حالة التركيز: تعريفها وطريقة الوصول إليها

لقد مرَّ كل شخص بحالة تركيز في حياته؛ أي الشعور بالتوازن بين الجسد والحالة النفسية؛ إذ تنشغل بعملٍ يصبح انشغالاً يحصنك من مصادر تشتيت الانتباه ويركز اهتمامك على العمل، فتشعر كما لو أنَّ الوقت ينقضي ببطء وبأنَّ حواسك متَّقدة، وعندما يتماشى العمل مع الإدراك، تكون في حالة تركيز مع المهمة التي تعمل عليها، يعتقد بعض الناس أنَّ هذا الأمر سببه الشعور بالحماسة لإنجاز عمل ما؛ وإنَّما هي حالة تدفعك إلى الشعور بالهدوء والاسترخاء سواء كنت منشغلاً بنشاط بدني أم عمل إبداعي أم مهمة يومية عادية.



ما هي حالة التركيز؟

ألقى الدكتور ميهالي شيكسنتميالي (Mihaly Csikszentmihalyi) خطاباً على منصة تيد (TED) ذكر فيه أنَّ الجهاز الحسي غير قادر على التعامل مع أكثر من 110 بتاً في الثانية من المعلومات، وعندما تسمع شخصاً يتحدث، يمكنك معالجة نحو 60 بتاً من المعلومات في الثانية لفهم ما يقوله، وهذا هو السبب في أنَّه إذا كان يوجد شخصان يتحدثان معك في وقت واحد، فلا يمكنك الإصغاء إليهما معاً وفهم ما يقولانه.

يوضح الدكتور ميهالي أنَّك عندما تنشغل في القيام بأمر جديد، لن يكون لديك وقت كافٍ لتتبع شعور جسمك أو الإصغاء إلى حديث عقلك، ويقول: "لقد طورت نظرية التجربة المثلى (theory of optimal experience) على أساس مفهوم التركيز؛ أي الحالة التي يشارك فيها الناس في نشاط بحيث لا يبدو أي أمر آخر هام بالنسبة إليهم، فالتجربة نفسها ممتعة للغاية لدرجة أنَّ الناس سيطبقونها حتى لو كلفتهم الكثير".

يمكن وصف التركيز بأنَّه حالة اتحاد مع المهمة التي تنجزها، والانغماس التام بالعمل الذي تنجزه بتركيز كامل ونسيان العالم الخارجي.

في الواقع، إنَّ الحفاظ على حالة التركيز هذه هو أمر يرغب معظمنا في القيام به بصورة منتظمة، ولحسن الحظ، حالة التركيز ليست حكراً على الرياضيين والفنانين؛ إذ يمكنك الحصول على هذه الحالة من خلال معظم الأنشطة مثل العمل أو التمرين أو ممارسة هواية.

المهارات المناسبة حسب الهدف:

وفقاً للدكتور ميهالي، عندما تكون مهاراتك متوافقة تماماً مع هدفك، فمن المرجح أن تكون في حالة تركيز؛ لذلك، قد يشعر العدَّاء بالتركيز في سباق الماراثون الذي يكون مستعداً له جيداً، أو يجيب الطالب عن سؤال كان مستعداً له جيداً، أو قد يدخل لاعب الشطرنج هذه الحالة في أثناء المباراة التي تشكل تحدياً مثالياً؛ بمعنى آخر، من المحتمل أن تؤدي الممارسة والمعرفة والخبرة في النشاط إلى تنشيط حالة التركيز.

شاهد بالفيديو: كيف تصل إلى التركيز وسط جميع الإلهاءات

يمكن أن يساعد تحسين المهارات على تحقيق حالة التركيز:

يمكن أن تؤدي زيادة مهاراتك قليلاً أو تجربة أمر أكثر تقدُّماً قليلاً من مهاراتك الحالية إلى تعزيز حالة التركيز، وقد يتضمن الأمر القيام بمهمة تتطلب استخدام أداة أو مجموعة برامج جديدة ومختلفة، اعتماداً على الوظيفة التي تعمل بها.

كما يجب أن تركز على إضافة صعوبات جديدة بصورة روتينية؛ إذ سيُمكِّنك ذلك من تحسين مهاراتك، والوصول إلى حالة التركيز بسهولة أكبر.

تحديد أهداف واضحة:

يجب أن يكون لديك هدف محدد للتركيز على المهمة، على سبيل المثال الفوز بمسابقة رياضية، أو تعلم عزف مقطوعة موسيقية معينة، أو إنجاز مهمة عمل، فالمشاركة وحدها لا تكفي؛ إذ يفعل الأشخاص الذين يصلون كثيراً إلى حالة التركيز ما يفعلونه بفضل القيمة الذاتية الشخصية وحدها، وذلك عندما تتوافق أهدافهم مع الغرض والشغف والقيم، وغالباً ما تُحفِّزك الأهداف مع الشعور بهذه العناصر الثلاثة وتملأ حياتك بالرضى في نهاية اليوم.

تجنُّب المشتتات:

يُعدُّ تركيز انتباهك على المهمة المطروحة أمراً بالغ الأهمية، وستنقطع حالة التركيز من خلال ممارسة تعدد المهام ونتيجة أسباب أخرى؛ لذلك، خصِّص مساحة وبعض الوقت لتتمكن من العمل على مشروع دون أي تدخُّل أو إزعاج، وأغلق هاتفك أو جهاز التلفاز أو أي وسيلة أخرى قد تبعدك عن الهدف الأساسي.

إقرأ أيضاً: 5 طرق فعّالة لزيادة التركيز في العمل والدراسة

الاستمتاع باللحظة وعدم القلق بشأن النتيجة:

على الرَّغم من وجود هدف هام تسعى إليه، إلا أنَّ حالة التركيز تتطلب تقدير العملية، وليس مجرد التركيز على النتيجة النهائية؛ لذلك عِش اللحظة واستمتع بها دون التفكير في النتيجة.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب توضح أهمية التركيز على المهام كل منها على حدة

في الختام:

يمكن أن يكون الوصول إلى حالة التركيز أمراً ممتعاً، لكن قد يكون له مزايا مختلفة أيضاً؛ إذ تشير الأبحاث إلى أنَّ فوائد التركيز تشمل تطوير مهارات مُتقدِّمة وتعزيز عملية التنفيذ، وسيساعدك أن تصبح أكثر احترافاً ودراية في العمل على تحسين تقديرك لذاتك في هذا المجال ويمنحك الثقة بالنفس المرتبطة بهذه المهارات.




مقالات مرتبطة