المسيرة العلمية والتعليمية في الوطن العربي

إذا ألقينا نظرة فاحصة على واقع الوطن العربي اليوم في الجوانب العلمية و التعليمية لا نكاد نجد تقدما ً يذكر في الميدان العلمي ة التقني اللهم إلا المزيد من استيراد الأجهزة و الآلات الترفيه وأدوات التجميل و الزينة و أفلام السينما ة نماذج التقليد المستوردة من البلاد الأوروبية شرقيها و غربيها . و لكي نستدل على صدق هذه النظرة تعال بنا قارئي الكريم لأستضيف في تجوال سريع في أرجاء الوطن العربي الكبير لنرى ما الذي تم تحقيقه في خلال نصف قرن من الاستقلال في الميادين العلوم كافة و ما تم إنجازه في حقول التجارب و الصناعات في المسيرة العلمية و التعليمية .



ثم نقارن بين ماضي هذه الأمة الغابر و حاضرها المعاش ثم نصدر حكمنا على المستقبل فالزمن ماض و حاضر و مستقبل و عمل الإنسان جزء منه . لازال في ذاكرتنا مما قرأناه  وعشناه من تاريخ وطننا الكبير في بدايات الاستقلال و الأهداف الكبيرة التي وضعها رجال الحكم و التعليم آئنئذ نصب أعينهم , وهي كثيرة و متنوعة , وما كانوا يمنون به أنفسهم و يعدون أجيالهم القادمة . و سنقتصر على بعضها إذ ليس بإمكاننا في هذه العجالة أن نذكر جميعها و لأن عصرنا عصر السرعة و هذا يتطلب منا الاختصار في الكتابة و الإيجاز في الكلام تمشيا ً مع تسارع الزمن و خير الكلام ما قل و دل .

سأضع على بساط البحث أربعة أهداف للعرض و المناقشة إذ هي (بيت القصيد ) و أهمها من وجهة نظري :

  1. تعميم التعليم المجاني
  2.  تعليم الأميين و القضاء على الأمية
  3. تطبيق العلوم التجريبية و الاستفادة منها في الميدانين العلمي و العملي و في مجالات الحياة كافة
  4. تعميم اللغة العربية الفصحى و السعي على نشرها و توسيع آفاقها العلمية تبعا ً للتطور العلمي .

(1) ويليه مقال ( لسان حال اللغة العربية الفصحى يقول : إنما أشكو بثي و حزني إلى الله ...)

و لكي نكون منصفين و موضوعيين فإنه بالنسبة ( لمجانية التعليم ) لا يختلف اثنان أن التعليم في الوطن العربي مجاني في معظم أقطاره , و في جميع مراحله و لا يتكلف الطلاب دفع رواتب أو أجور للمعلمين و المدرسين و اساتذة الجامعات و أنما تتولى الدولة دفع كل ما يترتب عليها من نفقات التعليم مهما كانت و في بعض القطار كالمملكة العربية السعودية و ربما غيرها من الأقطار أيضا ً تدفع فضلا ً عن ذلك إعانات مالية للطلاب .

وهذا بلا ريب تشجيع عظيم و مرغب قوي للحركة العلمية لمتابعة الطلاب دراستهم و هو عمل مبرور .

وأما بالنسبة لـ ( القضاء على الأمية و تعليم الأميين ) فهذا أيضا ً حققت البلاد منه الشيء الكثير حيث ارتفعت نسبة المتعلمين ارتفاعا ً ملحوظا ً و انخفضت محسوسا ً و نجحوا في ذلك مستمرة على قدم و ساق حتى جعل بعض الأقطار التعليم إلزاميا ً ( كما هو في سورية ) في المرحلة الابتدائية حصرا ً .

واما فيما يتعلق بالعلوم التطبيقية و التجريبية و لا سيما بعد المرحلة الجامعية فان الدراسات و الأبحاث في هذا الجانب ضعيفة جدا ً لا يظهر على الساحة العملية منها شيء ذا أهمية (حسب منظور ) علما ً أننا نخرج كل عام مجموعات كبيرة و كثيرة العدد من الطلاب في الكليات العلمية و هي كثيرة و متنوعة . فإلى أين تتسرب هذه المجموعات المختلفة الاختصاصات المتنوعة الدراسات و أين هي أبحاثهم ؟ و لماذا لا نرى أو نلمس منهم جدية في العمل ؟ و أين المبدعون منهم في الميدان التصنيف و لماذا تخلفنا في هذا الجانب و تقدم غيرنا هذا التقدم العظيم في الميادين العلمية و العملية كافة فطاروا في الجو و غاصوا في أعماق البحار و قربوا المسافات حتى صارت الكرة الالكترونية بما فيها الإنسان الآلي و أخيرا ً لا آخرا ً الانترنيت ؟

فضلا ً عن هذا الكم الهائل من المنتجات الكهربائية ووسائط الاتصال و المواصلات السريعة ووسائل الترفيه و الراحة في المنزل و الدائرة و مكان العمل , في السفر و الحضر , ناهيك عن غزو الفضاء بالأقمار الصناعية و أقنية التلفزة .

أجل .. لماذا تقدموا و تخلفنا ؟ الأننا نعيش في وطن يعدونه من البلاد النامية الفقيرة و يصنفونه في العالم الثالث و في المرتبة الدنيا ؟ أم لأنها من الشعوب الغبية الضعيفة الذكاء أو عديمه كما يدعيه المستعمرون و المغرضون من الغربيين حيث شاعت قالتهم السوء ( الشرق شرق ... و الغرب غرب ) .

بمعنى أن شعوب الشرق و يعنوننا نحن بالذات أغبياء خانعون متخلفون جاهلون ...  في حين أنهم ورثوا هذه الصفات الممتازة و تلك الميزات الفائقة و المواهب النادرة من العبقرية و الذكاء من أسلافهم ( الأثينيين ) في اليونان القديمة حيث كانت محطة أنظار العلماء و كعبة القصاد و إليها ينتهي الترحال ..

أنهم وريث حضارات قديمة و أمجاد تليدة , و عراقة أصيلة ورثوها كابرا ً عاشت دهورا ً و أزمانا ً طويلة متقدمة على الشعوب و العوالم و الحضارات الأخرى و لا تزال , و ينبغي لها أن تكون كذلك حتى تستمر بعطائها و تفوقها و أسبقيتها على الشعوب قابطة لأن دمهم يختلف عن دماء الآخرين ...

ألم يقل ( هتلر النازي ) حاكم ألمانيا مغترا ً بعرقه النازي ( ألمانيا فوق الجميع ) ...

ألم يدع أن الدم الذي يجري في عروق الشعب الألماني يختلف عن دماء الآخرين ؟ حتى بلونه ؟ إذ يمتاز باللون الأزرق بينما دماء الشعوب الأخرى لونها أحمر , هذه النظرة العنصرية ادعاها اليهود أيضا ً فزعموا أنهم شعب الله المختار , و أنهم سادة العالم و ما الشعوب الأخرى إلا خدم لبني إسرائيل .

أن العبارة الموروثة عن الغربيين ( الشرق شرق ... و الغرب غرب و لن يلتقيا ) لوثة استعمارية خبيثة و أكذوبة وقحة سرت في بلادنا و دونت في كتبنا و مناهجنا و تلقفها الناس ورددوها بوعي أو بغير وعي .

ترى هل وجدتم في ما قرأتم عن تاريخ وطنكم أو تاريخ الشعوب الأخرى و أوطانهم التي تسكن الكرة الأرضية أجمع أن شعبا ً من الشعوب ,كل أفراده أذكياء و عباقرة ؟ أو هل عثرتم على تاريخ شعب ٍ كل أفراده أغبياء ؟ لم يحدث هذا أبدا ً إنما الواقع أن كل شعب من الشعوب فيه أذكياء و فيه أغبياء وفيه العباقرة و فيه الدون , قد تختلف النسبة فترتفع قليلا ً أو تنخفض .

وهذا أيضا ً حكم العقل السليم و المنطق الحكيم وواقع الشعوب كافة .

وزعمهم هذا يدحضه كذلك الواقع التاريخي لشعوب المنطقة في الوطن الكبير .

ولقد كذبوا .... والله .. فإن الشعب العربي و الشعوب الإسلامية الأخرى التي تعيش في هذا الشرق ليسوا أقل ذكاء ً من الشعوب الأوربية .

لقد كان لهذه الشعوب في الوطن العربي الكبير والبلاد الإسلامية الأخرى دورها الحضاري والقيادي استمر قرونا ً, ولا تزال أسماء أعلامهم وعلمائهم تلمع في سماء الدنيا, لقد سطعوا في سماء الحضارة الإنسانية ورفعوا في جامعات أوربا إلى عهد غير بعيد.

وقد نقل عنهم الغرب دون أن يشيروا إليهم في أغلب الأحيان – مع الأسف الشديد – ( وهذه خيانة للأمانة العلمية ) حتى قيل بحق لولا أعمال العلماء العرب لاضطر علماء النهضة الأوروبية أن يبدؤوا من حيث بدأ هؤلاء ولتأخر سير الحضارة والمدنية عدة قرون .

(1) عنوان الكتاب ( شمس الله تسطع على الغرب ) كما هو مدون باللغة الأجنبية.
وها هي المستشرقة الألمانية ( زيغريد هونكة ) تؤكد هذا إذ تقول في كتابها القيم ( شمس العرب تسطع على الغرب ) (1) .

(( كان يجب على أوروبا إن تعترف بهذا الصنيع للعرب منذ زمن بعيد ولكن التعصب واختلاف العقائد والنظرة الفوقية , كل ذلك أعمى عيونهم, وترك عليها غشاوة , حتى إننا نقرأ ثمانين وتسعين كتابا ً من مئة فلا نجد فيها إشارة ً إلى فضل العرب وما أسدوه إلى أوروبا والعالم جمع من علم ومعرفة اللهم إلا هذه الإشارة العابرة إلى إن دور العرب لا يتعدى دور ساعي البريد الذي نقل لهم التراث اليوناني !.

إنها سبة أن يعلم أهل العلم نمن الأوروبيين أن العرب أصحاب نهضة ٍ علمية لم تعرفها الإنسانية من قبل , وإن هذه النهضة فاقت كثيرا ً ما تركه اليونان والرومان , ولا يقرون إن العرب ظلوا ثمانية قرون طوالا ً يشعون على العالم علما ً وفنا ً وحضارة وأدبا ً كما أخذوا بيد أوروبا وأخرجوها من عصورها الوسطى, عصور الظلام والجهل إلى النور و المعرفة .ونشروا المدنية أنى ذهبوا في أقاصي المعمورة ودانيها, إذ لا مراء في أن أثر العرب المسلمين في النهضة الأوروبية واضح لا يجحده إلا مكابر .

فقد كان لهم عقيدة وفلسفة, وكان لهم نظام حكم أشاع روح العدالة والإنصاف والتسامح وتعايش الناس ذووا العقائد المختلفة والأجناس المتباينة متجاوزين, يسودهم الأمن والسلام, فتجاور المسجد والكنيسة والجامع والمعبد في كل قطر فتحه المسلمون, بل في كل مدينة.

وظل هذا زمنا ً طويلا ً حتى بعد انحسار حكمهم عن البلاد التي فتحوها, وما ذلك إلا لأنهم أوجدوا المناخ الذي يسمح بروح الإخاء والتسامح فقد ربوا النفوس التي تؤمن بهذا التعايش والامتزاج. ووجد في مساجد أسبانيا وجامعات فرنسا وصقلية بفضل العرب المسلمين وعلمهم تحمل مشعل الابتكار والفن والفلسفة و وظل العرب المسلمون قرونا ً متطاولة يحملون رسالة العلماء والخبراء والصناع على أرض جنوب فرنسا وإيطاليا وصقلية.

لقد كان للعلماء العرب أسلوب تجريبي يحل تشريح الجثة الآدمية ( في الملاحظة والتجربة ) في حين كان ( يحرمه رجال الكنيسة ) وعدم التسرع في النتائج إلى جانب ملكة التصنيف والتبويب والتفسير )). وهذه الحقيقة التاريخية تبين لنا بجلاء بطلان الزعم القائل ( أن أوروبا استحدثت المنهج التجريبي ) بل إن أجدادكم العرب هم أول من فكروا بالملاحظة والتجربة وقرروا أنهما أساس العلم لا التفكير المجرد وأن ( روجربيكون ) الذي كان أول من نادى بالمنهج التجريبي في أوروبا وذلك سنة ( 129 م ) إنما استقى علومه من جامعات الأندلس, حتى أن القسم الخاص من كتابه الذي خصصه للبحث في البصريات هو نسخة عن الكتاب ( المناظر ) لابن الهيثم و هو من أعلام العرب المسلمين في الرياضيات والطبيعيات وهو أول من شرح تركيب العين وبين أجزاءها بالرسوم وسماها بأسماء ما زالت تطلق حتى اليوم ( كالشبكية , والقرنية , والسائل المائي , والسائل الزجاجي ).

وإن كنتم تعدون اليوم من علماء العصر الإغريقي والأسكندري بضع عشرات من العلماء سطعوا في سماء تلك الأعصر الخالية, فبإمكاننا أن نعد من علمائنا أضعاف من يذكرونهم وتعدونهم في المجالات العلمية, وتاريخ العلماء ممن فاقوا علماء تلك الأعصر .

وإذا اعتز العصر الحاضر بنفر من العلماء فتتوا الذرة وشطروا النواة وغزوا الفضاء وأرسلوا الصواريخ وأطلقوا الأقمار الصناعية تدور في فلك الشمس وغيرها من الكواكب.

وإذا اعتز عصر النهضة العلمية في أوروبا بأمثال: نيوتن , وداروين , وغاليليو , وكانط , وكوبرنيق , ودافنشي , وديكارت , وباستير... ومن إليهم فلا ينبغي أن نغمط علمائنا حقهم الذين نقل عنهم الغرب في سالف الأيام.

وإنه لدين يؤديه العصر الحالي للعصور العربية الإسلامية الزاهية وإنها لأمانة في أعناقنا نحن حفدتهم أن نحمل المشعل ثانية لنضيء الطريق في الحضارة المادية اليوم ونقود الإنسانية كما فعل أسلافنا أول مرة ونجحوا أيما نجاح!. ومع هذا الوضوح فلا نكاد نرى أو نسمع في مناهجنا التربوية والتعليمية حتى في المرحلة الجامعية أسماء نفر من هؤلاء الأعلام من العلماء ممن سطعوا في سماء العلم وأتوا بالأعاجيب ونقل عنهم الغرب دون أن يشيروا إليهم – مع الأسف الشديد -؟.

فلا تستك أسماعنا إلا أسماء : شارل , بويل , دالتن , نيوتن , ماكسويل , داروين وغيرهم من علماء الأعصر الأخيرة.. أو فيثاغورث , وأرسطو , وأقليدس , وأرخميدس وغيرهم من العلماء العصرين الأغريقي والأسكندري ..!

كأنما كانت مؤامرة على حجب أجدادنا من علماء الحقيبة العربية الإسلامية التي تقع بين العصرين وإلا فكيف تاهت أسماء : ابن سينا , ابن الهيثم , جابر , الخوارزمي , ابن النفيس , الرازي , القزويني , البغدادي , والدينوري , والبيروني , وابن البيطار , والجاحظ وغيرهم من علماء يزدهي بهم العلم في كل عصر وأوان, كانوا ملء السمع والبصر !

أولئك آباء فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع .

لقد طنطن العالم الغربي في عصر النهضة بأراء : ( كانط , ديكارد , ونيوتن في الطبيعة والضوء والانكسار والإبصار . وما إلى ذلك ونسوا أو تناسوا بل ( تجاهلوا ) وهو الأرجح أن أغلبها مأخوذ عن ابن الهيثم العالم العربي المسلم. وطنطن العالم الغربي مرة ثانية لـ ( هارفي ) وقال : إنه مكتشف الدورة الدموية, علما أن مكتشفها هو ( ابن النفيس ) الطبيب العربي المسلم المصري الأشهر الذي عاش في القاهرة وكان مديرا ً لمستشفى ( قلاوون ) وهكذا ... و هكذا إذ ليس باستطاعتنا في هذه العجالة والإلمامة السريعة ثبت ُ أسماء علمائنا كان لهم القدح المعلا في ميدان التفكير العلمي الصحيح.

وتعتبر الحقبة التي تمتد من منتصف القرن العاشر الميلادي إلى منتصف القرن الحادي عشر أزهى العصور العلمية حين بلغت حضارة أجدادكم ذروتها, وازدهت بابن سينا وابن الهيثم والخوارزمي وغيرهم ن العلماء . ولست أدري لماذا لا تُنشر على دارسي العلم وطالبيه من الطبقة المثقفة أسماء هؤلاء الأعلام وقطوف مختصرة من اعمالهم الجليلة في صورة خلاصات أو نشرات أو ملحقات بالكتب المدرسية المنهجية المقررة..! يقرأها أطفالنا وشبابنا في المدارس والمعاهد والجامعات بلغة العصر وأسلوبه ومصطلحاته.

لماذا لا تعرِّفونهم بهؤلاء الأعلام؟ ألا ترغبون في أن تعرف أجيالكم الصاعدة أجدادكم العظام؟ لماذا تسدلون الستار على اعمالهم الكبيرة, ومكتشفاتهم الرائعة الباهرة؟ لماذا هذا التكتيم الإعلامي؟ في بدايات الاستقلال , ونحن أطفا كنا ننشد أناشيد وطنية حماسية في باحة المدرسة قبل الدخول إلى الصفوف, في الصباح الباكر ( في الخمسينات ) من القرن العشرين, ولا يزال عالقا ً في ذهني وذاكرتي – مما كنا ننشده – شطر من بيت وهو : ( وما بنى الأوائل نحن له معاقل ).

ترى هل كنتم حقا ً معاقل لما بناه أجدادكم في المسيرة العلمية والتعليمية خلال نصف قرن...!؟ إن ما أسلفته من تاريخ أجدادكم العظام العلمي باختصار شديد كان واقعا ً معاشا ً في عصورهم الذهبية وعهودهم العلمية والحضارية, فكيف هو واقعكم المعاش.؟ ولا أنسى قبل أن أختتم هذا المقال أن أهمس في أذن الغربيين المستكبرين على شعوبنا وشعوب العالم أجمع بأمجاد آبائهم ( الأثنيين ) وحاضرهم العلمي المعاش اليوم وأتساءل : ترى كم هي الأدمغة العربية المهاجرة إلى بلدانكم لظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ...ألخ ولو شئت أن أعد أسماءهم لأعجزني العد, وأعياني الإحصاء, فضلا ً عن التراث العلمي والتاريخي والجغرافي ( المنبع الثر ) الذي استقى من الغرب معرفته, وبنى عليه حضارته..؟

وأبرز مثال على ذلك : كتاب ( القانون ) لابن سينا, وكتاب ( مقدمة ابن خلدون في التاريخ ), حتى في الفاتيكان فإن مكتبتها العلمية تضم في جنباتها ذخائر إسلامية عربية كثيرة ٌ منها : كتاب ( حدائق الحقائق ) للرازي ( مخطوط رقم 1541 عربي تأليف محمد بن أبي بكر ابن عبد القادرالرازي صاحب الصحاح الذي كان  وفاته في قونية سنة ( 666 ) هـ.

وبعد: فإن وطنكم يتوجه إليكم برجائه الحار وقلبه المدمى ونفسه الجريحة أن تولوا المسيرة العلمية والتعليمية جل اهتمامكم وتوجهوا إليها أعظم إمكاناتكم, فآمال الأجيال معقودة عليكم وأبصارهم ترنو إليكم, ووطنكم الكبير في ترقب وانتظار.. أليس الصبح بقريب...!

ومن فضول الكلام أن أقول لكم بالعلم نزدهر البلاد وتتقدم وتتحضر الأمم وتتمدن, وتكون مرهوبة الجانب, وبه قوتهم وسيادتهم وريادتهم, بالعلم والمال يبني الناس ملكه لم يبن ملك  على جهل وإقلال ألم تكونوا في سالف أيامكم كذلك؟ بلى.. ووطنكم الكبير شاهد صدق عليه حيث كانت الريادة والقيادة والسيادة ودفة التوجيه بيد أجدادكم.

ألم يشهد بعظمة أمتكم وخيريتها رب العزة حيث قال: ( كنت خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ومن أصدق من الله قيلا .

وفي العصر الحديث ها هي ( اليابان ) تتصدر قائمة الدول المتقدمة بعد أن كانت مصنفة في الدول المتخلفة ومن العلم الثالث وربما الرابع حسب مزاج الغربيين لها.

تقدمت اليابان تقدما ً عظيما ً لا مثيل له بين أقرانها من الدول الدانية والقاصية, حتى فاقت بل سبقت كثيرا ً من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.

فلماذا لا تستفيدون من تجربة ( اليابان ) والأيام دول, والدنيا تؤخذ غلابا ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) و ( لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ).

فكم من حضارة بادت وقامت على إثرها حضارات منذ فجر التاريخ وحتى اليوم, وقد قال تعالى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا ...) أي لتتعاونوا وتتبادلوا المنافع والعلوم إذ خيرات الأرض ليست محصورة في جانب واحد منها وإنما هي موزعة.

والعلم لا وطن له , والحقائق العلمية ليست حكرا ً على شعب دون شعب أو أناس دون ناس وقد نبهنا إلى هذه الحقيقة التاريخية العلمية الرسول الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قال : ( اطلبوا العلم ولو بالصين فإن طلب العلم فريضة ).

وكأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام رأى بفراسة نظره ونور بصيرته أو ألقي في روعه إن هذه الأمة ستفقد يوما ً من الأيام قوتها العلمية وسيادتها العالمية فحث أمته على طلب العلم ونيله والترحال في سبيله وإن كان في أقاصي المعمورة ( ولو بالصين ).

والأخذ بالحظ الأوفر منه (( فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها ))

والحقائق العلمية إنما تنال بالمثابرة والاجتهاد والدأب والتحصيل, وتزدهر البلاد وتتقدم بالعلم ومنجزاته.

 وما استعصى على قوم منال            إذا الإقدام كان لهم ركابا .

والعلم لا يحابي أحدا ً ( مؤمنا ً أو كافرا ً) إذ صفحة الكون مفتوحة لبني البشر جميعا ً ومن سار على الدرب وصل .

لماذا لا يكون في ميزانيتنا أرصدة ضخمة من الأموال لدعم المسيرة العلمية والتعليمية تفوق كل الميزانيات الأخرى على غرار الدول المتقدمة علميا ً وصناعيا ً اليوم , وفي مقدمتها ( اليابان ) . لماذا لا تمنحون الطلاب المتفوقين من أبناء الوطن والمبرزين منهم من ذوي الملكات العقلية النادرة, والجد والمثابرة في المجال العلمي اهتمامكم ورعايتكم؟ وهم والحمد لله كثر.

ولا أظن أن الغربيين أو اليابانيين يفوقونكم أو يفضلون عليكم بشيء, اللهم إلا في جديتهم ومثابرتهم ورصد أضخم الميزانيات المالية للمسيرة العلمية والتعليمية .

فدينكم خير من دينهم, ورسولكم خير رسول وأمتكم خير أمة, إن دين اليابانيين ( الوثني ) لم يمنعهم من التقدم في المضامير العلمية, فكيف بدينكم؟ دين التوحيد والعلم بل تقديس العلم والعلماء. ويكفي للاستدلال على ذلك أن أول ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق, خلق الإنسان من علق, اقرأ وربك الأكرم, الذي علم بالقلم, علم الإنسان ما لم يعلم).

فذكر من أدوات العلم والمعرفة ( القراءة والكتابة ) وإذا كان اليابانيون يتغنون بحبهم لوطنهم الأم واعتزازهم به على حد قول شاعرهم :

هكذا ميكادو قد علمنا       أن نرى الأوطان أما ً وأبا

فإن رسولكم العظيم صلى الله تعالى عليه وسلم, علمكم حب الوطن, وحب الأرض قبل ذلك بكثير وأشد ما يكون الحب والحنان, وضرب أروع الأمثلة على حبه لوطنه وتراب أرضه ونبتها وفاء ً له إذ يقول وهو يودع ( مكة ) وقد أجبر على الخروج منها , ويلقي نظرته الحانية على معالمها (( إنك أحب أرض الله إلى الله وأحب أرض الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ))

وفي لحظة من اللحظات وبينما الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم مستغرق في تفكيره في موطنه ( مكة ) مرتع صباه وموطئ رأسه تبدو منه التفاتة فيرى رجلا ً قادما ً من مكة لتوّه يدعى ( أبان ) . فقال عليه الصلاة والسلام: (( كيف تركت مكة يا أبان؟ قال : يا رسول الله , تركتها والإذخر قد أغدق, والنمامة قد أورق, فاغرورقت  عينا رسول الله عليه الصلاة والسلام.

أعيد القول وأؤكده يا حفدة العظماء والأجلاء من العلماء الذين كانوا كواكب زاهرة تشع على العالمين نورا ً, وتضيء الطريق للتائهين هداية, وتنير الدرب لطلبة العلم ورواده السالكين أن تحملوا شعلة العلم وجذوة الإيمان, وقد حماها أسلافكم من قبل هذه الرسالة العالمية الخالدة إلى العالم أجمع, وفيها ذكركم, وباتباعها والسير عليها مجدكم وعزكم, قال تعالى: ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) وقال جل ثناؤه: ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون).

فأين هي ثمرات أبحاثكم, وحقول تجاربكم, وميادين علومكم, في وطنكم الكبير؟ أين هي مصانع أسلحتكم الثقيلة والخفيفة؟ أين هي تقنيتكم وصادراتكم إلى العالم؟

إلى متى نظل نستنسخ الأساتذة والمدرسين النظريين الذين يجيدون الحل على السبورة وعلى السبورة فقط داخل القاعات...!

وأين هم المبدعون والمتفوقون؟ يبدو أن التعليم لديكم تلقين وليس نهجا ً للتفكير والخلق والإبداع.

هذا الواقع المتخلف في المضامير العلمية الذي تعيشونه جعل الأوروبيين يطلقون قالتهم السوء تلك: (( الشرق شرق.... والغرب غرب... ولن يلتقيا))

لا شك أن الانتماء إلى أصول عريقة وأجداد عظام أمر حسن والشعور بذلك والإحساس به ضرورة وفطرة بشرية.

لكن هل يكفي هذا لاسترداد المبادأة من غيرنا, إن لم نكن نحن أبناءهم وحفدتهم جادين في أعمالنا للصعود بمستوانا إلى مصاف الشعوب المتقدمة حضاريا ً وتقنيا ً.

ولا بد أن يكون لنا إسهام عملي فعال وجاد ومثمر لتكملة المسيرة التي بدؤوها بجهودهم المضنية وللمشاركة في تاريخهم الوضاء المشرق في واقعنا اليوم, ولسان حالهم يقول: أضيفوا إلى جلائل أعمالنا ثمرات أعمالكم, فالخير كل الخير فيمن يضيف.

لقد قال الشاعر قديما ً:

ليس الفتى من يقول كان أبي                     بل الفتى من يقول ها أنذا

نعم... لماضينا الزاهي, وأجدادنا العظام شرف لنا وأي شرف, وفخر عظيم وأي فخر...!

أن نكون سليل أولئك العظام.

وإذا كان لنا ذلك فينبغي أن يون شحذا ً للهمم, ودفعا ً قويا ً للطاقات لأن نواصل المسيرة العلمية والتعليمية ونستلم من الاجداد شعلة العلم والحضارة, ونمضي بها قدما ً إلى الأمام, لا أن نتوقف أو نقف من أعمال الآخرين موقف المتفرج المنبهر بنتاجهم العلمي والتقني.

عود على بدء:

منذ عهود الاستقلال لدول الشرق هذه أي منذ خمسين عاما ً تقريبا ً وشعوب المنطقة بأسرها جادة في الأخذ من أوروبا والاقتداء بها إذ هي النموذج الفريد في نظرها, سواء في ذلك النظريات العلمية أو الفلسفية أو أنماط المعيشة الأسرية والاجتماعية في جوانب الحياة كافة.

وقام بالدعوة إلى هذا التقليد, والسير على النمط الأوروبي مفكرون وأدباء , وكتاب وشعراء في العالم العربي, كما تنشطت لذلك أجهزة إعلام كثيرة داعية إلى التغرب بكل ما أوتيت من قوة ورسخوا في أذهان الشباب والأجيال الصاعدة ( الهابطة ) وبتوجيه من فلاسفة الغرب, وإيحاء من فلسفته المادية أن السير وفق النمط الغربي في جوانب سلوكهم وأخلاقهم هو السبيل الوحيد الذي لا سبيل سواه للنهوض بالمجتمع, والتخلص من التخلف, والسير على طريق التقدم للوصول إلى الأهداف المنشودة في التحرر والاستقلال, والحياة الكريمة, والعيش الرغيد في كنف الأمن والأمان والحرية التامة في ديمقراطية تظلها المفاهيم العلمية والحضارية التقدمية...!

تبين فيما بعد أنها مفاهيم خاطئة ونظريات غير صائبة.

فأوقفوا الاجيال في أسْر ثقافة الهيمنة الغربية الأوروبية باسم ( الحداثة, والتقدم, والآلية والديمقراطية والتنمية والرأسمالية والإقطاع والتبعية والأصل...) إلى غير ذلك من العبارات الرنانة شنفوا بها أسماع الأجيال ردحا ً من الزمن حتى خدروهم أو غسلوا ادمغتهم, وكأنها ضربة لازب, وصاغوها في برامجهم التعليمية بحماس لا نظير له على انها حقائق علمية لا مفر منها أو قوالب قسرية جامدة لا خروج عليها ولا تنوع في داخلها..! فوقعت الشعوب في الخطأ حين بدأت تصوغ حياتها وتاريخها لتطابق المفاهيم المركزية الأوروبية, وفي ضوء التفرد الأوروبي, بدلا ً من البحث عنها في النظام الاقتصاد العالمي الشامل للكوكب كله, في وحدة ديناميكية متفاعلة...!

أما آن لنا بعد نصف قرن من الاستقلال أن نصحح تلك الأفكار الخاطئة التي ترسبت خلال تلك الحقبة ( خمسين عاما ً ) أو أكثر, وأن نراجع تلك المصطلحات العلمية ( الخاطئة ) وأن نبني حياتنا من جديد بعيدا ً عن الوثنية الأوروبية الغربية.

يقول مؤلف كتاب ( الشرق يصعد ثانية )(1) أدريه جروند فرانك: من الخطأ أن يصبح العالم ولا سيما هذا الشرق ضحية أفكار الرجل الأبيض الذي يزعم أنه متميز عقلا ً وعرقا ً وقدرة على الإبداع الفكري والابتكار الثقافي, وإنه من السلالة الأسمى, ونمطه الاجتماعي هو الأمثل وهو الأحق بالزعامة والتفرد, لأنه رائد الديمقراطية والتقدم...! أما الشرق فهو أسير التخلف والاستبداد أبدا ً, وينتقد ( فرانك ) فكر كل ٍ من : ماركس , وماكس فيبر وفرناند بروديل, ويرى أنهم جميعا ً كانوا ضحية الهيمنة الفكرية للغرب, ومفكريه الغربيين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.

حيث صاغوا فكرهم بناء ً على المركزية الأوروبية, إذ رأوا أن العالم هو أوروبا, والاقتصاد العالمي هو الاقتصاد الأوروبي, وهي التي صنعت وصاغت العالم من حولها.

(1)    كتاب ( الشرق يصعد ثانية ) لمؤلفه جروند فرانك صدر باللغة الاجنبية حديثا ً ويقع في 450 ص / انظر مجلة العربي الكويتية العدد 496 تاريخ مارس 2000.
اصطنع هؤلاء وغيرهم الإطار الفكري للمركزية الأوروبية, وابتدعوا صيغا ً جديدة ومصطلحات أصبحت البوصلة الموجهة لفكر المجتمعات, ولكن البوصلة أخطأت حين جعلت من أوروبا أنموذجا ً فريدا ً ومصدرا ً وحيدا ً للقيم حتى ألَّهوه, فلا شيء قبله ولا شيء بعده.

وما أسطورة (( الحداثة  هي أوروبا )) إلا من بنات أفكارهم, ومثلها مفاهيم ( التنمية والتحديث والرأسمالية والإقطاع , والتبعية ..ألخ )

خطأ الفكر الحداثي أنهم جميعا ً بحثوا عن ( الأصل , والعلة, والمنشأ , والطبيعة, والآلية, وحتى الجوهر لتلك المفاهيم في ضوء التفرد الأوروبي بدلا ً من البحث عنها في النظام العالمي للكوكب كله , ولو فعلوا ذلك  ( موضوعيا ً) لثبت لديهم أن الشرق – آسيا – هو المركز).

والكتاب بعد هذا دعوة إلينا نحن أبناء هذا الشرق ( أقصاه وأدناه ) لنأخذ حياتنا مأخذا ً جادا ً على أساس من البحث الدؤوب, ولتصحيح صورة التاريخ والواقع والإنسان.

ويخلص المؤلف إلى نتائج مغايرة عن تلك التي تلقيناها من النظرة الاجتماعية السائدة في ضوء الشارع الأوروبي ويقلبها رأسا ً على عقب, ويعيدها إلى وضعها الصحيح فيقول: (( إن أوروبا لم تنهض, ولم ترتق بجهودها وعرقها هي, ولا بفضل تفردها في العقل والمؤسسات العبقرية أي بسبب خصائص العرق الأوروبي المتميز.))

وإنما استفادت أوروبا من الاقتصاد الأطلسي, ومن استغلالها لمستعمراتها الأمريكية, وتجارتها بالعبيد من أبناء أفريقيا وتسخيرهم لها.

الكتاب دعوة ملحة وصريحة من أجل تضافر جهود الباحثين والمفكرين لإعادة كتابة تاريخ الاقتصاد السياسي على حقيقته, وكسر قيود إطار المركزية الأوروبية التي ترسف في أغلالها شعوب الشرق لأسرها وعلى مدى قرنين من الزمان أضلتنا وضللتنا والتي شوهدت وأفسدت معرفتنا بانفسنا وتاريخنا وواقعنا وتفرض علينا أن نرى الوجود من منظورها الإيديولوجي , العقائدي..لا غير.

وأخيرا ً يطرح الكاتب السؤال التالي: إذا كان الشرق الأقصى ( اليابان والصين ) يبذل جهدا ً مضاعفا ً ليسير على طريق الصعود وبناء مجتمع الإبداع العلمي والتقني, ليسترد المبادأة, وينتزع الريادة فما هو ( دورنا ) الفاعل ومنهجنا الواضح على هذا الطريق؟

بطاقة مفتوحة موجهة إلى العاملين في حقول التجارب العلمية والفنية والأدبية, والميادين الفكرية والفلسفية والريادة والتوجيه, ومواقع المسؤوليات في شرقنا هذا لإعادة كتابة التاريخ تاريخا ً بريئا ً من الأوثان والتبعية الإيديولوجية الغربية, ومحررا ً من أوهام النزعة المركزية أيا ً كانت مسمياتها.

وإلى هنا: نأمل أن تفكروا معي وعقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء, فواقعكم مؤلم, ومستقبلكم غامض لا يبشر بخير أن استمررتم على هذا المنوال.

وأذكركم بقول شاعر في وطنكم الكبير منذ عهد بعيد حيث رأى قومه مستسلمين لسبات عميق فكان مما قاله مستنهضا ً العزائم: قوموا قياما ً على مشاط أرجلكم ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا.

ترى لو أن الغرب الأوروبي أو شرقه منع عنكم صادراته ومنتجاته الصناعية الحديثة من وسائط نقل ومواصلات برية وجوية وبحرية, والتقنيات الأخرى, من الدراجة.. إلى الأنترنت ماذا يكون ردكم ؟وكيف يكون وضعكم ونمط معيشتكم؟ ألا ترجعون القهقرى فتركبون الدواب من خيل وحمير وبغال إن وجدت...! إنه ليحز في نفس وطنكم الكبير أن يراكم متخلفين في الميادين العلمية والصناعية الحديثة وأن يسبقكم شعوب كنتم الأجدر بسبقها والأحرى بالتقدم عليها لما سلف من ماضيكم الزاهي وأجدادكم العظام.

وإلى اللقاء يا أبناء وطني في ميادين التصنيع والتجارب والأبحاث المثمرة في ساحات العز والرفعة والسؤدد, بهذه الكلمات يودعكم وطنكم الكبير ومن خلال هذا المقال وعينه ساهرة ترنو إليكم في ترقب وانتظار وأمل كبير في خير كثير, والخيرية في هذه الأمة مستمرة إلى قيام الساعة كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام: ( الخير في ّ وفي أمتي إلى قيام الساعة ) قال تعالى  : ( قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ).

والحمد لله رب العالمين

 

حلوة في : 12 / 1/ 1421 هـ

16 / 4 / 2000 م

خاشع حقي