تفهم تصرفات الموظفين - كيت كينان

فكرة الكتاب: تفهم تصرفات الموظفين

يساعد هذا الكتاب مدير أو رب العمل على إلقاء الضوء لفهم سلوك وتصرفات العاملين، ومعرفة العوامل المؤثرة على سلوك العاملين، ويجعلك تدرك كثيراً من سلوكيات من حولك وأولهم أنت.



الفصل الأول: الحاجة إلى فهم سلوك الآخرين وضرورته

لكي نستطيع أن نفهم سلوك الآخرين علينا أن ندرك الأسباب التي تدعوهم لأي فعل –خيراً أو شراً- حتى نستطيع أن نعطي تفسير اً لأفعالهم.

بيد أن هذا الفهم للسلوك من قبلنا قد يكون غير صحيح، وهنا تكون القدرة على التمييز ما نراقبه بواسطة حواسنا وما نستنتجه، فهذه هي أول خطوة لفهم سلوك الآخرين.

مراقبة السلوك بموضوعية وعدم تحيز:

علينا أن نتحلى بالتجرد والموضوعية وخصوصاً عند الحكم على الآخرين فقد نستخلص سلوكاً لشخص ما استناداً إلى جوانب أو براهين قليلة.

ولكي تعطي حكماً سليماً على الآخرين عليك أن تفرق بين الشخصية والسلوك وعدم الخلط بينهما.

إساءة فهم المسببات:

لا يبدو فهم سلوك الآخرين سهلاً على الدوام، إذ من الصعوبة بمكان أن نفسر تصرفات سلوك الآخرين بغض النظر عن مسبباته، وأن هذه التصرفات قد حدثت بشكل متعمد أم لا، فقد تظهر لك بعض التصرفات ظاهرها الإهانة بينما عندما تبحث عن مسبباتها الأصلية تجدها خلاف ذلك، مثل الانشغال بأمر خطير وأمر غير مفهوم لديك، المهم ألا تأخذ بالأسباب الظاهرة وراء تصرفات الآخرين، وأن تربط بين سلوك الأفراد وشخصياتهم.

كما أنه يتبادر لأذهاننا دائماً أن الآخرين يتحكمون كلياً بأفعالهم سواء كانت مقصودة أو غير ذلك دون أدنى شك، مما يجعل ذلك سبباً رئيساً لحصول سوء فهم السلوك العام وبالتالي سوء التفاهم.

 تصنيف أنواع السلوك:

توجد ثلاثة تصانيف من أنواع السلوك للآخرين:

1) السلوك الأساس الأصلي: وهو مزيج من السلوك الفطري للفرد ممزوجاً بالسلوك المكتسب الذي يكتسبه الفرد في مراحل عمره.

2) السلوك السلبي الذي يدل على الضيق والانزعاج والحزن: ويظهر هذا السلوك عندما تواجه الأفراد ظروف سلبية.

3) السلوك الذي يدل عن حاجة نفسية: وهذا السلوك يعكس الحاجات النفسية الكامنة في الأفراد.

الفصل الثاني: فهم سلوك الآخرين

لفهم سلوك الآخرين عليك أن تدرك سلوكيات البشر المختلفة والتي تصدر من ثلاثة مصادر أساسية: 

السلوك الفطري:

يختلف الأفراد من حيث ميولهم ونزعاتهم الفطرية والتي تشكل على هيئة طباع أو شخصيات تمكنهم من التعامل مع الآخرين.

الطباع Temperament:

يولد الأفراد عادة بطباع غريزية تحدد مستوى الأمزجة الفردية والحسية النفسية، وهي غالباً ما تورث عن طريق (الجينات)، وهذه الطباع (المزايا) لا يمكن تغييرها فهي تشكل الأساس الذي تتطور وتنمو من خلاله الشخصيات ومميزات الأفراد.

الشخصية personality:

يمكن تمييز خمس مجموعات أساسية تمثل الجوانب المختلفة لشخصية الإنسان:

  1. مدى الاستقرار العاطفي والنفسي: وتعني ردود الأفعال النفسية والعاطفية عندما يتعرض الفرد لمواقف معينة، هل يميل للتوتر أو الهدوء والسكينة، أو يصيبه نوع من القلق أو يحبط أو ربما يكون عدواني.
  2. مدى الانفتاح على الآخرين: وتعني مدى العلاقات التي تربط الفرد بالآخرين، هل هو يحب العزلة والصمت والخجل، أم يحب الخلطة والألفة والحماس والنشاط والتواصل مع الآخرين.
  3. مدى الشعور بالمسؤولية والضمير: وتعني عمق الشعور والإحساس بالواجب الملقى على الفرد، فالبعض يدفعه الإحساس بالمسؤولية وضميره الحي للقيام بالواجب، والبعض يميل إلى اللامبالاة والإهمال لذا لا يُعتمد عليه في شيء.
  4. مدى توافق الشخص مع الآخرين وقبوله منهم: التوافق مع الآخرين وقبولهم أمر نسبي، فقد يميل فرد إلى المشاركة والكلام الحاد، بينما يبدي البعض طيب الخلق وكريم النفس، وقد يميل البعض للتواضع ويحب الخير للغير والبعض أنانياً.
  5. مدى الانفتاح على التجاوب: يعيش البعض منغلقاً على نفسه تقليدياً في تفكيره وتصرفاته لا يحب المغامرة، بينما يعيش البعض مبدعاً ومبتكراً في تفكيره وأسلوبه واسع الأفق منفتحاً ومتعاطفاً مع التجارب.

الصفات الشخصية للفرد (الغريزية) تؤثر تأثيراً مباشراً في سلوك الفرد. 

السلوك المكتسب بالتنشئة والتربية Nature:

يعيش الفرد محتكاً بمن حوله متأثراً بسلوكهم تأثيراً كبيراً حسب العلاقة والسن.

1- التعلم والتربية الموجهة:

يتأثر الأفراد بالتعلم أو بالتنشئة وكذلك توجيه الآخرين عبر مراحل نموهم:

  • تأثير الأبوين أو أحدهما، ويلعب هذا التأثير دوراً كبيراً خصوصاً في السنين الأولى من حياة الأفراد، فيصطبغ الأفراد بالسلوك الذي نشأوا عليه، فعند اهتمام الوالدين يشعر الولد بالأمان النفسي، وعند العكس يميل الولد لجذب انتباه الآخرين أو العنف أحياناً.
  • تأثير الأصدقاء والشخصيات المؤثرة كالمعلم وغيره، تبقى هذه الشخصيات المؤثرة مثلاً أعلى ونموذجاً يحتذى به من قبل الأفراد.
  • النشاطات اليومية: تشكل الممارسات اليومية منذ الصغر مغذياً فعالاً ومؤثراً لسلوكيات الأفراد. 

2- تعزيز السلوك المكتسب:

خلال مختلف مراحل العمر يتعرف الأفراد على السلوك المقبول لدى الآخرين والسلوك المرفوض بفعل الثواب والعقاب، وبفعل تعزيز السلوك الجيد يتقوى ويثبت في سلوكيات الأفراد فترة من الزمن حتى ولو لم يعزز بتجارب الآخرين.

السلوك الناجم عن الهوية الجنسية (ذكر أم أنثى):

من العوامل التي تؤثر على سلوك الأفراد هو اختلاف الجنس (ذكر أو أنثى)، يتأثر الأفراد في مراحل النمو الأولية بالجنس الأنثوي (الأم) غالباً فالبنت غالباً تتطور علاقتها بأمها فتتأثر بسلوكيات الأم من الاستعداد للزواج والإنجاب وخلافه، أما إن كان صبياً فسيختلف الأمر، فهو يحتاج مستلزمات ومقومات النجاح والثقة بالنفس والشجاعة وخلافه.

السلوك المعزز أو المضاف:

يمكن تعزيز أو إضافة سلوك عن طريق التجربة وتأصيله في النفس سواء كان سلبياً أو إيجابياً، مثل:

  • الانفعال ورفع الصوت وربما الغضب لتحقيق غايات محددة.
  • تكرار إبلاغ أشخاص معينين بأنهم غير قادرين على تنفيذ الأمور يفقدهم الثقة بالنفس.
  • إذا عانى الأشخاص من تخلي الآخرين عنهم بشكل سيئ ومستمر سيفقدهم الثقة بالآخرين.
  • عند كثرة اللوم والانتقاد للآخرين على أعمالهم سيشعر هؤلاء الأفراد بعدم الفائدة من بذل أي جهد.

السلوك القائم على التطلعات التنبؤية المحققة للذات:

  1.  السلوك وفقاً لما يتوقعه الآخرون من الشخص: عندما نتوقع من الأشخاص سلوكاً جيداً ونشجعهم عليه فسوف يحققون أداءً جيداً، أما إذا أبلغوا بعدم الفائدة منهم فسوف نجعلهم يعتقدون بأنهم عديمو الفائدة.
  2. الشعور المكتسب بالعجز: عندما يُشعر الأفراد بأنهم لا يملكون السيطرة على أنفسهم أو ظروفهم هذا الأمر سيعطيهم انطباعاً بأنهم غير قادرين على تحقيق أي إنجاز.
  3. الرقابة الإيجابية (التوجيه الذاتي): عندما يُشعر الأفراد أن الرقابة على حياتهم نابعة من ذواتهم سيعطيهم دافعاً نحو التقدم في الحياة بشكل إيجابي.

الفصل الثالث: السلوك السلبي الذي ينم على انزعاج وأسى أو ألم أو حزن

قد يتعرض الفرد في حياته إلى بعض المؤثرات السلبية والضغوط الصعبة التي ينتج عنها نتائج سلبية تؤثر وتوجه الأفراد إلى ردود الأفعال أو السلوك السلبي، ويمكن إدراج هذه المؤثرات تحت مصدرين بشكل عام:

أولاً: الظروف الخارجية

إن عدم مقدرتنا السيطرة على حياتنا وما يدور حولنا يشكل عاملاً مقلقاً لنا.

ففي بعض الأحيان أو الظروف تحدث أمور أو ضغوط تتفوق على قدرات الأفراد مسببة تغيير خطير في سلوك الأفراد.

1) ضغوط العمل والإجهاد الناتج عنها:

تسبب ضغوط الحياة والعمل إجهاداً نفسياً فضلاً عن الإجهاد البدني، فيبدي الأفراد نوعاً من الألم والحزن والضيق مثل:

  • صعوبات العمل: شعور كثير من الأفراد بالقصور وعدم الكفاية للقدرات الذاتية لهم من القيام بمتطلبات أعمالهم مسببة تدهور الأداء في العمل.
  • مشاكل عائلية وشخصية: هذه المشاكل الشخصية والعائلية لها تأثير مباشر على انشغال الذهن وعدم التركيز واتزان النفسية.
  • المسؤوليات الزائدة: المسؤوليات الزائدة تعني كثرة الالتزامات والواجبات والتسليم بمواعيد نهائية صارمة، ولكن ليس على كل حال أن تحدث الأمور وفقاً لما نشتهي، فقد يحدث عدم الإيفاء بهذه الضغوط فينشأ القلق والخوف وقد يؤدي ذلك إلى تبلد الذهن والاستخفاف بالعمل مما يعيق الأداء.

2) الإجهاد الناتج عن الضرر الجسدي والنفسي:

هناك العديد من الأحداث التي تضر بالجسد والنفس عند حدوثها، مثل الحوادث والكوارث وهذه الأحداث تحدث لنا ولا نستطيع التحكم أو السيطرة عليها، فتجلب هذه الحوادث إجهاداً نفسياً وربما جسدياً.

الكحول والمخدرات:

لا شك أن الكحول والمخدرات تؤثر تأثيراً مباشراً على السلوك، وبالجملة فإن متعاطيها يلجأ لها للتخلص من الظروف السلبية التي يمر بها، بينما يعد هذا من المشكلة إلى مشكلة أكبر، وعندما يفيق هذا المتعاطي يدرك أن المشكلة لا زالت موجودة، بل ربما أنها تحولت إلى أزمة.

ثانياً: الظروف الداخلية

يتأثر بعض الأفراد بأحوال النفس الداخلية فتؤثر على النمط السلوكي له. ومنها:

  1. القلق النفسي: يشعر معظم الأفراد بالقلق والتوتر عندما يواجهون ضغوطاً أو ظروفاً صعبة مسببة لهم الإجهاد النفسي، خصوصاً إذا كانت هذه الضغوط والظروف لا تشكل صعوبة للآخرين.
  2. الكآبة: وتقع هذه الحالة عندما يتعرض الأفراد إلى ضغوط وظروف طويلة الأمد، لا يستطيعون أن يخرجوا منها مما يزيد كآبتهم، وبالتالي يشعر هؤلاء بأنهم عديمو الفائدة وغير قادرين على صنع أي قرار في حياتهم، وينظرون إلى أنفسهم أو الآخرين أو الحياة نظرة سلبية. 

علامات السلوك السلبي:

قد يتغير سلوك الفرد تغييراً سلبياً عما كان عليه من قبل مثل:

  1. التأخر في الوصول إلى مقر العمل مقارنة بالتزامه السابق بذلك.
  2. الانعزال عن الآخرين مقارنة بسلوكه الاجتماعي السابق.
  3. حدوث موجات من الغضب مهما كان الأمر تافهاً مقارنة بسلوكه الهادئ السابق.
  4. عدم الاهتمام بالمظهر مقارنة بأناقته السابقة.
  5. إهمال العمل والواجبات مقارنة بجده ونشاطه في السابق.
  6. الميل إلى النسيان وعدم الانتباه مقارنة بدقته وحرصه السابق.
  7. ظهور التشويش والارتباك مقارنة بالتنظيم والدقة سابقاً.
  8. إظهار الحزن مقارنة بالسعادة والفرح السابق. 

الفصل الرابع: السلوك الذي ينم عن حاجة نفسية أو رغبة محددة

لكل فرد حاجاته النفسية الخاصة به والتي يسعى لإشباعها مثل الاعتراف بالإنجاز والمكافأة، وعادة يكون الأفراد قادرين على إشباع هذه الحاجات النفسية، ولكن عندما لا يحصل ذلك فإنهم يسلكون مسلك الشعور بالإحباط وإظهاره، ولا يقتصر الأمر عليهم بل يؤثروا في الأشخاص الآخرين ممن حولهم.

تحديد الحاجات النفسية:

يسعى الأفراد غالباً إلى ما يلبي حاجاتهم النفسية، وعند وجود فجوة بين طموحات الأفراد وواقعهم الذي هم فيه، فإنهم يظهرون هذه الحاجات النفسية التي تعكس وجود هذه الفجوة التي لا بد أن تملأ بمثل ما يلي:

  1. الحاجة إلى بناء الثقة بالنفس لإنجاز الأعمال.
  2. الحاجة إلى أن يكون الرجل الذي يعتمد عليه من قبل الآخرين.
  3. الحاجة لجذب انتباه الآخرين، وأن يكون ملاحظاً من قبل الآخرين ويلقى إعجابهم.
  4. الحاجة لقبول الآخرين وأن يكون محبوباً ومرضياً عنه من قبل الآخرين.

هذه بعض الحاجات النفسية التي لها دور في تغيير السلوك الإنساني، لذا عندما تشبع هذه الحاجات أو بعضها بحسب الأفراد يشعرون أن لهم قيمة عند الآخرين مما يجعل سلوكهم إيجابياً، عندما تسيطر الحاجات النفسية الكامنة في الأفراد على السلوك يصبح الأفراد أقل تحكماً في سلوكياتهم التي ربما تكون سلوكيات سلبية، ولكن عندما تسيطر السلوكيات على الحاجات النفسية ويصبح السلوك موجهاً للحاجات النفسية فإنه من الأرجح أن تكون السلوكيات تنحى منحاً إيجابياً.

إدراك الدور التمثيلي الذي يلعبه الموظف:

يسلك بعض الأفراد في حياتهم الوظيفية أو الاجتماعية سلوكيات (أدوار) تخفي وتموه سلوكياتهم الأصلية، ومن أهم هذه الأدوار:

  1. دور الضحية: هؤلاء الأفراد يلقون باللوم على تقصيرهم وإخلالهم على الآخرين وبدلاً من أن ينتقدوا واقعهم فإنهم يلجؤون إلى نقد الآخرين هروباً من الواقع.
  2. دور المنتصر: هؤلاء الأفراد يقنعون أنفسهم أنهم مساوون للآخرين أو أفضل منهم، ويرون أنفسهم أنهم يجب أن يقدموا على الآخرين، ويحب هؤلاء الأفراد أن يعرف الآخرون مدى النجاح الذي حققوه، والذي غالباً ما يكون على حساب شخص آخر.

هذه الأدوار وغيرها من الأدوار يحاول الأفراد من خلالها أن يعبروا عن حاجاتهم الكامنة ويحاولوا إشباعها عن طريق تمثيل أحد هذه الأدوار.

الفصل الخامس: كيفية التعامل مع سلوك الموظفين

إن السلوك السلبي للموظف لا يعكس شخصية الموظف، لذا على المدير أو مسؤول العمل أن يفرق بين سلوك الموظف وشخصية الموظف.

تقييم سلوك الموظفين:

مهما كانت الأسباب المسببة للسلوك السلبي، علينا أن ندرك ما إذا كان هذا السلوك سيؤثر على أداء الأفراد، فقد يعاني أحد الموظفين من التعاسة والكآبة والشعور بالأسى نتيجة فقدان عزيز أو فراقه أو غيرها مما يضطرهم إلى عدم ضبط مشاعرهم وسلوكياتهم، وإذا استمر وضع الموظف المحزن فقد يزيد الأمر سوءاً ويتحول إلى سلوك سلبي، لذا فينبغي عليك كمسؤول أو مدير أن تقيم أولاً ما إذا كان هذا السلوك السلبي ناتج عن ألم أو حزن أو انزعاج أو نقص في الحاجات النفسية أو العاطفية، ثم تختار نوعية الأسلوب المناسب للتعامل مع سلوكه حسب سبب سلوكه السلبي. 

مساعدة الأشخاص على التكيف والتلاؤم:

يجب أن ينصب اهتمامك كمسؤول أو مدير بعد معرفتك سبب السلوك السلبي للموظف على مساعدته مع التكيف مع الوضع الجديد لمشكلته، وأول خطوة هي أن تتحدث إلى هذا الموظف (ذو السلوك السلبي) وتوهم من ذلك أن تستمع إليه، وعندما تبدأ بهذه المهمة عليك بما يلي:

  1. أشر إلى التغيرات السلوكية المحددة والملاحظة على الموظف بشكل متوازن ومنصف.
  2. اسأل الموظف بطريقة غير اتهامية عن سبب انحدار مستوى أدائه.
  3. ركز على إجابة الموظف وأعدها عليه حتى تتأكد من الجواب الحقيقي.
  4. عليك أن تجعل الموظفين يطرحون خيارات متعددة للخروج من مشكلاتهم. 

يلعب المدير دوراً كبيراً في استصلاح سلوكيات الموظفين السلبية، وذلك من خلال تقرير ما يحتاج إليه الموظفون لحل مشكلاتهم:

  1. النصيحة: وذلك بتوفير بعض المقترحات المفيدة التي تعرف هؤلاء الموظفين بالطريق الواضح والصحيح للخروج من مشكلاتهم.
  2. إعادة الثقة: تذكير الموظفين بمواهبهم وقدراتهم مما يشعرهم الثقة بالنفس.
  3. التعاطف: الاستماع للموظفين ومشاكلهم وتشجيعهم على طرح ما لديهم من مشكلات ومصائب وتفريغ ما لديهم من أحزان؛ حتى لا يتكون لديهم ردة فعل سيئة.

مساعدة المدير لنفسه على التعامل مع الوضع:

إن ربط سلوك الموظف بحاجاته النفسية سوف تكون محاولة يائسة من المدير لتفهم سلوكيات الموظف ومن ثم التعامل معه، وقد تكون لدى المدير الرغبة في مساعدة الأشخاص الذين يملكون حاجات نفسية عميقة، ونجد مهما قام المدير بتعويض النقص العاطفي أو النفسي للموظف لن يصل إلى النهاية، وكل ما يحصل أن قيمة المدير تضعف أو تقل عند أولئك الموظفين ولربما تطور الأمر فيشعر المدير أنه هو المذنب مع أنه بعيد عن مشاكل الموظف، ولكي نمنع المدير من الغرق في هذه الأمور النفسية والعاطفية للموظفين فإليك اتباع إحدى الاستراتيجيات التالية:

  1. التكيف مع الوضع والتلاؤم معه: تعلم كيف تتعايش مع السلوك السلبي الذي يعكس الحاجات النفسية أو إهمال التبدلات المزاجية أو التعامل بروح مرحة لإخماد سلبية السلوك.
  2. تكليف شخص مختص بمعالجة الوضع: بمعنى إحالة الموظف إلى مختص لأخذ التوجيهات والنصح اللازم، وهذا الأمر لا ينفع إلا من كان مستعداً لتقبل المساعدة أو يوجه إشارة إلى المدير أو المسؤول لوجود مشكلة ما.
  3. تجنب الوضع كلياً: وهذا ليس هروباً من الموقف، ولكنها طريقة جيدة لأنك فور رفضك للدخول في أي تفاصيل قد يكون ذلك حاجزاً منيعاً للآخرين لتمثيل أي دور أمامك من الأدوار السلبية.

إذن على المدير أن يختار الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع الموظف حسب قدرته الشخصية، فبالنسبة للشخص القادر على تحمل الأذى قد تكون الاستراتيجية الثانية أفضل، بينما المدير الأقل صبراً وتحملاً قد تكون الاستراتيجية الثالثة، هي الخيار الأفضل له، وقد يتخذ المدير أكثر من استراتيجية للتعامل مع الموظفين كل بحسب مشكلته.

الفصل السادس: سلوك المدير الإداري نفسه

لقد تفهم الطرف الأول في السلوك السلبي للموظفين، ولكن الطرف الثاني هو المدير نفسه، الذي هو جزء من المعادلة التي تسبب سوء الوضع، فقد يكون المدير قد ساهم بشكل -ولو غير مباشر- في سلبية سلوك الموظفين.

شخصية المدير الإداري:

على المدير الإداري أن يدرك ذاته ونفسيته وجوانب شخصيته الكامنة ومعرفته بطباعه التي تؤثر على سلوكه، وهذا الأمر لا يتأتى إلا بمناقشة هذا الأمر مع قريب أو مستشار لك.

التوجيه الذاتي المشروط:

لا شك أن التوجيه المباشر أثناء تنشئتك وخبراتك وتجاربك اللاحقة لهما دور كبير في صناعة شخصيتك وبناء ذاتك، إضافة إلى تعزيز سلوكك بالتجارب والخبرات المكتسبة، تكون بذلك كله قادراً على تغيير سلوكك وتوجيهه إلى الأفضل؛ حتى يصبح لك عادة متى ما عقدت العزم على تغييره ورغبت في ذلك.

الطريقة التي ترى بها الأمور:

قد تسعى لتفسير أي وضع أنت عليه، ولكن ليس بالضرورة أن يكون تفسيرك هذا حقيقاً، فإن تقييمك لنفسك قد يخالف تقييم الآخرين مثل:

  1. قد تظن نفسك مقدماً ذا عزيمة وتصميم، بينما يراك الآخرون عنيداً وقاسياً.
  2. قد تظن أنك تمارس سلطتك الطبيعية، لكن الآخرين يعتبرون ذلك تسلطاً وهيمنة.
  3. قد تكون واثقاً بنواياك ودوافعك، لكن ما يراه الآخرون هو سلوكك، لذا عليك أن تردم الهوة بين دوافعك وسلوكك.

طريقة سلوك المدير:

لا شك أن طريقة سلوك المدير تؤثر بصورة مباشرة في سلوك الموظفين، بل قد تدرك أن سبب تجاوب الآخرين معك هو أسلوبك (الناس على دين ملوكهم) فلا تتوقع أن يتصرف الموظفون تصرفاً مغايراً لتصرفاتك، فمثلاً:

  1. لا تتوقع أن يصل الموظفون إلى أماكن عملهم في الموعد المحدد، ما لم تكن أنت أول المبادرين للوصول إلى مكان العمل.
  2. لا تتوقع من الموظفين أن يعملوا ويلتزموا وفق معايير قاسية لا تلتزم بها أنت.

الخلاصة:

أن سلوكك -أيها المدير- له تأثير قوي على الموظفين أكثر مما يمكنك فهمه، وأن هذا التأثير هو الذي يدفعهم إلى السلوك الذي يسلكونه.