تجربة الادارة اليابانية

أثارت التجربة اليابانية في الإدارة كثيرًا من التساؤلات في أوساط الإداريين نظرًا لتميز هذه التجربة بعدة مميزات، من أهمها: الحداثة، والتسارع، والإحكام، والشمولية.



وقد قام (وليم أوشي) -باحث أمريكي- بإجراء عدد من البحوث والدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان لمعرفة السر وراء نجاح الإدارة اليابانية وتميزها، وكفاءة منظماتها الاقتصادية. . وتوصل في النهاية إلى نموذج جديد في الإدارة وشرحه في خلاصة توصل إليها بعنوان: كيف تقابل منظمات الأعمال الأمريكية التحديات اليابانية ؟

توصل الباحث إلى أن الجانب الإنساني هو العقبة التي تواجه المنظمات قبل أن تكون مالية أو استثمارية؛ فأمريكا تنفق في المجالين المالي والاستثماري مبالغ باهظة، إلاّ أنها لا تكفي إذا لم توجه مبالغ أخرى كبيرة لتطوير وفهم كيفية إدارة هذه المنظمات والعاملين فيها أثناء إدارتهم لأعمالهم، وهو ما اعتبره الباحث الدرس الذي يجب أن تأخذه أمريكا من الأستاذة اليابانية.

يقول: "إن أفضل عملية استثمار هي تلك الموجهة نحو الإنسان؛ لأنه بالإنسان تستطيع المنظمات أن تتغلب على معظم مشكلاتها، وإن العمل الجماعي، وتوحيد جهود الأفراد وخلق روح الجماعة بين صفوفهم تساعد على تحقيق مستوى رفيع الأداء، شأنهم في ذلك شأن أقرانهم اليابانيين".

ويستدرك: "لكن الارتفاع بمستوى الإنتاج لن يتحقق ببذل الجهود والعمل فقط، بل من خلال التنسيق الأمثل لهذه الجهود بطريقة مثمرة، ومن خلال تقديم الحوافز لتحقيق التعاون والتآلف وبث روح الثقة في صفوف العاملين".

الاقتباسان أعلاه من ترجمة معهد الإدارة العامة بالرياض لكتاب وليم ج. أوشي، المذكور أعلاه

وقد حاول (وليم أوشي) الجمع بين النظريتين الإدارية الأمريكية والإدارية اليابانية لتقوم على المبادئ الأساسية التالية:

 الثقة، الحذق والمهارة، الألفة والمودة

ويريد من الثقة أن العلاقة بينها وبين الإنتاجية علاقة متلازمة، وتسير في خط واحد، وتعتمد الممارسات الإدارية في اليابان على الثقة المتبادلة بين الفرد والمنظمة، مما يصنع حافزًا مؤثرًا نحو عمل متقن، وزيادة في إنتاجه. وجماعية في عمله.

ويريد من الحذق والمهارة ما يتأتى بعد الخبرة والممارسة والتجربة والمعايشة الوظيفية، وهي ليست منعزلة عن سابقتها (الثقة)، وكلهما يدًا بيد يؤديان إلى تبادل معرفي راقٍ يخدم الصالح العام. . أو صالح المؤسسة أو المنشأة.

ويريد بالألفة والمودة المشاهدات التي لحظها في اليابان من تقارب نفسي واهتمام ودعم للآخرين وعدم الأنانية، وبالتالي تشكيل أفق جديد لإقامة علاقات جديدة تأتي بالخبرات والكفاءات إلى المنشأة، أو كأقل تقدير تجعل العامل يشعر بروح إيجابية تجاه عمله.

أخيرًا : تقوم النظرية اليابانية في مجملها على الجماعية في العمل، والعوامل المذكورة إنما هي لزيادة الاستفادة من هذه الجماعية، فهي برأي التجربة اليابانية -كما خلص إليها الباحث (ويليام أوشي)-: السبيل إلى الاستمرارية والشعور بالمسؤولية والرقابة الذاتية، مما يساعد على تطوير مستوى الخدمات، ورفع الإنتاجية وتحقيق الجودة.