المهر والمؤخر..حرب تنتهي بالطلاق

 

كثيرة هي قصص الزواج التي لم يكتب لها النجاح، بعضها ينتهي بهدوء من الطرفين، وفي بعضها الآخر يشن الأزواج والزوجات حربا على المهر والمؤخر والنفقة، وتصل هذه الحرب في أحيان كثيرة إلى قاعات المحاكم. التحقيق التالي يتناول هذه الحرب الضروس.خلافات عديدة تقع بين الأزواج والزوجات بطلها الأول هو المهر. فهذه زوجة ترفض رد نصف المهر على رغم عدم إتمام الزواج وعدم خلو الزوج بها خلوة صحيحة، فلم يكن أمام الزوج سوى اللجوء إلى القضاء والمحاكم.


 

هذا شاب قرر الزواج فورط نفسه بكتابة مهر كبير بشيك من دون رصيد، وبعد الزواج قررت الزوجة المطالبة به، فعجز عن الوفاء به، ودبت الخلافات بسبب المهر.وهذا زوج دفع المهر للزوجة قبل الزواج، وبعده بأسابيع سحبه منها بحجة مروره بضائقة مالية، ومع أول خلاف قررت الزوجة الحصول على مهرها فرفض الزوج، فلجأت إلى القضاء.كل الكتابات والدراسات التي تناولت مشكلة تأخر الزواج والعنوسة تعزو ذلك إلى غلاء بعض الأسر في المهور، هكذا يبدأ المحامي محمد طالب حديثه عن أحد أضلاع هذه الحرب الدائرة بين الأزواج والزوجات في قاعات المحاكم، فيقول:
المهر مشكلة كبيرة في المجتمع الكويتي، وليس معنى ذلك أنني أنادي بالزواج من دون مهر، فهو حق للزوجة. لكن ما نراه أن المغالاة في المهور أدت إلى عزوف قطاع كبير من الشباب عن الزواج، وأيضا جعلت الصراع بين الأزواج والزوجات والأسر ينتقل إلى قاعات المحاكم، سواء تم الزواج أو لم يتم.فهناك الكثير من القضايا المعروضة على القضاء التي يكون المهر بطلها الأول. وسبب ذلك أن قيمة المهر تكون كبيرة، وتغري بالدخول في صراعات وقضايا من أجله. إن الكثير من الخلافات الزوجية التي تصيب الزواج في مقتل وتنتهي به في قاعات المحاكم تبدأ من المهر المغالى فيه، حيث تتراكم الديون على الأزواج بسببه، وتحدث الخلافات التي تنتهي عادة بالطلاق.
وعملية حصول الزوج أو الزوجة على المهر تتوقف على عدة أمور، فإذا حدثت خلوة بين الزوجين قبل الدخول يأخذ الزوج نصف المهر، وإن لم تحدث يأخذ الزوج المهر كاملا، وإن دخل الزوج عليها تستحق الزوجة المهر كاملا.وما يحدث أنه يجري تأجيل دفع المهر، ويتم الزواج، ثم يماطل الزوج في دفعه. وفي هذه الحالة يكون على الزوجة التي لم تحصل على مهرها إثبات ذلك، وهو شيء صعب حيث لا تجد أمامها في كثير من الأحيان إلا الشهود، وهنا يكون الحكم تقديريا للقاضي.
والأمر ذاته يحدث مع الزوج الذي لم ترد له الزوجة المهر على رغم عدم إتمام الزواج، حيث لا يجد إلا الشهود، وهنا أيضا يكون الحكم تقديريا للقاضي.إن ما يحدث من خلافات وتدمير للزيجات يقتضي إعادة النظر في المهور، خاصة المرتفعة والمغالى فيها.
الصراع على المؤخر
أما المؤخر فهو الضلع الثاني لهذه الحرب الضروس بين الازواج والزوجات في قاعات المحاكم، ويقول عنه طالب:بعض الأسر تشترط كتابة مبلغ من المال كمؤخر في العقد، وهناك أسر أخرى لا تشترطه. والمؤخر في حالة وجوده يكون سببا للخلافات والصراع بين الأزواج، سواء قبل الطلاق أو بعد وقوعه. فالزوج قد يشعر باستحالة الحياة مع زوجته لكنه يرفض تطليقها بسبب المؤخر الكبير، والزوجة تريد الطلاق من اجل الحصول على هذا المؤخر.
وبمجرد أن يقع الطلاق وكانتقام من الزوج تطالب بالمؤخر، وهذا حقها، لكن المشكلة أن الزوج هو الآخر يريد ألا يخسر المال بعد أن خسر زواجه. وما يحدث أن الزوجة ترفع دعوى ضرر لكي تأخذ المؤخر كاملا، فإذا حكم لها حصلت عليه، وإن خسرت الدعوى فلا مؤخر لها.
حيلة الأزواج للهروب من النفقة
الضلع الثالث في حرب الأزواج والزوجات في قاعات المحاكم هو النفقة التي يصفها طالب قائلا:النفقة حق للزوجة على زوجها، سواء كانت تعمل أو كانت موسرة، لكن ما يحدث أن الكثير من الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق يكون سببها من الأساس عدم نفقة الزوج على زوجته. فالكثير من الأزواج لا ينفقون على زوجاتهم بحجة أنهن يعملن ولهن دخل، أو بحجة أن ديون الزواج أثقلت كاهلهم.
وعندما تزداد الخلافات وتصل إلى نقطة اللاعودة ترفع الزوجة قضية نفقة على الزوج، وهذه النفقة تشمل مصاريف الزوجة والأولاد والمدارس والخادمة، وعادة تحكم لها المحكمة بمبلغ تقديري.وللتهرب من دفع النفقة يلجأ بعض الأزواج إلى حيلة معروفة، وهي تقديم ما يفيد بأن عليهم ديونا لا تساعدهم على دفع النفقة. لكن هذه الحيلة لا تنطلي عادة على المحكمة، وإن كانت تقدر الظروف المادية للزوج.
ثقافة الزواج والطلاق مفقودة
الاستشاري النفسي والاجتماعي د. خضر بارون يرى أن خلافات الأزواج والزوجات حول المهر والمؤخر والنفقة تشير بوضوح إلى سلبيات يحددها قائلا:الأرقام التي تنشر بين الفينة والأخرى تصيب المجتمع بالهلع وتساهم في خوف الكثيرين من خوض تجربة الزواج. وحتى عندما يقرر البعض خوض هذه التجربة يكون محملا بما يسمعه وما يشاهده عن قرب من مآسي الزواج والطلاق، لذا يحصن كل طرف نفسه ماديا بما يرى أنه يضمن بعض حقوقه. وهذا ليس عيبا، لكن الخطأ أن هؤلاء يحصنون أنفسهم ماديا فقط، فنرى المهر الكبير والمؤخر الذي يحمل رقما خياليا، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الخلافات التي تنتهي في المحاكم ليبدأ فصل جديد مع النفقة.
تزايد عدد الخلافات المتعلقة بالزواج والطلاق يشير بوضوح إلى أننا نفتقد ثقافة الزواج وحتى الطلاق، فهناك سوء اختيار وسوء تقدير، وكل طرف يتربص بالآخر حتى قبل خوض تجربة الزواج. وعندما يكون الأساس هشا تصبح الحياة الزوجية فيما بعد أكثر هشاشة.الكثيرون يدخلون تجربة الزواج من دون استعداد نفسي أو حتى مادي لها، ومع أول خلاف يتضح أن الأزواج ليس لديهم أي معرفة بفن إدارة الخلافات الزوجية، فنجد الخلاف الصغير يتدحرج مثل كرة الثلج ويكبر وتبدأ خلافات اكبر حول المهر والمؤخر والنفقة.
التشدد المادي لا يصنع زواجا ناجحا
ويرى د. بارون أن التشدد المادي في أمور الزواج مثل المهر والمؤخر لا يضمنان زواجا ناجحا:
للأسف الشديد تعتقد بعض الأسر أنها بالتشدد في المهر الكبير والمؤخر المغالى فيه تضمن زيجات ناجحة لبناتها. فالبعض يعتقد أن هذه الأرقام الفلكية تمنع الطلاق، والعكس هو الصحيح، فالخلافات تكون بحجم هذه الأرقام، والمشكلات المعروضة في المحاكم تشير إلى ذلك.
فعندما تبدأ الخلافات ويوشك الزواج على الفشل نجد أن الزوج يريد أن يخرج من دون خسائر أو أن يخرج بما دفعه في هذا الزواج، والزوجة تريد أن تخرج بمؤخر كبير تعويضا عن هذا الفشل. هنا يلجأ كل طرف إلى أساليب غير سليمة للحصول على ما يريد، وتبدأ حرب جديدة بين الطرفين في قاعات المحاكم .فالزوج قد يبدأ في مضايقة زوجته أو حتى ضربها من أجل أن تتنازل له عن كل شيء، وقد تلجأ الزوجة إلى أساليب مشابهة من أجل الظفر بالمؤخر.
لكن ما أريد أن يعرفه هؤلاء الأزواج الذين لم تكتب لحياتهم النجاح أن المال لا ينفع، وإنما يمكن أن تزداد الخسائر خاصة في حالة وجود أطفال، حيث إنهم يدفعون ثمن هذه الخلافات. وعلى هؤلاء أن ينهوا خلافاتهم بهدوء، وأن يتعلموا من الآية الكريمة 'إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان'.

المصدر: بوابة المرأة