حدّد غايتك في الحياة خلال 10 دقائق

"ما الغاية التي أسعى إلى بلوغها في الحياة؟"، من السهل التفكير مطولاً في هذا السؤال وقضاء الوقت في التأمل لإيجاد جوابٍ له، وقد كنا جميعاً مخطئين في مرحلةٍ من مراحل حياتنا حينما شغلنا أنفسنا كثيراً به. ولكن يبدو أنَّ أولئك الذين يعرفون الغاية التي يرغبون في بلوغها ويسعون إلى ذلك بإصرار محظوظون للغاية لأنَّ بقية الناس يكونون في أثناء ذلك تائهين في عالمهم الكئيب حيث تمضي بهم الأيام وهم يتساءلون إذا كان ما يقومون به مهمٌّ بالفعل وإذا كانوا يقضون وقتهم في القيام بما وُضِعوا على هذه الأرض للقيام به.



ولكن البحث عن الغاية ليس عملاً مستحيلاً ومعقداً ولست في حاجةٍ إلى بذل حياتك كلها في سبيله أو في سبيل تحديد الغاية لأنَّك تعرف الإجابة بالفعل، وكنت تعرفها حقيقةً طوال حياتك، وهي موجودةٌ بين يديك وفي داخلك وفي قلب جهازك العصبي.

الإجابة عن هذا السؤال واحدة بالنسبة إلى جميع الناس ولكنها مختلفة في الوقت نفسه، إنَّها الطاقة.

لقد وُهِبنا نحن البشر نعماً عجيبةً لا تُحصى من بينها نعمة الحياة الخاصة التي قدمها الله لكل شخصٍ منا، والتي على الرغم من ارتباطها بحياة الآخرين تبقى حياتنا الخاصة.

وبعد نعمة الحياة التي تُعَدّ بلا شك أعظم النعم تأتي نعمة الطاقة، التي لا أعني بها هنا الطاقة الظاهرية التي تحصل عليها من احتساء القهوة أو الجري أو بعد تلقي إطراءٍ أو ثناء، بل عن الطاقة الكامنة في صميم وجودك والتي مُنِحَت لك قبل أن تولد وتجعلك شخصاً فريداً من نوعه، الطاقة التي إما أن تنصاع لها لأنَّك تعلم أنَّ هدفك في الحياة يتفق معها أو أن تشعر بألمٍ دائمٍ في الحياة إذا لم تدرك مدى أهميتها.

لقد مُنِحَت لك هذه الطاقة لكي تكون دليلاً يُستخدَم في الليل والنهار لبلوغ الغاية.

إنَّ أبسط طريقةٍ لمعرفة إذا ما كنت تسير نحو بلوغ غايتك في الحياة أن تسأل نفسك: "ما حجم الألم الذي يكسو حياتي؟ وما مدى صعوبة عملي وما حجم الإجهاد الذي يتسبّب به؟" فإذا أشار جوابك عن هذه الأسئلة إلى بلوغ الألم والصعوبة والإجهاد مستوياتٍ متوسطةً أو مرتفعة فأنت لا تعيش في سبيل بلوغ الغاية.

لقد خُلِقتَ لبلوغ غايةٍ محددة وُجِدَت قبل أن تولد ولم تخترها أنت في حياتك، ومن أجل بلوغ تلك الغاية تحتاج إلى اتّباع ما تمليه عليك طاقتك، فكيف تعرف أنَّك لا تعير انتباهك إلى تلك الإملاءات؟

عندما يسير الناس بشكلٍ يتوافق مع طاقتهم تبدو الحياة غايةً في السهولة وبعيدةً عن الإجهاد وحينما لا يسيرون بما يتوافق معها يبدو كل شيءٍ صعباً على نحوٍ لا داعي له.

ثمَّة في الحياة أنشطة تمنحك الطاقة مهما بلغ حجم الوقت الذي تقضيه فيها ومهما بلغ حجم تركيز اهتمامك عليها، وهذه الأنشطة هي التي تحتاج إليها لأنَّها الطريق الذي ستبلغ به غايتك في هذه الحياة.

وثمَّة أنشطة أخرى في الحياة – حيث يشكل هذا النوع معظم أنشطة الحياة أو الأنشطة التي لا يحتاج التعامل معها إلى استخدام القدرات الفريدة – تستنزف طاقتنا بشكل حتمي، ومهما حاولت الاستفادة من الجهود أو السعي إلى النجاح أو التدرب على تحسينها ستنغِّص هذه الأنشطة حياتك ولن يكون ثمَّة ما يمكن فعله لجعل هذه الأنشطة تتماشى مع طاقتك ومن ثمَّ فإنَّك لن تبلغ غايتك في الحياة حينما تمارسها.

وبما أنَّنا بشر من السهل جداً أن نتجاهل نقاط قوتنا لأنَّنا لا نراها نقاط قوة ونشعر زوراً بأنَّها ضئيلة الأهمية وأنَّها موجودة لدى جميع الناس في هذا العالم، ولكنَّ هذا غير صحيح، إذ إنَّ أكثر الأنشطة التي لا تبذل جهداً أثناء القيام بها في الواقع هي أكثرها إثارةً لدهشة الآخرين وقد كان هذا دائماً السنة التي يسير عليها الكون.

فستشعر حينما تعمل مستعيناً بنقاط قوتك أو بما يتوافق مع طاقتك بأنَّ الأنشطة التي تقوم لن تكون مجهدة، وربما ستشعر في البداية بأنَّك لا تقوم بأي شيءٍ مميز ولكن توقف عن ربط مستوى الألم مع حجم التأثير وقم بدلاً من ذلك بما تقوم به في الوضع الطبيعي ولتكن النتائج التي تحققها هي التغذية الراجعة.

عندما تستفيد من نقاط قوتك، وتنصاع لطاقتك، وتتجنب تلك الأمور التي من الواضح للغاية أنَّها لا تمثلك ستحقق نتائج أفضل من أي شيءٍ حققته من قبل. ولأنَّ النتائج الملموسة تتأخر في الظهور عن نظيراتها في العالم الروحي أو الذهني فإنَّ هذا لن يحدث بين عشيةٍ وضحاها ولكنَّه حتماً سيحدث. وفي النهاية فإنَّ واقعنا المادي ليس إلا انعكاساً لأفكارنا السابقة ولارتباطنا السابق بطاقتنا الفريدة.

لقد نشأنا على الاعتقاد بأنَّه يجب عليك دفع نفسك خارج منطقة الراحة وبأنَّك تحتاج إلى تحمل الألم ومقاساة العمل المجهد لكي تحقق النجاح والرضا، وفي حين أنَّ تقديم تضحيات كبيرة والالتزام الثابت بتحقيق مستقبل مرضي وقضاء قدرٍ كبير من الوقت في العمل باستخدام قدراتك الفريدة يُعَدُّون جميعاً أموراً أساسية لتحقيق النجاح إلا أنَّ الفكرة هي أنَّ هذه ليس من الضروري أن تكون مصدراً للألم.

هل يعني هذا إذاً أنَّه يجب عليك ألا تعمل بجد؟ وأنَّه يجب عليك ألا تتمرن لتتحسن بشكلٍ مستمر؟ وأنَّ الإنجاز الذي تسعى إلى بلوغه سيتحقق فوراً؟ بالتأكيد لا.

هذا يعني ببساطة أنَّه يجب على العمل الذي تقوم به أن ينسجم مع طاقتك وأنَّه يجب على الأنشطة التي تقوم بها أن تقدم لك طاقةً تفوق تلك المبذولة، وأن تشعر بالإرهاق في نهاية اليوم ولكن ليس بسبب الألم أو الشعور بالضغط بل لأنَّ الطاقة الموجودة لديك انخفضت وتحتاج إلى إعادة شحن فوراً لكي تتيح لك أن تَثِبَ نحو اليوم الآتي بمزيدٍ من الحماسة.

إليك هذه الطرائق الثلاث للعثور على غايتك في الحياة:

اكتب الأنشطة (أو النشاط) الذي يمنحك طاقةً تفوق تلك التي تبذلها فيه:

ثمَّة أنشطة تستطيع فيها استهلاك الطاقة الجسدية بأكملها واستنفادها بشكلٍ كامل حيث تحصل من خلال القيام بذلك على مزيدٍ من الطاقة مما يجعلك ترغب بكل بساطة في القيام بمزيدٍ منها. وتمنحك هذه الأنشطة شعوراً جميلاً، وعلى الرغم من كثافة الجهود المبذولة في سبيل القيام بها إلَّا أنَّك تشعر بأنَّها لا تتطلب أيَّ جهد فالأوقات القاسية، بغض النظر عن مدى قساوتها تستحق العناء. فالقضية لا تتعلق بوجود شك حول إذا ما كانت تلك الأنشطة ستقدم النتائج المناسبة بل بموعد تقديمها لتلك النتائج. حيث تسير تلك الأنشطة وفق المبدأ الآتي:

الطاقة الذهنية والروحية المكتسبة < من الطاقة الجسدية المبذولة

أنصحك أن تتّبع هذا الإجراء مع الأشخاص الآخرين القريبين منك فقد يكون تحديد الناس نقاط قوتهم وقدراتهم الفريدة أمراً في غاية الصعوبة كما هو مذكور في الأعلى.

فبالنسبة لي يمنحني الحديث حول مواضيع التواصل بين البشر، وتحسين الأداء، والاستفادة من الحياة وإثارة شغف الناس تجاهها، والكتابة عنها، وتدريسها أكبر قدرٍ من الطاقة، وحينما أقوم بذلك تستعر الحماسة في داخلي فأكون قائداً أفضل، وزوجاً أفضل، وصديقاً أفضل ويبدو كل شيءٍ في حياتي غايةً في الوضوح. ولهذا السبب تعلمت أنَّ غايتي في هذه الحياة أو ما توجهني طاقتي للقيام به هو توجيه الآخرين ليصبحوا أفضل مما كانوا عليه.


اقرأ أيضاً:
هدفنا في الحياة... أوّل خطوة على طريق النّجاح


دوِّنْ الأنشطة التي تستنزف طاقتك:

لقد غُرسَ فينا الاعتقاد بأنَّه يجب علينا أن نكون بارعين في أمورٍ معينة، فيجب مثلاً على القادة أن يكونوا مديرين رائعين، ولكنَّ هذا ليس صحيحاً بالضرورة. وقد كنا مخطئين حينما تعلَّمنا أن نعتقد بأنَّنا إذا لم نكن بارعين على مستوى العمليات فإنَّنا لن نكون قادرين أبداً على تأسيس شركة عظيمة. ومن قال أنَّني حينما أكون مديراً تنفيذياً يجب علي أن أكون أفضل مندوب مبيعات في الشركة؟

الفكرة أنَّه ليس ثمَّة ما هو واجب بل ثمَّة ببساطة ما يثير حماستك وما لا يثيرها، فتوقف عن التظاهر بأنَّك تحب أنشطة معينة حينما تبغض تلك الأنشطة التي تشمل كل ما يقع خارج نطاق قدراتك الفريدة. وتوقف عن الاهتمام بنقاط ضعفك على حساب نقاط قوتك ولتكن لديك الشجاعة لتقبُّل عدم محبة جميع الأمور وألَّا تكون بارعاً في كل شيء. ولن يكون ممكناً بلوغ العظمة بشكلٍ حقيقي، والوصول إلى غايتك الحقيقية في هذه الحياة، إلَّا حينما تقوم بذلك.


اقرأ أيضاً:
6 عادات يوميّة تتسبب في تعاستك وضعف طاقتك


انصع لطاقتك:

ابدأ على وجه التحديد في تحديد كيفية القيام بمزيدٍ من الأنشطة التي تمنحك طاقةً تفوق الطاقة المبذولة والابتعاد عن الأنشطة التي تستنزف طاقتك وحينما ينشأ تناغمٌ بينك وبين طاقتك ابذل في سبيلها كل ما تملك.

إنَّ مجرد وجود تناغم بينك وبين طاقتك وسعيك نحو تحقيق غايتك في الحياة لا يعني أنَّ كلَّ شيءٍ سيكون مثالياً ولا أنَّك ستقدم عملاً رائعاً أو ستكون بارعاً في ما تقوم به، ولكنَّه يعني أنَّك ستشعر بالسعادة وأنَّ الأمور ستسير على ما يرام. وحينما تلتزم بألا تكون الطاقة الموجودة داخلك بلا جدوى وأن تكون دليلك إلى بلوغ أقصى إمكاناتك وتثق بذلك ستصل إلى ما قُدِّر لك الوصول إليه وستصنع المعجزة التي من المفترض أن تصنعها وستكون شخصاً عظيماً.

ولأنَّ البحث عن الغاية في الحياة تُعَدُّ رحلةً بلانهاية فإنَّ أولئك الذين يتعرفون على طاقتهم ويجعلونها دليلاً يهتدون به سيعرفون غاياتهم دائماً وسيكونون قادرين على العودة إلى طريق الرشاد حينما تبعدهم عنه الكبوات. والغاية التي يُسعى إلى بلوغها في هذه الحياة ليست القيام بأمرٍ واحد بل أن تُظهر شخصيتك الحقيقية.

فأنت كائنٌ بشري ولست آلةً وغايتك في هذه الحياة أن تكون الإنسان الذي يهتدي بالهدي الذي تمنحه إياه طاقته في كل يوم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة