تعليم القرآن والأجرة عليه

تعليم القرآن فرض كفاية ، وحفظه واجب على الأمة ، حتى لا ينقطع عدد التواتر فيه حفظاً ، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف ، فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين ، وإلا أثموا بأسرهم ، وفي حديث عثمان : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) ( 1(



وسبيل تعلمه حفظ آيات يتلوها آيات ، وهذا هو المعروف اليوم في وسائل التربية الحديثة ، أن يحفظ الدارس شيئاً قليلاً ، ثم يتبعه بقليل آخر ، ثم يضم هذا إلى ذاك ، وهكذا ، عن أبي العالية قال : (( تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه من جبريل عليه السلام خمساًُ خمساً(( .

وقد اختلف العلماء في جواز أخذ الأجر على تعليم القرآن ، ورجح المحققون الجواز ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله )) ( 2(
وقوله صلى الله عليه وسلم (( زوجتكها بما معك من القرآن )) ( 3(
وقد قسم العلماء تعليم القرآن تقسيماً جيداً للحالات المختلفة ، وبيَّنوا حكم كل حالة منها : قال أبو الليث في كتاب " البستان " ( 4(
: " التعليم على ثلاثة أوجه :
أحدها : للحسبة ولايأخذ به عوضاً ، والثاني : أن يعلم بالأجرة ، والثالث : أن يعلم بغير شرط فإذا أهدي إليه قبل .
فالأول : مأجور عليه ، وهو عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
والثاني : مختلف فيه ، فقيل لا يجوز ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( بلغوا عني ولو آية )) ، وقيل : يجوز ، والأفضل للمعلم أن يشارط الأجرة للحفظ وتعليم الكتابة ، فإن شارط لتعليم القرآن أرجو أنه لا بأس به ، لأن المسلمين قد توارثوا ذلك واحتاجوا له .
وأما الثالث : فيجوز في قولهم جميعاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معلماً للخلق ، وكان يقبل الهدية ، ولحديث اللديغ لما رقوه بالفاتحة وجعلوا له جعلاً ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( واضربوا لي معكم فيها بسهم )) ( 5( .
 
 ( 1 ) رواه البخاري .
( 2 ) رواه البخاري في كتاب ( الطب ) من حديث ابن عباس .
( 3 ) رواه الشيخان في باب ( النكاح(
( 4 ) هو أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي المتوفى سنة 375 هـ ، كتابه " بستان العارفين " في الأحاديث الواردة في الآداب الشرعية والخصال والأخلاق وبعض الأحكام الفرعية ، وانظر: " البرهان " للزركشي ( 1/457(
( 5 ) رواه البخاري في كتاب ( الطب ) من حديث ابن عباس .

المصدر: حلقات تحفيظ القرآن الكريم