الوحش روتين

 

كيف يبدأ المرء منا عملاً حراً وهو لا يملك الموارد الكافية لإنشاء مؤسسة صغيرة؟ الحل يكمن في العمل انطلاقاً من المنزل، وأهم ميزة لهذا الحل قلة التكاليف عند إنشاء المؤسسة.


 

أخبرني أحدهم عن شاب يملك مهارة فنية عالية، فهو رسام وخطاط، ويجيد استخدام برامج الرسم بالحاسوب، وقد صمم هذا الشاب بعض الشعارات والرسومات لصالح بعض المؤسسات، ويطمح هذا الشاب لتوظيف مهارته هذه ليجعلها عملاً له ومصدراً للرزق، فالأعمال الفنية على اختلاف أنواعها مطلوبة في سوق العمل، وهو يملك المهارة اللازمة لدخول هذا السوق.
 ويعيقه عن فعل ذلك العديد من الأنظمة والقوانين التي لم تعد تواكب التطورات الجديدة. ودعوني أضرب مثالاً يتعلق بهذا الشاب، تصوروا أن مؤسسة حكومية ما طلبت منه أن يصمم لها شعاراً، من السهل أن يصمم لها الشعار المطلوب وفق المواصفات المطلوبة، سيفرح المسؤول بمستوى العمل الذي نفذه هذا الشاب ومن السهل أن يعتمد استخدام هذا الشعار في المؤسسة، لكنه عندما يأتي إلى مسألة دفع المال، يأتي الوحش المخيف، والمسمى روتين، ليلقي بثقله على الأمر برمته!
 فيطلب هذا المدير من الشاب أن يقدم فاتورة رسمية، لكي يدفع له المبلغ المطلوب، من أين سيأتي بهذه الفاتورة وهو لا يملك مؤسسة تجارية؟
 البعض يملك أسلوباً ملتوياً لكي يحصل على أتعابه، فيقوم بالتعاون مع مؤسسة ما لكي تكتب الفاتورة باسمها وبذلك يضمن حصوله على ماله الذي يستحق، وماذا عن الذي لا يستطيع أن يطبق هذا الأسلوب الملتوي؟ أيتوقف عن العمل؟ أم ينتظر حتى تتغير القوانين؟ حسناً قد يقول البعض منكم بأن هناك حل آخر، وهو أن يؤسس مؤسسة خاصة، يعمل من خلالها ما يريد، فكرة جيدة تعيقها أيضاً القوانين! ففي مقالة قرأتها في إحدى الصحف، ذكر الكاتب بأن هناك شرط يحدد رأس مال الشركة، فرأس المال يجب أن لا يقل عن ثلاثمائة ألف درهم، من أين يأتي شاب في مقتبل العمر بمثل هذا المبلغ؟ أيقترض من البنوك؟ أم يتعاون معها؟ كلا الخيارين صعب، وليس من السهل أبداً الحصول على تمويل، ثم بعض المشاريع لا تحتاج إلى مثل هذا المبلغ، بل ربما تبدأ من عشرين ألف درهم أو أكثر. هناك حل سهل وبسيط، وهو إتاحة الفرصة لمن لديه الرغبة في إنشاء مؤسسة فردية، أن ينشئها انطلاقاً من منزله، على أساس أن لا تتطلب هذه الرخصة تكاليف كثيرة، حتى لا يضطر لدفع مبالغ نقدية قد يحتاجها لشراء مستلزمات العمل الضرورية، والعمل في المنزل يوفر تكاليف تأجير شقة أو مكتب، وهي تكاليف كبيرة في معظم الأحيان.
 وإذا ما يسرنا الحصول على هذه الرخصة لكل من لديه عزم وهمة للعمل، فإننا سنجد الكثير من الإبداع والإنتاج المفيد، فالشاب صاحب الموهبة الفنية سيستغل هذه الموهبة في عمله وستكون له مصدراً مهماً للدخل، وكل هذا سيكون بطريقة رسمية لا تخالف القانون، وفي نفس الوقت توفر فرصة للشاب في أن يستغل مواهبه. وهناك مهارات أخرى كثيرة يستطيع أي شخص أن يستغلها للحصول على دخل، كالبرمجة وتصميم المواقع، والهندسة على اختلاف تخصصتها، وهناك تخصصات فكرية يستطيع أصحابها العمل في مؤسسة فردية، كالقانون والتربية والإدارة وتقنية المعلومات، المهم هنا أن يستغل المرء خبراته ومهاراته ويوظفها في إنتاج مفيد يحصل في مقابله على مصدر للدخل.
 أود أن أرى غرف التجارة في كل إمارة تراجع قوانينها، وتتيح للإفراد إنشاء مثل هذه المؤسسات، حتى نقضي على مشكلة البطالة، فهناك من هو مستعد للعمل بهذا الأسلوب، لكن القانون لا يسمح له، فلماذا نقفل باباً واسعاً يتيح لنا حل جزء كبير من مشكلة البطالة؟
 تأليف: عبدالله المهيري

المصدر: البرمجه اللغوية العصبية