تبدلات الضغط داخل القحف اللاورمي

مقدمة وتعاريف :

يتحدد الضغط داخل القحف بمعدل تشكل ال س د ش وامتصاصه والضغط الوريدي الدماغي الذي يعكس عادة الضغط الوريدي الجهازي . ويشير ضغط السائل الدماغي الشوكي بالبزل القطني بوضعية الاضجاع الجانبي إلى الضغط داخل القحف في معظم الأحوال . يتراوح ضغط ال س د ش السوي عادة بين 65 - 195مم من الماء ( 5 - 15 مم من الزئبق (



وقد شوهد في بعض الأحيان ضغط 250 مم من الماء في أشخاص أسوياء ظاهرياً . ومع ذلك يعتبر ضغط 170 مم مشبوهاً ويجب اعتبار ضغط 200 مم شاذاً مالم يثبت العكس . ولا يتأثر ضغط الـ س د ش بالسمنة . وارتفاع ضغط الـ س د ش المقاس بالبزل القطني لا يعكس بالضرورة مرضاً عصبياً ، إذ أن رفع رأس السرير مثلاً قد يرفع ضغط ال س د ش القطني على الرغم من أنه يخفف الضغط داخل القحف .

كما أن رفع الضغط الوريدي العام بشكل حاد كما يحدث عادة في السعال والكبس والصراخ ، وبشكل مزمن في قصور القلب الاحتقاني أو في الانسداد الوريدي ( الوريد الأجوف العلوي أو الوريدين الوداجيين)، يرفع الضغط داخل القحف . وزيادة ثاني أكسيد الكربون ( في المرض الرئوي وفي التركين الزائد ) تزيد في حجم الدم الدماغي وبالتالي يرفع ضغط ال س د ش . وبالعكس إذا وضع المريض ورأسه للأسفل يكون ضغط البزل القطني أخفض على الرغم من أن الضغط داخل القحف يصبح أعلى . وتسرب الـ س د ش من حول إبرة البزل القطني بين وقت دخولها ووضع جهاز قياس الضغط المائي يخفض كذلك الضغط داخل القحف .

فإذا استبعدت كل أسباب تغير الضغط داخل القحف الخادعة هذه فإن أكثر مسببات فرط التوتر داخل القحف هي الأورام ، وأكثر أسباب انخفاض التوتر داخل القحف هي رشح الـ س د ش بعد البزل القطني أو بعد تصوير النخاع الظليل . وستبحث في هذا المقطع الاضطرابات الأخرى التي يمكنها أن تغير الضغط داخل القحف .

ارتفاع الضغط داخل القحف ـ ورم الدماغ الكاذب:

ورم الدماغ الكاذب:

كما توحي تسميته هذه هو اضطراب يتميز بزيادة الضغط داخل القحف دون وجود ورم أو انسداد واضح في مجرى ال س د ش . وسببه غير مؤكد على الرغم من أن عدد من أمراض الجملة العصبية المركزية والأمراض الجهازية دور - على ما يبدو - في إحداثه .

يمكن لورم الدماغ الكاذب أن يعقب رض الرأس أو مرض الأذن الوسطى أو ربط الوداجي الباطن أو استعمال مضادات الحمل الفمية أو الحمل أو زيادة الكريات الحمر الحقيقي أو أي مرض يحتمل أن يحدث انسداداً وريدياً في الدماغ. وفي الحقيقة يكشف التصوير بالمراي أو تصوير الأوعية في قليل من هؤلاء المرضى انسداداً في الجيب السمي أو الجيب الجانبي .

وقد ذكر حدوث هذا الاضطراب في مرضى يتعالجون مدة طويلة بالستيرويدات القشرية وبعد الانقطاع عن المعالجة بها وفي مرض أديسون أو قصور جارات الدرق وفي تناول أدوية كالفيتامن آ والنالديكسيك أسيد أو التتراسكلين ، ولكن معظم الحالات تبقى غامضة المنشأ . يصيب الاضطراب عادة الإناث الشابات البدينات ( 20 - 30 سنة من العمر ) ويتميز بصداع ووذمة الحليمتين ، وفي بعض الأوقات تعتيم البصر ( فقد بصر فجائي مؤقت في العينين وإنذاره حسن(

يراجع معظم المصابين بالورم الكاذب الطبيب بصداع ووذمة الحليمتين . ومن النادر أن يغيب الصداع وأن يكتشف المرض بسبب تعتيم البصر أو صفة بفحص قاع العين الروتيني ومشاهدة وذمة الحليمتين . وقد تقتصر الوذمة على حليمة واحدة فقط أحياناً على الرغم من ارتفاع الضغط داخل القحف . ولا ينبيء تعتيم البصر بفقد البصر .

ولكن سواء أصيب المرضى بتعتيم البصر أم لم يصابوا فإن 10 - 15% منهم يفقدون بعضاً من بصرهم خلال سير المرض . ويتراوح هذا الفقد من العتمة الصغيرة إلى العمى التام . ومن الأعراض الأخرى المهمة الأقل مصادفة ، القيء والشفع والدوار والطنين ووجع النقرة وصلابتها وألم الحجاج والنعاس وسوء إدراك الحس . وقد تنجم هذه العلامات الموضعة الكاذبة عن انحراف بسيط في البنى السوية بسبب فرط التوتر داخل القحف . وسير الاضطراب عادة سليم ، وينحسر الصداع ووذمة الحليمة خلال بضعة أسابيع أو بضعة شهور ، رغم أن ارتفاع التوتر داخل القحف المقاس بالبزل القطني يبقى مرتفعاً شهوراً وأحياناً سنوات .

ويشتبه بالتشخيص سريرياً ويتأكد بوجود ارتفاع في الضغط داخل القحف مع تصوير طبقي محوري سوي . ويكون ضغط ال س د ش عادة فوق 300 مم من الماء وتركيبه سوي . وقد يبدو البروتين في بعض المرضى منخفضاً نسبياً ( أقل من 15 مغ / د ل ) . اذا اشتبه بانسداد وريدي يجب إجراء تصوير وعائي وريدي . وقد تحدث بعض الأخطاء في التشخيص فيمن لديهم ارتفاع شاذ في القرص البصري ( وذمة الحليمة الكاذبة ) أو نادراً في المصابين بورم دماغي دبقي مرتشح ( الدباق الدماغي (

ويمكن نفي الأول بالاختبارات العينية المناسبة بما فيها التصوير الوعائي بالفلورسين وينفي الثاني بالمراي والزمن والمعالجة عرضية . وقد يفرج البزل القطني المتكرر الصداع ويعتقد بعض الأطباء بأن الستيرويدات القشرية مفيدة . ولكن إذا كان هناك فقد بصر مترق يصبح التدخل الجراحي إجبارياً . ويبدو أن أحسن معالجة تكون بتحوبل ال س د ش من القراب ( الكيس القطني ) إلى جوف الصفاق.

ارتفاع الضغط داخل القحف ـ استسقاء الدماغ:

موه الدماغ ( استسقاء الدماغ ): ويعني اتساع البطينات الدماغية بزيادة كمية السائل فيها . ينتج موه الدماغ المغلق إما عن تضيق في مجاري الـ س د ش أو انسدادها داخل الجملة البطنية ( موه الدماغ اللامتصل ) ، أو عن تضيق أو انسداد المجاري تحت العنكبوتية خارج الجملة البطينية ( موه الدماغ المتصل ) . ينجم موه الدماغ المتصل عن اتساع الجملة البطينية المنفعل بسبب ضمور مادة الدماغ ( موه الدماغ الخوائي . Vacus Ex.

ويتشارك موه الدماغ المغلق غالباً ( وليس دائماً ) بفرط التوتر داخل القحف ، ولكن عندما يكون حاداً قد يكون مميتاً بسرعة .وكلما كان موه الدماغ مزمناً كلما خف فرط التوتر داخل القحف فيه أو تعذر كشفه ( موه الدماغ السوي الضغظ ) كما تصبح عندها الأعراض غير مؤلمة .

 

وموه الدماغ الحاد الذي يحدث انسداد الجملة البطينية الفجائي ( كما في كيسة البطين الثالث الغروانية أو في النزف تحت العنكبوتية أو النزف المخيخي ) ، يتميز بصداع شديد مفاجئ وقيء وميل للنوم وأحياناً سبات . وإذا لم يتدخل لإزالة الضغط سريعاً فقد يحدث انفتاق دماغي يتلوه الموت في وقت قصير . أما موه الدماغ تحت الحاد ( كذاك التالي لتف تحت العنكبوتية أو التهاب السحايا أو التهاب السحايا الرقيقة الورمي ) أو موه الدماغ المزمن ( كتضيق القناة الخلقي أو أورام الحبل الشوكي أو موه الدماغ السوي الضغط الغامض ) فيتميز عادة بنوم متزايد وخبل وخرف مع مشية غير ثابتة وصعوية استمساك البول .

وقد تبدو علامات السبيل القشري الشوكي في الجانبين ولا سيما في الطرفين السفلين مع اشتداد المنعكسات الوترية وعلامة بابنسكي ، وإذا كان الضغط مرتفعاً جداً فقد يصاب المرضى بصداع ووذمة الخليتين ولكن ذلك قليل الحدوث .

يكشف اتساع البطينات بسهولة بالتصوير بالكات والمراي . ولكن التفريق بين موه الدماغ المغلق وموه الدماغ المتصل الخوائي بالكات ليس سهلاً مالم يكن هناك ورم . ويساعد البزل القطني في التشخيص إذا كان هناك فرط توتر داخل القحف ، ولكن لا يعطي تشخيصياً نهائياً ، لأن الضغط داخل القحف في بعض المصابين بموه الدماغ المغلق يكون سوياً ؛ كما لا يعطي هذا الاختبار تشخيصاً نهائياً في المصابين بموه الدماغ المزمن مع أعراضه المدرسية ( الخرف ، عدم اتزان المشية والسلس ) . وتخفيف الضغط داخل القحف عن طريق اليزل القطني يفرج الأعراض مما يشير إل أن انسداد مجرى الـ س د ش هو المحدث للأعراض . وأن التحويلة البطينية قد تكون معالجة مفيدة.

 

نقص التوتر داخل القحف:

يعقب نقص التوتر داخل القحف عادة البزل القطني ، ولكنه ينتج أحياناً عن تمزق الجافية التلقائي أو الرضي بإبرة البزل القطني فتؤدي لتسرب الـ س د ش . ويتميز نقص التوتر داخل القحف بصداع يبدأ قفوياً ويتشعع إلى الجبهة في وضعية القيام . ويتشارك الصداع أحياناً بغثيان وقيء ورهاب الضوء وصلابة النقرة . ويصاب بعض المرضى بالشفع بسبب شلل العصب السادس . كما يمكن أن تحدث أعراض سمعية كالطنين أو أعراض دهليزية كالدوخة . وقد يكون سبب الأعراض اندفاع الدماغ الذي فقد دعم الـ س د ش للأسفل عند نهوض المريض .

ويتم التشخيص بسهولة سريرياً إذا علم أنه أجرى للمريض بزل قطني أو تصوير نخاعي ظليل قبل أيام قليلة . وإذا لم يكن في قصة المريض بزل قطني ، يمكن تشخيص الحالة بقياس ضغط السائل الدماغي الشوكي الذي يبدو منخفضاً .

تزول الأعراض عادة تلقائياً ، وقد تستمر في بعض الحالات مما يستدعي البحث عن مكان الرشح . ويوصي بعض الباحثين حقن بضعة سنتمترات مكعبة من دم المريض لسد مكان الرشح في الجافية بعد البزل القطني . وفي حوادث نادرة من التمزق السحائي التلقائي أو الرض يستلزم الأمر رتق مكان الرشح .

المصدر: البوابة الصحية