تعريف الكلمة والكلام والكلم

حروف الهجاء تسعة وعشرون حرفًا، (وهى: أ-ب-ت-ث-ج...) وكل واحد منها رمز مجرد؛ لا يدل إلا على نفسه، ما دام مستقلا لا يتصل بحرف آخر. فإذا اتصل بحرف أو أكثر، نشأ من هذا الاتصال ما يسمى: "الكلمة". فاتصال الفاء بالميم -مثلاً- يوجِد كلمة: "فَم"، واتصال العين بالياء فالنون، يوجد كلمة: "عين"، واتصال الميم بالنون فالزاى فاللام، يحدِث كلمة: "منزل". وهكذا تنشأ الكلمات الثنائية، والثلاثية، والرباعية -وغيرها- من انضمام بعض حروف الهجاء إلى بعض.



تعريف الكلمة:

كل كلمة من هذه الكلمات التى نشأت بالطريقة السالفة تدل على معنى؛ لكنه معنى جزئي؛ (أي: مفرد)؛ فكلمة: "فم" حين نسمعها، لا نفهم منها أكثر من أنها اسم شىء معين. أما حصول أمر من هذا الشىء، أو عدم حصوله، وأما تكوينه، أو وصفه، أو دلالته على زمان أو مكان، أو معنى آخر - فلا نفهمه من كلمة: "فم" وحدها. وكذلك الشأن فى كلمة: "عين"، و"منزل" وغيرهما من باقى الكلمات المفردة.

ولكن الأمر يتغير حين نقول: "الفم مفيد" - "العين نافعة" - "المنزل واسع النواحى"، فإنّ المعنى هنا يصير غير جزئي؛ (أي: غير مفرد)؛ لأنَّ السامع يفهم منه فائدة وافية إلى حدٍّ كبير، بسبب تعدد الكلمات، وما يتبعه من تعدد المعاني الجزئية، وتماسكها، واتصال بعضها ببعض اتصالاً ينشأ عنه معنى مركب. فلا سبيل للوصول إلى المعنى المركب إلا من طريق واحد؛ هو: اجتماع المعاني الجزئية بعضها إلى بعض، بسبب اجتماع الألفاظ المفردة.

ومن المعنى المركب تحدث تلك الفائدة التي: "يستطيع المتكلم أن يسكت بعدها، ويستطيع السامع أن يكتفي بها". وهذه الفائدة -وأشباهها- وإن شئت فقل: هذا المعنى المركب، هو الذي يهتم به النحاة، ويسمونه بأسماء مختلفة، المراد منها واحد؛ فهو: "المعنى المركب"، أو: "المعنى التام"، أو: "المعنى المفيد" أو: "المعنى الذي يحسن السكوت عليه".

يريدون: أنَّ المتكلم يرى المعنى قد أدى الغرض المقصود فيَستحسن الصمت، أو: أنَّ السامع يكتفي به؛ فلا يستزيد من الكلام. بخلاف المعنى الجزئي، فإنَّ المتكلم لا يقتصر عليه فى كلامه؛ لعلمه أنه لا يعطي السامع الفائدة التى ينتظرها من الكلام. أو: لا يكتفي السامع بما فهمه من المعنى الجزئي، وإنما يطلب المزيد. فكلاهما إذا سمع كلمة منفردة مثل: باب، أو: ريَحان، أو: سماء، أو: سواها، لا يقنع بها.

لذلك لا يقال عن الكلمة الواحدة إنها تامة الفائدة، برغم أنَّ لها معنى جزئياً لا تسمى "كلمةً" بدونه؛ لأنَّ الفائدة التامة لا تكون بمعنى جزئي واحد.

مما تقدم نعلم يمكن تعريف الكلمة: اللفظة الواحدة التى تتركب من بعض الحروف الهجائية، وتدل على معنى جزئي؛ أي: "مفرد". فإن لم تدل على معنى عربي وُضِعت لأدائه فليست كلمة، وإنما هى مجرد صوت.

إقرأ أيضاً: الأخطاء الشائعة في اللغة العربية

تعريف الكلام:

ما هو الكلام؟ يمكن تعريف الكلام: "ما تركَّبَ من كلمتين أو أكثر، وله معنى مفيد مستقل". مثل: أقبل ضيف. فاز طالبٌ نبيه. لن يهمل عاقلٌ واجباً.

فلا بد فى مفهوم الكلام من أمرين معاً؛ هما: "التركيب"، و"الإفادة المستقلة" فلو قلنا: "أقبلَ" فقط، أو: "فاز" فقط، لم يكن هذا كلاماً؛ لأنه غير مركب. ولو قلنا:

  • أقبلَ صباحاً...
  • أو: فاز فى يوم الخميس...
  • أو: لن يهمل واجبه...

لم يكن هذا كلاماً أيضاً؛ لأنه -على رغم تركيبه- غير مفيد فائدة يكتفي بها المتكلم أو السامع.

وليس من اللازم فى التركيب المفيد أن تكون الكلمتان ظاهرتين فى النطق؛ بل يكفي أن تكون إحداهما ظاهرة، والأخرى مستترة؛ كأن تقول للضيف: تفضلْ. فهذا كلام مركب من كلمتين؛ إحداهما ظاهرة، وهي: تفضلْ، والأخرى مستترة، وهي: أنت. ومثل: "تفضل" أيضاً كلمة "أسافرُ"، أو "نشكر"، أو "تخرجُ"... وكثير غيرها مما يعد فى الواقع كلاماً، وإن كان ظاهره أنه مفرد.

إقرأ أيضاً: الأسرار الأربعة لبداية التميُّز في تعليم اللغة العربية

تعريف الكَلِم:

هو: ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر؛ سواء أكان لها معنى مفيد، أم لم يكن لها معنى مفيد. فالكلم المفيد مثل:

  • النيل ثروة مصر.
  • القطن محصول أساسى فى بلادنا.

وغير المفيد مثل: إن تكثر الصناعات...

القول: هو كل لفظ نطق به الإنسان؛ سواء أكان لفظاً مفرداً أم مركباً، وسواء أكان تركيبه مفيداً أم غير مفيد. فهو ينطبق على "الكلمة" كما ينطبق على "الكلام" وعلى "الكلم". فكل نوع من هذه الثلاثة يدخل فى نطاق: "القول" ويصح أن يسمى: "قولا" على الصحيح، وقد سبقت الأمثلة. كما ينطبق أيضاً على كل تركيب آخر يشتمل على كلمتين لا تتم بهما الفائدة؛ مثل: إنَّ مصر... - أو: قد حضر... أو: هل أنت. أو: كتاب على... فكل تركيب من هذه التراكيب لا يصح أن يسمى: "كلمة"؛ لأنه ليس لفظاً مفرداً، ولا يصح أنَّ يسمى: "كلاماً"؛ لأنه ليس مفيداً. ولا: "كلماً"؛ لأنه ليس مؤلفاً من ثلاث كلمات؛ وإنما يسمى: "قوْلاً".

ويقول أهل اللغة: إن "الكلمة" واحد: "الكلم". ولكنها قد تستعمل أحياناً بمعنى: "الكلام"؛ فتقول: حضرتُ حفل تكريم الأوائل؛ فسمعت "كلمة" رائعة لرئيس الحفل، و"كلمة" أخرى لأحد الحاضرين، و"كلمة" ثالثة من أحد الأوائل يشكر المحتفلِين. ومثل: اسمعْ منى "كلمة" غالية؛ وهي:

أحْسِنْ إلى الناس تَستعبدْ قلوبهمُ    فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ

فالمراد بالكلمة فى كل ما سبق هو: "الكلام"، وهو استعمال فصيح، يشيع على ألسنة الأدباء وغيرهم.

بذلك أعزاءنا القراء، نكون قد بيّنا لكم الفرق باللغة العربية بين الكلمة والكلام والكلم.

المصدر: 1، 2




مقالات مرتبطة