المياه الجوفية

المياه الجوفيّة المياه التي توجد تحت سطح الأرض، وهي مصدر مياه الآبار والعديد من الينابيع، وتوفر المياه الجوفية المياه العذبة في العديد من مناطق العالم.



تعريف المياه الجوفية:

المياه الجوفية هي المياه التي تتجمع وتختزن تحت سطح الأرض في طبقات التربة والصخور المشبعة بالماء؛ وبتعبير آخر، هي المياه التي تسربت خلال طبقات الأرض من الأمطار والأنهار والبحيرات العذبة، وتراكمت في الفراغات والشقوق والمسام داخل التربة والصخور تحت سطح الأرض؛ إذ توجد هذه المياه في باطن الأرض بأشكال مختلفة وعلى أعماق مختلفة أيضاً.

كيف تتكون المياه الجوفية؟

تتكون المياه الجوفية عن طريق مراحل عدة، لكن تجدر الإشارة - قبل الحديث عن مراحل تكون المياه الجوفية - إلى أنَّه توجد عوامل عدة تؤثر في تشكيل وتكوين المياه الجوفية، منها نوع التربة، ونوع الصخور، والتضاريس، ونسبة الهطول المطري، وعموماً، تتمثل مراحل تشكُّل المياه الجوفية من البداية فيما يأتي:

المرحلة الأولى: التبخر

تتبخر المياه من المسطحات المائية الموجودة على سطح الأرض، وكذلك من الكائنات الحية (النبات، والحيوان، والإنسان)؛ إذ يتصاعد بخار الماء مشكِّلاً السحب، ويتكاثف بخار الماء، وتحدث الهطولات المطرية.

المرحلة الثانية: الهطولات المطرية

عندما تسقط الأمطار، يتساقط الماء على سطح الأرض، ويتسرب جزء منه إلى التربة التي تقوم بامتصاص جزء منه ينتقل خلالها نتيجة وجود مسام وفراغات بين حبيبات التربة، وإذا كانت التربة ذات نسبة عالية من المواد العضوية أو الرملية، فإنَّها قادرة على امتصاص كمية أكبر من الماء.

المرحلة الثالثة: الترسيب والترشيح

بعد امتصاص التربة للماء تحدث عملية الترسيب والترشيح؛ إذ يتحرك الماء عبر التربة، ويتسرب ببطء نحو الطبقات الأكثر عمقاً من التربة والصخور، وأما عملية الترشيح، فتتم عن طريق ملء المسام والفراغات الموجودة في التربة والصخور بالماء.

المرحلة الرابعة: التخزين

يتجمع الماء في طبقات الأرض الجوفية (طبقات صخرية أو طبقات التربة) مكوناً ما يسمى "الطبقة المائية الجوفية" أو "الحوض المائي الجوفي" تحت سطح الأرض؛ حيث تحتوي على مجموعة من المياه المجتمعة.

المياه الجوفية؟

هل المياه الجوفية صالحة للشرب؟

يتوقف الحكم على صلاحية المياه الجوفية للشرب على عوامل عدة، مثل تركيز الملوثات، والمواد الكيميائية، والعوامل الجيولوجية المحيطة بها؛ لذا يوجد قسم كبير من الناس يرون أنَّ جميع المياه الجوفية صالحة للشرب، بينما يرى قسم آخر وجوب تنقية هذه المياه لتصبح أفضل.

توجد بعض المناطق التي تكون فيها المياه الجوفية نقية وصالحة للشرب بشكل طبيعي، لكن تجدر الإشارة هنا إلى ضرورة الانتباه جيداً، فالمياه الجوفية معرَّضة للتلوث كثيراً؛ وذلك بسبب النشاطات البشرية المختلفة؛ لذا من الأفضل فحص المياه وإجراء الاختبارات اللازمة لها قبل اتخاذها مصدراً للشرب؛ وذلك بالاعتماد على معايير الجودة العالمية، مثل المعايير التي تتَّبعها منظمة الصحة العالمية للتأكد من أنَّ المياه تفي بالمتطلبات الصحية.

إقرأ أيضاً: هل مياه الأمطار صالحة للشرب والاستحمام؟

عمق المياه الجوفية:

يوجد تفاوت في عمق المياه، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، وهي:

  1. التضاريس الطبيعية لكل منطقة.
  2. نوع التربة في المنطقة.
  3. نوع الصخور الموجودة في المنطقة.
  4. معدل التبخر.
  5. نشاط الأنهار والمصبات.
  6. الاستخدامات البشرية للآبار الموجودة في المنطقة.

يتراوح عمق المياه الجوفية بين بضعة أمتار لتصل إلى عمق مئات الأمتار تحت سطح الأرض، وعموماً تُقسَم المياه الجوفية حسب عمقها إلى:

  • المياه الجوفية الضحلة: يكون عمق المياه فيها قليلاً، ويتراوح بين بضعة أمتار ليصل إلى عشرات من الأمتار تحت سطح الأرض.
  • المياه الجوفية العميقة: يكون عمق المياه فيها كبيراً، ويصل إلى مئات الأمتار تحت سطح الأرض.

تجدر الإشارة إلى أنَّ المياه الجوفية الضحلة تتأثر بالتغيرات المناخية، بخلاف المياه الجوفية العميقة الأقل تأثراً بتغيرات المناخ، ومن ثم تكون أكثر استدامة.

أهمية المياه الجوفية:

  • مصدر أساسي لمياه الشرب: توجد مناطق عدة حول العالم تعتمد على المياه الجوفية في تأمين احتياجاتها اليومية من مياه الشرب.
  • الاستخدام الزراعي: تُستخدَم المياه الجوفية للري في الزراعة، وتؤدي دوراً حيوياً في توفير المياه للمحاصيل الزراعية؛ إذ يُعتَمَد عليها بوصفها مصدر ري طويل الأمد.
  • دعم النظم البيئية: تسهم المياه الجوفية في رفد الأنهار والبحيرات بالمياه، وتسهم بذلك في تنوع الحياة النباتية والمائية.
  • الاستخدام الصناعي: تُستخدَم المياه الجوفية في معظم الصناعات، مثل الصناعات التحويلية، والتبريد، والتصنيع.
  • غالباً ما توجد المياه الجوفية في المناطق التي تقلُّ فيها المسطحات المائية، ومن ثم تُعَدُّ المصدر الأساسي للتزود بالمياه لكافة الاستخدامات.
  • المياه الجوفية الكربوناتية.
إقرأ أيضاً: المياه الجوفية في السعودية

أنواع المياه الجوفية:

1. تصنيف المياه الجوفية حسب نمط تكوينها:

يتشكل هذا النوع من المياه بسبب تفاعل الماء مع الصخور الكربوناتية، مثل الحجر الجيري، والدولوميت، وترتفع فيها نسبة الكالسيوم والماغنيسيوم، وهذا يجعلها مفيدة للاستخدامات الصناعية والزراعية، كما تتميز هذه المياه بقدرة عالية على الذوبان والتآكل للمعادن والصخور الكربوناتية، وقد يتسبب ذلك في تكوين الكهوف، والأنهار الجوفية، والصفائح الجيرية.

المياه الجوفية الجيرية:

نوع من المياه الجوفية التي تتأثر بتكوين الحجر الجيري، أو كما يسمى "الحجر الكلسي" في المنطقة المحيطة بها؛ والحجر الكلسي هو صخر رسوبي يتكون تكوُّناً رئيساً من الكالسيوم والكربونات؛ فعندما تتدفق المياه السطحية أو المطرية عبر الحجر الكلسي، يتفاعل الماء مع الكربونات الموجودة في الصخر، ويؤدي ذلك إلى تحللها وذوبانها، وهذا التفاعل يسبب تكوين الكهوف، والممرات الجوفية، والأنهار الجوفية التي تحتوي على مياه جوفية كلسية.

المياه الجوفية الغرانيتية:

توجد في المناطق التي تحتوي على صخور الغرانيت، وتتميز المياه الجوفية الغرانيتية بالنقاء والصفاء؛ إذ يكون الماء عذباً وخالياً من الملوثات الكيميائية القوية؛ وبسبب التكوين الصخري الكثيف للغرانيت، فإنَّ المياه الجوفية الغرانيتية تكون غنية بالمعادن الطبيعية، مثل البوتاسيوم، والصوديوم، والكالسيوم.

المياه الجوفية الحديدية:

تحتوي هذه المياه على نسبة عالية من الحديد؛ وذلك بسبب عملية التآكل والذوبان للمعادن الحديدية في التربة والصخور التي يتدفق عليها الماء الجوفي؛ إذ إنَّ وجود تراكيز عالية من الحديد في المياه الجوفية الحديدية ليس ضاراً للصحة، وعادةً لا يشكل خطراً على الشرب المؤقَّت، ومع ذلك، قد يسبب الحديد وجود طعم معدني ورائحة غير مستحبة في الماء، ويؤدي أيضاً إلى تلوين الملابس والأواني المنزلية عند استخدام هذه المياه.

المياه الجوفية الملوحة:

يحتوي هذا النوع على تركيز عالٍ من الملح، وهذا النوع بالتحديد لا يصلح للشرب؛ بل يحتاج إلى معالجة إذا ما أردنا استخدامه.

2. تصنيف المياه الجوفية حسب نمط استخراجها:

الآبار:

هي فتحات محفورة أو مثقوبة في الأرض للوصول إلى المياه الجوفية؛ أي فتحات صناعية في القشرة الأرضية يقيمها الإنسان؛ إذ تصل هذه الفتحات بين سطح الأرض والطبقة الحاملة للمياه الجوفية، وتُسحَب المياه الجوفية منها باستخدام مضخات، كما تُستخدَم الآبار عادةً لأغراض الاستخدام المنزلي أو الزراعي أو الصناعي.

العيون:

تنشأ العين تلقائياً عندما تتقابل الطبقات المسامية التي تحمل المياه الجوفية مع سطح الأرض، أو عندما تصادف هذه الطبقات شقاً يؤدي إلى سطح الأرض؛ وبتعبير أكثر دقة، تحدث العيون عادةً عندما توجد طبقة مائية جوفية قريبة من سطح الأرض تمتلئ بالماء الجوفي الزائد الذي يتسرب ببطء إلى الخارج، وتكون العيون عبارة عن مسطحات رطبة أو مستنقعات صغيرة تتدفق فيها المياه من الأرض.

خنادق الترشيح:

عبارة عن أنفاق طويلة تعترض سير المياه الجوفية، وتتجمع المياه فيها.

الينابيع:

هي نقاط تدفق المياه الجوفية إلى السطح؛ إذ تحدث الينابيع عندما تصطدم طبقة مائية جوفية بالسطح الأرضي أو تنحدر عبر صدوع أو شقوق في الصخور، وقد يتشكل الينبوع في شكل جداول مائية صغيرة أو جداول مستديرة، أو يخرج الماء خروجاً مباشراً من الأرض في أماكن معينة.

مصادر المياه الجوفية:

  • الأمطار: عندما يهطل المطر، تمتص التربة جزءاً كبيراً منه، ويتحول مع مرور الوقت إلى مياه جوفية.
  • الأنهار والبحيرات: تمثل البحيرات والأنهار مصدراً هاماً من مصادر المياه الجوفية، فعندما يحتوي كل منها على فائض، يتسرب جزء من مياهها عبر الأرض ويصبح مياهاً جوفية.
  • الجليد والثلوج: تتسرب كمية من المياه نحو قاع الأرض؛ وذلك نتيجة لذوبان الثلوج والجليد.
  • التسرب من مياه الري: عادةً ما تتسرب كمية من المياه المستخدَمة في الري لتصبح جزءاً من المياه الجوفية.
إقرأ أيضاً: تلوث المياه الجوفية وطرق معالجتها

في الختام:

لا ننكر أهمية ودور المياه الجوفية في حياتنا واقتصادنا أيضاً؛ إذ تُوفِّر لنا مصدراً دائماً للمياه العذبة، وتُعزِّز التنمية الاقتصادية بنوعيها الزراعية والصناعية، لكن تواجه المياه الجوفية تحديات جمة، أبرزها كيفية استدامتها وحمايتها من التلوث والاستغلال المفرط؛ لذا لا بد من توعية الناس بأهميتها، وتقديم النصائح حول كيفية المحافظة عليها، وعدم هدرها، وحفظ حق الأجيال القادمة منها.




مقالات مرتبطة