنتج محتواك له يكون التحدث بصفك البشرية أسهل بكثير.

3- ما احتياجات جمهورك؟

الآن وقد أصبح لديك تصوُّرٌ واضح لجمهورك المثالي حدّد احتياجاته والمصاعب التي تواجهه.

فإنشاء محتوى حول تلك الاحتياجات والمصاعب يُعَدُّ أضمن طريقة لترك بصمة، وجذب الجمهور، وبناء الثقة معه (فقط في حال أبرزت قدرتك على حل تلك المصاعب).

4- ما الرحلة التي يمرّ بها المشتري (buyer’s journey) حتى يصبح زبوناً؟

العنصر الأخير من عناصر اكتشاف جمهورك هو فهم الرحلة التي يمر بها المشتري حتى يصبح زبوناً محتملاً فهماً رائعاً. إذ إنَّ المراحل الرئيسة في هذا هي: التعرُّف (Awareness)، والدراسة (Consideration)، والقرار (Decision).

  • التعرُّف: يواجه الزبائن المحتملون في هذه المرحلة أعراض مشكلةٍ ما أو فرصةً ما ويعبِّرون عن ذلك، و يقومون بمزيدٍ من الأبحاث ليفهموا المشكلة أو الفرصة تفهماً أوضح، ويحددوها، ويسموها.
  • الدراسة: الآن وقد حدد الزبون المحتمل مشكلته أو فرصته تحديداً واضحاً وسمَّاها، أصبح ملتزماً الآن بإعادة البحث عن جميع المناهج و/أو الطرائق المتاحة لحل المشكلة أو الفرصة المحددة وفهمها.
  • القرار: لقد حدّد الزبائن المحتملون الآن استراتيجية، أو طريقة، أو منهج الحل وهم يجمعون الآن قائمة طويلة بجميع المورِّدين المُحتملين أو المنتجات المحتملة في استراتيجية الحل المحددة. ومن ثمَّ يعيدون البحث لاختصار القائمة الطويلة إلى قائمة قصيرة واتخاذ قرار نهائي بالشراء في نهاية المطاف.

فكِّر في المواضيع والأسئلة التي لدى جمهورك في كل مرحلة من هذه المراحل وفي الأماكن التي سيذهبون إليها للحصول على أجوبة عن هذه الأسئلة. إذ إنَّ نتائج مرحلة إنشاء الاستراتيجية هي التي ستوجِّه قراراتك حول المواضيع التي سيتم إنتاج المحتوى حولها وكيفية نشر تلك المحتويات.

الآن وقد عرفت لماذا تريد استخدام التسويق بالمحتوى ومن الذي ستستهدف من خلاله، تستطيع الانتقال إلى مرحلة التنفيذ وهي المرحلة التي تبدأ بمراجعة المحتوى الذي أنتجته ومدى جودة خدمته للجمهور الذي ترغب في الوصول إليه.

5- راجع المحتوى الحالي:

قد تعتقد أنَّك بصفتك مبتدئاً فإنَّه من المشروع بالنسبة لك تخطي هذه المرحلة. قد يكون الأمر فعلاً على هذا النحو إذا كنت قد بدأت عملك توَّاً ولم يكن لديك موقعٌ إلكترونيٌّ بعد.

أمَّا إذا كانت شركتك قائمةً منذ فترة وكان لديك موقعٌ إلكتروني (حتى وإن لم يكن يتضمن قسماً "للمدونات") فإنَّ لديك بالفعل بعض المحتويات الحالية، وما تحتاج إليه هو أن تفهم بوضوح المكان الذي يناسب هذا المحتوى في استراتيجيتك العامة.

أجرِ مراجعةً للمحتوى واربط المحتوى الحالي مع أهداف العمل، والجمهور، ورحلة المشتري – وهي الأمور التي ناقشناها جميعاً في الأعلى.

إذا كان لديك بالفعل خبرة تتعلق بالتسويق بالمحتوى وكنت قد بذلت فيها بعض الجهد فإنَّ أداةً كـ "مصفوفة المحتوى" قد تكون مفيدةً لفهم المحتويات التي تقدِّم الأداء الأفضل، وأي منها يحتاج إلى تحسين، وأي منها التي يجب عليك التخلُّص منها.

6- إيجاد مواضيع لإنتاج محتوى عنها:

يبدأ العديد من المسوِّقين من هنا ويتخطَّون الخطوات الموصوفة في الأقسام السابقة ليجدوا معاناةً بعد ذلك في سبيل إيجاد مواضيع ذات مغزى ولا يرون إلَّا فوائد بسيطة من الجهود المحمومة التي يبذلونها لإنتاج المحتوى.

ولكن إذا خصّصتَ وقتاً لتطبيق طرائق اكتشاف الجمهور ووضع استراتيجية وخطّة لتنفيذ هذه الاستراتيجية فإنَّك ستجد هذه الخطوة أسهل بكثير.

ورغم ذلك ستبقى في حاجةٍ إلى تسخير الوقت والجهد إذا ما أردت إيجاد مواضيع يرغب جمهورك في استهلاكها.

7- تعرَّف على لغة جمهورك:

أنتَ تحتاج أولاً وقبل كلِّ شيء إلى التعرُّف بوجه جيّد لا على المشاكل التي يرغب المشترون المحتملون في حلها فقط بل وعلى الكيفية التي يتحدّثون عن هذه المشاكل من خلالها كذلك. إذ يُعَدُّ استخدام لغةٍ يفهمها جمهورك مهمَّاً كأهمية معرفة المواضيع التي يهتمون بها.

ولحسن الحظ ثمَّة عدد كبير من الأماكن التي تستطيع فيها مقابلة القراء من خلال الإنترنت. إذ يُعَدُّ موقع (Quora) أحد الأماكن العظيمة والأدوات الرائعة للبحث ولكن ثمَّة العديد من منتديات النقاش، كموقع (Reddit) التي تستطيع استخدامها للبحث.

8- أجر بحثاً بكلمات رئيسة (keyword research):

يؤدِّي كلٌّ من تحسين محركات البحث (SEO) وحركة المرور الطبيعية دوراً مهماً في التسويق بالمحتوى، ويُعَدُّ تجاهلهما خطأً فادحاً.

الخطأ الآخر الذي لا يزال يرتكبه العديد من المسوِّقين هو تركيز الاهتمام على الكلمات المفتاحية الأكثر شيوعاً (التي تحظى نتيجةً لذلك بالقدر الأكبر من المنافسة) فقط. وثمَّة الكثير من الدلائل التي تشير إلى أنَّ الكلمات المفتاحية الطويلة تحصل على الكثير من حركة المرور ومن الأسهل كثيراً الحصول على تصنيفات من خلالها.

إنَّ قضاءَ وقتٍ كافٍ على موقع (Quora)، أو (Reddit)، أو أي مواقع أخرى مشابهة سيعطيك معلوماتٍ حول المصطلحات الرئيسة التي يستخدمها جمهورك المستهدف للحديث عن المواضيع التي يهتمون بها، وقد يعطيك بعض الأفكار كذلك حول المواضيع والأسئلة التي يمكنك أن تتطرَّق إليها أو أن تجيب عنها في محتواك.

ولكن عندما تتعرف على المواضيع العامة فإنَّك تستطيع استعمال برنامج (Keyword Planner) الخاص بـ (Google) بالإضافة إلى مواقع كـ (Ubersuggest) و(KeywordTool.io) لاكتشاف الكلمات المفتاحية الطويلة حول الموضوع نفسه.

9- تجسّس على منافسيك:

عندما تفكِّر في المنافسين فإنَّك لا يجب أن تحصر نفسك بالشركات الأخرى التي تُقدّم المنتج نفسه (أو الخدمة) الذي تقدمه تماماً، بل ركِّز اهتمامك على كل من يستهدف الجمهور نفسه ويكافح للحصول على الدولارات نفسها التي تكافح أنت للحصول عليها. فإذا كنت شركةً تعرض خدمة تقديم الدعم والتعديل لمواقع الـ (WordPress) على سبيل المثال (كـ (WPCurve) على سبيل المثال) فإنَّ منافسيك يتضمَّنون إلى حدٍّ بعيد جميع مطوري الـ (WordPress) الذين يعملون عملاً حراً على موقع (Upwork).

خصّص وقتاً للتعرُّف على منافسيك الحقيقيين وخُذ أبرز 10-15 كلمة مفتاحية تود المنافسة عليها في جوجل وأجرِ بحثاً مجهول الهوية لترى من هم أصحاب الأداء الأبرز في الوقت الحالي. وحلّل بعناية أبرز 10-20 نتيجة بحث لترى ما يقومون به بوجه صحيح ولتحصل على أفكارٍ للمحتوى الخاص بك.

راقب المحتوى الذي يصدره منافسوك بشكلٍ منتظم (واستخدم موقع (feedly)) لجمع كل الأشياء في مكانٍ واحد. وفي أثناء ذلك أنشئ مجموعة تحكُّم لمراقبة الشركات التي تبلي بلاءً حسنا في التسويق بالمحتوى، كتلك التي ترغب في محاكاتها من خلال محتواك، واقرأ كل ما ينشروه وحلّله.

وإذا كنت في حاجة إلى بعض الإلهام فإليك بعض الشركات المفضلة بالنسبة إلي:

10- نظّم مواضيعك بما يتوافق مع رحلة المشتري:

يُعَدّ التعرّف على الجمهور، وعلى المواضيع التي تهمه، واللغة التي يستخدمها أمراً رائعاً، ولكنَّ النجاح في الجانب التجاري من التسويق بالمحتوى يعني أنَّه يجب عليك أن تكون قادراً على تحويل بعض هؤلاء القُرَّاء إلى زبائن يدفعون الأموال.

وللقيام بذلك يجب عليك أن تعرف كيف تبدو عملية اتّخاذ القرار لديهم عندما يُقرّرون أن يدفعوا للحصول على منتجٍ جديد أو خدمةٍ جديدة وإنتاج المحتوى في كل مرحلة من تلك المراحل.

إذ يُعَدُّ تركيز الاهتمام على المحتوى الذي يهدف إلى إتمام الصفقة خطأً قاتلاً.

فإذا لم يكن لديك أولاً محتوىً يستهدف المرحلتَيْن الأوليَيْن في دورة الشراء (التعرُّف والدراسة) فأنت لا تمتلك على الأرجح علاقةً مع قُرَّائك، لذا يجب عليك أن تخبرهم كلّ شيءٍ عن حلك الرائع في فترةٍ زمنيةٍ قصيرة، وهو ما يعني أنَّ محتواك سيبدو سوقيَّاً (ليس جيِّداً بما يكفي).

ثانياً، وكما ناقشنا في البداية، إنَّ التسويق بالمحتوى يتمحور حول بناء الثقة قبل السعي إلى أي أهدافٍ أخرى – فتركيز الاهتمام على المرحلة الأخيرة في رحلة المشتري فقط يعني أنَّك لا تستطيع المشاركة في هذا النشاط.

ما يبدو عليه الأمر هنا بشكلٍ فعلي هو أن التسويق بالمحتوى سيكون ذا أداءٍ منخفضٍ للغاية وعائد منخفض على الاستثمار نتيجةً لذلك.

11- طوِّر خطتك الاستراتيجية:

في هذه المرحلة يجب عليك أن تُخطّط للجوانب التكتيكية من استراتيجية المحتوى. وإحدى أسهل الطرق للتأكُّد من أنَّك فكرت في كل شيء هي بالإجابة عن الأسئلة الخمسة الآتية:

  • متى سننشر؟

كم مرةً ستسعى إلى طرح المحتوى؟ هل من الأفضل أن تنشر تدوينةً كل يوم، أم يكفي أن تقوم بذلك مرتين في الأسبوع؟

عندما تُخيَّر بين الكمية والنوعية نصيحتي لك أن تركز الاهتمام في المقام الأول على النوعية. فبغض النظر عن عدد المواد التي تنتجها ومدى براعتك في نشرها، إلَّا أنَّ النوعية تُعَدُّ العنصر الأبرز في التسويق بالمحتوى.

وعلاوةً على ذلك من السهل زيادة الكمية عندما تصل إلى الجودة في النوعية، بدلاً من تحسين النوعية عندما تطرح العديد من المحتويات ولا تسير الأمور معك بشكلٍ جيد.

ومهما كان الجدول الذي التزمت به تأكَّد من أن توثِّقه – فأنشئ رزنامةً والتزم بها. و إحدى أفضل الأدوات للقيام بذلك هو موقع (CoSchedule)، ولكن يمكنك إنشاء رزنامة رائعة للمحتوى باستخدام النسخة المجانية تماماً من موقع (Trello).

  • من الذي سيُشارك في استراتيجية المحتوى؟

من الذي يمتلك العملية بأكملها؟ وإذا لم يكن هو الشخص نفسه الذي يضع الاستراتيجية فكيف سيحصل التعاون للتأكُّد من أنَّ مدير المحتوى يفهم الأهداف، والحوافز، إلخ؟

من المهم أيضاً في هذه المرحلة أن تُحّدد كذلك إذا ما كان سيشارك بقية أعضاء الفريق، وإذا كانوا سيشاركون فكيف سيقوم بذلك. ولتكن التوقعات واضحة بالنسبة إلى الفريق، وأجب عن أي أسئلة قد يطرحها أعضاء الفريق. فامتلاك استراتيجية مكتوبة سيضمن لك أن تنقل جميع المعلومات المتعلقة بالجمهور وباحتياجاتهم بسهولةٍ إلى جميع المشاركين في جهود التسويق بالمحتوى.

قد تُفضِّل في بعض الأحيان الاستعانة جزئيَّاً على الأقل بمصادر خارجية في التسويق بالمحتوى. وفي هذه الحالة ستحتاج إلى أن تحدد بدقة المهمات التي ستسلِّمها إلى المساهمين الخارجيين، وما المهارات التي أنت في حاجةٍ إلى أن تكون لديهم، وأين ستجدهم، وما الموارد التي تحتاج إلى تخصيصها للقيام بذلك. إذ يوجد على الإنترنت العديد من الأماكن التي يمكنك أن تجد فيها كُتَّاباً، ومحررين، وفناني جرافيك، وحتى خبراء المحتوى.

  • أين سيعيش المحتوى الخاص بك؟

عندما تأْلَفْ المفهوم الذي يقترح أنَّ كلَّ تحديثٍ تنشره منظمتك على وسائل التواصل الاجتماعي هو بمنزلة محتوى، ستفهم أنَّه يوجد كذلك العديد من الأماكن التي يمكن أن يعيش هذا المحتوى فيها.

يُعَدُّ التخطيط للأماكن التي ستضع فيها المحتوى الخاص بك مهمَّاً كذلك لأنَّ ذلك سيوجِّه ردة فعل جمهورك تجاه هذا المحتوى، أي ما سيقومون به حينما ينتهون من استهلاك أيِّ واحدٍ من المحتويات. فكر في الأمر بهذه الطريقة: إذا كان لديك محتوى على شكل فيديو فكيف سيختلف سلوك المشاهد إذا ما رأى هذا الفيديو على موقعك الإلكتروني عن سلوكه إذا ما رآه على اليوتيوب؟

وبغض النظر عن جودة الفيديو الخاص بك فإنَّ اليوتيوب يعرض العديد جدَّاً من المواد المشوِّشة التي تكون على شكل فيديوهات والتي تجعل من غير المرجح أن يتذكَّر المشاهد علامتك التجارية بعد دقائق من مشاهدة الفيديو.

  • ما أنواع المحتوى التي ستركز انتباهك عليها؟

تُعَدُّ أنواع المحتوى عنصراً آخر في المزيج الاستراتيجي للتسويق بالمحتوى الخاص بك والتي تستحقُّ دراسةً مُتأنِّية. فنوع المحتوى يجب أن يكون مرتبطاً بجميع الجوانب الأخرى لاستراتيجيتك وليس بالصيغة الأنسب لكل نوع من المحتوى فقط، بالإضافة إلى الخطوات التي ستُستخدَم تلك المحتويات خلالها خلال رحلة المشتري ومن الذي سيستهلكها.

فالتدوينة على سبيل المثال هي الوسيلة الأكثر ملائمةً (والأكثر شيوعاً نتيجةً لذلك) لمحتواك في مرحلة التعرُّف ضمن رحلة المشتري لأنَّها تمنحك المزيج الأفضل بين القدرة على قابلية الاستكشاف وبين القدرة على التأثير في جمهورك والتفاعل معه.

بيد أنَّ ذلك قد يبدو مختلقاً جدَّاً في المراحل اللاحقة من رحلة المشتري. فلنفترض أنَّ شركةً تبيع لشركةٍ أخرى منتجاً متطوِّراً (باهظ الثمن)، من المرجَّح جدَّاً في هذه الحالة ألَّا يكون الشخص الذي يقوم بالبحث من جانب العميل (مستهلك المحتوى) هو الشخص الوحيد أو الأخير الذي يتَّخذ القرار. فقد يحب هذا الشخص منتجك ولكنَّه يحتاج إلى المساعدة في إقناع مديريه في تبنِّيه.

يُعَدُّ نوع المحتوى العنصر الأساسي الذي تحتاج إليه لتحقق الهدف التجاري لمحتواك. ففي هذا المثال تُعَدُّ الورقة المكوَّنة من صفحة والقابلة للتحميل والتي تقارِن الميزات و/أو الأسعار محتوىً رائعاً يمكن للمستهلك الأولي للمحتوى طباعتها وأخذها إلى مديره المشغول.

  • كيف ستنشر محتواك؟

يجب أن يستحوذ نشر الإنتاج على نصف الوقت، والجهد، والمال الذي تستثمره في التسويق بالمحتوى على الأقل (حتى أنَّ بعض المسوِّقين يقولون أنَّه يجب أن يستحوذ على 80% منها).

قد يبدو أنَّ ذلك مبالغٌ فيه، ولكن فكر في الأمر بهذه الطريقة: سيضيع 100% من الوقت الذي تقضيه في إنتاج المحتوى إذا لم يقرأه أيُّ أحد.

خصص الموارد لتطوير "خطة النشر" (amplification plan) وليكن لديك فريقٌ جاهزٌ لتنفيذها.


اقرأ أيضاً:
5 طرق لزيادة زوّار موقعك الإلكتروني باستخدام ترويج المحتوى


12- ذلّل العقبات أمام علامتك التجارية الخاصة بالتسويق بالمحتوى:

بما أنَّ الثقة وبناء العلاقة يُعَدَّان هدَفَيْن أساسيَّيْن في التسويق بالمحتوى، فيجب عليك أن تقضي وقتاً كذلك في التفكير في العناصر التي ستجعل علامتك التجارية الخاصة بالتسويق بالمحتوى علامةً بارزة.

أنت تحتاج أوَّلاً إلى تقديم تجربة ثابتة وقابلة للتطوُّر، وهو الأمر الذي سيحتاج إلى إشراك مجموعة متنوعة من الأشخاص مع احتمال كون بعضهم أعضاءً من خارج الفريق.

وثِّق جميع العمليات والاتفاقيات من خلال وثائق خاصة بالعملية ومن خلال دليل أسلوب (style guide) خاص بها، فهذا سيتيح لك توسيع عملياتك توسيعاً سريعاً، وضمَّ أعضاءٍ جدد إلى فريق المحتوى، والحفاظ على تناسق مستوى الجودة في جميع المحتويات.

أحد العناصر المهمة الأخرى في العلامة التجارية لمحتواك هما الصوت الذي تستخدمه والنغمة التي تستخدمها في محتواك. فصوتك هو المجموعة الأشمل من الاتفاقات حول نوع المفردات التي تستخدمها، ومدى كونها رسمية أو غير رسمية. في حين أنَّ النغمة تتحكم في كيفية تنوُّع هذه الكلمات مع مختلف قطَّاعات القُرَّاء (العملاء المحتملين، والعملاء الحاليين، إلخ)، والحالات (التفكير في الشراء، والبحث عن المساعدة، والتذمُّر بسبب مشكلةٍ في منتجك أو خدمتك).

13- إنتاج المحتوى:

وأخيراً وصلنا إلى النقطة التي ستجلس فيها بوجه فعلي وتنتج المحتوى الخاص بموقعك الإلكتروني. الحديث عن الجلوس هنا بمضمون رمزيٍّ طبعاً بما أنَّك تستطيع القيام بمرحلة الإنتاج بأسرها في هذه العملية بالاستعانة بمصادر خارجية (سواءاً كان الذين ستستعين بهم أفراداً أم كانت وكالةً للتسويق بالمحتوى).

المهم بالنسبة إليك بوصفك خبيراً بالمحتوى هو إدارة عملية إنتاج المحتوى بحيث يكون لديك محتوى عالي الجودة يُقدَّم في الموعد المحدد.

أنا لست الشخص الوحيد الذي يعمل في التسويق بالمحتوى ويجد أن موقع (Trello) مفيدٌ بشكلٍ خاص لهذا الغرض، فهو لا يتيح لك الاحتفاظ بنظرة عامة عن عمليتك بأكملها فحسب بل يتضمَّن أيضاً مجموعةً رائعةً من الميزات التي تتيح العمل المشترك كذلك.


اقرأ أيضاً:
4 طرق لتنشئ محتوى جيّد ويحظى بالانتشار


تنفيذ "خطة النشر" (Amplification Plan) الخاصة بك:

انسَ القاعدة التي تتحدَّث عن البناء ثمَّ انتظار العائد، ففي اللحظة التي تُطلق فيها محتواك تحتاج إلى البدء في العمل نحو وضع هذا المحتوى أمام أكبر عدد ممكن من الناس.

وعلى أمل أن يكون لديك بالفعل خطة موثَّقة حول الكيفية التي ستحقق من خلالها ذلك، استعمل وقتك ومواردك لتنفيذ هذه الخطة.

قياس النجاح، وتعديل الاستراتيجية، وتكرار العملية:

إنَّ القول بأنَّك تحتاج إلى قياس نجاح الجهود التي تبذلها في التسويق بالمحتوى في مقابل مجموعة من مؤشِّرات الأداء الرئيسة لا يُعَدُّ فعلياً أمراً لم يسبق إلى قوله أحد، ولكن قليلاً هم المسوِّقون الذين يقطعون بذلك شوطاً بعيداً.

إذ تعتمد جميع الاستراتيجيات على بعض الافتراضات – حول من زبائنك، وما مشاكلهم، إلخ – بغض النظر عن حجم اعتماد هذه الاستراتيجيات على البيانات. ولكن عندما تغلق دائرة التغذية الراجعة من خلال طرح المحتوى فإنَّك تحتاج إلى القيام بأفضل ما لديك للتأكيد على صحة تلك الافتراضات والتأكُّد من أنَّ استراتيجيتك صحيحة.

عند تحليل الأداء اذهب إلى ما هو أبعد من عدد الزيارات التي أتت إلى الموقع وعدد المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي. فمهما كانت أهدافك التي ترغب في الوصول إليها من خلال التسويق بالمحتوى، فأنت تحتاج إلى أن يكون لديك طرائق لقياس هذه الأهداف وتعقُّبها من خلال الأدوات التحليلية.

ومن ثمَّ يجب عليك مراقبة مدى تأثير مختلف الجوانب – كأنواع المحتويات، وطولها، وموعد نشرها، إلخ – في تلك الأهداف وتحليلها.

يجب عليك على الأقل استخدام الأدوات الآتية:

1- Google Analytics:

يتضمَّن Google Analytics جميع الميزات التي تحتاج إليها لقياس أداءك. ومن أبرز هذه الميزات أنَّ جوجل يستخدم قدرته على الوصول إلى بيانات ملايين المواقع الإلكترونية ليقدِّم لك معلوماتٍ وميزات لا يمكن أن يقدمها أيُّ حلٍّ آخر. وإذا لم تكن تعرف عن ماذا أتحدث انظر فقط إلى التقرير السكَّاني. وهو موقعٌ مجَّاني.

2- Google Search Console:

أنت تحتاج إلى هذه الأداة لمراقبة أداء الـ (SEO) الخاص بموقعك/مواقعك، كما يمكنك ربطه بحسابك على (Google Analytics) لتزويده بمعلوماتٍ إضافية، ولكنَّ (Search Console) يُعَدُّ مفيداً بشكلٍ كبير حتى بمفرده لا سيما عندما يتعلَّق الأمر بمراقبة التصنيفات وتحديد المحتويات التي يجب تحسينها أو البناء عليها وغير ذلك. وهو مجَّانيٌّ كذلك.


اقرأ أيضاً:
كيف تضمن ظهور اسم شركتك ضمن أول ثلاث نتائج في جوجل

 

3- Buzzsumo:

يُعَدُّ (Buzzsumo) مفيداً بشكلٍ خاص للقيام بعمليات بحث حول المواضيع المثيرة للاهتمام ورؤية أنواع المحتوى التي تروق للجمهور مع كل واحد من تلك المواضيع، ولكنَّه يمكن أن يُستخدَم كذلك لتحليل المحتوى الخاص بك.

سيقدِّم لك هذا الموقع من خلال نسخته المجَّانية معلوماتٍ حول أبرز محتوياتك التي تمت مشاركتها في أثناء فترة زمنية محددة. فهو مفيدٌ لأنَّه يتضمَّن معلومات حول المشاركات في تويتر وهو الأمر الذي لم تعد تدعمه معظم المواقع المشابهة.

بيد أنَّ (Buzzsumo) يُعَدُّ فعَّالاً فعليَّاً من خلال نسخته المدفوعة (والتي يساوي سعرها باعتراف الجميع أكثر من 99% في الشهر). إذ تستطيع تحميل البيانات الخاصة بالمشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بك واستخدامها في تحليل أداء المحتوى الخاص بك.

وتستطيع كذلك رؤية الأشخاص الذين يشاركون محتواك، ومن الأشخاص المؤثِّرين من بينهم، واستخدام هذه المعلومات لتحسين خطتك.

حان وقت الانصراف إلى العمل:

لن يبدو التسويق بالمحتوى مخيفاً إلى هذا الحد حينما تتبنَّى معه نهجاً منظَّماً. فالتحدي الوحيد أمامك يكمن في تخصيص وقت لإنشاء استراتيجية وتنفيذها بلا كلل.

وتذكَّر دائماً أن تُراعي العناصر الآتية في استراتيجيتك:

  • لماذا تقوم بالتسويق بالمحتوى؟ وما هو هدف شركتك؟
  • من الذين تنتج المحتوى لهم؟ ومن جمهورك؟
  • ما المصاعب التي تواجه جمهورك؟ وما المواضيع التي تحتاج إلى معالجتها؟
  • كيف ستوصل محتواك إلى جمهورك؟
  • كيف ستقيس نجاح الجهود التي تبذلها في التسويق بالمحتوى؟

 

المصدر




مقالات مرتبطة