حفظ القرآن ينمي العقلية الإنسانية

القرآن العظيم قبس من الهدى والنور نزل به جبريل من السماء إلى الأرض على سيد الخلق وأشرف الرسل محمد بن عبد الله صلوات الله عليه، فبلغه الناس، وأذاع أخلاقياته ومثالياته في كل مكان وبذلك نشرت صفحات جديدة مشرقة ناضرة في تاريخ الإنسانية، وكان لها من وراء ذلك ميلاد حضارة جديدة.

ولا شك أن القرآن الكريم كلام الله عز وجل ومعجزة الدهر الأبدية وهو كتاب نور وهداية وكتاب ثواب وشفاء، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه (وعليك بكتاب الله فإنه الحبل المتين والنور المبين والشفاء النافع والرأي الناقع والعصمة للمتمسك والنجاة للمتعلق، لا يعوج فيقام ولا يزيغ فيستعتب، ولا يخلقه كثرة الرد وولوج السمع، من قال به صدق ومن عمل به سبق) وهو مفتاح كل خير، وفيه تبيان كل شيء كما قال علي رضي الله عنه.



والقرآن الكريم هو المعجزة الباقية الخالدة، التي نصبها رب العزة تبارك وجل في علاه، شاهدا حيا ناطقا، بصدق الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام، ولقد تحدى الله العالم كله إنسا وجنا، فما ثبتوا لهذا التحدي، بل أظهروا عجزاً صارخاً، وعياً بليداً، وفهاهة فاضحة وقد سجل الله عليهم نكوصهم عن مجاراة القرآن ومسايرته في آفاقه العالية حيث قال تعالى: ( قُلْ لَئِنِ اجتمعتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).

ومعاني القرآن على الرغم أنه نزل منجما إلا أنها تلاقت مقدماتها بنتائجها ومهدت أولاها لأخراها، ولن تجد في معاني القرآن ما تجده في غيره من كلام البشر من المعاني الساقطة أو التافهة، بل كل معانيه سامية قوية، آيات وسورا اشتملت على أمور الدين والدنيا، وانتظمت سعادة الأولى والآخرة، ونزلت هدى ونورا للبشرية كلها، قضت على الأوهام الباطلة، والأساطير الكاذبة، والعبادات الضالة ونقلت الإنسانية الحائرة من عصر تسوده الفوضى وتذيع فيه مبادئ الطغيان والعبودية، إلى حياة فيها رضا وأمن وسلام.

ومن ضمن أسرار القرآن الكريم اللا متناهية كشفت دراسة إحصائية تحليلية أنّ حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ينمي مدارك الأطفال واستيعابهم بدرجة أكبر من غيرهم بالإضافة إلى تمتعهم بقدر كبير من الاتزان النفسي والاجتماعي وقدرة كبيرة على تنظيم الوقت والاستفادة منه.

وأشارت هذه الدراسة التي أجريت في مصر إلى أهمية البدء في دفع النشء في سن مبكرة إلى حلقات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم نظراً لسهولة الحفظ في هذا السن والقدرة على الاستيعاب السريع والاسترجاع.

وأكدت الدراسة أهمية دور الأسرة في تحفيز أبنائها وبناتها على حفظ القرآن الكريم وتشجيع التنافس بين الأبناء والبنات داخل الأسرة الواحدة على ذلك، حيث أثبتت الدراسة أن أكثر من (80%) من حفظة القرآن الكريم من البنين والبنات عرفوا طريقهم إلى حلقات التحفيظ والمدارس القرآنية بتشجيع من الآباء والأمهات وأكثر من (50%) منهم لهم أشقاء وشقيقات يحفظون القرآن أو أجزاء منه.

المصدر: مكتوب