تعاهد الحفظ

 

تدل جميع التجارب العملية على أن من يزيد على شهر في مراجعة حفظه كله يتفلت منه القرآن الذي حفظه ، سواء كله أو بعضه ، قل الحفظ أم كثر .



وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعاهد الحفظ ، فيما يرويه أبو موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه - قال قال رسول الله r : ( تعاهدوا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) (1)

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آيه كيت وكيت ، بل نسي ، واستذكروا القرآن ، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم في عقلها ) (2)

وفي الحديث ذم لمن يقول : إنه نسي سورة كذا أو آية كذا ، وأنه ينبغي له أن يقول : إن الله تعالى هو الذي أنساني ، وفيه أمر بمراجعة القرآن بصفة دائمة .

( والتفصي )كل شيء كان لازماً لشيء فصل عنه ، كالإبل تفصل من عقلها ، والإنسان حين يفصل عنه القرآن الذي كان ملازماً له .

والآية ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىً ) [طه : ،125،124 126]

ليست نصاً في الموضوع ، وإنما نسيان القرآن هنا بمعنى عدم الاعتناء به ، وتعريضه للنسيان ، وعدم العمل بمقتضاه ، والاعراض عن تلاوته ، فيه تهاون كبير ، وتفريط شديد ، وهو يدخل مراد الآية .

نسأل الله السلامة والعافية .