تأثير فرد كسول في أداء الفريق

ما الذي سينتج باعتقادك عن انضمام فرد كسول إلى فريقٍ عالي الإنتاجية؟ قد يحدث أحد الاحتمالين: قد يجد الشخص الكسول في الأعضاء المنتجين وعقليتهم الإيجابية مصدر إلهام ويرتقي تلقائياً إلى مستواهم، أو قد يصبح الأشخاص المنتجون في الفريق كسالى مثله مع مرور الوقت.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، يشرح فيه عن تأثير الفرد الكسول في أداء الفريق، ويقدِّم أمثلة من تجربته الشخصية.

قد تستبعد السيناريو الأخير؛ فالأمور لا تسير على هذا النحو؛ فتأثير الشخص الكسول يقتصر على نفسه، ومن المستحيل أن يؤثِّر في الفريق بأكمله بأيَّة طريقة، وعندما يكون محاطاً بأشخاصٍ مُنتجين، سيلهمونه لبذلِ مزيد من الجهد أيضاً.

هذا ما يعتقده معظمنا، لكن بحسب خبرتي، ومن خلال ما تعلمته من الآخرين، يحدث خلاف ذلك تماماً؛ إذ يستطيع شخص سلبي واحد أن يُفسد عمل الفريق بسهولة، لكن يؤمن معظمنا بالخيار الأول، هذا لأنَّنا نقيس الأمر من منظورٍ شخصي.

التحلي بِنيَّات حسنة:

عندما تكون نيتك حسنة، تتوقع أنَّ الآخرين كذلك؛ إنَّني أتلقى رسائل بريد إلكتروني من أناس مُحبَطين طوال الوقت؛ قادة فشلوا في أن يكونوا مصدر إلهام لفريقهم، رجال ونساء سئموا من سلوك شركائهم المؤذي، آباء وأمهات يتألمون لرؤية أطفالهم وهم يضيِّعون مستقبلهم.

هذه المشكلات خطيرة وتحدث لكلِّ شخص طموحٍ في الحياة، فإذا كنت شخصاً إيجابياً يحاول الاستفادة من حياته إلى أقصى حد، تظن أنَّ الآخرين سيتأثرون في طباعك.

هذا لأنَّ الناس مثلي ومثلك نياتهم حسنة، ونتمنى الأفضل لأنفسنا وللآخرين، وعندما تُقدِّر نفسك جيداً، يصعب عليك تخيل كيف يُفسد الآخرون حياتهم.

شاهد بالفيديو: 6 أسباب وراء فشل فريق العمل

كيف يُدمِّر شخص واحد الفريق بأكمله؟

لطالما اعتقدتُ أنَّنا نستطيع الارتقاء بمستوى الأشخاص، وعشتُ حياتي على هذا النحو، فقد راقبت الأشخاص الناجحين واستلهمت منهم، وما زلت أفعل ذلك.

يدفعك الناجحون نحو الأفضل، لكن عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الفاشلين، لا تسير الأمور على هذا النحو، وقد احتجت إلى سنوات عديدة لتقبُّل تلك الحقيقة القاسية عن الحياة.

في الصحيفة السنوية التي نشرها بنجامين فرانكلين (Benjamin Franklin) في القرن الثامن عشر تحت عنوان "بور ريتشردز ألماناك" (Poor Richard’s Almanack)، كتب قائلاً: "التفاحة الفاسدة تفسد رفيقتها".

عندما تسمح لشخصٍ فاسدٍ بدخول حياتك، فأنت تَقبَل بسلوكه، وهنا لا يقع اللوم عليه؛ بل عليك؛ فنحن الذين نمنحهم الفرصة، ولقد ارتكبتُ هذا الخطأ أيضاً؛ لذا أُدركُ مدى تأثيره في الناس.

لكن لأنَّني تغيرت، أدركت أنَّه يجب عدم منح الآخرين فرصاً لا محدودة؛ فهذا سيؤثِّر سلباً في أداء المجموعة، وتذكَّر أنَّ الحياة لا تتعلق بك وحدك؛ بل بالمصلحة العامة.

لذلك عندما تسمح بوجود فردٍ كسولٍ في الفريق، سيؤدي ذلك إلى تفككه، فعلى سبيل المثال: أخبرني منذ فترة صديقٌ يعمل مديراً تنفيذياً لشركة متوسطة الحجم عن الخطأ الذي ارتكبه بتوظيف شخص سلبي، وكان أداء فريق المبيعات لديه مذهلاً وحقَّق نمواً مضاعفاً لمدة 5 سنوات على التوالي، وكان يرغب في توسيع عمله.

بدت السيرة الذاتية للشخص الذي وظفه رائعةً، وأبلى بلاءاً حسناً في مقابلة العمل، وخلال الأشهر الستة الأولى قام بصفقات بيع مختلفة؛ لكنَّه بدأ يتراخى في العمل بعد ذلك، ويثرثر، ويتصرف بطريقة سلبية تجاه القيادة، وبدأ مديرو المبيعات الآخرون بفعل الأمر نفسِه تدريجياً على الرَّغم من أنَّ أداءهم كان جيداً في السابق.

انخفضت مبيعات أعضاء الفريق جميعهم تقريباً خلال مدة تُقدَّر بـ 18 شهراً، وعندما تحدثت إلى صديقي، كان قد طرده أخيراً، ولكن بعد فوات الأوان؛ إذ وُجِبَ عليه إعادة بناء فريقه بالكامل، نظراً لأنَّه تأخر في إدراك خطئِه، واتخاذ التدابير اللازمة.

في الختام:

إنَّ هذا من أصعب الأمور في الحياة، ولقد واجهت مثل هذه المواقف أيضاً؛ إذ يمكن لموظف سيئ واحد أن يُعيد شركتك سنوات إلى الوراء، وكم مرةً أدركتَ أنَّ علاقةً سيئة واحدة قادرة على إفساد كلِّ علاقاتك المستقبلية!

لكن كلُّ ما سبق لا يعني أنَّ الناس سيئون بطبيعتهم؛ بل على العكس من ذلك؛ فالناس طيبون، وأنا أؤمن بذلك بصدق، ويجب ألا ندع التجارب السيئة تفسد حياتنا.

تقوم أنجح المجتمعات في العالم على الثقة، وعلينا أن نبذل كلَّ ما في وسعنا للحفاظ عليها، وأن نعمل على تحسين أنفسنا كي تتطور حضارتنا بمرور الوقت، وكما قال المهاتما غاندي (Mahatma Gandhi) في مقولته الشهيرة: "يجب ألَّا تفقد الإيمان بالإنسانية؛ فالإنسانيةُ كالمحيط إذا تلوثت بضع قطرات منه، فلن تُعكر صفاءه".

على الرَّغم من أنَّ الأمور لا تُبشِّر خيراً هذه الأيام بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، إلَّا أنَّ غالبية الناس ما زالوا أشخاصاً طيبين، وعليك ألا تنسى ذلك، وإذا كنا طيبين أيضاً، فبضعةُ أشخاص سيئين لن يُفسدوا إلا بعضهم بعضاً في النهاية.