حوار ليلة العرس

بطلة هذا المقال امرأة من بني تميم تسمى: زينب بنت جرير وهى إحدى نساء بني حنظلة تزوجت شريحا القاضي وكان يحبها حبا جما وكثيرا ما كان يثنى عليها ويمدحها وهو القائل في حقها:

رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم تضرب زينب

 أأضربها من غير ذنب أتت به ... فما العدل مني ضرب من ليس يذنب

 فزينب شمس والنساء كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

 فمن زينب؟ وما قصتها؟



يذكر الهيثم بن عدي الطائي عن الشعبي أنه قال: لقيني شريح القاضي فقال لي: يا شعبي عليك بنساء بني تميم فإني رأيت منهن عجبا؟ فقال الشعبي: وكيف ذلك؟ قال شريح:

"خطبت امرأة من بني تميم فلما كان يوم بنائي بها أقبلت نساؤها يهدينها حتى دخلت علي، فقلت: إنه من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم ويصلي ركعتين ويسأل الله تعالى من خيرها ويتعوذ من شرها، فتوضأت، فإذا هى بوضوئي، وصليت فإذا هى بصلاتي، فلما خلا البيت دنوت منها، فمددت يدي إلى ناحيتها فقالت: على رسلك يا أبا أمية!!! ثم قالت: الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، وأصلي على محمد وآله، أما بعد: فإني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبيّن لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأجتنبه فإنه قد كان لك منكح في قومك ولي في قومي مثلك، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله تعالى به (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) قال فأحوجتني والله يا شعبي إلى الحديث فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي وأسلم على محمد وآله وصحبه أما بعد..

فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظاً لي، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وأكره كذا، وما رأيت من حسنة فبثيها، وما رأيت من سيئة فاستريها، فقالت: كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري، قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له، ومن تكره أكرهه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء. قالت: كيف تحب أن يزورك أصهارك؟ قلت: ماشاءوا، قال: فبت معها بأنعم ليلة ومكثت معي حولاً لا أرى منها إلا ما أحب، فلما كان رأس الحول، جئت من مجلس القضاء، وإذا أنا بعجوز تأمر وتنهى، فقلت: من هذه؟، قالوا: أم زينب حليلتك، قلت: مرحباً وأهلاً وسهلاً، فلما جلست أقبلت العجوز. فقالت: السلام عليك يا أبا أمية، فقلت: وعليك السلام ومرحباً بك وأهلا، قالت: كيف رأيت زوجتك؟

قلت: خير زوجة وأوفق قرينة، لقد أدّبت فأحسنت الأدب، وريضت فأحسنت الرياضة، فجزاك الله خيراً. قالت: يا أبا أمية.. والله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة فأدب ما شئت أن تؤدب، وهذب ما شئت أن تهذب.. قال: فمكثت معي عشرين سنة لم أعب عليها شيئاً قط".

والقصة فيها من الفوائد مالا يتسع له هذا المقال لكني أعرج على نقاط ثلاث فيه:

 1- أسس الحياة الزوجية اختزلتها المرأة العاقلة في:

الإيمان عميق وهذا واضح في بداية حديثها معه الاتصال وثيق، وذلك حين أرادت أن تتعرف عليه من قرب بأن يذكر لها ما يحب وما يكره. السمع والطاعة. وهذا ظاهر بين في مجمل حديثها معه.

2- التكنية عند النداء، مما يزيد الألفة والمودة في البيت، سواء أكانت الكنية للتوقير أو للتدليل بحسب ما يناسب المكان والزمان، وذلك في قولها:"على رسلك يا أبا أمية".

ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد كان صلى الله عليه وسلم ينادي عائشة فيقول :"يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم". وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام".

3- ستر العيوب.. وهو من أهم الأمور التي ينبغي أن تراعى فلكل بيت عورة ولكل رجل عيب وهذه تطوى ولا تروي " ما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها".

وقد فسر بعض أهل العلم قول الله تعالى: "حافظات للغيب بما حفظ الله" أي اللاتي لا يكشفن أسرار أزواجهن. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من شر الناس عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه".

 

موقع الأسرة السعيدة