د. المطيري: مقياس (هيرمان) مفتاحك لفهم الآخر

د. المطيري: مقياس (هيرمان) مفتاحك لفهم الآخر

عبد الفتاح الشهاري

لماذا نرى بعض الأفراد يستطيعون العمل وسط الفوضى على مكاتبهم، وآخرين لا يستطيعون العمل إلاّ في جوٍّ مرتب ونظيف؟!
لماذا يسلك بعض الناس طريقة معينة في حل المشكلات وآخرون يسلكون عكس الطريق؟! ما الذي يجعل فلاناً عصبياً في تعاملاته، بينما الآخر هادئاً في تناوله لمجريات الأمور..؟!

يُعدّ مقياس (هرمان) (HBDI) Hermann Brain Dominance Instrument من أفضل أدوات التشخيص وأكثرها مرونة، والذي يمكن بوساطته التعرف على طريقة تفكير الإنسان، وبالتالي على سلوكه. جاء تقييم (هرمان) ثمرة لبحوث استغرقت (15) عاماً، وتم التحقق من صحته وفاعليّته، وتناولته بالبحث أكثر من (60) أطروحة دكتوراه؛ فهو يُعدّ الأكثر تطوراً من حيث دقته وتصنيفه لأنواع التفكير، وتصنيف اتجاهات الأشخاص، لذا فإن عدداً كبيراً من الشركات العملاقة تطبق هذا المقياس على العاملين في مؤسساتها لوضع الموظف المناسب في المكان المناسب..

حول هذا المقياس كان لنا هذا اللقاء مع سعادة الدكتور محمد المطيري المدرب والمستشار في مقياس (هيرمان) للتفكير، والحاصل على دكتوراه الفلسفة في العلوم الشاملة:



كيف يعمل مقياس (هيرمان)؟
يعمل مقياس (هيرمان) كالتالي: بعد الإجابة عن أسئلة الإستبانة -و التي يشرف عليها مدرب متخصص في مقياس (هيرمان)- يتم إرسالها الى مؤسسة (هيرمان) العالمية حيث يتم التعرف على اللقطة الدماغية الخاصة بالشخص، ثم إرجاعها لنا مع تقرير مفصل.
وبعد قراءتها نكون قد عرفنا الجهة أو الجهات المهيمنة في الدماغ، وبذلك ندرك ماذا يجب على الفرد أن يطور، و يتم إرشاده و توجيهه بالتدريبات اللازمة، بحيث يطور ما ينقصه، و يركز على مجالات القوة لديه وكيفية الاستفادة منها وتوظفيها في مكانها المناسب.

ما الأسئلة التي يمكن أن يجيب عنها مقياس (هيرمان)؟
في الحقيقة أنا أقول إن مقياس (هيرمان) يجيب عن أسئلة كثيرة، و يجعلك تدرك مهاراتك الحقيقية، و كيفية توظيفها، ومجالات ضعفك، وكيفية تفاديها، و يجعلك تفهم عقليتك وعقلية الآخرين: أفراد العائلة، الأصدقاء، زملاء العمل، الزبائن… لماذا تفعل ما تفعله، ويفعل الآخرون ما يفعلونه. كيف تفهم الإنتاجية، والتحفيز، ومواصفات العمل، والإبداع، التفكير الإبداعي من منظور جديد متعدد الرؤية. كيف تتعرف على المبادئ الأساسية لتطوير الموارد البشرية في المؤسسات، وكيف يمكنك تطوير نموذج جديد فعال، وكيف يمكنك استخدام أنماط التفكير للحصول على طاقة تفكيرية قصوى!!

كيف يفسر مقياس (هيرمان) عمل دماغ الإنسان، وكيف يوجه التعامل معه بفاعلية؟
يقسم (هيرمان) الدماغ إلى أربع مناطق مترابطة، و هي: منطقة ربع اليسار الأعلى و لونها أزرق و سماها A، ومنطقة ربع اليسار السفلى و لونها أخضر و سماها B، ومنطقة ربع اليمين السفلى ولونها أحمر وسماها C، ومنطقة ربع اليمين العليا و لونها أصفر و سماها D.
و كل منطقة تختص بطريقة معينة لعمل العقل؛ فمثلاً المنطقة الزرقاء A تختص بـِ: التحليل, الحقائق, البيانات, الأرقام, التركيز, الجدوى, التقييم, النتائج.
و المنطقة الخضراء B تختص بـِ: التنفيذ , الإجراءات, التفاصيل, الصيانة, الترتيب, الطرق والأساليب, النظام, إدارة الوقت, الانضباط, الأمن والسلامة.
والمنطقة الحمراء C تختص بـِ: العلاقات مع الآخرين, المشاعر, العواطف, التعامل مع الآخرين, المعاني الإنسانية, الرعاية, الاهتمام بالإنسان, البديهة الحسية.
و المنطقة الصفراء D تختص بـِ: التفكير الإستراتيجي, التفكير الإبداعي, النظرة الشاملة, التصورات, الاستكشاف, الخيارات المتعددة, التجارب, الإبداع, الابتكار, البديهة.. . و عليه فإن الطرائق الأربع تعمل سوياً لتشكل “الدماغ الكلي”، و هناك منطقة واحدة أو أكثر تكون غالبة أو مهيمنة.

كيف يتمكن مقياس (هيرمان) من استخدام أنماط التفكير للحصول على طاقة تفكيرية قصوى؟
بمجرد أن تدرك لقطتك الدماغية فأنت بدأت تدرك فعلاً ما أنت عليه الآن، و حتماً سوف تسخر طاقتك القصوى لاستغلال ما أنت عليه من مهارات لتحقيق أهدافك و أهداف مؤسستك التي تعمل بها.

وكيف يمكن التحقق من مدى صحة مخرجاته ونتائجه؟
بعد التعرف على اللقطة الدماغية والتعرف على المنطقة أو المناطق المهيمنة في الدماغ، بالتالي نكون قد عرفنا ماذا يجب علينا فعله بوعي موجه، وعليه فإن الفجوة التي بين ما نحن عليه( الحالة الراهنة) و ما نود أن نكون عليه ( الحالة المطلوبة) تبدأ بالتقلص، و هذا مؤشر يعني أنك في الطريق السليم، و إذا كان غير ذلك فأنصح بالرجوع إلى المدرب المستشار لتصحيح المسار.

ماهي نظرية "الهيمنة الدماغية" وما علاقة مقياس (هيرمان) بها؟
يقول العالم الكندي (يانيش): إن الدماغ البشري مدهش ومحير؛ إذ إنه لا يستطيع أن يعقل ذاته، ولكن الأمل الوحيد هو قدرته على تجاوز الأخطاء وإصلاح نفسه.
لقد توصل العالمان الأمريكي (فويل) والسويدي (تور ستون) إلى تقديم إضاءات أولية عن عمل الدماغ ومكوناته الفاعلة، فقد توغلا داخل القشرة الدماغية التي تتكون من (10000) مليون خلية عصبية ـوقد يضاعف هذا العدد سكان الكرة الأرضيةـ ، ومن خلال البحث في مراكز الإحساس والحركة والتفكير دقق العالمان في عمل كل خلية عصبية على حدة ثم في عمل خلايا مراكز البصر، واستطاع هذان العالمان كشف النظام الذي تقوم عليه المراكز البصرية وخلاياها وقدرتها الخارقة على التعبير عن المرئيات والمشاهدات وتحويلها إلى موضوعات منطقية يدركها العقل.
ثم جاء العالم الأمريكي (روجر سبيري) سنة 1960، وأثبت بالبحث أن كل نصف من الدماغ متخصص في أعمال معينة، فالنصف الأيمن مسؤول عن التمييز بين الأشكال والتذوق والإبداع والإحساس بالجمال، أما النصف الأيسر فمسؤول عن الإدراك والتحليل والاتصال خاصة لغة الكلام. وقد نال جائزة نوبل على اكتشافه الفريد هذا.
كما أوضح (بول ماكلين) في السبعينيات من القرن الماضي أن دماغ الإنسان يتكون من ثلاثة أدمغة هي:
• دماغ الزواحف: و يختص بِالحاجات البيولوجية, الطعام والشراب, الأمن والسلامة, الجنس ...
• دماغ الثدييات: و يختص بالشعور، المهارات اللطيفة, الشم، الذوق، الانفعال.
• الدماغ الإنساني العاقل: ويختص بالتفكير، التصور، التعلم.
استخدم (هريمان) فكرة (روجر سبيري) و فكرة (بول ماكلين) ليبدع فكرة جديدة ألا وهي تقسيم الدماغ إلى أربعة أرباع، وهذا انتقال من العلم إلى الرمز ليصبح الدماغ رباعي التكوين، و أعطى لكل مربع اسماً ولوناً ومواصفات، ومن هنا بدأ تفعيل فكرة الهيمنة الدماغية و التي يتم التعرف عليها من خلال تعبئة استبانة خاصة.

نرى بعض الأفراد يستطيعون العمل وسط الفوضى على مكاتبهم، وآخرين لا يستطيعون العمل إلاّ بعد أن يرتبوا مكاتبهم.. ما علاقة مقياس (هيرمان) بهذه الحالة؟
اختلف العلماء في الدوافع الإنسانية وراء السلوكيات، وكل آرائهم تنحصر في غريزة أو هدف محدد مشترك بين الناس.
يقول (كارل يونغ) العالم والطبيب النفساني السويسري المعروف (1875 ـ 1961) بأن: كل الناس لديهم غرائز وصفات تدفعهم، ولكنهم يختلفون في سلوكياتهم .
ويقول (كارل)" :بأن كل سلوك يقوم به الشخص فإنه يمثل شخصيته. وكل شخص يمكن تمييزه بسلوكه".
وهذا الأمر قاده إلى اكتشاف ما أسماه بـ: أنواع الوظائف أو الشخصيات السيكولوجية.
لكن بالعودة الى مقياس (هيرمان) فإننا نقول: إذا كانت الهيمنة الدماغية في جهة اليسار فإن الشخص بطبيعته يحب الترتيب و التنظيم ورؤية الأشياء في أماكنها، أما إذا كانت الهيمنة الدماغية جهة اليمين فهذا أيضاً لا يدعو إلى الغرابة إذا رأيتهم في مكاتب غير مرتبة، و بملابس غير رسمية؛ فإنهم ميالون إلى الإبداع و الجنوح إلى الخيال، وهذا من محاسن مقياس (هيرمان). كما قلنا إنك تعرف الآخرين كيف يفكرون لكي يسهل عليك التعامل و التواصل معهم.

كيف يمكن للمؤسسات والشركات الاستفادة من هذا المقياس في تطبيقه على موظفيها و على المتقدمين لشغل الوظائف فيها؟
يُستعمل نموذج (هرمان) لمساعدة الأفراد والمؤسسات على زيادة الإنتاجية، وحفز العاملين، والتعرف الدقيق على مواصفات العمل، واستعدادات العاملين، والإبداع، والتفكير الإبداعي. تستعمله كبريات الشركات العالمية: آي بي إم - شل - دو بونت - كوكاكولا - موبيل أويل - زيروكس - أي تي أند تي - سيب غيغي - إنتيل - موتورولا - الجيش الأمريكي - جامعة تكساس - جامعة جورجيا -.
أما عن كيفية استخدامه فهي جد بسيطة؛ إذ يتم تدريب الموظفين ليومين فقط، ثم تعبئة الإستبانة الخاصة بهيرمان تحت إشراف مختص، و إرسالها إلى مؤسسة (هيرمان) لمعرفة الشفرة الدماغية الخاصة بكل موظف، و من ثم يتم تحديد احتياجه التدريبي، وما الوظيفة التي تناسبه، وما هي طريقة تحفيزه، والطرق المناسبة للتعامل و التواصل معه ......الخ.

هل مقياس (هيرمان) متاح للاستخدام؟ ومن يملك حق تطبيقه؟
نعم، إن مقياس هيرمان متاح للاستخدام في جميع بلدان العالم، ولكن لا يشرف و يدرب عليه إلاّ مدربون ومستشارون معتمدون من مؤسسة (هيرمان) العالمية.

 

 

نوافـذ