حرر نفسك من الخوف -جوزيف أوكونور

حرر نفسك من الخوف: التغلب على القلق وإلغاؤه من الحياة اليومية
المؤلف: جوزيف أوكونور
ترجمة: مكتبة العبيكان، الرياض -1427هـ

يعتبر كتاب (حرر نفسك من الخوف) من كتب علم النفس التي تبحث في مختلف أنواع العوامل المثيرة للقلق في حياة الإنسان (مادية أم اجتماعية). كما يناقش مختلف المسائل المثيرة للخوف كإلقاء الخطابات والمحاضرات أمام الآخرين، أو القلق المستمر حيال الشعور الشخصي بالأمان، كما يعتمد الكتاب على معلومات كثيرة تم استنتاجها بإسلوب البرمجة الفكري للتجارب الحسية.



يعرف جوزيف (أوكونور) الخوف بأنه «إحساس أساسي عند الإنسان، والغاية منه حماية الأفراد، وله نوعان هما الحقيقي والخيالي». يشعر المرء بالخوف الحقيقي عند حدوث أمر ما يشير إلى خطر معين، مما يحثه على اتخاذ خطوات عديدة لتجنب الخطر. يشكل ذلك ردة فعل طبيعية وشديدة الأهمية إذ إنها تهدف إلى الحفاظ على الأمان. لذلك فإن للخوف الحقيقي درجة عالية من الفائدة.
أما النوع الثاني من الخوف فإنه من نسيج خيال المرء، ويتعلق عادة بما قد يحدث من أمور لا نريد وقوعها في المستقبل. للخوف الخيالي الهدف نفسه، وهو الحفاظ على الأمان، إلا أنه غير مفيد باستثناء تحفيزه لنا في بعض الأحيان لاتخاذ خطوات معينة تساعدنا على تجنب الأحداث السيئة في المستقبل. يتخذ هذا الخوف شكل ارتياب غير دقيق، خصوصًا أن شعورنا به نابع من أمر خيالي لسنا كاملي الإدراك له.


هذا الكتاب يعتمد على معلومات كثيرة تم استنتاجها بواسطة البرمجة الفكرية للتجارب الحسية. تم ابتكار هذا الأسلوب التحليلي في أمريكا في منتصف السبعينيات من قبل «جون غرايندر» و«ريتشارد باندلير». تهدف هذه البرمجة إلى تحليل التجارب الشخصية للمرء مع التركيز على المشاعر والأفكار الباطنية. كما يتطرق هذا التحليل إلى كيفية قيام المرء بكل الأفعال وإلى محاولة تفسير سبب اختلاف الأفراد في المهارات والمواهب بالرغم من استمتاع معظمهم بالمعرفة نفسها وقيامهم بالأفعال ذاتها.
تم ابتكار البرمجة الفكرية للتجارب الحسية بهدف دراسة الأشخاص الموهوبين لمعرفة ما يقومون به من أفعال تؤدي إلى كونهم استثنائيين، وكانت الخطوة التالية (بعد الوصول إلى هذه المعرفة) تعليم هذه المهارات إلى الأفراد العاديين، خصوصًا أن هذه المهارات تفسر وتؤثر على مختلف ما نقوم به في حياتنا.
تشير البرمجة الذهنية للتجارب الحسية إلى أننا نكتسب المخاوف من جراء تجاربنا وأهلنا وأصدقائنا والمعلومات الخاطئة التي نسمعها. ونحتاج للتخلص منها إلى تغيير طريقة تفكيرنا. فالخوف والقلق وليدا طريقة تفكيرنا وليس ما نفكر فيه تحديدًا.


الخوف عادة
التفاصيل الحسية تولد العادات. حين نفكر بالخوف على أنه عادة نستطيع التخلص منه. إن أي شيء نكتسبه من الماضي ونقوم به في الحاضر دون تفكير مسبق هو أمر يشكل عادة. والخوف نوع من هذه العادات. نستطيع اكتساب الشعور بالخوف من أي شيء. ونتذكر الخوف عند اختيار التفاصيل التي ولدت الخوف في الماضي! على سبيل المثال الطائرات والأشخاص الأقوياء والمصاعد والعناكب هي تفاصيل تخيفنا إن كنا قد تعلمنا الخوف منها بعد تجربة ماضية مرعبة. ما من شيء مخيف في أي من هذه الأمور ولم نخف منها في طفولتنا. إن أدت إلى شعورنا بالخوف فإن ذلك دلالة على أننا قد اكتسبنا هذا الإحساس.
تأتي الراحة النفسية عند إدراك التفاصيل الحسية واختيار ما نريد الخوف منه وما نريد تجاهله منها والتفكير بطريقة أفضل واختيار الخطوات التي يجب اتخاذها.


لغة الخوف
تعمل اللغة على توليد الخوف، فالحديث الذاتي يؤدي إلى هذا الشعور في بعض الأحيان، عندما يتحدث المرء في نفسه عن مدى خوفه أو عن المخاوف المرتبطة ببعض المسائل، فإن ذلك يولد الخوف في النفس، لذلك عندما يكون المرء خائفًا عليه التحدث مع نفسه بنبرة هادئة مطمئنة، كما عليه اللجوء إلى تعابير إيجابية مثل «إنني هادئ»، عليه استخدام التعابير التي تشير إلى ما يريد تجنبه، على سبيل المثال عليه عدم قول: «لست خائفًا» حيث إن ذلك يلفت انتباهه نحو الخوف. إضافة إلى ذلك من المفضل أن يستخدم المرء تعابير فيها الأفعال المضارعة مثل «أشعر بالهدوء» وليس «ليتني اهدأ».
ليس الحديث الذاتي الوسيلة الوحيدة التي تؤدي إلى توليد الخوف من خلال استخدام اللغة. إن التحدث عنها مع الآخرين أمر يؤثر فينا سلبيًا بشكل مماثل. إن كنا نريد التغلب على مخاوفنا الخيالية، لا تطلعوا الآخرين عليها إلا أن كان هناك داع شديد الأهمية. عند التحدث عن مخاوفنا مع الآخرين يصدقونا، وعندها يعاملوننا وكأن هذه المخاوف حقيقية، مما يؤدي إلى تأكيد أننا أشخاص شديدو الخوف. عندها يتوقع الآخرون منا أن نشعر بالخوف في ظروف معينة، مما يجعل هذا الإحساس أمرًا نعتاد عليه!
إن إطلاع الناس على أي أمر مسألة بالغة الأهمية ولها تأثير كبير على مجرى الأمور. علينا أن نطلب من هؤلاء الأشخاص المساعدة عند إطلاعهم على مخاوفنا الخيالية، عندها يبدؤون بمعاملتنا كما نريد.


العبارات المثبّتة
هذه العبارات قصيرة وتفسر ما نريد حصوله. علينا تدوين هذه العبارات وتكرارها باستمرار. علينا التعبير عما نريد حدوثه، ويجب أن يتم ذلك بشكل واضح.
عند تدوين عبارات عن التنمية الذاتية كالتخلص من الخوف الخيالي علينا استخدام كلمات تشير إلى أن ذلك يحدث حقًا. على سبيل المثال، إن كان هدفنا القدرة على التوجه إلى حشد كبير بثقة، علينا كتابة العبارة التالية: «إنني أغدو أكثر ثقة حيال التحدث أمام الآخرين» دونوا هذه العبارة على أفضل نوعية من الورق، واستخدموا خطًا واضحًا وكرروا ذلك عدة مرات يوميًا. إن ذلك يظهر للنفس أنكم شديدو الجدية حيال المسألة. يعلق بعض الناس هذه العبارات حيث يستطيعون قراءتها باستمرار.
يتأتى الخوف الخيالي من ثلاثة مصادر هي: الماضي، والحاضر، والمستقبل. ما يولد هذا الخوف هو حدث آني، ولكن الخوف ينبع من تخيل المستقبل وما قد يحصل من أمور لم يسبق لها أن وجُدت. قد يتمحور الخوف حول الماضي وحول ما وقع من أحداث أو ما كان قد يحصل.
«سانت أوغوستين» هو على الأرجح أكثر من استطاع التعبير عن المسألة بدقة حين قال: «الحاضر قادر على تغيير فهمنا للماضي وعلى توليد مستقبل.. لم نفكر قط في أنه ممكن، إلا أن هذا الحاضر قد يؤدي أيضًا إلى منعنا من استغلال الفرص المستقبلية.. إننا موجودون في الحاضر ولذلك نستطيع إعادة التفكير في الماضي وتوقع المستقبل».


التمرين الذهني
التمرين الذهني شديد الأهمية في أسلوب البرمجة الذهنية للتجارب الحسية كوسيلة للتخلص من الخوف الخيالي، حيث إن هذا النوع من الخوف مبني على تخيلات تجعلنا نشعر بالارتياح. عند تفكيرنا فيما نريد التوصل إليه وتكرار ذلك ذهنيًا علينا الالتفات إلى الأمور الآتية:
- فلتكن رغباتنا واضحة ومحددة. تخيلوا أكبر عدد من التفاصيل.
- حاولوا الاسترخاء حيث إن ذلك يعزز التمرين الذهني.
- فكروا في مجرى الأمور وليس في النتيجة فحسب. ركزوا على التفكير في مختلف التفاصيل التي تؤدي إلى الهدف المرجو.
- حاولوا اللجوء إلى جميع الحواس. كلما ازداد اعتمادنا على الحواس كلها، كان التمرين الذهني أكثر فاعلية. فكروا في التخيلات بشكل واضح. ركزوا على التفاصيل الحسية كالأصوات والحركات الجسدية والمذاقات والروائح.
- تمرنوا على ذلك للتوصل إلى أفضل النتائج. كلما لجأنا إلى التمرين الذهني أصبحنا أكثر مهارة في استخدام ذلك. عندها يصبح التمرين الذهني أكثر فاعلية. علينا تكرار ذلك حوالي خمس مرات في فترة لا تقل عن ثلاثة أيام.


الترابط والفصل
تعتمد الكثير من الاستراتيجيات الهادفة إلى التخلص من الخوف على القدرة على فصل النفس عن التخيلات ومحاولة النظر إليها بشكل موضوعي، وبهذه الطريقة نكون لا نعيش الحالة بل نقيمها ونتعلم منها.
القلق
يتخذ الخوف الخيالي من المستقبل شكل القلق، ويظن الكثير من الناس أن القلق مفيد ويظهر اكتراثهم بالمسائل، إلا أن هناك أساليب أخرى نظهر للآخرين أن أمرهم يهمنا. عند تخيل الاحتمالات السيئة نستمر في حالة من الضعف. ومن التمارين المجربة لتحرير النفس من الخوف:
- الانتقال من الشعور بالقلق إلى اتخاذ الخطوات اللازمة:
- لا تسألوا أنفسكم ما قد يحصل إن اتخذت المسائل مجرى سيئًا. فكروا فيما عليكم فعله إن حدث ذلك.
يؤدي ذلك إلى:
- التفكير في المستقبل.
- فصل النفس عن هذه الأحداث.
- تحويل الانتباه من الأحداث إلى الخطوات اللازمة. يصبح بوسعنا عندها التخطيط لما علينا القيام به.
في بعض الأحيان، يكون استيعابنا لسخافة الاحتمالات كافيًا للتخلص من القلق. إلا أن بعض التخيلات تحتاج إلى تخطيط وإلى اللجوء إلى الخطوات التالية:
- فكروا فيما تستطيعون القيام به لحل المسألة. تخيلوا صورًا تظهر الخطوات التي تجعلكم تشعرون بالارتياح.
- تمرنوا على ذلك ذهنيًا وتخيلوا قيامكم بهذه الخطوات. حاولوا عيش الحالة ومن بعدها تستطيعون التوقف عن القلق، حيث إنكم تكونون قد قررتم التصرف لمساعدة أنفسكم.


القوانين التسعة للشعور بالأمان:
1- انتبهوا إلى الخوف الحقيقي فهو حليف للإنسان، فهو يحذرنا من الخطر ويحول دون تحولنا إلى ضحية.
2- كلما ازدادت ثقتنا بمواردنا شعرنا بدرجة أكبر من الأمان.
3- خذوا الظروف والوقت والمكان بعين الاعتبار.
4- الشعور بالأمان يعتمد على إحساسنا بالسيطرة التامة على الظروف.
5- الشعور بالأمان يعتمد على معلومات وثيقة الصلة بالموضوع وكافية وموثوقة.
6- اتخذوا تدابير وقائية تعمل على تصفية الذهن وتحول دون أي خسارة محتملة.
7- لتكن لديكم خطة تتبعونها إن وقعت حادثة غير متوقعة.
8- اتبعوا حدسكم فهو يدلكم دومًا إلى الإشارة المنذرة التي قد لا ندركها بأنفسنا وبوعينا الكامل.
9- للحفاظ على درجة كافية من الأمان: انتبهوا إلى أي نوع من عدم الاستقرار على المستوى الشخصي وفي محيطكم.


الراحة النفسية
يرغب جميعنا في الراحة النفسية وفي التحرر من الخوف. الخوف الأساسي موجود دائمًا لحمايتنا، ولكن الكثير من الناس يعيشون والخوف يحيط بهم من جميع الجهات مما يحول دون شعورهم بالسعادة، علينا التحكم في هذا الخوف وعدم السماح له بالسيطرة علينا وتقييدنا.
عندما تزول المخاوف من حياتنا نعيشها مستمتعين بالراحة النفسية. إن البرمجة الذهنية للتجارب الحسية تمنحنا الفرصة لاختيار ما نريد الشعور به. نحتاج إلى تنوع من الأحاسيس حتى البغيضة منها كالحزن والغضب، لجميع هذه المشاعر هدف معين. بإمكاننا أن نقرر إيقاف بعضها وبوسعنا الإحساس بتلك التي نقرر اختيارها.
لن نتحرر قط من الخوف الحقيقي، ولن نرغب في ذلك. الخوف الحقيقي غريزة وردة فعل بيولوجية تحافظ على الأمان وتمنحنا القدرة على اتخاذ الخطوات اللازمة أو الهروب.
تشير الراحة النفسية إلى عدم شعورنا بالقلق. لن نعاني من الأرق ونحن نفكر في عائلاتنا وفي المال والعمل والفواتير أو أي شيء آخر. جميع هذه المسائل شديدة الأهمية ولكن القلق حيالها لن يحل أي شيء. ما علينا القيام به هو تحديد الهدف والخطة المناسبة للوصول إليه. ليس نجاح هذه الخطة أمرًا محتمًا ولكن تنفيذها يعني أننا قمنا بما في وسعنا.
تشير الراحة النفسية إلى عدم سيطرة الخوف الخيالي علينا، عندها تستطيعون اكتشاف مواهبكم الحقيقية. فالخوف يحول دون محاولة القيام بالكثير من المناشط الرائعة!

 

المعرفة الأرشيفية
عرض: هدى علي القهيدان - الرياض