توقعات بازدهار الاقتصاد السعودي غير النفطي

سيستمر الاقتصاد السعودي في النمو خلال العامين 2015 و2018 ولكن بمعدلات أكثر اعتدالاً، بعد أن سجل نموا سنويا بلغ 5.5٪ في المتوسط خلال الأعوام الخمسة الماضية، وتشير توقعات إدارة البحوث الاقتصادية في بنك الكويت الوطني، وفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي، إلى أن القطاع غير النفطي سيكون المحرك الأساسي في دفع عجلة النمو وتعويض التباطؤ المتوقَّع في نشاط القطاع النفطي، مستفيداً من الاستثمار الحكومي وخطة التنويع التي تهدف إلى تحفيز التوظيف والطلب على السلع الاستهلاكية ونشاط القطاع الخاص.


ومن المرجَّح أن تستمر السياسات المالية والنقدية الميسرة ما من شأنه أن يدعم النمو، وذلك من خلال أسعار الفائدة المنخفضة والنمو القوي في الائتمان المصرفي وزيادة الإنفاق من قبل مؤسسات الائتمان المتخصصة. كما سيبقى معدل التضخُّم تحت السيطرة في سياق اعتدال مستوى أسعار المواد الغذائية والطاقة عالميا. كما تشير التوقعات إلى تحقيق تحسن إضافي في ما يتعلق بالعجز الإسكاني والمعدلات المنخفضة لمشاركة المواطنين في القطاع الخاص، وذلك بعد أن أدخلت الحكومة لوائح جديدة للإسكان وإصلاحات لسوق العمل. لكن من المحتمل أن يتسبب انخفاض الإيرادات النفطية في تسجيل عجز مالي خلال السنة المالية 2015 -2016.

تخفيضات بسيطة في إنتاج النفط:

تشير التوقعات إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 4.2٪ تقريباً في العام 2014 إلى 3.6٪ في العام 2015 قبل أن يعاود الارتفاع إلى 4.2٪ في 2016. وبالنظر إلى تراجع أسعار النفط العالمية؛ قد تضطر السعودية لخفض إنتاج النفط في عام 2015 سواء من جانبها وحدها أو بالتنسيق مع بعض الدول الأعضاء في منظّمة أوبك من أجل الحد من هبوط الأسعار على نحو إضافي. وقد هبطت الأسعار بأكثر من 50٪ منذ منتصف شهر يونيو من العام 2014 بسبب  ضعف الاقتصاد العالمي ووفرة النفط الخام في السوق. كما قررت السعودية تخفيض سعر البيع الرسمي لنفطها الخام إلى الولايات المتحدة والأسواق الآسيوية خلال النصف الثاني من العام 2014 لحماية حصتها السوقية. وقد بلغ متوسط إنتاج النفط السعودي 9.7 مليون برميل يومياً في العام 2014 بزيادة قدرها 100ألف برميل يومياً عن العام 2013.

ازدهار نمو الاقتصاد غير النفطي:

تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد غير النفطي سيحافظ على نموه المتسارع بمعدل 5٪ خلال العامين 2015 و2016. ولطالما كان الإنفاق الرأسمالي الحكومي أحد ركائز الاقتصاد السعودي في الأعوام الأخيرة حيث جرى الاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، ابتداء من قطاعي النقل والإسكان وانتهاء بقطاعي الطاقة والخدمات المالية. ومن المتوقع ضخ استثمارات في البنية التحتية بقيمة 1.1 تريليون دولار أميركي في العديد من المشروعات البارزة التي من ضمنها مترو الرياض ومترو مكة بقيمة 23 مليار دولار و7 مليارات دولار على التوالي، ومشروع توسعة مطار الملك عبد العزيز الدولي بتكلفة 4 مليارات دولار، ومشروع محطة الشُقيق لتوليد الكهرباء بقيمة 3.3 مليار دولار، ومشروع أبراج كدي متعددة الاستخدامات بمكة والبالغة قيمته 3.5 مليار دولار. وعلاوة على ذلك، فإن الحكومة بصدد الكشف عن خطتها التنموية للفترة 2015 - 2019؛ حيث ستلقي المزيد من الضوء في تلك الخطة على استراتيجية التنويع التي تتمحور حول تطوير خمسة قطاعات صناعية وهي قطاع السيارات وقطاع الأجهزة المنزلية وقطاع البلاستيك ومواد التعبئة، وقطاع التعدين ومعالجة المعادن وقطاع الطاقة الشمسية. وتأمل السلطات في أن يعمل الاستثمار في هذه القطاعات على توسيع القاعدة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على الواردات وتوفير فرص عمل.

قوة النشاط الاستهلاكي يعكس توسع النشاط في القطاع غير النفطي:

يظهَر القطاع الاستهلاكي حيوياً وبحالة جيدة نظراً لاستفادته من الإنفاق الحكومي، حيث أن مقاييس النشاط الرئيسية، مثل صفقات أجهزة نقاط البيع، ومؤشرات مديري المشتريات، ونمو الائتمان المصرفي للقطاع الخاص، تعكس ازدهارَ القطاع غير النفطي نسبيا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2014. إلا أن وتيرة نموه قد تبدو في تباطؤ؛ فقد ارتفعت مبيعات أجهزة نقاط البيع بنسبة 10٪ على أساس سنوي في شهر أكتوبر، مقارنة مع 26٪ على أساس سنوي في شهر سبتمبر. ولا يزال مؤشر مديري المشتريات الذي بلغ 59.1 في نوفمبر، يعكس زيادة إنتاج القطاع الخاص ولكن بمعدلات أبطاً، إذ سجل هذا المؤشر سابقاً أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات.

قوة نمو الائتمان تدعم توسُّع القطاع الخاص:

حقق الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، الذي يشكِّل 98٪ من إجمالي الائتمان المصرفي، نمواً كبيرا بلغ 13٪ على أساس سنوي في الربع الثالث من العام 2014 بقيادة الائتمان الممنوح إلى قطاعات التصنيع والتجارة والبناء والإنشاءات وبعض القطاعات الأخرى. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي القروض المستحقَّة التي أصدرتها مؤسسات الائتمان المتخصصة (SCIs)، بما في ذلك البنك السعودي للتسليف والادخار وصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية العقارية، 9٪ على أساس سنوي في الربع الثاني من العام 2014. ولا تزال فرص زيادة خطوط الائتمان من البنوك ومؤسسات التمويل المتخصصة جيدة جداً في ضوء مجموعة مشاريع الإنشاءات ومشاريع البنية التحتية المرتقبة التي تقودها الحكومة.