تعرّض الطفل لأشعة

تقول دراسة حديثة قام بها باحثون بمدرسة بركلي للصحة العامة بجامعة كاليفورنيا إن جرعة من أشعة "إكس" قد تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الدم المعروفة باللوكيميا عند الأطفال.
إذ اكتشف الباحثون أن الأطفال الذين يعانون من سرطان الدم الليمفاوي الحاد قد تعرضوا لمرتين أو ثلاث مرات لأشعة "إكس" إذا ما قورنوا بالأطفال الذين لا يعانون من هذا المرض. يعتقد الباحثون أن التعرض لأشعة "إكس" ولو لمرة واحدة قد يكون لها نفس الخطورة وذلك حسب العضو الذي يتم تصويره بهذه الأشعة.


تأثير الجرعات القليلة
تقول الدراسة التي نشرت بعدد تشرين الثاني (أكتوبر) من الجريدة الدولية لعلم الأوبئة إنه من المعروف أن هناك علاقة بين التعرض لجرعات عالية من الإشعاع والإصابة بالسرطان، إلا أن هذه الدراسة تناقش تأثير الجرعات القليلة من أشعة "إكس" التقليدية على الصحة.
ومن المعروف أن هناك مصادر متعددة للإشعاعات الأيونية مثل تلك التي تعلق في الهواء الذي نستنشقه أو التربة التي نسير عليها. وتقول مصادر حكومية إن متوسط ما يتعرض له الإنسان الأمريكي بالعام هو 360 مليون ريم (وهي وحدة قياس الإشعاعات الأيونية التي يمتصها النسيج الحي).
والإشعاع الأيوني يتسبب في الإصابة بالسرطان لدى الإنسان بينما الإشعاع غير الأيوني مثل التعرض لإشارات الراديو أو الميكرويف أو خطوط الكهرباء لا تتسبب في ذلك المرض. إلا أن جرعة الإشعاع الأيوني الذي يتعرض له الشخص عند التعرض لأشعة "إكس" على الصدر تعادل مقدار ما يتعرض له الشخص من المصادر الطبيعية في 10 أيام وهو مقدار يظل ضئيلاً.
وكان الاعتقاد أن مستوي الإشعاع الذي يتعرض له الطفل عند عمل أشعة "إكس" له لا يمثل خطورة تعرضه للإصابة بمرض السرطان، إلا أن نتائج الدراسة خالفت هذا التصور، هذا ما قالته البروفيسير باتريشيا بفر، أستاذ علم الأوبئة رئيس الباحثين في دراسة مرض سرطان الدم لدى الأطفال بشمال كاليفورنيا.
واللوكيميا هي سرطان يصيب كرات الدم البيضاء، الجنود التي تحمي جهاز المناعة الذي يكشف المرض ويدمره. وتؤكد جمعية السرطان الأمريكية أن اللوكيميا هي أكثر أمراض السرطان انتشاراً بين الأطفال، وهي تمثل حوالي ثلث أمراض السرطانات التي تصيب الأطفال أصغر من 15 عاماً.
وكل أنواع سرطان الدم تكون حادة. بل إن 80% منها تصيب الغدد الليمفاوية وهي الأكثر حدة.
عدد مرات التعرّض
وشملت الدراسة 827 طفلاً ممن يعانون من اللوكيميا بنوعيها قبل بلوغ 15 عاماً. وقد تم مقارنة كل طفل مريض بالسرطان بطفل آخر سليم تم اختياره بشكل عشوائي من سجلات مواليد كاليفورنيا وفق للسن والجنس والعرق.
كما شملت الدراسة عقد لقاءات مع أمهات لأطفال يعانون من اللوكيميا وتم تشخيص حالتهم منذ 4 أشهر، وطلب من الأمهات تحديد عدد مرات تعرض أطفالهم لأشعة "إكس" قبل سنة علي الأقل من اكتشاف المرض. كما تم سؤال الأمهات عما إذا ما كانوا قد خضعوا لأشعة "إكس" أثناء الحمل أو قبل عام من حدوث الحمل.
وقد توصلت الدراسة لوجود مخاطرة من أشعة "إكس" على الجميع وليس فقط مرضى اللوكيميا بنوعيها، كما أنه ليس هناك علاقة بين سن المريض والتعرض لمرة واحدة لأشعة "إكس". كما لم تجد خطورة للتعرض لأشعة "إكس" قبل حدوث الحمل على الجنين.
من المعروف حرص الأطباء على عدم استخدام أشعة "إكس" مع الأطفال إلا في حالات الضرورة مثل مشاكل التنفس أو كسور العظام. وما يقلق الأطباء اليوم ليس أشعة "إكس" فقط بل الطرق التكنولوجية الأحدث في تصوير أعضاء الإنسان الأكثر انتشاراً الآن التي ينتج عنها جرعات أكبر بكثير من الإشعاع مثل التصوير بالكمبيوتر CT scans. وفقاً لدراسة قام بها المعهد القومي للأورام عام 2009 أن استخدام هذه التكنولوجيا في التصوير بالأشعة على 72 مليون شخص عام 2007 أدت إلى ظهور 29 ألف حالة جديدة لمرضى بالسرطان.
وعن ذلك تحدثنا ربيكا سميث بيندمان، طبيبة الأشعة بسان فرانسيسكو، وتقول إن هذه الدراسة تحثنا على مزيد من الأبحاث عن تأثير الطرق الحديثة في الأشعة على المريض، حيث إن بعض تلك الطرق مثل CT scans يمكن أن تصدر 500 ضعف الإشعاع الذي يصدر عن أشعة اكس، ما يعني مضاعفة خطورة تلك الطرق الحديثة في الأشعة على إصابة الأطفال باللوكيميا.
لهذا تقول ربيكا إنه على الأطباء استخدام طرق الأشعة الحديثة بحذر، فقد تساعد تلك الأشعة في تشخيص دقيق للمرض لكنها قد تسبب تعقيدات مستقبلية ما يفرض علينا مزيداً من الحكمة في استخدامها.

المصدر:موقع العربية