المعماريون والتصميم بالحاسوب

أصبحت أصوات النقر الهادئة الصادرة عن لوحة المفاتيح من الأصوات المألوفة في مكتب براون وستوري المعماري الواقع في قلب مدينة تورنتو، ويعود هذا المكتب لشركة أسسها المهندسان المعماريان كيم ستوري وجيمس براون في عام 1981 وتزوجا في السنة التالية لتأسيسها.



وطيلة سنوات عدة، عمل هذا الثنائي على سلسلة من المشاريع ضمن منطقة تورنتو، وخلال التسعينات أصبح عملهما يجمع بين العديد من المفاهيم والمعارف متخطياً الحدود بين هندسة العمارة وتصميم المدن وهندسة المناظر. وقد استرعى هذا العمل الانتباه بفضل عدة مشاريع أنجزتها الشركة، بما فيها إعادة إحياء كنيسة القديس جورج بالاشتراك مع نورستراند ديكاستري المعمارية وسرادق حديقة التتويج المطل على الواجهة المائية. وفي نوفمبر الماضي، كان هذا الفريق واحداً من خمسة فرق تم اختيارها من بين 178 فريقاً من 22 دولة في مسابقة من أجل تصميم أول حديقة مدنية وطنية في كندا تمتد على مساحة تبلغ 129 هكتاراً من قاعدة داونزفيو العسكرية في تورنتو، وجرى الإعلان عن فريق التصميم الفائز في مايو.

ومن الجدير بالذكر، أن هذه الشركة ما تزال، منذ ثلاث سنين خلت، تشارك في المسابقات بمخططات على برامج التصميم بالحاسوب لتشجيع المصممين على الانضمام لعالم التصميم بالحاسوب.

وتعلل ستوري ذلك: " لا شك أنك تحتاج إلى برامج التصميم بالحاسوب من أجل المشاركة في المسابقات، لأن الناس أميل إلى صور برامج التصميم هذه ـ منهم إلى تلك المخططات والمناظير المرسومة باليد والتي تستغرق وقتاً طويلاً. وقد قمنا بالمشاركة في مسابقة وقدمنا مشروعاً جيداً، إلا أننا لم نفز، ولكنا وجدنا أن الأعمال الفائزة كانت جميعها على برامج التصميم بالحاسوب. لم يكن هناك مجال للمقارنة، وأدركنا أن علينا الوصول إلى ذلك النوع من جودة الصورة من أجل أن نكون قادرين على المنافسة."

تعمل شركة براون وستوري على الإصدارة 14 من أوتوكاد على جهاز بنتيوم II بسرعة 400 ميجا هيرتز بنظام تشغيل ويندوز للشبكات، وقد وقع اختيارها على برنامج أوتوكاد نظراً للفائدة الجلى التي يوفرها استخدام هذا البرنامج الشائع الاستخدام في صناعة البناء. وقد استطاعت ستوري التمكن من أساسيات البرنامج دون بذل الكثير في الدروس والتدريب، وهي تأمل أن تصبح ماهرة في استخدام إمكانياته ثلاثية الأبعاد، ولكن، في الوقت الحاضر، فإن الشركة تعتمد على خبرة وبراعة أحد موظفيها.

وتضيف ستوري:" لدي إحساس أن ما نفعله الآن بواسطة هذا البرنامج هو غيض من فيض ما يمكننا أن نفعله به، فهو برنامج يمنح سعة لأفق التصميم، وهذا ما جعلني أحبه، فأنا أكره العمل على برنامج يدرك المرء، عند نقطة معينة، أنه لن يمكّنه من فعل ما يود فعله. وعلاوة على ذلك، فإن المرء يفضّل أن يطور برنامجاً معيناً يستخدمه على التحول إلى شيء آخر".

ورغم ذلك، فإن ستوري لا تتوقع أن تغنيها برامج التصميم بالحاسوب كلياً عن الرسومات اليدوية، فلا يزال شريكها براون يرسم مخططاته يدوياً. وعلى أي حال، فإن ستوري تروق لها صفات هذا البرنامج التي توفر الوقت ومميزاته الأخرى مثل البساطة والنظافة والآلية، تلك الصفات والمميزات التي تجدها ستوري أكثر ملاءمة لإنجاز رسومات العمل.

تم استخدام برنامج التصميم بالحاسوب لتحديد الفائز في المسابقة التي أعلن عنها من أجل مشروع ميدان دونداس ذي المساحة 30.000 قدم مربع (3.000 متر مربع)، وقد جرى رصد 2.5 مليون دولار من أجل إنجاز الميدان في قلب مدينة تورنتو في مايو 2001.

 

وبدلاً من تركه فضاء واسعاً فارغاً، قام براون وستوري بتصميم أشكال ومعالم متعددة الوظائف. كما أن بلاطة مرفوعة فوق مدخل السيارات إلى كراج موقف المستوى الرابع تحت الميدان سوف تعمل كمنطقة مقاعد أو حتى خشبة مسرح مرتجلة. وستقوم أربعة سواري إضاءة بغمر الميدان بالضوء في المناسبات الخاصة وكذلك حمل الأعلام أو لوحات العروض الرقمية المتطورة. وهناك أيضاً صف مضاعف مؤلف من 12 نافورة تشبه ينابيع الماء الساخن تختفي في الأرض عندما تكون مطفأة، بحيث لا تشغل مكاناً وتكون بمثابة بركة فارغة لتجميع المَرميّات والفضلات. وكذلك هناك سطح محدب قليلاً أو منحن من الغرانيت الأخضر، مطمور بشبكة من أضواء الألياف البصرية التي تعزل السطح المذكور عن محيطه الصاخب.

وكذلك، فقد أحلَّ تصميمُهما الفائزُ محل الدرجات الحالية ذات عرض خمسة أقدام في محطة نفق المشاة في يونج/دونداس ـ درجاً مضاء بعرض 20 قدماً من أجل استيعاب أي زيادة في عدد المستخدمين الحاليين لهذا النفق والبالغ يومياً 70.000 مستخدماً.

ورغم أن ستوري لا تأسف على توظيفهما برنامج التصميم بالحاسوب في أعمالهما، فإنها تجد أنه يبدو ساكناً بشكل مضلل."، وتضيف قائلة:" إنني أفتقد الإثارة والحماسة اللذين كنت أجدهما في جو العمل أثناء إنتاج مجموعة من رسومات العمل جنباً إلى جنب مع أشخاص يلوحون بمجموعات ضخمة من الرسومات في المكتب، ويعْدون جيئة وذهاباً فاحصين ما قام الآخرون بإنجازه، أما العمل مع برامج التصميم بالحاسوب فهو عمل ساكن في كثير من الوجوه، في حين أن فن التصميم المعماري ليس شيئاً ساكناً! إن القيام برسومات العمل يحتاج إلى الكثير من الجهد والدقة والتوتر".