بسطوا خطاب النهضة

"لمن تعزف مزاميرك يا داوود" قالها صاحبي وأتبع... على من نراهن والساحة العربية مسكونة بقبيلتين كبيرتين... غال لا يرى إلا السيف حلاً... وحزبي لا يرى إلا ما تعلمه في داخل حزبه قولاً ...فعلى من تراهنون؟ ...ولمن تكتبون؟ لم تكن هذه أول مرة أسمع فيها مثل هذا القول... ولن تكون الأخيرة...ولكنه سؤال يحتاج إلى جواب... قلت لصاحبي حين نكتب وندعوا نستشعر الخير في الجميع، فبين من هو معتدل اليوم من كان غالياً بالأمس وهؤلاء كثر... حين وصلتهم الحقيقة وتشربتها عقولهم وقلوبهم انتقلوا من معسكر إلى معسكر (كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم)، وفي المنتمين لأحزاب من هو صاحب رأي وعقل لو رأى الحق لاتبعه لا يحول بينه وبين الخير شئ... فنحن نتوجه بالخطاب لكل الأمة، نقول لها ونسمع منها "والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها".



ولكن روح الخطاب موجه إلى الكتل الكبرى من الشباب، أولئك الذين لازالت خميرتهم الفكرية في طور التشكل.. هم المستقبل... وهم المبشرون به... وهم المستفيدون من التحولات كلها... ومشروع النهضة العربية لا زال خطابه نخبوياً غير مستساغ للشباب...فالأفكار الكبرى عن الحرية والعدل والمساواة والمواطنة والخيارات الرشيدة ودور العقل مع سنن الهداية لم تعبر من سماء المفكرين لعقول الشباب ناهيك عن الكتل البشرية الكبرى من عوام الناس... فهناك فجوة كبيرة بين العقول المنتجة للأفكار والعقول المستقبلة لها... فجوة لن يردمها أيضاً إلا الشباب. فالشباب الناضج منوط به تجذير أفكار النهضة وتبسيطها بحيث تصبح خطاباً وروحاً شائعة ... تتمثل في القصيدة الشعبية والمسرحية والقصة وتنتشر في كل مكان، في المدرسة والبيت والمقهى.

وعندما تصبح أفكار وقيم النهضة سارية كالهواء في المجتمع... عندما تنتقل من لغة مستعصية لخطاب بسيط؛ عندها نكون قد اقتربنا من المطلوب. أيها الشباب هذا بعض دوركم... التقطوا الأفكار الكبرى... اهضموها... بسطوها وانشروها... ناقشوها وحولوها إلى تيار سار لا يتوقف... لا تستصغروا عملاً مهما كان... انطلقوا فالخطاب لكم والزمن في صالحكم.