انتبه أيها المعلم من اختبار الطلاب لك

الطلاب وحدهم يعلمون أن الأيام الأولى مع بداية كل فصل دراسي هي بمثابة اختبار يجريه الطلاب على أستاذهم الجديد! يبدأ اختبار المدرس في التعليم العام من أول قاذفة طباشير يتم رميها من المدافع الخلفية من آخر الفصل، ومع ارتطام أول مقذوف بالسبورة تظهر شخصية المعلم ويتم بناء على ذلك تصنيفه.



ويبدأ هذا الاختبار لطلاب الجامعات مع توزيع مفردات المنهج في المحاضرة الأولى التي يشرح عضو هيئة التدريس فيها منهجه وأوقات الاختبار وآلية توزيع الدرجات وحسبة الغياب وكيفية التعامل مع التأخر.

مع نهاية المحاضرة الأولى يدرك الطالب والطالبة أي قسم يندرج فيه هذا الأستاذ، فإذا كان من النوع الذي لا يسمح بالتأخر ويشدد على عدد أيام الغياب فهذا يندرج تحت الفئة رقم واحد. وهذا يعني في القاموس الطلابي أن الطالب يجب أن يعلن حالة الطوارئ القصوى طوال الفصل الدراسي.

ولا زلت أذكر أحد الأساتذة -أيام الكلية- وهو من هذا الصنف إذ كان الطلاب يسارقون النظر إلى ساعاتهم خوفاً من اقتراب وقت المحاضرة مع أنه بقي عليها أكثر من نصف ساعة! وذلك لأن قاعدة هذا الأستاذ وضع حرف (غ، وتعني غائب) بجانب اسمك إذا دخلت بعده ولو كان الفاصل بينكما ثانية واحدة! ولذلك ترى القاعة بكاملها قبل الأستاذ في مشهد قد لا يتكرر إلا مع هذا النوع من الأساتذة. وهذه النوعية قد لا تحظى بسمعة جيدة من الطلاب، لكنها وحدها التي تعلق في ذهن الطالب بعد تخرجه، لأنه يدرك لاحقاً أنها الأكثر إفادة له في مشواره الدراسي.

إقرأ أيضاً: أهم مهارات المعلّم الناجح وصفاته الأساسيّة

صنف آخر من الأساتذة يرسبون في هذا الامتحان، وهذا يعني أنهم يندرجون تحت الفئة رقم (5)، والذي يقابله في قاموس الطالب أن هذا الأستاذ طيب وحبوب وعلى نياته! ولهذا تجد الطالب يطيل الحديث مع زملائه في المقهى مع أن المحاضرة قد بدأت، وإذا سأله زميله عن سبب بقائه أجابه بكل برود «عندي الحين الدكتور فلان!».

ويقول لي أحد الأصدقاء إن هناك أستاذاً يسمح للطلاب بالدخول للقاعة بعد مضي ساعة من بداية المحاضرة! لكن الذي يدركه الطالب بعد نضجه وتخرجه أن هذا التساهل الأكاديمي لا يبني شحمة على كتف، ولا ينفخ شيئاً في العقول الذابلة، وسيدفع الطالب الفاتورة عندما يكون وجهاً لوجه في مفاضلة وظيفية.

الشيء الذي لا بد من ذكره أن كل هذه التقسيمات لا تجري بين كل الطلاب. فهناك عينة كبيرة يدفعهم حب التعلم وتحقيق أهداف المستقبل للحضور باكراً، لكن العينة التي ذُكِرَت في صدر المقال هي من قبيل المتردية والنطيحة، وهؤلاء رأيتهم يعضون أصابع الندم -بعد سنوات- على كل لحظة أضاعوها من عمرهم، لأن أقرانهم انطلقوا في نجاحات الحياة، وبقوا هم في صراع مع ذكرى الخيبات الأولى.

 

المصدر: صحيفة مكة.




مقالات مرتبطة