تعرف على العشرة المبشرين بالجنة

العشرة المبشرون بالجنة هم عشرة من الصحابة بشرهم النبي محمد عليهِ الصلاة والسلام بالجنة حسب اعتقاد أهل السنة والجماعة، وهم المذكورون في الحديث الذي رواه كل من عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، فيما يلي سنُسلّط الضوء على مقتطفات من قصة وحياة هؤلاء العشرة المُبشرين بالجنة الذين ذكرهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.



أولًا: من هم العشرة المُبشرين بالجنة

العشرة المبشرون بالجنّة هم عشرة من الصحابة الذين بشّرهم النبي محمد عليهِ الصلاة والسلام بالجنّة، وذلك حسب اعتقاد أهل السنة والجماعة، ولقد بشرهم رسول الله بدخول الجنة بناءًا على أخلاقهم الحميدة وعلى الأفعال المميزة التي قاموا بها آنذاك لنصرة الإسلام والمسلمين ورفع رايتهِ، وهذا ما ورد ذكرهُ في حديثٍ شريف لرسول الله رواه كل من عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد (أشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ:عَشْرَةٌ فِي الْجَنَّةِ: النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُ الْعَاشِر، قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ، قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ).    

وفي حديثٍ آخر ذكر الرسول الكريم محمد عليهِ الصلاة والسلام صفات العشر المبشرين بالجنة، حيثُ قال: (عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏‏ اَرْحَمُ اُمَّتِي بِاُمَّتِي اَبُو بَكْرٍ وَاَشَدُّهُمْ فِي اَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ وَاَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَاَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ اُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَاَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَاَعْلَمُهُمْ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ اَلاَ وَاِنَّ لِكُلِّ اُمَّةٍ أميناً وَاِنَّ اَمِينَ هَذِهِ الاُمَّةِ اَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ).

ثانيًا: مقتطفات من حياة العشرة المبشرين بالجنة

أبو بكر الصّديق:

وهو أول الخُلفاء الراشدين، وأوّل من أسلم من الرجال، ولد في مكة سنة 573، بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وهو صاحب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وخليفتهُ، وكان من رؤساء قريش في الجاهليّة وأشرافهم، وقد أسلم على يدهِ العديد من الصحابة، ومنهم خمسة مبشرين بالجنة، ولقد لقبّهُ رسول الله عليه الصلاة والسلام بالعتيق لحُسن وجهه.

وكان أبو بكر الصديق يتصف بالعديد من الصفات الحميدة، حيث كان حليمًا، حييًّا، صادقًا، حيث قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حديثهِ الشريف: (ثلاثة من قريش أصْبَحُ قريش وجوهًا، وأَحسَنُها أَحلامًا، وأَثبَتُها حَياءً، إِن حَدَّثوكَ لم يَكذِبوك، وإن حَدَّثتَهُم لم يُكَذِّبوك، أبو بكر الصديق، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن عفان).

توفي أبو بكر الصديق في جُمادى الآخرة سنة ثلاث عشر من الهجرة، ليلة يوم الثلاثاء، ودامت خلافته سنتين ونصف، ودُفن مع رسول الله عند رأسهِ.

عمر بن الخطّاب:

وهو ثاني الخلفاء الراشدين والملقب بأمير المؤمنين الفاروق، وفي عهدهِ بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسّع نطاق الدولة الإسلاميّة حتّى شمل كامل العراق، مصر، ليبيا، الشام، فارس، خراسان، شرق الأناضول، جنوب أرمينيا، سجستان، والقدس، وبهذا استوعبت الدولة الإسلاميّة كامل أراضي الإمبراطوريّة الفارسيّة الساسانيّة، وحوالي ثلثي أراضي الإمبراطوريّة البيزنطيّة، وهو مؤسس التقويم الهجري، وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليهِ وسلم قد دعا: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجُلين إليك: عمر بن الخطاب، أو  بأبي جهل بن هشام.

ولقد اشتُهر عمر بن الخطاب بالعديد من الصفات الحميدة، كالشجاعة، الحزم، العدل، العبادة، والعلم، وكان مولده في مكة المكرمة قبل الهجرة بأربعين سنة، واستُشهد في المدينة سنة ثلاثة وعشرين للهجرة في مؤامرة قد دربرها الفرس واليهود، ونفذها رجل فارسي يُدعى أبو لؤلؤة المجوسي، وذلك خلال تسللهُ صلاة الفجر، وطعنهُ لسيدنا عمر عدة طعنات في المسجد وهو قائم للصلاة.

عُثمان بن عفّان:

وهو ثالث الخلفاء الراشدين، ومن السابقين إلى الإيمان بالدين الإسلامي، وسُمي بذا النورين لأنه تزوج اثنتين من بنات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام،  وهو أوّل مهاجر إلى أرض الحبشة، بويع عثمان بالخلافة بعد الشورى التي تمت بعد وفاة عمر بن الخطاب واستمرت خلافته نحو اثني عشر عامًا.

وفي عهدهِ تم جمع القرآن الكريم، وتوسيع المسجد الحرام، وكذلك المسجد النبوي، وفتحت في أيام خلافته أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص، وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي.

ولد عثمان بن عفان بمكة المكرمة، وقُتل ظُلمًا في صبيحة عيد الأضحى وهو يقرأ القرآن الكريم في بيتهِ بالمدينة سنة خمسة وثلاثين للهجرة، وكان عمرهُ حينها ثمانيّة وسبعين سنة.

علي بن أبي طالب:

وهو ابن عم الرسول محمد عليهِ الصلاة والسلام، وصهرهُ ومن آل بيتهِ، وزوج ابنتهِ فاطمة، وهو رابع الخلفاء الراشدين، وثالث الناس الذين دخلوا في الإسلام، وأوّل من أسلم من الصبيان.

وُلد علي بن أبي طالب قبل البعثة بعشر سنين وتربى في حِجر النبي، ولم يُفرقهُ، وكان اللواء بيدهِ في أكثر المعارك التي خاضها، ولما آخى النبي عليهِ الصلاة والسلام بين أصحابهِ قال لهُ أنت أخي، وكان أحد رجال الشورى في عهد عمر بن الخطاب.

اشتهر علي بن أبي طالب بالعديد من الصفات، منها صفاء النفس، كثير التواضع، الحياء، الزهد، الكرم، الصدق، وهو الذي ضحّى بنفسهِ من أجل رسول الله، وذلك حينما نام وعرّض حياتهُ للخطر في سرير النبي ليلة الهجرة.

قُتل علي بن أبي طالب في ليلة السابع عشر من شهر رمضان، من سنة أربعين للهجرة.

الزُبير بن العوّام:

وهو ابن عمّة الرسول الكريم محمد عليهِ الصلاة والسلام، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، ولُقب بحواري رسول الله، وذلك لأنّ النبي قال عنهُ (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ)، وهو أوّل من سلّ سيفهُ في الإسلام.

بويع عبد الله بن الزبير بالخلافة ولكنّ خلافتهُ لم تمكث طويلًا، وهو زوج أسماء بن أبي بكر المُلقبة بذات النطاقين، وشارك في جميع الغزوات التي قامت في العصر النبوي، وشارك في فتح مصر، وجعلهُ عمر بن الخطّاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعدهُ.

مات الزُبير شهيدًا مغدورًا على يد الخوارج سنة ست وثلاثين للهجرة، وكان عمرهُ وقتها سبعٌ وستون سنة.

طلحة بن عُبيد الله:

وهو أحد الثمانيّة السابقين الأولين في الإسلام، وقال عنهُ النبي مجمد صلى الله عليه وسلم أنّهُ شهيد يمشي على الأرض، حيثُ قال: (من سرّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله).

شارك في جميع الغزوات في العصر النبوي إلّا غزوة بدر حيث كان بالشام، وكان ممن دافعوا عن النبي محمد في غزوة أحد حتى شُلَّت يده، فظل كذلك إلى أن مات، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده.

وكان يتميّز بوجههِ الأبيض، وكثافة شعرهِ، وكان قصير القامة نوعًا ما، ورحب الصدر، ضخم القدمين، استُشهد يوم الجمل سنة ست وثلاثين للهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة.

سعيد بن زيد:

وهو أحد السابقين الأولين إلى الإسلام حيث أسلم بعد ثلاثة عشر رجلًا كان أبوه زيد من الأحناف في الجاهلية، فلا يعبد إلا الله ولا يسجد للأصنام، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وأخته عاتكة بنت زيد زوجة عمر، وزوجته هي أخت عمر فاطمة بنت الخطاب والتي كانت سببًا في إسلام عمر بن الخطاب.

شهد سعيد المشاهد كلها مع النبي إلا غزوة بدر، شهد معركة اليرموك، وحصار دمشق وفتحها، وولّاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فكان أوّل من عمل نيابة دمشق من المسلمين.

تُوفيّ رحمهُ الله بالعقيق، وحُمل إلى المدينة ودُفن بها، وكان ذلك في سنة خمسين للهجرة، وكان عُمرهُ يوم مات حوالي السبعين سنة.

سعد بن أبي وقاص:

وهو أحد الثمانية السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو أوّل من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وقال له النبي: (ارم فداك أبي وأمي)، وهو من أخوال النبي، شهد المشاهد كلها مع النبي، وكان من الرماة الماهرين، استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي سَيَّرها لقتال الفرس، وانتصر عليهم في معركة القادسيّة، وأَرسل جيشًا لقتال الفرس بجلولاء فهزموهم، وهو الذى فتح مدائن كسرى بالعراق، فكان من قادة الفتح الإسلامي لفارس، وكان أوّل ولاة الكوفة، حيث قام بإنشائها بأمر من عمر سنة 17 هـ، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده اعتزل سعد الفتنة بين علي ومعاوية، وكان آخر المهاجرين وفاةً.

أبو عبيدة بن الجراح:

وهو أحد الثمانية السابقين الأولين إلى الإسلام لقَّبَهُ النّبيُّ محمدٌ بأمين الأمة حيث قال: (إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح)، شهد مع النبي محمد غزوة بدر والمشاهد كلها،، وكان أبو عبيدة أحد القادة الأربعة الذين عيَّنهم أبو بكر لفتح بلاد الشام، ولما ولي عمر بن الخطاب الخلافةَ عَزَلَ خالداً بنَ الوليد، واستعمل أبا عبيدة، وقد نجح أبو عبيدة في فتح دمشق وغيرِها من مُدُنِ الشامِ وقُراها، وفي عام 18هـ الموافق 639م توفي أبو عبيدة بسبب الطاعون في غور الأردن ودُفن هناك.

عبد الرحمن بن عوف:

وهو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف الذي أسلم قبل أن يدخل رسول الله عليهِ الصلاة والسلام دار الأرقم، وقد صلّى عليه الصلاة والسلام خلفهُ في غزوة تبوك، وذلك لأنّ الرسول الكريم ذهب للطهارة فجأة وقد افتحح عبد الرحمن بالصلاة فصلّى خلفهُ وأتمّ الذي فاتهُ، وقال: (ما قُبِضَ نَبيٌّ قَط حتّى يُصَلّيَ خلف رجلٍ صالحٍ من أُمَّتِه).

وكان عبد الرحمن بن عوف طويل القامة، أبيض اللون، ضخم الكفيّن، وكان أعرجًا وذلك لأنّهُ أصيب في معركة أحُد، وكان من أكثر الأثرياء في المدينة، وحدث أن باع أرَضًا لهُ بأربعين ألف دينار وقسّم المال في بني زهرة وفقراء المسلمين وأمهات المؤمنين، كما وتصدّق في عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  بمبلغ أربعة آلاف دينار، وتصدّق بعدها بأربعين ألفًا، وحمّل كذلك حوالي خمسمائة فرس في سبيل الله، وكان من أكبر التجار آنذاك، كما وعرف عبد الرحمن بن عوف بشدة تواضعهِ.

توفيّ عبد الرجمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، ودُفن بالبقيع وهو في عمر اثنتين وسبعين عامًا.

بهذا نكون قد تحدثنا بشكلٍ موجز عن قصة حياة الأشخاص العشر الذين بشرهم الرسول محمد عليهِ الصلاة والسّلام بدخول الجنّة بإذن الله تعالى، وذلك لحُسن أخلاقهم وصفاتهم الحميدة التي تميزوا بها، ولكثرة أعمال الخير التي كانوا يقومون بها لنصرة الإسلام والمُسلمين.

 

المصادر:




مقالات مرتبطة