حمى البحر الأبيض المتوسط

حمى البحر الأبيض المتوسط اضطراب وراثي بصفة جسدية متنحية يتصف بهجمات دورية من الحمى,التهاب البريتوان,التهاب الجنب,طفح جلدي والتهاب المفاصل مرافقة لطور الاستجابة الالتهابية الحاد والشديد.

وتسمى أيضاً: التهاب المصليات المتعدد النوبي العائلي,التهاب البريتوان الدوري,التهاب المصليات المتكرر,التهاب البريتوان النوبي السليم,الداء الدوري والحمى الدورية يصيب السكان في منطقة البحر الأبيض المتوسط ,خاصة الأرمن,الأتراك,العرب ويهود شمال أفريقيا بنسبة 1:250ــ 1:1000 وبشكل أقل شيوعاً لدى سكان المناطق الأخرى.



FMF مرض وراثي ينتقل بصفة جسدية متنحية,وفي حالات نادرة تحدث FMF بصفة جسدية سائدة فقد لوحظ ما يفوق 3% من المرضى المصابين لديهم طفرة واحدة وليس اثنتان فُسرت بإمكانية وجود مجموعة جزئية من مرضىFMF ذو الطفرة الواحدة يمكن أنّ يحدث لديهم مرض ثانوي مترافقاً بطفرة في مورثة أخرى تختلف عن مورثة FMFوالتي تلعب دوراً في الانسجام والتوافق مع طفرة FMF

سبب FMF خلل وراثي على الذراع القصير للصبغي رقم16,والمورثة المصابة بالخلل تدعى مورثة MEditerranean Fever مورثة (MEFV) التي ترمّز لبروتين يدعى pyrin وهو المسؤول عن تنظيم الاستجابة الالتهابية .

عُرفت أكثر من 50 طفرة مختلفة في مورثة (MEFV),منها المورثة M694V الموجودة بشكل شائع لدى العرب ويهود شمال أفريقيا.

لم يحدد بالضبط كيف أنّ هذا الخلل الجيني يسبب FMF’لكن يُفترض أنّ الأشخاص الذين يحملون هذه الطفرة لا يصنعون بروتين pyrin ولذلك الاستجابة الالتهابية تكون شديدة وغير منظمة.

تظهر الأعراض والعلامات خلال الطفولة عادةً بعمر 5ــ 15 سنة. 50ــ 60% من الأشخاص المصابين هم أصغر من 10سنوات ,80ــ 95% منهم أصغر من 20 سنة, وفقط 5ــ10% من المرضى قد تجاوزوا سن العشرين,أما بداية المرض بعد سن الأربعين فهي حالة نادرة.

تصيب الذكور بنسبة أكبر من الإناث,معدل إصابة الذكور/ الإناث 2:1

بشكل عام تحدث الأعراض والعلامات التي تشير إلى بداية الهجمات دون سوابق إنذاريه, وتدوم الهجمة من يومين إلى ثلاثة أيام وتصل شدة الأعراض ذروتها خلال12ـ 24 ساعة.

يختلف ظهور الأعراض وتتباين شدتها بين الأشخاص المصابين ,أحيانا حتى بين أفراد العائلة نفسها.

تحدث الهجمات بشكل عفوي وقد تُحرض بتمرين عنيف أو حالة شدة .. وهناك تأثير للهرمونات الأنثوية فالهجمات تزداد أثناء الدورة الطمثية وتختفي أثناء الحمل لتعود بعد الولادة ..

يكون المصاب طبيعياً في فترة ما بين الهجمات وهذه الفترة ما بين هجمتين متتاليتين (والتي تكون خالية تماما من الأعراض) قد تكون قصيرة ـ أسابيع ـ أو تدوم أكثر من ذلك (أشهر(

 الأعراض:

ــ الحمى: عرض أساسي لكل هجمة حادة ,يمكن أنّ تصل درجة الحرارة إلى 38ــ40 درجة مئوية, في 20ــ30% من المرضى تُسبق الحمى بعرواءات, عادةً تدوم الحمى بين 12ــ72ساعة,  96%من المرضى تتكرر الحرارة لديهم في كلّ هجمة حادة.

أغلب الأطفال لديهم هجمات من الحمى بشكلّ بدئي دون أعراض أخرى وهذا يتطلب ملاحظة دقيقة لتشخيص الحالة.

 الألم البطني: يتواجد لدى 75ــ 95%من المرضى  ,الألم البطني عادة يسبق الحمى ببضع ساعات ويدوم من يوم إلى يومين بعد عودة الحرارة إلى الحالة الطبيعية.

 

الألم الصدري: عادةً وحيد الجانب ويزداد بالشهيق....

 التهاب المفاصل: عرض هام وشائع لـ FMF )أكثر ما يصيب الركبة والكاحل(

يمكن أن يتظاهر المرض بهجمات من الألم والتورم المفصلي كتظاهر وحيد.

النمط الأكثر شيوعا من التهاب المفاصل عادةً يكون متكرر,محددا لذاته و يدوم لفترة قصيرة حيث يزول التورم المفصلي خلال 5ــ14 يوم. ونادرا ما يشاهد الشكل المزمن من التهاب المفاصل.

تشاهد الإصابة المفصلية لدى يهود شمال أفريقيا بشكل أكثر شيوعا من المجموعات العرقية الأخرى.

حالياً لا يوجد معايير تثبت تعريفا محددا أو التشخيص التفريقي لالتهاب المفاصل المرافق لـ FMF, لذلك فالتشخيص المتأخر أو التشخيص الخاطئ ليسا بالأمر النادر حيث يدخل كل من التهاب المفاصل الطفلي مجهول السبب juvenile idiopathic arthritis. و الحمى الرثوية rheumatic fever ضمن التشخيص التفريقي.

التظاهرات الجلدية: حوالي 50% من المرضى لديهم بقع شبيهة بالحمرة على الأطراف السفلية,خاصة أسفل الركبة. تزول الآفات بسرعة خلال 12ــ48 ساعة

تشاهد الضخامة الطحالية لدى مرضى FMF دون وجود الترسبات النشوانية.

الداء النشواني Amyloidosis: يعتبر الداء النشوانيّ الاختلاط الأكثر أهمية وخطورة لـ FMF, عادةً ما يصيب الكلى مؤديا لقصور كلوي renal insufficiency والذي يتطور إلى المرحلة النهائية من القصور الكلوي ESRD end-stage renal disease و يصيب أيضاً القناة الهضمية والكبد والطحال وفي المراحل الأخيرة قد يصيب القلب والخصى.

الداء النشوانيّ من نمط AA type. تكرار ظهور الداء النشوانيّ يختلف بين المجموعات العرقية و يعتمد على أخذ المريض للكولشيسين colchicine.

تكرار الداء النشوانيّ لدى المرضى كان مرتفعا بشكل عام وليس هناك علاقة ما بين شدة النوبة الالتهابية والإصابة بالداء النشوانيّ.

بعض المرضى يتظاهرون بالداء النشوانيّ الكلوي كأوّل تظاهر سريري دون قصة هجمات نموذجية من FMF هذا ما يدعى phenotype II

  وقد تتظاهر حمى البحر الأبيض المتوسط بأعراض أخرى فقد وصف مؤخرا حالات من التهاب الأوعية vasculitis ,أنماط مختلفة من التهاب الكبب والكلى وكذلك التهاب السحايا Mollaret's meningitis.

التشخيص:

سريري بهجمات معاودة من الحمى مترافقة مع الألم البطني,مع التهاب الجنب والتهاب المفاصل أو بدونها ,عادةً تدوم يومين إلى ثلاثة أيام. ويساعد على التشخيص وجود قصة عائلية للإصابة بـ FMFخاصة عندما تكون الطفرة M694V موجودة ,كذلك وجود القصة العرقية.

ولا تستخدم الاختبارات الجينية genetic test في التشخيص لأن الاختبارات المتوفرة لا تكشف كلّ الطفرات الجينية المرافقة لـ FMF ولذلك ينحصر دور الاختبارات الجينية في المساعدة على تأكيد التشخيص عند الأشخاص ذوي الأعراض والعلامات غير النموذجية.

 

التقييم المتبع في التشخيص الأوّلي:

-          قصة سريريه كاملة تشمل القصة العائلية.

-          فحص فيزيائي لتقييم المشكلة المفصلية.

-          تحليل البول للبحث عن البروتين.

-          في حال وجود البيلة البروتينية, يتطلب ذلك إجراء تقييم إضافي, يتضمن تحليل البروتين في بول 24 ساعة وكذلك اختبارات وظائف الكلية ,ايجابيتهما استطباب لإجراء خزعة من المستقيم للبحث عن الداء النشواني.

معايير Tel Hashomer

المعايير الكبرى:

1.       هجمات معاودة من الحمى مترافقة مع التهاب البريتوان, التهاب المفاصل أو التهاب الجنب.

2.       الداء النشواني نمط AA دون وجود مرض مؤهب.

3.       استجابة مناسبة لاستمرار العلاج بالكولشسين.

المعايير الصغرى:

-          هجمات معاودة من الحمى.

-          حمامى شبيهة بالحمرة.

-          أقارب من الدرجة الأولى مصابين بـ FMF

يتطلب التشخيص وجود معيارين كبيرين أو وجود معيار كبير ومعيارين صغيرين, من المحتمل تشخيص الحالة بوجود معيار كبير ومعيار صغير واحد فقط.

يدخل ضمن التشخيص التفريقي لـ FMF أمراض متلازمة الحمى الدورية الوراثية,حالات البطن الحادة (التهاب الزائدة الحاد, انثقاب قرحي, انسداد أمعاء, التهاب الحويضة, التهاب البنكرياس الحاد, التهاب المرارة والحالات النسائية لدى الإناث كالحمل الهاجر, التهاب نفير فالوب الحاد والمزمن, انفتال كيسة مبيضية......), ذات الجنب و الصمة الرئوية للتمييز عن الألم الجنبوي.

 كذلك التشخيص التفريقي للألم المفصلي.

المعالجة:

عادةً تعالج الحمى والهجمات الالتهابية بـ NSAIDs,وتعالج حالات القصور الكلوي المسببة بالداء النشواني كحالات القصور الأخرى (قد تتطلب الزرع الكلوي(

الكولشيسين:المعالجة بالكولشيسين لا تشفي FMF, لكن يمكن السيطرة على الهجمات أو حتى منعها تماماً بالمداومة على العلاج بالكولشيسين طوال الحياة.(بهذه الطريقة تُمنع الهجمات بشكل تام في 60%من المرضى, وفي33% من الحالات تُمنع الهجمات بشكل جزئي, ويكون الكولشيسين غير فعال في5% من الحالات تقريبا) وتمنع الإصابة بالداء النشواني في كلّ المرضى (100%من المرضى(

 المعالجة بالكولشيسين 1ملغ/يوم تمنع الداء النشواني الكلوي حتى في حال استمرار الهجمات وعدم استجابتها للدواء.

الكوليشسين دواء آمن ذو تأثيرات جانبية خفيفة, والتي عادة ما تستجيب لإنقاص الجرعة أو للمعالجة بطرق أخرى.

 

التأثيرات الجانبية الأكثر تكراراً هي الإسهال, الغثيان, الإقياء والانزعاج البطني .في حالات نادرة قد يسبب الضعف العضلي, قد ينقص التعداد الدموي أحياناً, النقص في تعداد النطاف على المدى البعيد خلال الحياة نادر جداً.

ويجب الإشارة إلى أن المعالجة بالكولشسين لا تسبب العقم لأن الكولشيسين يقتل النطاف بعد تشكلها ولا يؤثر على عملية تشكل النطاف.

يجب الاستمرار بالمعالجة أثناء الحمل والإرضاع ,لكن يُنصح ببزل السلى.

يكون نمو الأطفال المعالجين بالكولشيسين طبيعياً لكن يجب أن يخضعوا لتعداد دموي واختبارات تحليل البول مرتين في السنة على الأقل.

هناك تقارير أثبتت نجاح استخدام thalidomideand و etanercept خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم مقاومة للكولشسين, وحديثاً Anakinra )حاصر لمستقبلات انترلوكين(