الوساطة في حل النزاعات

الكتاب: الوساطة في حل النزاعات
المؤلف: كارل أ.سليكيو
ترجمة: علا عبد المنعم
عرض:ميثم عبد الجبار

مدخل:الوساطة هي العملية التي يساعد من خلالها طرف ثالث شخصين أو أكثر على التوصل إلى حل نابع منهم بشأن قضية ما. ويمكن استخدام الوساطة بديلا عن التقاضي.

وهذا أمر سائد تقريبا منذ زمان بعيد، غير أن الجديد في الأمر هو ان العالمية تتجه باتجاه التخصص في كل المجالات لذا أصبحت الوساطة اليوم علما يدرس ويشارك في الحياة العملية للفرد والمجتمع وهو يقدم الخطوات الضرورية التي تساعدنا علميا في استخدام الوساطة لحل النزاعات.



 ..إذن هذا الكتاب ضروري لكل منا في حياتنا اليومية. أضف إنه منهج علمي وبحثي لعمل مهني قائم على التواصل مع الطرف والطرف الآخر في محاولة لبناء مجتمع بعيد عن التشنج مؤمنا بحل القضايا على طاولة المفاوضات.

 

أعتمد سليكيو مؤلف الكتاب في طريقة كتابته على الخطوات والفصول والتمارين وحتى الرسوم التوضيحية منها، ليتمكن القارئ والباحث من القراءة بصورة تفاعلية عملية.

قدم يليكسو الكتاب بمقدمة تمهيدية وموجزة عن الوساطة مؤكدا أن فكرة الوساطة في صميمها ليست طريقة إنسانية متاحة للبشر لحل الخلافات فقط، ولكنها تعد أيضا بالعديد من الفوائد الأخرى للأفراد والمنظمات. مثل الإقلال من الإنهاك والتمزق الانفعالي، كما توفر المال وتحفظ العلاقات فضلا عن إنقاذ الأرواح.

ومن الجدير بالذكر أن سليكيو أستاذ متخصص في علم النفس السريري وقد شغل حياته العلمية يدون الملاحظات ويرصد الحالات مكتشفا العمق الإنساني الجوهري الذي يتحكم بمراكز الخلاف، مستفيدا من تجربته تلك في خلق عملية الوساطة والتي يقول عنها إنها متاحة للجميع ما لو كان التفاعل مع الذات الإنسانية والمشاكل التي تحيط بها على اهتمام وجدية بالغين.

كما يفترض وهو ـ فرض أساسي ـ أن الوساطة مهارة اجتماعية يقوم بها الوسيط إلى جانب إنها فرع مهني من فروع العلم المهنية.

قسم سليكيو كتابه إلى مقدمة موجزة عن الوساطة تحوي ثلاث فصول، أستعرض في الفصل الأول المفاهيم الأساسية عن الوساطة وبدائلها واضعا خيارات لما يمكن العمل وفقه أو اجتنابه بالنسبة للوسيط، أيضا وضح في هذا الفصل خيارات إدارة الصراع على شكل جداول تتضمن كيفية التعامل مع الأزمة والخروج منها إما أن تنتظر وهو ما يعده سليكيو أمرا مجتنبا أو اللجوء إلى السلطة ـ إذا كان النزاع فرديا ـ واللعب على وتر القوة وهو ما يعده تصرف وفعل سياسي. عرج بعد ذلك على النتائج الممكن تحقيقها وهو الفوز لجميع الأطراف مما يعني أن الخطة التي يضعها الوسيط في عمله النهائي تضمن لكل العناصر الاعتراف بالغير وتقدير مصالح كل طرف، أيضا شمل الفصل على نوعية الاجتماعات المغلقة المزمع عقدها مع الأطراف والركائز المهمة في عملية الوساطة ومتى يمكن التدخل للوسيط والظروف المحيطة بكل الأطرف من عناصر ومؤثرات ومتغيرات ثقافية واجتماعية. أيضا تطرق إلى أخلاقيات الوسيط والمؤهلات التي يتمتع بها مختتما الفصل بتمرين يمكن أن يؤدى مع شريك في العمل أو على شكل مجاميع.

جاء في الفصل الثاني في كيفية استخدام شبكة النزاع لتحليل الخلافات وإيجاد الحلول بين الأطراف عن طريق فهم المصالح العامة والخاصة والمشتركة بين الجميع ومن ثم يجب معرف تاريخ النزاع بين الأطراف وكم محاولة سابقة على هذه المحاولة لفض هذا النزاع، أيضا جاء في هذا الفصل ماهية المعايير الموضوعية المرتبطة بالنزاع والقانون الواجب تطبيقه وللخروج بتفاوض سليم لإيجاد أسس البدائل للتوصل إلى الاتفاق المطروح لدى الوسيط والنابع من وجهة النظر المختلفة عند الطرفين. أيضا وضع المؤلف في نهاية الفصل تمرين شامل لعمل جماعي يشترك فيه المتدرب عن طريق اختيار مقالة وضعها الكاتب لهذا الغرض.

كما بين الفصل الثالث على كيفية الإعداد لأن تكون وسيطا، وهو ما يشترط فيه الحيادية والابتعاد عن الأخطاء، والاستعداد النفسي والذهني للوسيط لأن يُساعد ويُدرب، وأن يكون العنصر فعالا وحازما خلال عملية الوساطة، أيضا الإنصات المستمر لكل الأطراف، كما قسم جلسات الوساطة إلى خمس خطوات هي: الاتصال الأول، اللقاء الافتتاحي، الاجتماعات الخاصة، الاجتماعات المشتركة / المكوكية، ثم الختام.

بعد ذلك أستعرض الكتاب كل من هذه الخطوات الخمس على حدة لتشمل كل واحدة منها على ثلاث فصول أو فصلين، مقسما فيها ومعرفا عن كيفية توجيه أطراف النزاع، وترتيب اللقاء مكان اللقاء، وإدارة اللقاء الأول، أيضا ضم إدارة الاجتماعات الخاصة بين الأطراف كل على حده، أيضا جاء في عملية وضع حلول تجريبية وصياغة أتفاق على نحو ذلك مع الاستخدام المكثف الذي وضعه المؤلف من تمارين وأمثله وأنشطه يمكن الاستعانة بها.

فكانت الخطوة الأولى تحوي على فصلين أولهما توجيه أطرف النزاع وذلك عن طريق الاستماع والمعرفة الدقيقة للمشكلة، وجاء في الفصل الثاني ترتيب مكان اللقاء، وهو ما يتيح أكبر قدر من الحرية والتأثير في نفس الوقت على خلق جو من التواصل حتى عن طريق إعداد مسبق لقطع الأثاث في الغرف المزمع عقد اللقاء فيها. كما يفضل اجتناب الوسيط الجلوس قرب طرف على حساب آخر ولذا يكون موقعه وحسب الصور التوضيحية التي وضعها المؤلف إما بينهما أو مقابل لهما وأن لا يجلسهما متقابلين.

جاء في الخطوة الثانية فصل واحد وهو إدارة اللقاء الأول ويوصي أن يأخذ الوسيط بزمام قيادة هذا اللقاء حتى يتسنى له فرض شخصيته مع التأكيد المستمر أثناء هذا اللقاء على ضرورة الوساطة بين الطرفين وضرورة الابتعاد عن التوتر وفتح عقولهم لمنهج التعاون في حل المشكلة.

أما الخطوة الثالثة فجاءت بثلاث فصول، أولها إدارة الاجتماعات الخاصة وهي فرصة في التعرف على جوهر المشكلة والنزاع القائم، لأنها تتيح للوسيط التحدث على إنفراد للأطراف المتنازعة. والثاني التعلم بالأمثلة وهي طريقة عملية مأخوذة من قصتين من قصص الاجتماعات المغلقة الحقيقية. وتمحور الفصل الأخير حول وضع عدة حلول افتراضية وصياغة أتفاق تجريبي.

أما الخطوة الرابعة فإنها تحوي على ثلاث فصول أولهما التخطيط للجولة التالية، والثاني استخدام نموذج (م ع م) وهو مختصر لـ(ملخصات ـ عروض ـ ملخصات)، أما الفصل الآخر هو التغلب على الطرق المسدودة عند التفاوض.

الخطوة الخامسة والأخيرة كانت عن الخاتمة وتحوي ثلاث فصول، اختبار الاتفاق، ووضع الاتفاق في صيغ مكتوبة، وختام عملية الوساطة.

كما وضع في نهاية الكتاب أشكالا مختلفة تتكون من ثلاث فصول عن حاجة الأفراد لإحلال السلام وفض النزاعات المختلفة وعن كيفية فشل بعض اللقاءات المباشرة والتعامل معها، ومتى  تصلح الوساطة الغير رسمية عند أطراف النزاع. أيضا هناك سلسلة من المصادر والمراجع التي أعتمدها المؤلف.

الخاتمة:

هذا الكتاب جاء كنموذج حي لعملية التعايش بين الأفراد الإنسانية كافة، بعيدا عن جو المشاحنات والمهاترات والقضاء أو التطرف إلى الحلول التي تميل إلى العنف الجسدي، والطرق المسدود في النزاع، وحل النزاعات هو أكثر ما يحتاجه الإنسان الآن خاصة بعد التطور الهائل والتعقد الحاصل في الحياة، فكلما تعقدت الحياة زادت مطاليب الفرد وزادت معها مشاكله واحتياجاته.

المؤلف في سطور:

كارل أ.سليكيو رئيس مؤسسة كوردا بولاية تكساس عمل في تدريس علم النفس بجامعتي ساوث كارولينا، له كتابين وأكثر من ثلاثين مقال عن إدارة الأزمات وحل النزاع، تخرج من جامعة نبراسكا درجة بكالوريوس عام 67 ومعهد برستون اللاهوتي بدرجة الماجستير في اللاهوت عام 69 وجامعة ولاية نيويورك بدرجة الماجستير والدكتوراه. يقود الكثير من الندوات التي تعقد لقادة الشركات والمؤسسات والمحامين والعاملين المهنيين في المجالات الصحية والمعلمين والعاملين في الإرشاد النفسي والمديرين، كما انه متخصص في تصميم النظم الشاملة لحل النزاع الذي يهدف إلى السيطرة على تكاليف النزاع. 

مكتبة النبأ 
الوساطة في حل النزاعات
الناشر: الدار الدولية للنشر والتوزيع ـ مصر
عدد الصفحات: 352-قطع متوسط