المعالم السياحية الأشهر في باريس

ابتداءً من أشعة الشمس التي تتلألأ على شرفات المقاهي في شوارع سانت جيرمان إلى الضباب الكئيب لنهر السين الذي يكتنف كاتدرائية نوتردام، فإنَّ باريس دائماً تملك طريقتها في إضفاء الرومانسية على السياح.



تبدأ قصة عشق باريس بأول نظرة على برج إيفل وتستمر مع المشي على طول الشوارع الواسعة التي تصطف على جانبيها الأشجار مع طلَّة الحدائق الفخمة.

ينبهر السياح بجمال هذه المدينة، ويمتلك كل حيٍّ فيها جاذبيته الخاصة؛ فنرى الحي اللاتيني عبارةً عن متاهة آسرة من شوارع المشاة والأزقة الضيقة من العصور الوسطى، بينما ينبض شارع الشانزليزيه العصري بالحيوية والثراء، وخارج مركز المدينة تطلُّ مونمارتر بسحرها القروي وطابعها القديم متباهيةً بماضيها البوهيمي.

بعد انتهاء السياح من مشاهدة المتاحف والآثار تبدأ رحلتهم في البحث عن الأماكن الصغيرة الرائعة؛ كالحانات البسيطة التي تديرها عائلات صغيرة وقوائم طعام مكتوبة بخط اليد، وممرات مرصوفة بالحجارة تزخر بالمتاجر الجذابة، والساحات المعزولة المزينة بنوافير دفَّاقة، بالإضافة إلى صالونات الشاي الأنيقة التي تقدَّم فيها الحلويات اللذيذة التي تشبه الجواهر موضوعة في صحون تقديم فاخرة مُغطاة بالزجاج.

في كل زاوية مخفية وفي جميع المواقع الشهيرة تلقي باريس غطاءً من السحر يلهم كلَّ مَن زارها شغفاً يفيض به مدى الحياة؛ لذا تعالوا معنا في مقالنا هذا لنتعرَّف إلى أشهر المعالم السياحية في هذه المدينة الرائعة.

1. برج إيفل:

برج ايفل

يحتل برج إيفل la Tour Eiffel مرتبة عالية في قائمة الأماكن التي يجب زيارتها في فرنسا، كما يُعَدُّ من أكثر المناطق جذباً للسياح في العالم، لكن من الصعب تصديق أنَّ هذا الهيكل العظيم عُدَّ متوحشاً أول ما كُشِفَ عنه.

صَمَّمَ هذه الأيقونة ألكسندر جوستاف إيفل لمعرض باريس عام 1889، والذي شهد الذكرى المئوية للثورة الفرنسية، يتكوَّن البرج من 18000 جزءاً حديدياً قوياً ومتيناً مثبَّتة معاً بواسطة 2.5 مليون برشام، ويزن أكثر من 10000 طن.

يُعَدُّ هذا الهيكل المبتكر الآن إنجازاً معمارياً لا مثيل له والأيقونة الأكثر رمزية في باريس، بارتفاع بلغ 324 متراً، وحاز على لقب أطول مبنى في العالم إلى أن شُيِّدَ مبنى إمباير ستيت في نيويورك.

تُعَدُّ رؤية برج إيفل لأول مرة تجربة لا تُنسى في حياة السياح، فبمجرد الوصول إلى المتنزه ورؤية الأعمدة الأربعة الضخمة التي تدعم هذا النصب الضخم سوف تمتلئ النفس بالكثير من الذهول والقشعريرة.

تتميز حدائق برج إيفل المحيطة بالمتنزه والتي جُدِّدَت في الفترة الأخيرة بمناظرها الطبيعية الرومانسية وممرات المشاة المحجوبة بالأشجار، والمنتشرة عبر الحدائق والمؤدية إلى البرك والمغارة والبلفيدير مع نقطة رؤية للسيدة الحديدية.

الوصول إلى الطابق الأول من برج إيفل والذي يرتفع عن الأرض مسافة 57 متراً يتطلب ركوب مصعد أو صعود درج من 360 درجة إلى الأعلى.

يحتوي هذا المستوى على مراحيض عامة ومحل لبيع الهدايا وكافتيريا ومطعم براسبيري "الذي كان يخضع لتجديدات، ومن المقرر إعادة افتتاحه في هذا العام"، وترَّاس خارجي للاستمتاع بالإطلالة.

يُوصَل إلى الطابق الثاني الذي يقع على ارتفاع 125 متراً، بواسطة درج من 344 درجة إضافية أو عن طريق المصعد، ويحتوي هذا المستوى على مرافق راحة مماثلة للمستوى الأول، بالإضافة إلى منصة وترَّاس يوفران منظوراً أعلى وأوسع للمزيد من المعالم الأثرية في باريس كمتحف اللوفر وكنيسة نوتردام وبازيليك القلب المقدس، كما ويحتوي هذا المستوى على مطعم La Jules Verne الحائز على نجمة ميشلان، والذي يقدم أرقى المأكولات الفرنسية المعاصرة.

يتطلب الأمر ركوب مصعد جميل من الطابق الثاني للوصول إلى الطابق الثالث على ارتفاع 276 متراً، والذي يمثل أكثر الأماكن إثارة في باريس، لكن يفضَّل لأصحاب القلوب الضعيفة ومن يعانون من فوبيا المرتفعات عدم الصعود إليه.

2. متحف اللوفر:

متحف اللوفر

قصر فخم كان في السابق موطناً لملوك فرنسا، ويُعَدُّ متحف اللوفر Musée Du Louvre أهم المتاحف في باريس والعالم، ويدخل السياح من فنائه إلى هرم اللوفر، هذا الهرم الزجاجي العظيم الذي صممه إيوه مينج Ieoh Ming عام 1917.

يعرض هذا المتحف الآلاف من الأعمال الفنية واللوحات الأوروبية والتحف الأثرية الرائعة، من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر.

لا يستطيع كل سائح زيارة كامل أقسام المتحف نظراً لكثرتها؛ لذا يركز السياح في قسم دون الآخر؛ كمعرض النحت الكلاسيكي، أو معرض فن عصر النهضة الإيطالي، أو معرض اللوحات الفرنسية من القرن السابع عشر، أو القيام بجولة ذاتية وسريعة تغطي أبرز معالمه.

يشتهر متحف اللوفر بأنَّه عرين أشهر لوحة فنية في العالم، لوحة الموناليزا La Joconde؛ والتي رسمها الفنان والعظيم ليوناردو دافينشي بين عامي 1503 – 1505، ويتهافت معظم السياح فقط لإلقاء نظرة على هذه القطعة المثيرة للاهتمام والتقاط الصور لها، لكن يحتوي اللوفر أيضاً على العديد من الأعمال الفنية الأخرى التي يجب مشاهدتها حتى ولو كان الوقت ضيقاً.

إقرأ أيضاً: السياحة الشتوية وأهم الوجهات السياحية الشتوية في العالم

من بين هذه الروائع يوجد ما يأتي:

  1. تمثال فينوس دي ميلو القديم؛ والذي يمثِّل انتصار ساموثريس الضخم من الحقبة الهلنستية.
  2. لوحة وليمة الزفاف في كانا Wedding Feast in Cana للفنان فيرونيز التي رسمها عام 1563.
  3. لوحة السيدة الشابة مع فينوس والنعم and The Graces With Venus Young Lady للفنان بوتيتشيلي.
  4. لوحة الحرية تقود الشعب Liberty Leading The People للفنان يوجين ديلاكروا التي رسمها عام 1831 مصوراً فيها الانتفاضة الباريسية التي حدثت في يوليو عام 1830.

وغيرها الكثير من القطع الفنية الرائعة التي يمكن مشاهدتها في هذا المتحف.

يحيط بمتحف اللوفر من أحد جوانبه حديقة تولوريس Jardin Des Tuileries؛ وهي واحدة من أجمل الحدائق في باريس، وأنشأها المهندس المعماري الشهير آندري لو نوتر André Le Nôtre على الطراز الفرنسي الرسمي للقرن السابع عشر بممرات مشذبة وأشجار وتماثيل ومقاعد رومانسية، بالإضافة إلى احتوائها على المطاعم والمقاهي المزودة بمقاعد خارجية للاسترخاء والاستمتاع بهذا الجمال الساحر.

3. كاتدرائية نوتردام:

كاتدرائية نوتردام

تقع كاتدرائية نوتردام Cathédrale Notre-Dame في قلب باريس Île-de-la-Cité بجوار الحي اللاتيني؛ وهي جزيرة في نهر السين وتُعَدُّ المركز التاريخي والجغرافي لباريس.

على هذه القطعة الصغيرة من الأرض بنى الرومان مدينة لوتيتيا الغالو-الرومانية Gallo-Roman City Lutetia، وأقام فيها ملوك فرنسا بعد ذلك من القرن السادس حتى القرن الرابع عشر.

أسَّس الملك لويس التاسع عشر "سانت لويس" والأسقف موريس دي سولي كاتدرائية نوتردام دي باريس في عام 1163، واستغرق بناؤها أكثر من 150 عاماً.

أُنشِئَت هذه الكاتدرائية على الطراز القوطي المبكر، بينما تُظهر الإضافات اللاحقة كالجبهة الغربية وصحن الكنيسة انتقالاً إلى الطراز القوطي الرفيع.

هذا النصب التذكاري الرائع من العصور الوسطى هو انتصار ساحق للعمارة القوطية؛ إذ تعطي الواجهة المزينة بزخارف ومنحوتات كائنات الغرغول المنتشرة بكثرة انطباعاً مثيراً للرهبة والعظمة.

يجب على السياح إلقاء نظرة على معرض الملوك فوق مدخل الكنيسة على الواجهة الغريبة المفصلة بإتقان؛ إذ تُكشف فيها الصفوف المكونة من 28 تمثالاً منحوتاً بحرفية وتعقيد كبير للملوك الفرنسيين؛ من الملك تشيلديبرت الأول 511 – 588 إلى الملك فيلب أوغست، وقد فقدت هذه التماثيل رؤوسها خلال الثورة، وتُعرض هذه الرؤوس حالياً في متحف كلاني Musée De Cluny.

بعد الاستمتاع بالمدخل المزخرف يجب الدخول إلى الحرم لرؤية عظمة المساحة الشاسعة المقببة؛ إذ تبدو كأنَّها لا نهاية لها، وما يُغري السياح فيها أيضاً هو الشموع التي تضفي جاذبية كبيرة عليها، والنوافذ الزجاجية الملوَّنة وخاصةً نافذة الورود في الجناح الشمالي، هذه القطعة الفنية التي تضم 80 مشهداً من العهد القديم والتي تتمحور كلها حول السيدة العذراء.

4. شارع الشانزليزيه:

شارع الشانزليزيه

كان شارع الشانزليزيه Avenue Des Champs-Elysée الجادة الأضخم في باريس سابقاً عبارة عن حقل مهجور من المستنقعات حتى القرن السابع عشر؛ عندما عمل على تصميمه المهندس آندريه لو نوتر، وتلاه بعد قرن من الزمن مخطط المدن الباريسي بارون هوسمان، والذي صمَّم المباني الرفيعة في هذا الشارع.

يقسم الشانزليزيه إلى قسمين يلتقيان عند تقاطع روند بوينت دي شانزلزيزيه، ويشمل القسم السفلي المتاخم لميدان كونكورد متنزهاً واسعاً وحديقة الشانزليزيه ومتحف Petit Palais للفنون الجميلة، بينما يضم القسم العلوي من الشارع والممتد إلى قوس النصر العديد من المحلات التجارية الفاخرة ودور الأزياء المشهورة والفنادق والمطاعم ودور السينما والمسارح التي تصطف جميعها على جانبيه، ويُعَدُّ هذا القسم نقطة جذب للسياح ومكان تجمُّع الباريسيين.

5. قوس النصر:

قوس النصر

خُصِّصَ قوس النصر Arc De Triomph بوصفه صرحاً تمجيدياً للجنود الذين قاتلوا في جيوش الثورة الفرنسية والإمبراطورية الأولى "الحروب النابليونية"، عندما كلَّف نابليون ببنائه عام 1806، لكن لم يَعِش ليرى اكتماله في عام 1836.

صممه المهندس المعماري جان فرانسوا تشالجرين Jean-Francois Chalgrin على غرار قوس تيتوس في روما، ويتميز هذا القوس الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 50 متراً بنقوش بارزة وتماثيل أكبر من الحجم الطبيعي، تصوِّر المغادرة والانتصارات والعودة المجيدة للجيوش الفرنسية.

توفر منصة العرض أعلى القوس رؤيةً بانوراميةً للطرق الاثنتي عشرة التي تشع من Place De l'étoile، بما فيها الطريق من شارع الشانزليزيه إلى منطقة كونكورد واللوفر، كما يمكن رؤية الطريق المؤدي إلى La Défense وتلة حي مونمارتر وبرج إيفل.

إقرأ أيضاً: 4 مناطق سياحيّة مشهورة مُهددة بالزوال

عند سفح قوس النصر يوجد قبر الجندي المجهول المكرَّس في عام 1921 بوصفه نصباً تذكارياً ورمزاً للعديد من الجنود المجهولين الذين ماتوا دفاعاً عن بلادهم خلال الحرب العالمية الأولى.

أُشعلت شعلة الذكرى في قبر وصرح الجندي المجهول في 11 نوفمبر عام 1923، ولم تنطفئ منذ ذلك الحين أبداً، وفي كل مساء من كل يوم في الساعة السادسة والنصف مساءً تُقام طقوس إحياء هذه الشعلة التذكارية.

في الختام:

لقد تعرَّفنا في هذا المقال إلى أشهر خمسة معالم سياحية وتاريخية في باريس وهي: برج إيفل، ومتحف اللوفر، وكاتدرائية نوتردام، وشارع الشانزليزيه، وقوس النصر، متمنين أن ينال إعجابكم.

المصدر




مقالات مرتبطة