المسلمون وابتكار علم الكيمياء

يُعَدُّ علم الكيمياء علمًا إسلاميًّا اسمًا وفعلاً؛ فلم تُعرَف كلمة الكيمياء أو يرد ذكرها في أي لغة أو حضارة قبل الحضارة الإسلامية، سواء عند قدماء المصريين أو الإغريق، والكيمياء في اللغات الأوربية يكتبونها  AlChemie، ومعروف أن كل كلمة لاتينية تبدأ بالألف واللام للتعريف أصلها عربي، ومن ذلك: AlCohol – Algibra.



و"الكيمياء" اسم مشتق من الكم أو الكمية؛ وذلك لأن علماء المسلمين الذين أسسوا هذا العلم كانوا يقولون: إذا أضفنا كمية من هذه المادة إلى كميتين أو ثلاثة من المادة الثانية نتج كذا، وهذا الاسم في ذاته يدلنا على حقيقة مهمة، وهي أن علماء المسلمين أول من اكتشفوا نظرية النسبة في اتحاد المواد، وذلك قبل الكيميائي (براوست) بخمسة قرون، وتقول هذه النظرية: إن المواد لا تتفاعل إلا بأوزان ثابتة، وهو قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيميائي.

وقد جاء في (لسان العرب) لابن منظور أن الكيمياء كلمة عربية مشتقة من كَمَى الشيء وتكمَّاه: أي ستره، وكَمَى الشهادة يكميها كميًا وأكماها: أي كتمها وقمعها. وقد فسَّرها أبو عبد الله محمد الخوارزمي (ت 387هـ) في كتابه (مفاتيح العلوم) بقوله: "إن اسم هذه الصنعة كيمياء، وهو عربي، واشتقاقه من كمى ويكمي: أي ستر وأخفى"، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه الرازي حين سمَّى كتابيه في الكيمياء "الأسرار" و"سر الأسرار".

وفي التعريف الاصطلاحي فإنَّ علم الكيمياء هو: العلم الذي يُعنى بطبيعة المادة وتركيبها وما يتناولها من تغيرات، أو هو: الدراسة العلمية لخصائص المادة وتركيبها وبنيتها، والتغيرات التي تحدث في بنية المادة وتكوينها، والتغيرات المصاحبة في الطاقة .

والكيمياء بصفة عامة تنقسم إلى عدة فروع رئيسية، كما يوجد أيضًا تفرعات لهذه الفروع, وموضوعات ذات تخصص أكبر داخل هذه الفروع، ومن هذه التقسيمات: الكيمياء التحليلية، والكيمياء الحيوية، والكيمياء العضوية، والكيمياء غير العضوية، والكيمياء الفيزيائية. ومن الفروع الأخرى التي تهم الكيميائيين المتخصصين: الكيمياء الحرارية، والكيمياء الحركية، وكيمياء الكم، والميكانيكا الإحصائية، وعلم الأطياف.

هذا وإن أهمية علم الكيمياء تكمن في أنها تدخل في جميع نشاطات الكائنات الحية، وتسهم في كافة مناشط الحياة؛ فبواسطة علم الكيمياء يتم تحويل المواد الطبيعية الخام إلى مواد تلبي احتياجات الإنسان، فمثلاً يستطيع الكيميائي أن ينتج من الفحم والنفط بعض المواد الجديدة كالأصباغ والعقاقير والعطور واللدائن (البلاستيك) والمطاط الصناعي، وكذلك في المجال الزراعي، فإن الكيمياء أسهمت في إنتاج الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية، وقد أمكن أيضًا بواسطة علم الكيمياء إنتاج الألياف الصناعية، تلك التي ساهمت في مجال الكساء والمنسوجات، هذا وغيره من المجالات الأخرى الكثيرة التي تسهم بها الكيمياء في حياتنا اليومية.

 

الكيمياء قبل الإسلام

إذا كنا قد ذكرنا أن علم الكيمياء علمٌ إسلاميٌّ اسمًا وفعلاً، فلا ينفي هذا وجود ما كان يُسمَّى "الخيمياء"، وهي ذلك الفن القديم الذي قال البعض بنشوئه في مصر، وقال آخرون في الصين (القرن الثالث أو الخامس ق.م)، وكان أيضًا عند اليونان والسريان في حضارتهم.

ولكن الحقيقة أن الخيمياء اليونانية والسريانية لم تكن ذات قيمة، ولم يكن لها علاقة بالكيمياء الحديثة، ولا بالتفكير العلمي على الإطلاق؛ حيث اعتمد الإغريق والسريان آنذاك على الفرضيات والتحليلات الفكرية؛ إذ إن الخيمياء تلجأ إلى الرؤية الوجدانية في تعليل الظواهر والخوارق في التفسير وترتبط بالسحر، وهو ما سمّاه المسلمون (علم الصنعة)، وهو الذي كان يسعى منذ قديم الزمن إلى بلوغ هدفين بعيدين:

الأول: تحويل المعادن الخسيسة، كالحديد والنحاس والرصاص والقصدير إلى معادن نفيسة، كالذهب والفضة من خلال التوصل إلى حجر الفلاسفة.

 

والثاني: تحضير إكسير الحياة ليكون بمنزلة علاج يقضي على متاعب الإنسان، وما يصيبه من آفات وأمراض، ويطيل حياته وحياة الكائنات الحية الأخرى .

 

وقد عرف قدماء المصريين التحنيط بالمواد الكيميائية، وأيضًا طريقة حفظ الأغذية والملابس، وبرعوا في صنع الألوان الثابتة، وكذلك كان للإغريق اجتهاد في الكيمياء، حيث وضعوا نظرية إمكانية تحويل المعادن الخسيسة كالرصاص والنحاس والزئبق إلى معادن نفيسة كالذهب والفضة، وتقول هذه النظرية: إن جميع المواد على ظهر الأرض إنما نشأت من عناصر أربعة هي: النار والتراب والهواء والماء، وإن لكل عنصر منها طبيعتين يشترك في أحدها مع عنصر آخر.

فالنار جافة حارة, والتراب جاف بارد, والماء بارد رطب, والهواء بارد جاف، وعلى ذلك فمن المحتمل إمكان تحويل العناصر إلى بعضها، وكان من رأي أرسطو أن جميع العناصر عندما تتفاعل في باطن الأرض وتحت ضغط معين وحرارة فإنه ينشأ عنها الفلزات.

وفي القرن الخامس قبل الميلاد كان من تعاليم الفيلسوف الإغريقي (ديموقريطس) أن كل المواد تتكون من مادة واحدة توجد على هيئة وحدات صغيرة لا تتكسر تُسمَّى الذرات، وبناء على هذه النظرية فإن الاختلاف بين المواد هو فقط بسبب الاختلاف في حجم وشكل وموقع ذراتها.

واعتقد الفيلسوف الإغريقي أرسطو - الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد - أن أيًّا من العناصر الأساسية الأربعة التي اقترحها (إمبيدوقليز) يمكن تحويلها إلى أي من العناصر الأخرى بإضافة أو إزالة الحرارة والرطوبة، وقد قرر أن هذا التغيير - ويعرف بالتحول - يحدث كلما دخل عنصر ما في تفاعل كيميائي، أو تحول من حالة فيزيائية (صلب، غاز، سائل) إلى حالة أخرى، فقد اعتقد أرسطو بأن الماء مثلاً يتحول إلى هواء عند تسخينه.

وأثناء السنين الثلاثمائة الأولى بعد ميلاد المسيح قام العلماء والحرفيون في مصر بتطوير وممارسة الخيمياء، وبنوا عملهم على نظرية تحوُّل العناصر لأرسطو، حيث حاولوا تحويل الرصاص والفلزات الأخرى إلى ذهب، وانتقلت الخيمياء إلى شبه الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي ومنها إلى أغلب أوربا الغربية في القرن الثاني عشر الميلادي، وقد مثلت الخيمياء مصدرًا رئيسيًّا للمعرفة الكيميائية حتى القرن السابع عشر الميلادي.

ورغم أن الخيميائيين فشلوا في مسعاهم لصنع الذهب من المواد الأخرى، خلال القرون العديدة التي قضوها في تجاربهم، إلا أنهم اكتسبوا معرفة واسعة بالمواد الكيميائية، ولا يزال الكيميائيون في العصر الحاضر يستخدمون العديد من الأدوات المخبرية والطرق والأساليب التي اخترعها الخيميائيون مثل: الأقماع والمصافي والموازين المستعملة لوزن المواد الكيميائية والجفان (بواتق لصهر المعادن)، وتعلّموا تحضير الأحماض والكحولات المختلفة واستعمالها.

وتُجمِع آراء الباحثين على أن جهود الإغريق في الكيمياء كانت ضئيلة ومحدودة؛ لأنهم درسوا العلوم من النواحي النظرية والفلسفية، وكان العمل لديهم في هذا المجال مقصورًا على تحويل المعادن الرخيصة مثل الرصاص والقصدير إلى معادن ثمينة من الذهب والفضة، وذلك بواسطة حجر غامض يسمى حجر الفلاسفة، وأن المسلمين هم أول من بدأ هذا العلم بداية جديدة على مبدأ التجربة والمشاهدة، وفي ذلك يقول هولميارد في كتابه (تاريخ الكيمياء إلى عهد دالتون): "لقد حارب علماء المسلمين الألغاز الصبيانية التي كانت مدرسة الإسكندرية قد أدخلتها على علم الكيمياء، وقاموا في هذا الميدان على أسس علمية جديدة".

وبصفة عامة فقد كانت هذه الصنعة عند قدماء المصريين والإغريق تغلب عليها الآراء النظرية، وكان يمارسها الكهان والسحرة ولا يعرف أسرارها غيرهم، وكان هناك قصورٌ في الجانب اليوناني، وتفوق في الجانب المصري القديم إلا أنه مفقود ولا يوجد منه إلا القليل .

 

المسلمون وقواعد علم الكيمياء

يكتنف الغموض بدايات انشغال المسلمين بعلم الكيمياء، إلا أن المجمع عليه أن خالد بن يزيد ابن معاوية الأموي (ت 85هـ/ 704م) كان مُبتدَأ الاهتمام بهذا العلم من المسلمين، وهو الذي كان مرشحًا للخلافة، فلمّا لم ينلها صرف همَّه من السياسة إلى العلم؛ وروي أنه كلَّف بعض الأقباط المتحدثين بالعربية مثل: مريانوس، وشمعون، وإسطفان الإسكندري بجمع بعض المباحث الكيماوية الموجودة بالإسكندرية ونقلها إلى العربية.

وبهذا وصلت الخيمياء بمفهومها الخاطئ إلى المسلمين، مع ما تخللها مما كُتِبَ فيها من الأضاليل والطلاسم والأوهام، وكان هدفها آنذاك تحقيق غايات وهمية لا تمتُّ إلى الكيمياء الحقيقية بصلة؛ إذ إن الأخيرة ترتكز على قواعد وقوانين علمية.

ففي بادئ الأمر اعتقد المشتغلون بها من العلماء المسلمين مثل اعتقاد اليونان والسريان النسطوريين أن أصل جميع المعادن واحد: الماء، والهواء, والنّار، والتراب، وأن طبائعها قابلة للتحويل، ويعود سبب اختلافها فيما بينها إلى اختلاف نسب العناصر المكونة لها، وما على من يرغب في الحصول على الذهب مثلاً إلا أن يعيد تركيب هذه العناصر من جديد بنسب صحيحة بعد تحليل المعدن إلى عناصره الأساسية.

وعلى الرغم من أنه لم يتوصل أحدٌ لذلك، سواء من المسلمين أو ممن سبقهم، إلا أن سعي العلماء المسلمين للوصول إلى هذا الهدف جعلهم يكتشفون - عن طريق المصادفة - موادَّ جديدة، ويتوصلون إلى قوانين جديدة عديدة، مكنتهم في النهاية من الانتقال من الخيمياء إلى الكيمياء.

وهكذا ارتكز المسلمون في أول أمرهم على الاستفادة مما كتبه السابقون في هذا المجال، خاصة علماء الإغريق والإسكندرية، وكتب دوسيوس وبلنياس الطولوني الذي وضع كتاب "سر الخليقة"، ولعل السر في هذا الاهتمام المبكر في تاريخ الإسلام بعلم الكيمياء هو الرغبة في الثراء بتحويل المعادن إلى ذهب كما كان يُعتقد في علم الكيمياء.

ومع مرور الوقت وفي أواخر القرن الثالث للهجرة وأوائل الرابع تطور هذا العلم واتضحت معالمه بظهور عباقرة في علم الكيمياء، وكان على رأسهم جابر بن حيان (ت 815 م)، ثم الرازي (ت 932م)، وهي مرحلة ازدهار العباسيين، وقد وضع هذان العملاقان أسس علم الكيمياء الحديثة، وطبقوا الوسائل العلمية في تناولهم لهذا العلم وتطويره، وابتعدوا به عن السحر والطلاسم والأوهام، كما أنهم حققوا أروع إنجازاتهم في هذا المجال، حيث حوَّلوه من النظريات والآراء الأفلاطونية إلى علم تجريبي له قواعد راسخة، وله أهداف عملية نافعة، وله معامل لها شروط.

ومن أجل الإنجازات الباهرة التي أنجزها جابر بن حيان في الكيمياء ظلَّ العالم كله يعرف علم الكيمياء باسم صنعة جابر أو علم جابر.

وبعد جابر والرازي ظهر عشرات العلماء الفطاحل الذين طوروا هذا العلم، أمثال ابن سينا والبيروني والجلدكي.

ويمكن تلخيص قواعد الكيمياء عند المسلمين وتطوره في النقاط التالية:

 

أولاً: الهدف من الكيمياء:

لم تعد صنعة الذهب الهدف الوحيد لعلماء المسلمين؛ فقد استعملوا علم الكيمياء في الصيدلة وصناعة الأدوية الكيميائية لأول مرة في التاريخ، كما استعملوه بتوسُّع في الصناعة وفي الحرب وفي السلم.

 

ثانيًا: المعمل:

 

وقد جاء في وصف معمل جابر بن حيان الذي عثر عليه العالم (هولميارد): "إنه موجود في قبو تحت الأرض؛ وذلك للتحكم في درجات الحرارة، وفيه قليل من الأثاث لتجنب الحريق، وفيه موقد كبير وأجهزة مختلفة زجاجية ونحاسية، ومن أهمها القوارير والأقماع والمناخل والمصافي والأحواض وأجهزة التقطير والقطارات والأنابيب، وهناك أيضًا أنواع الهاون والكرات المعدنية للسحق والصحن، وهناك الموازين الدقيقة"، كما عثر فيه على هاون من الذهب الخالص زنته مائتا رطل.

ويعتبر الرازي الذي جاء بعد جابر بقرن من الزمان أولَ من وضع القواعد الرئيسية لمعامل التحليل الكيميائي، فقد ابتكر أكثر من عشرين جهازًا جديدًا، منها المعدني ومنها الزجاجي، وقد وصفها جميعًا وصفًا دقيقًا في كتابه (الأسرار)

 

ثالثًا: التجارب العلمية:

يُجمِع مؤرِّخو العلوم على أن فضل المسلمين على العلوم يكمن في تبنِّيهم لمبدأ "التجربة والمشاهدة قبل إصدار الرأي"، وكان جابر بن حيان يوصي تلاميذه بالاهتمام بالتجارب العلمية وعدم التعويل إلا عليها، مع التدقيق في الملاحظة، ومن وصاياه في ذلك: "وأول واجب أن تعمل وتجري التجارب؛ لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان، فعليك يا بُنيَّ بالتجربة لتصل إلى المعرفة".

 

رابعًا: صفات الكيميائي:

يوصي جابر بن حيان الكيميائي بالآتي: أ- كن صبورًا ومثابرًا ومتحفظًا وصامتًا. ب- تجنَّب المستحيل وما لا فائدة منه. ج- لا تغترَّ بالظواهر؛ لأن هذا يؤدي بتجربتك إلى نتيجة خاطئة. د- ما افتخر العلماء بكثرة العقاقير ولكن بجودة التدبير؛ "فعليك بالرفق والتأني وترك العجلة، واقتفِ أثرَ الطبيعة فيما تريده من كل شيء". هـ- يجب أن تكون متفرغًا للتجربة منذ بدايتها حتى لا يفوتك أي تغيير طفيف قد تستخلص منه نتائج كبيرة.

 

خامسًا: العمليات الكيميائية وأهمها:

استخدم العلماء المسلمون عمليات كيميائية متعددة، سواء في تحضير الأدوية المركّبة أو في بعض الصناعات، واختبروا من خلال هذه العمليات خصائص العناصر التي تدخل في هذه العمليات، كما حضَّروا أنواعًا مختلفة من المواد أو طوّروها لتناسب أغراضهم سواء لفصل السوائل عن بعضها، أو لتحضير بعض المعادن من خاماتها، أو لإزاحة الشوائب، أو تحويل المواد من حالة إلى أخرى.

كما استعملوا الميزان استعمالاً فنيًّا في ضبط مقادير الشوائب في المعادن، وهو أمر لم يعرفه العالم إلا بعد سبعة قرون من استخدام المسلمين له. ومن أهم العمليات التي مارسها الكيميائيون المسلمون لتحضير المواد وتنقيتها ما يلي:

 

1-      التشوية: واستخدمت هذه الطريقة - وما زالت تستخدم حتى اليوم - في تحضير بعض المعادن من خاماتها، واستخدموا فيها الهواء الساخن؛ حيث توضع المادة في صَلاية  بعد غمسها في الماء ثم تنقل إلى قارورة تعلَّق داخل قارورة أخرى أكبر منها، ثم تسخَّن الأخيرة مدة طويلة إلى أن تزول الرطوبة، ثم تُسد فوهة القارورة الداخلية التي تحتوي على المادة.

 

2-      التقطير: ويتم بغليان السائل في وعاء خاص ليتحول بوساطة الحرارة إلى بخار، ثم يكثف البخار ليتحول إلى سائل بوساطة الإنبيق  ويتجمع السائل المتكاثف في دورق خاص، وتستخدم هذه الطريقة لتخليص السائل من المواد العالقة والمنحلة به، ولفصل السوائل المتطايرة من غير المتطايرة.

 

3-      التنقية: ويتم في هذه العملية إزالة الشوائب عن المادة المطلوبة، ولتحقيق هذا الهدف تستخدم عمليات مساندة أخرى كالتقطير، والغسيل، والتذويب في مذيبات مختلفة، والتبلُّر الجزئي.

 

4-      التسامي: وهو تحويل المواد الصلبة إلى بخار, ثم إلى الصلابة مرة أخرى دون المرور بمرحلة السيولة كاليود والكافور.

 

5-      التصعيد: وهو تسخين المادة السائلة - خاصة الزيوت العطرية وغيرها - بسوائل أو مواد صلبة درجة غليانها عالية، وعند تسخين هذه المادة في حمام مائي بحيث لا تزيد درجة حرارته على 100°م تتصاعد الأجزاء المتطايرة، وتبقى الأجزاء الثابتة، وأول من استخدم هذه الطريقة الكِنديّ وسماها في كتابه: تصعيد العطور، وكان يقوم بهذه العملية مستخدمًا التصعيد البخاري.

 

6-      التكليس: ويشبه عملية التشوية، إلا أنه في التكليس يتم تسخين المادة تسخينًا مباشرًا إلى أن تتحول إلى مسحوق، واستخدم التكليس كثيرًا في إزالة ماء التبلر، وتحويل المادة المتبلرة إلى مسحوق غير متبلر.

 

7-      التشميع: وهو تغليف المادة بالشمع لعزلها وحمايتها من عوامل معينة كالتلوث أو لتسهيل بعض العمليات، ويتم التشميع بإضافة مواد تساعد على انصهار المواد الأخرى؛ فبإضافة البورق أو النطرون (كربونات الصوديوم) إلى الرمل تسهل عملية صهر الرمل لصنع الزجاج.

 

8-      الملغمة: وهي اتحاد الزئبق بالمعادن الأخرى، وعلى الرغم من أن المسلمين لم يكونوا أول من استخدم هذه العملية، إلا أنهم أول من استخدمها في التمهيد لعمليتي التكليس والتصعيد.

 

9-      التخمير: وهو تفاعل المواد النشوية مع الطفيليات الفطرية، وقد هَدَتهم التجربة إلى ابتكار طريقة لتحضير الكحول الجيد من المواد النشوية والسكرية المتخمرة، ومن المعلوم أنهم أول من استخدم عفن الخبز والعشب الفطري في تركيب أدويتهم لعلاج الجروح المتعفنة.

 

10-   التبلًّر: وفيه تتخذ بعض الأجسام أشكالاً هندسية ثابتة تتنوع بتنوع هذه الأجسام، ويتم ذلك بإذابة المادة في أحد المذيبات في درجة حرارة عالية حتى يتشبع المحلول، وعندما يبرد المحلول تنفصل بلورات المادة المذابة عن المحلول على هيئة بلورات نقية، وتظل الشوائب مذابة في المحلول المتبقي، ثم يرشح المحلول للحصول على المادة المتبلرة.

 

11-   التبخير: وهو تحويل الأجسام الصلبة والسوائل إلى بخار بتأثير الحرارة.

 

12-   الترشيح: ويستخدم للحصول على المواد المتبلِّرة أو النقية، واستخدموا فيه أقماعًا تشبه الأقماع المستخدمة حاليًا، واستعاضوا عن ورق الترشيح بأقمشة مصنوعة من الشعر أو الكتان، تتناسب دقة نسجها وخيوطها مع المحلول المراد ترشيحه.

 

وباختصار نجد أن علم الكيمياء لم يصبح علمًا حقيقيًّا إلا بعد أن آل أمره للمسلمين، وقد خرجوا به من إطار النظرية التي نقلوها عن اليونان إلى التجربة والملاحظة والاستنتاج؛ وكان نتاج ذلك ذخيرة قيمة لم يحجبوها عن العالم، بل قدَّموها لمن خلفهم في العلم فبنوا على أساسها صرح الكيمياء الحديثة، وكان المسلمون دعامة ذلك الصَّرح وركيزته.

المصدر:موقع قصة الاسلام