تحول الشركات العائلية لمساهمة عامة (( مزايا وتحديات))

        تسعى العديد من الشركات العائلية التي تشكل أكثر من 80% من الشركات في العالم, إلى التحول لشركات مساهمة عامة تطرح أسهمها للاكتتاب العام, وغالباً من يدفعها لذلك القوانين والتشريعات الموجودة في بلدها، وللتغلب على المشكلات التي تواجهها في حال عدم تحولها لشركات مساهمة عامة, ولعل من أبرز المشكلات التي تستطيع الشركات العائلية التغلب عليها بمجرد تحولها لشركات مساهمة عامة تطرح أسهمها للاكتتاب العام ما يلي:



1- التغلب على المشكلات المتعلقة بالملكية:

       فبمجرد تحول الشركة لمساهمة عامة تتوزع حصص الشركة على أسهم واضحة ومتساوية القيمة لكل فرد من العائلة, وبالتالي تتجنب العائلة انهيار المؤسسة بالكامل في حال وفاة المؤسس أو المؤسسين, فلا داعي لبيع آلات الشركة وأراضيها عند مطالبة فرد معين من العائلة بحصته من الشركة, فبسهولة يمكنه بيع حصته في السوق المالي خلال يوم واحد أو بضعة أيام على أكثر تقدير, وتتجنب العائلة بذلك أيضاً اللجوء إلى المحاكم في حال عدم اقتناع فرد من العائلة بقيمة حصته في الشركة, لأن للسهم قيمة سوقية بشكل لحظي تحددها عوامل العرض والطلب.

 

2- التغلب على المشكلات المتعلقة بالإدارة:

       لن تعد الشركة مملوكة بالكامل لعائلة واحدة توظف من شاءت من أفرادها دون النظر إلى كفاءاتهم، فبدخول شركاء جدد من خارج العائلة يصبح هنالك فصل بين الإدارة والملكية بشكل كامل, مما يجعل الشركة منفتحة على الخبرات والكفاءات الخارجية, فلا توظف إلا الأجدر والأكثر كفاءة مما يمكنها من تطبيق مفاهيم الإدارة الحديثة والتخطيط للمستقبل والمنافسة بشكل كبير في السوق المحلي والعالمي.

 

3- التغلب على المشكلات المتعلقة بالتمويل:

       تتمتع الشركات المساهمة على خلاف باقي الأنواع القانونية من الشركات بقدرتها على زيادة رأسمالها بمرونة وسهولة وذلك من خلال طرحها  لأسهم جديدة للاكتتاب العام, ومما يؤهلها للتوسع وشراء أفضل الآلات والمعدات وبالتالي المنافسة بشكل أفضل في السوق المحلي والعالمي بالإضافة لاستفادتها من ووفورات الحجم الكبيرة الناتجة عن توسعها.

كما تتمتع الشركات المساهمة العامة بقدرتها العالية في الحصول على القروض من البنوك, أو من الأفراد والشركات من خلال طرح سندات لها في السوق المالي, وهذا مما يميزها على باقي الأشكال القانونية من الشركات.

 

أما عن التحديات التي تواجهها الشركات العائلية في حال تحولها لمساهمة عامة فهي ما يلي:

1- التكاليف الإضافية لطرح الأسهم:

 يمكن أن تكون التكاليف الأولية لطرح أسهم الشركة للاكتتاب العامة ضخمة إلى حد بعيد, بعض المكونات المحتملة لهذه التكاليف هي: عمولة الضامن ورسوم المراجعة والرسوم القانونية وأية تكاليف خاصة بالتسجيل, بالإضافة إلى ذلك، ما أن يتم طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام، سوف تتحمل الشركة تكاليف إضافية مثل رسوم المراجعة وتكاليف الكشف الدوري للمعلومات المالية وأية رسوم أخرى خاصة بمتطلبات الالتزام للشركات العامة.


2- فقدان الخصوصية والاستقلالية:

       حيث سيتعين على الشركة كشف معلومات أكثر من السابق وخصوصاً فيما يتعلق بقوائمها المالية, والأكثر من ذلك بكثير, أن أفراد العائلة قبل التحول كانت لديهم صلاحيات واسعة ومرونة كبيرة في الدوام والعمل, وربما كانت العائلة توظف من شاءت من أفرادها دون النظر كثيراً إلى الكفاءة المهنية, فعند التحول ودخول شركاء جدد سيفقد أفراد العائلة جميع هذه الصلاحيات والامتيازات, بل قد يصل الأمر في بعض الشركات للمطالبة بطرد بعض أفراد العائلة من الشركة أو التخفيض من رواتبهم, وأحياناً تصل الأمور لرفع دعاوى قضائية على بعض أفراد العائلة من قبل المالكين الجدد, ومما يرهق الشركة مالياً.

كل ذلك بسبب التحول المفاجئ لهذه الشركات من الحياة اللامؤسسية والعشوائية التي تعيشها معظمها إلى المساهمة العامة التي تتطلب مزيداً من الشفافية واللامركزية والعمل المنظم.

 

       نستنتج مما سبق أن لتحول الشركة العائلة لمساهمة عامة تطرح أسهمها للاكتتاب العام مزايا عديدة تؤثر على استمرارية الشركة على المدى الطويل في ما يتعلق بتحسين المستوى الإداري والقدرة التنافسية بالإضافة لتجنب انهيار الشركة عند حدوث أي تخارج, إلا أن هذا التحول يجب أن يسبقه تنظيماً داخلياً شاملاً للشركة يجنبها الكثير من المشاكل والأمور القضائية, مما يؤهلها للتحول وطرح أسهمها للاكتتاب العام بالشكل الأمثل.  

 

بقلم علاء صالحاني

MS, CMA, CIPA, ICT